رحيل “فارس الستينات ” الشاعر والخطاط مؤيد الراوي

muaiad 1توفي الشاعر والخطاط العراقي مؤيد الراوي(1939 -2015) في منفاه بمدينة برلين الالمانية ، مساء الخميس (9 تشرين الأول أكتوبر) ، بعد أيام على وفاة صديقه الشاعر وليد جمعة، وبعد يومين فحسب، على صدور ديوانه “سرد المفرد” الذي صدر عن منشورات الجمل في بيروت.

يقول عنه فاروق مصطفى وهو من مجايليه إن “قصائده تمتاز بجديتها وتتمتع بطرافتها”… استقر فترة في بغداد، وعمل محررا في جريدة اسبوعية ثم رحل الى لبنان ومنه الى ارتيريا واستقر في برلين – ألمانيا، ويعتبر أحد فرسان الستينات العراقية، وأبرز وجه من وجوه جماعة كركوك. يقول الراوي في سيرته المقتضبة: “قضيت ما يزيد على أربعة عقود من الزمن بعيدا عن مكاني الأول ” كركوك “، وأكثر من ثلاثة عقود عن بغداد، ولكن البلاد ما زالت تمثل عندي إشكالية لم تنته الى الحل. بينما تفاعلتُ بقدر المدة تلك مع مدن وبلدان أخرى برجاحة عقل وفطنة وبجدل وبوعي فدخلت كما أظن الى أعماقها. فَعَلت بي وغيَّرتني وملأتني. سيَّرت لي تجاربَ غنية في الرضى وفي الخسارة، وأحالتني أحيانا عبر المغامرة الى شحاذ والى بطل، مثلما أحالتني الى متواطيء وأدخلتني السجون. لكنها مع ذلك ابقت ذهني قادا على التمييز، يقبل هذا ويرفض ذاك، وأوقفتني أمام ذاتي لأحاول التطهر. (…) ابتعادي عن البلاد كان يلح عليَّ دوما المكان الأول، طوال تلك العقود، عندما يذكرني به أحد ما ويضعه أمامي، أو يثير فيَّ صُوَرَهُ ويشجع هوى أوقات معينة لكي أُحاول استعادة تلك الصور وفك رموزها السحرية، سواء أكانت صور أوقات مشوبة بنار العواطف والمعرفة أو كانت صور الإنكسار والضعف”.

كان مؤيد الراوي مقلاً في اصداراته من اعماله “احتمالات الوضوح”(1977)، “ممالك”(2011) الذي احتفى به الشعراء بعد سنوات على طويلة على ديوانه الأول، وقبل ان يرى نسخ ديوانه الأخير “سيرة المفرد” رحل في منفاه البرليني، وانضم الى لائحة الشعراء العراقيين الذي يموتون في المنفى منذ عقود، من بلند الحيدري الى جان دمو والبياتي والجواهري…kh muaiad alrawi 1
كتب مؤيد الرواي في مفتتح ديوانه الجديد: “تعريف الشعر مسألةُ معقدة. ليس لأنه يقع دوماً في قلب أزمته الخاصة التي يريد تجاوزها، بل لأنه أيضا مرآةٌ لأزمة الإنسان ذاته، من عصر إلى عصر. وربما هذا التعقيد ناجمٌ في جزءٍ منه، وهو الأهم في نظري، عن أن الشعر، والفن عموماً، هو عكس المنطق. بينما عالمنا كان وما يزال محكوماً بقوة المنطق الذي يشكل قاعدة متسلطة على حياتنا المعاصرة ويبعدنا عن الشعر.(…) الطفلُ، في جزء منه، يولد شاعراً . لم يصل منطق الحياة إليه … يضيف الرواي: “أعتقد بأن مشروع أيّ شاعر، في جزءٍ هام منه، هو محاولة الخروج من سجن المواطنة الجماعية التي تمّ تدجيننا فيه، والنأي عن المؤسسة وهرمها المثقل عليه. ومشروعه أن يكتشف هويته الخاصة ويمسك بذاته العميقة خارج الذوات الأخرى، بعيداً عن التشكل الجماعي”.

kh muaiad 3
ومن قصائده في “سرد المفرد”

تشخيص

المفرداتُ محصنةٌ غنية ٌ بذاتها
تتوالد وتُستنسخ إِذا أردتَ توليد المعاني
أنت سيد المفردات إذا أردت تسردها كما تشاء.
المفردات عيانية منحوتة في الصخر:
الليلُ والحجرُ والشجرُ والقتيل:
الليلُ أشباحٌ ولصوصٌ وقتلة.
الحجرُ يقيمُ مدينة تأتي إليها الأوبئة،
وجسوراً يهدمها الفيضان.
والمدينةُ يصيبها الجوع والطاعون.
مدينة الفقراء
مدينة اللصوص
مدينة العتاة بيدهم البنادق
مدينة المعوقين تَجولُ فيها الضغينة.

الشجرُ يحيل الغيم إلى غابة
تجول فيها اسودٌ وضباعٌ وذئاب،
دماءٌ تغطي لحاء الأشجار
وطيورٌ تفز هلعا من طلقة الصيادين.
أنت ترى دوما في الليل والمدن والغابة
ثلاث جثثٍ موشومةٍ ببقع حمراء, في الجبين والصدغ وفي الصدر حيث القلب،
سرعان ما يحطُ عليها طائرٌ يردد نحيب المقابر

لكن المفردات تبقى مفردات
وأنت مسكونٌ بالكثرة تُؤول المفردات
ثم تكاثرها وتشطرها
لتفسّر مفردات الآخرين.
* موقع عراق برس

تعليقات الفيسبوك

شاهد أيضاً

| مولود بن زادي : فوز الروائية الفرنسية آني إرنو بجائزة نوبل انتصار للأدب الواقعي!.

فازت الكاتبة الفرنسية آني إرنو بجائزة نوبل في الآداب لعام 2022 لشجاعتها في اكتشاف “الجذور …

| زهير العلالي : شبكة المقاهي الثقافية بالمغرب تحتفي بالكتاب المتوج بجائزة الشيخ زايد العالمية لعام 2022 “السارد وتوأم الروح من التمثيل إلى الاصطناع” للباحث الناقد محمد الداهي.

نظمت “شبكة المقاهي الثقافية بالمغرب” بدعم من “وزارة الشباب والثقافة والتواصل-قطاع الثقافة” لقاء ثقافيا يوم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *