احمد معن الزيادي : علي الشباني … في الذكرى الرابعة لرحيله

ahmad maan alzayadiتمر بيّه السجج سكته .. وأرد مذبوح
لن طولك بعد مامش
ولك عمري عطش .. عمري مهر مجنون
ولك عمري تعنالك .. يهلبت جلمه بيك تهون
آني الطحت بدروبك مذّله .. وهم
أفر كلبي بسواليفك وأطيحن دم
في الاحد المشئوم المصادف 2/10/2011 جاءت ارواح كل من طارق ياسين وعزيز السماوي محلقةً فوق سماء الديوانية تناجي متممها الشعري للمجئ اليهم في هذا اليوم المحزن فاضت روح علي الشباني الى السماء مشتاقةً الى رفقاء دربها المناضلين بعد سبعة وستين عاماً من الكفاح والشعر.
الشباني الذي يعد من اوائل من اعتنق المدرسة الحديثة للشعر الشعبي والتي أسس لها الشاعر مظفر النواب احد اقرب اصدقاء الراحل يسمو الشباني اليوم بيرقاً وعلم في سماء الشعر الصافية . احدث الشباني تغيرات في شكل ومضمون القصيدة الى حد لم يصل اليه النواب نفسه .
حياة الشباني المريرة التي يجتاحها الحزن لم تكن بعيدة عن النضال فهو الذي سرق الرونيو في حادثة مشهورة لكتابة بيان للحزب الشيوعي العراقي وهو ما يزال في عمر مبكر وأنّي لأرى فيه قول صديقه القريب الشاعر عريان السيد خلف –رافكَتني الونّة والحسرات من بطن الحملني- أقرب الى توصيف حياة الشباني المملؤة بالخسارات والمحطات السوداء والخيبة والانتظار الطويل المديد بلا نهاية :
صوتك طير ماي أزرك
يوج الكصب بجناحه
ويدك روحه جرف غركان
وبصوتك مدينه تكوم صبحيه
ويرد بيها العصر تعبان
دربك موسم العشاك…
وألحان القهر والناس
من يلهب وطن بالراس
من تلتم حطب كل الأرض بالروح
وتدخن…
الحزن غالباً ما يكون ديدن كل شاعر إذ إن الشاعر الاسباني لوركا يقول (اكثر الافراح حزناً ان تكون شاعراً باقي الاحزان كلها لا طعم لها حتى الموت)
سايكولوجية الشعر لدى علي الشباني تختلف عن جميع الاشكال الكتابية حيث تتسم بالطابع الانساني و الانفجار الشعري الهائل الذي يفجره بهدوء تام داخل النص الشعري وبتسلسل الاحداث:

صورة الراحل الكبير علي الشيباني من الاستاذ محمود السنمار
صورة الراحل الكبير علي الشيباني من الاستاذ محمود السنمار

أمد روحي نهر
واكعد جرف للناس
وايضاً:
ليش..!؟
ما أدري ليش
تنزل بروحي غفل
وآني حاير… أوصل لجرفك
وأظل كل العمر محتار بالـﮕيش
لم تكن تكن ثقافة الشباني من فراغ بل أنه كانت تربطه علاقات حميمية مع شعراء كبار مثل بلند الحيدر ورشدي العامل ومظفر النواب وفي رسالة من مظفر النواب الى علي الشباني مؤرخة في 14/9/1999 يقول له (زاوية لك في القلب ما زلت اوقد فيها الشموع…لا يمكنني تصورك قد كبرت..كبر قلبك نعم … كبرت نظرة عينك .. كبر حبك… علي مشتاق لك ودمعة في قلبي) هذه الرسالة توضح آنية العلاقة بين الشباني والنواب -رائد الحداثة الشعبية- .
ثمة حيرة شاخصة في شعره وتساؤلات كثيرة احياناً تصل الثمالا ولا أجد لها جواباً شافياً :
دومك تموت اعلى بو هلبت صبح
وجم صبح ينراد للماشاف صبحية بحياتة
و جم عمر ينراد للباجر مماتة
هذا هو الشباني شاعراً عراقياً كبيراً احدث نقلة نوعية في النص وأسهم اسهامة واضحة في المدرسة النوابية وهو الوريث الشرعي للحضارة البابلية والآشورية ومن احفاد كلكامش أستذكره اليوم وكلي أمل ان يكون ذكره حياً فالشاعر قد يُتوفى لكنه لا يموت وكما قال في احدى معلقاته:
الموت ما ياخذ حطب لمّ
ياخذ ورد جوري ويشتم…

تعليقات الفيسبوك

شاهد أيضاً

| سعيد البهالي : جماليات المكان الآسفي في رواية ” أنا النقطة ” للروائية د. أسماء غريب .

                                 مدينة آسفي المغربية سحرت بجمالها وبهائها الشعراء والأدباء والرحالة والمغامرين … فتفننوا في وصف …

| د. خيرالله سعيد :إلـى المطـرب كـاظـم الســــاهِـر .

إلـى المطـرب كـاظـم الســــاهِـر :                                                       189-  قـــــط مـا نسـيــت العَــــهـــــد ،،،،، لا والـــــذي حــــــــــاجِــــبـــــك …

3 تعليقات

  1. أحمد جاسم

    ورد في مقالة السيد أحمد معن الزيادي العبارة التالية :
    ( احدث الشباني تغيرات في شكل ومضمون القصيدة الى حد لم يصل اليه النواب نفسه )
    وهي وجهة نظر غريبة وجديدة أتمنى على الأخ الكاتب أن يوضحها لأن كل من جاء بعد الشاعر الكبير مؤسس الحداثة في الشعر الشعبي مظفر النواب خرجوا من معطفه وظلوا يراوحون في اطار الشكل والمضمون الذي جاء به بل أن بعضهم فهمها بشكل ساذج مثل الشاعر الذي قال :
    (حط الطين على السجين
    يطلع فائض قيمة وشرطي !!!)
    أتمنى على الأخ أحمد أن يوضح وجهة نظره هذه لأهميتها رجاء .

  2. احمد معن الزيادي

    اﻻستاذ العزيز احمد جاسم
    فائق الحب واﻻحترام لشخصك الكريم

    العمق.الوعي .الوزن.وحده الموضوع.قوة التراكيب .جماليه النص
    كل هذه اجتمعت في نصوص علي الشباني اما النواب فأن استنساخ فكرة ﻻ يعني انك صاحب الفكرة .. النواب استنسخ تجربة السياب
    ….
    تقبل مني الحب الوافر و الود

  3. محمد الخالدي

    القارئ لمقالة الاخ أحمد معن الزيادي يجد أن هناك نوعا من الانحياز المناطقي للشاعر الراحل علي الشباني لكونهما من مدينة واحدة وقد لاحظت كثيرا من شعراء الشباب في الديونية ينحون نفس هذا المنحى .. نعم أن الشاعر علي الشباني كتب القصيدة التي تحسب على (شعر التجديد) ولكنه لم يشكّل علامة فارقة في شعره كما شكّل الشاعر مظفر النوّاب في قصائد الشعبية ,ولا يمكن المقارنة بين شعر الاثنين. فشعر النوّاب بات ظاهرة جديدة في الشعر الشعبي العراقي .أثر في جيل معاصرية كما أثر في الاجيال اللاحقة وما زال هذا التأثير قائما لحد الآن. أما الراحل الشباني فلم اجد من يحفظ قصائده إلا ابناء مدينته ولا أرى في شعره ما يمكن أن يشكّل ظاهرة أو فرادة في اللون الذي كتبه فهو لون شائع كتبه كثيرون غيره ولم يحقق نجاحا يمكن أن يحسب له ,ولم يحظ بالجماهيرية التي حققتها مدرسة النوّاب الشعرية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *