ماذا سنفعل : إنّ بلدتنا محاصرة ، ونحن
على انتظار الفاتحين القادمين من الشمال
أو الغزاه…
وخيولهم شقر الذيول ، تنوس أعرافٌ ـ تعابثها
الرياح ـ على الجباه …
كانت مطهّمةً جيادهم ، تجر مناسماً في الرمل
تنتظر الهجوم يجيء من تصهالها الأفق البعيد…
وعلى المدى يبدو بأن هناك سلطاناً بأوسمةٍ
مذهبّةٍ يشع المجد من عينيه حيث الجند في
أسيافهم برقٌ شريد…
كانوا يلمّون المسافات البعيدةَ في صهيل خيولهم ،
وهوادجٌ في البعد تنأى ، او تطل على المدى
بمحاجرٍ مكحولة ، والبيد شاسعةٌينوءُ بها العبيد …
لا بد من روما وإن طال الطريق يقول قائدهم :
سنعبر هذه الاسوار والابواب مغلقةٌ ..
سندخل من مساربها ولو بأحصنةٍ لنا خشبيةٍ
وهناك نغتصب النساءَ كما نريد …
من كل دارٍ كاعبٌ أنثى نجرّبها ونبحث عن
وليّ العهد يأتي بعد حينٍ حيث نقرؤها
لها عينان واسعتان ، والقرط الطويل ينمُّ
عن عنقٍ مديد…
وضفائر سود مثل الليل تستر كاحليها
والمراشف تنزف الكلمات من توتٍ ويغذو
ناهديها آلقمح من أرض السواد…
وسنفتح الأجران تملؤها الغلال ونستقي
منها الينابيع الغزيرة ثم ننشر من مآذنها
خطاب الفتح فجراً او تراتيل السهاد …
لكن بلدتنا تنام عيونها مفتوحةٌ كالذئب
تنتظر العدو ، وليس من إنثى لها فخذان
غير النار تأرث من رماد …
وتقول أمرأةٌ : بأن الأرض سوف تحرق تحت
اقدام الغزاه ، لديّ بيت الرحم ينجب ما أشاء
مقاتلين وليس تنكسر البلاد …
لكنّ أخرى : إنّ بلدتنا مخرّبةٌ ، وليس بها سوى
الاشباح والموتى تطوف بها ، وقد سُحقت
ذكورتها ، وليس لديّ من رحمٍ تنم عن
الولادة ، أو تشي منها الخصوبة او تنز
بها الدماء …
لا تيأسي إنّا سبايا سوف نؤخذُ او يحل هناك
جيل آخرٌ وسنبتني بلداً بعيداً عن سماء …
ويقال أنّ هناك أنهاراً من الخمر القديمة ، تسكر
الأشجار فيها ،ينجبون لنا جنوداً ، او تطهّرنا
ملائكةٌ تجيء من الفضاء …
إن كان سلطان الأمارة سوف يخطفني انا : سألمُّ
اشلائي ممزّقةً أدور بها على الطرقات ، تحت
لواء عشاقي ، أفجّر من دمي دار الولاية ، ربما
دار القضاء …
او كان يبدو البرلمان معّطلاً فسنفتح الأبواب
ياتي الشعب يستلم الأمارة حافياً ، يأتي
بأحذيةٍ مثقبّةٍ ، ويعلن ان للوطن الولاء …
لكنّ خيلهمُ هنالك تنشر الفوضى، وكان
الافق مرسوماً بألوان المحارق ، ليس
من روما تجيء ، بحثتُ عني لم أجدْ
الا صدايَ يعود من صمت المساء …
ماذا سنفعل ان بلدتنا محاصرةٌ ، وكان
الجند يقتحمون أبواب المدينة ، يسلبون
بيوتها بيتاً فبيتاً يبحثون عن النساء …
* * *
* عن صحيفة الزمان