حسن البصّام : التظاهر والإحتجاج السلًمي الركن الذهبي لحرية التعبير

hasan albassam 2إن مايشهده العراق من تفشي الفساد وتفاقم الظلم الذي ضغط بكل قوة على صبر العراقيين الأصلاء الذين لم يجدوا لأنفسهم فسحة يمارسون من خلالها حرياتهم فقد وجدوا في ساحات الأعتصامات أو التظاهرات فسحة للتعبير ورسم قمر أمل في أفق الإحباط ..وماشهدته الساحات في مختلف المحافظات لهي اليقظة والتحدي وانجلاء غبرة الخوف من سياط الأحزاب الحاكمة ..أحزاب أفسدت كل مفاصل العراق باسم الدين وهاهي أصوات المحرومين من خيرات العراق تتعالى في فضاءات الحرية منشدة التغييرالذي يشمل كل مفاصل الحياة وسيتحقق إن تماسكنا وتآزرنا ونظرنا بعمق وليس بطرف عين المصالح والأحقاد الى تأسيس مجتمع مدني متحضر متنامٍ ..لقد مارست مجالس المحافظات والوزارات بعد الضغط عليها من الشعب أساليب التصفية بحجة الإصلاحات المطلبية وكانت الجماهير الغاضبة تهدف الى توفير الخدمات والأمان والعدل والفرص المتساوية المتكافئة للجميع إلا أن الكثير من القرارات شهدت إنحرافاً واضحاً عن طموح الجماهيربنوازع المحاصصة المقيتة ..وهذا يتطلب أن نتمتع بالحكمة وانتقاد مايحصل خدمة لوطن هو الأغلى وأن نواصل التظاهرمن أجل الرقي بالواقع الحالي من كل جوانبه الإنتاجية والإنسانية .

يشهد العراق مخاضاً عسيراً ويتطلع الشعب الى صيحات الوليد ..وهي ثورة شعبية ..الكل يسعى الى التغيير لحياة أكثر عدالة وامنا ورفاهية ..والجميع الان في ترقب ويسأل ماالذي سيتم تحقيقه بجدية عالية وهل يتم تسويف المطالب وماالذي سيحدث؟

فوضت المرجعية رئيس الوزراء أصوات الشعب المطالبة بالإصلاح الذي يعاني ظلم وقهر الأحزاب وتكتلاتها وفساد السياسيين وطموحاتهم غير المشروعة وصراعاتهم الضيقة بدءا بالمجالس المحلية وانتهاء بالبرلمان ..وكنا نطمح الى تغييرات جوهرية في اختيارات الوزراء لتكون الحكومة مسؤولة بشكل مباشر عن كل أعمالها ..ولكن بدأت سلسلة من التغييرات التي طالت الدوائر الرسمية مثل الغاء مناصب ومجالس وتقليص هيكلية واستبدال مديرين وغيرها.

ساحة التحرير 3نتمنى أن تكون خارطة إصلاح واضحة عند السيد العبادي مرسومة بعناية واضحة فيها الخطوط العامة للتغييرات تاركا للجهات ذات العلاقة سبل تنفيذها كي لا تصاب بالتخبط الأصلاحي أو السياسي ..وان يكون صمام أمان لعراق يعاني الإنفجارات في كل جوانبه وقد نخر جوفه الفساد متسترين باسم الدين والله منهم براء ..الله هو السلام والمحبة والخير والإصلاح ..وإن ولاءنا له وتطبيقنا لما فيه مرضاته غاية كل إنسان حر وشجاع ونبيل وكريم كما هم الشهداء أكرم الخلق .

إنها ثورة شعبية ولدت من رحم القهر وتفشي الفساد الذي لايطاق حين عم القلق والخوف مصير وطن وهو ينحدر الى وديان التردي ..ثورة مشرقة عبر عنها عامة الناس وليس أحزابها الفاسدة الأنتهازيون الذين يتصيدون في الماء العكر ..وإن لكل ثورة إخلاقياتها وهاهي أخلاق الذين إحتضنوا الساحات ولفحت وجوههم الشمس أرقى ماتكون وهاهي إخلاقيات الأحزاب المتنفذة ترتبك وما بعض قراراتها الا دليل على ذلك وسيتم تصحيحها بمرورالضغط والتواصل تحت توجيه المرجعية.

حزبية ضيقة

المواطن يسأل هل هذه التغييرات ستكون بمناى عن العقل والإرادة الحزبية الضيقة وتصفية الحسابات ؟

المجتمع العراقي سار على طريق المحاصصة والتحزب السياسي ولذلك لايمكن أن يتخلى بسهولة عن نزعته التي تكوّن نسيجه منها لذلك فإن التحولات الجديدة ستشهد الكثير من القرارات التي تشكل درعاً واقياً لصاحب القرار تحميه من غضبة الشعب وتحقق مصالحه الشخصية في آن واحد..

من الذي يسألها إن كانت تهدف الى تحقيق طموحات الشعب أم الى تحقيق المزيد من مفاسدها ؟

هنا سيرى الأخرون على وفق مقاسات مصالحه وستتغير الرؤى بين هذا وذاك ..لان الاغلبية من الشعب هم تحت مظلة الأحزاب او الميول الطائفية الضيقة وهنا ستحدث الاختلافات في زوايا النظر ..كما ان حدود المصالح الضيقة ستأخذ تأثيراتها القوية ..وعليه وبما أن حرية الرأي هو حق مشروع للمواطن مكفول بالدستور فان كل الآراء صحيحة مالم يضمر أو يعلن الإساءة للاخر أو مصادرة حريته ..وهنا تبرز ثقافة صاحب الرأي إن كان مثقفا ومؤهلا فان اراءه سوف تهدف الى إقناع الاخرين الذين على الضد منه وبهذا فهو يحتاج الى إخلاقية المحاور وسعة رؤيته وسداد حجته وعمق فكره ..أن لايكون سطحيا في الطرح فينفر منه الاخر ويعده مطبلا أو فارغا لانه لايجيد ولايحسن إلا الشتائم والإتهامات وتسقيط الاخر والديمقراطية مبنية على إحترام رأي الاخر كما لو جاورك مواطن من ديانة أخرى أو طائفة اخرى فحرية المعتقد والعيش مصونة بالدستور لكل الأطراف ولا يجوز تسقيط أحد . وهنا إستعاد الشارع السياسي والاجتماعي دور المثقف العراقي في أهميته وقيادته لمطالب الشعب العراقي الأصيل ..

الان يبرز دور المثقف في التحولات الجديدة ..عبر رؤيته الثورية لصياغة صرخات المتظاهرين مطلباً مشروعاً موحداً بوجه الظلم والفساد.

ولهذا فاني أتطرق الى نقطتين أراهما أكثر أهمية في مايخص التعامل بجراة واضحة وأخلاق طيبة وسلوك مهذب ووضوح المطالب أو الغايات في ماهو قريب منا :

ساحة التحريرأولا: إن غضبة الشعب ووقوف عامة الناس الذين ينتمون للعراق وحده ويتقدمهم المثقفون وهذه هي طعنة بخاصرة أنظمتنا الفاسدة إن المثقف هو الدعامة الرئيسية للتغيير وتجلى ذلك بوضوح في ساحات العراق من أعلاه الى أقصاه ..قد صاحبها إستغلال من بعض المتصيدين في الظروف المرتبكة ومحاولتهم اقناع الاخرين انهم في المقدمة القيادية للتغيير وهذا لن ينطلي على الشعب .وقد مارسها الكثير من السياسيين الفاشلين ..بل أن بعضهم راح ينتقد أشخاصاً سياسيين وفاعلين في المجتمع ويسيئ لهم وينتقدهم بحق أو بدون حق تحت أسماء مستعارة ..نحن نسعى الى إجراء إصلاح كذلك حتى في السلوك..وإلا لماذا نحتج الان على سلوك السياسيين؟؟لماذا نتشابه معهم في السلوك؟؟ علينا أن نزيح الخوف وأن نقول ما في اعتقادنا بحكمة ووقار وأدب ..اقتداءً بسلوك النبي المصطفى وأهل البيت الاطهار وكذلك الرجال العظام الذين دون افعالهم السامية التاريخ وفي مختلف الظروف الأكثر حرجاً مما نحن فيه ..

