عندما نتكلم عن الكاتب حسين سرمك وعن روايته ما بعد الحجيم نكون امام شخصية موسوعية وفكرية متنقلة فالرجل له30 مؤلف نقدي وتسع مؤلفات تعليمية وثلاث مؤلفات فكرية وعشرات المقالات بمختلف المجالات الادبية والتحليلية والسياسية على ان ا هم مؤلف له في مجال اختصاصه كطبيب نفسي كتابه الموسوم” المشكلات النفسية لاسرى الحرب وعائلاتهم ” من هنا نبدا دراسة رواية ما بعد الجحيم للكاتب حسين سرمك الحرب هي الجحيم وما بعد الحجيم هي الاثار النفسية التي اثرت على شخصياته في هذه ا لرواية النفسية , اذا كانت رواية السراب للكاتب الكبير نجيب محفوظ تعتبر نقلة نوعية متميزة في الادب العربي بدخوله مجال السرد النفسي والاضطرابات المصاحبة لبطل الرواية الذي كان يعاني من عدم القدرة الجنسية بسبب نفسي لا عضوي