إن التخفي بأسماء مستعارة . أو التصريحات التي تتكيف حسب درجة حرارة المصارف والمنح والتبرعات والهبات الداخلية أو الخارجية أو في الفنادق من الدرجة الممتازة او الفلل المزركشة بدم المعوزين ،سوف يجعل الاخرمقتنعاً أن الذي يتحدث مغرضاً أوخائفا فكيف نثق به وهو يسعى ويحرص الى حماية نفسه من التعرض او الانتقاد غير آبه بمشاعر الاخرين ..حيث لاحظنا التعرض الى اشخاص ورموز لهم تأريخ مشرف في العطاء .. كما إنه لايمكن لأي إنسان أن يستمر لوقت طويل محققاً نجاحات متتالية وهو غير مؤهل للمسؤولية ..ولكن مجتمعنا إعتاد على الاساءات المتتالية وهي ثقافة مجتمعية يغذيها الجهل توارثناها وتداولناها من خلال إشاعة ثقافة التسقيط..هذه الثقافة ليست غريبة علينا ولكنها ليست الطموح نحن كمثقفين نسعى الى مجتمع مدني متحضر أن أحترم رأيك وتحترم رأيي وأن نتبادل الاراء من أجل فكرة أكثر وضوحاً وليس التسقيط بدافع تحقيق مصالح شخصية وطموحات دنيئة غيرمشروعة زائلة ونفوذ في المجتمع أو اعتلاء منصب أو الحصول على مزية . إن التخفي بأسماء مستعارة أو التصريح (عن بعد) أشبه بسلوك الذين كانوا يتخفون في كتابة تقاريرهم وأشبه بمراقبتهم عن سر أو علانية لسلوكيات المعارضين لهم كانوا يعتقدون أنها غير قانونية وينالون من فاعليها بالاهانات وزجهم بالسجون ..هذا مايحدث الان حين تترصد سلوك إنسان اخر معتقداً أن سلوكه مشين وإن سلوكك هو الصحيح .كذلك الطعن بشخصية من لانتفق معهم في الرأي والتشهير بهم ..هل نحن في ساحة صراع دموي ..أم نحن أمة متحضرة ؟؟

لماذا تمنح نفسك حرية التعبير وتعيبها على غيرك ؟؟

إن التخفي يشبه الداعشي الذي يرتدي عباءة النساء وملابسهن ومكياجهن ويترصد بالحشد المقدس والقوات الامنية وهو متهيئ للهروب إن ضيّق عليه ..ليكن فكرك حراً وواضحاً ولتكن مؤثراً برجاحته ومصداقيته لا أن تبني لنفسك منفعة على حساب تسقيط اخرين بتصيد اخطائهم وتشويه سمعتهم ..أود أن أنوه أن مصلحة العراق فوق كل مصلحة ضيقة ولا مزايدات على ذلك كيف أحترمك إن لم يكن طرحك مؤدباً؟

أيها المتخفي خلف حائط لايسترك من الله ولن يسامحك إن لم يسامحك هذا العبد الذي ظلمته ..وأنت أيها المنتفع على مر مسؤولياتك كم ظلمت من أبرياء حين أطعمتهم الجوع والعوز والقلق؟ إرجع بذاكرتك قليلاً ..ستجد إن الذي أسأت اليهم من رحمك..لماذا تسكب ماء وجهك على مصلحة انية ومنفعة شخصية أو تنسى إنسانيتك لحظة إنتقام أو تطبل مع اخرين تجهل نوازعهم أو تعرفها فتساند غيهم ؟

الكثير يعطي رأيه بوضوح وباسمه الصريح لابأس بذلك فهي شجاعة ورقي إن لم يكن مصاغاً باستخفاف أو مساس بكرامة.. لكل منا كرامته وأصله ومنبعه وسلوكه وتاريخه الشخصي هل من السهولة نصادر كل ذلك في لحظة تصادم المصالح؟

ثانياً : إن أي مسؤول ممكن أن أصفه بانه مجموعة أذرع وعقول الأشخاص الذي هو مسؤول على تنظيم عملهم ..وهذا يعني إن المسؤول هو ليس افضل من السائق الذي يطفئ نورعينه قلقاً مترقباً الطريق لإيصال الاخرين أو إنجاز عمل اخر له.. والمسؤول ليس أفضل من المنظف الذي تغطي رأسه أتربة الشوارع من أجل أن نمشي في شارع نظيف أو نجلس في غرفة نظيفة ..والمسؤول ليس أفضل من الحارس الذي يقف ساهراً من أجل حمايتنا وهو يبذل الجهد لتنظيم الدخول والخروج ويتحمل مختلف المزاجات ونحن جالسون في غرفنا أو ورشنا أو غير ذلك……والمسؤول ليس أفضل من ذلك الذي يقف الى جوار معدة أو جهاز أو وحدة تشغيلية قد يظهر ظرف يؤدي بحياته بالاضافة الى تردي الظروف القاسية كما تشهدها ظروفنا الجوية ..

سلوك مسؤول

لقد أوردت ذلك من أجل أن اشير اننا لايجوز ان نقيّم سلوك مسؤول لم نفهم إدارته جيداً إنما إعتقاداً منا أو أننا نطفئ نار حقدنا او تسوية حساب معه لحجب منفعة عنا سواء إعتقدنا أنها مشروعة لنا أم لم نعتقد .. لأن لاأحد وصي على الاخر ولايحق لأحد أن ينصب نفسه قيماً على آخر فنحن جميعا ننتمي الى فئة واعية مثقفة بحكم المعرفة والتوعيات الدينية أو غيرها ..والكل قادر على التعبير ..وحرية التعبير كفلها الدستوروقبله الشرائع السماوية والوضعية ..فلا يحق ان أسئ لك إن خالفتني في الرأي ..وصور التعبير كثيرة ومعروفة ولامجال للتوسع فيها الان ..

أقول إن على الجميع أن يضع مصلحة العراق فوق مصالحه الضيقة وإن لا يستغل حالة تحدث ، بعد إن كان نائماً في الأوقات السابقة ليخرج الان جاعلاً من نفسه بطلاً يسعى لمصادرة حريات الاخرين وكرامتهم ..إجعلني أحترمك وأثق برأيك وأتبعه واقتدي به من خلال الطرح البناء الهادف غير المبطن بمصلحة شخصية أو إنتقام من أحد او تسقيط لأحد ..ومن خلال تاريخك الناصع بالنزاهة والشرف !!

إن من اشد الحالات فتكاً بالانسان هو الحقد لانه يبدأ بالشخص نفسه بل يذهب البعض الى أن التسامح هو سمة الكبار والنبلاء وممن تعلموا من أحكام الإسلام والإنسانية واقتدوا بمن هم أفضل منهم .. إن الأفكار الطيبة تنتجها العقول الكبيرة والافكار الضيقة تنتجها العقول المريضة .

لاشئ ثابت في الحياة ..الصغير يكبر والضعيف يقوى والقوي يضعف والاعلى ينحدر والأدنى يرتقي وهكذا هي الحياة سائرة منذ الازل ..لاينتقص منك لأن لامسؤولية عندك ولاينتقص من آخر إن تنازل عن مسؤوليته او تم إعفاؤه منها لمن هو أفضل منه فذلك هو الرقي والنهوض بالعمل وهذا ماننشده ..ونحمد الله إن أكرم الله أحدنا وخصه وحباه بالنزاهة والكفاءة والحرص .. فلتكن المحبة سحابة تسقي واحاتنا ولنترك التنافس غير المشروع وتصفية الحسابات في اوقات معينة .. الشيطان موجود في قلوب الجميع ..فليكن الله هو الأكبر منه في قلوبنا ..

ماأهدف اليه في مقالي هذا أن نتحدث باسمنا لا باسم غيرنا اي أن لاتكون ظهورنا في ايدي مغرضة ( تكوكها) لتسير بالإتجاه الذي يرغبون به ..نحن أصحاب إرادات قوية .طالما توجد حرية الان ..وإن من يتصيد في الماء العكر لاينفعني ولاينفعك ..وإن من يسيئ الى كرامة الاخر باسمنا سوف يسيئ الى كرامتنا حين يتغير مكان مصلحته ..الذي يفتري على الاخرين سيفتري علينا لأن العجلة تدور على نفسها ..والمسؤولية هي قيد كبيروأمانة فمن خانها فلا ضمير له ..وهي ليست متممة للشخصية او بانية لها بل قد تكون معوقاً ومربكة لطموحات هذا الإنسان أو ذاك . تسرق منه الوقت والجهد والتركيز ..وختاماً أقول..إن قدرنا في سلوكنا وإخلاصنا وعطائنا وليس بكرسي يدوربه الزمن فلا يجعل الاخرون العلاقة بين الرئيس والمرؤوس أشبه بمعركة فيها نصر وهزيمة وشماتة وغيرها ….وإذا كنت تعتقد إنه عدوك ليس بالضرورة أن تحرّض الاخرين ضده مستغلا طيبتهم وسذاجتهم سالباً إراداتهم..

المواطن الشريف هو الذي يحب وطنه ويفتديه وهوالذي لم ينضوِ تحت جناح حزب ليسترفساده ..ولم يتكئ على كتف رجل دولة كبير ليحميه.

وإن المكسب هو أن يكون ضميرك نقياً تجاه نفسك والاخرين ..

تعليقات الفيسبوك

شاهد أيضاً

حــصـــرياً بـمـوقـعـنـــا
| رنا يتيم : إشكاليّة المثقّف والحداثة .

بطيئة كانت عجلة التاريخ فيما يتّصل بالابتكارات، والتحديثات. ثم كانت الثورة الصناعية، بمآزره فكريّة فلسفيّة، …

| حسن العاصي : قياس جديد لمواقف الأوروبيين تجاه الهجرة واندماج المهاجرين .

أصبحت الهجرة جزءًا من حقيقة الحياة اليومية للأوروبيين في دول الاتحاد الأوروبي. يوجد اليوم ما يقرب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *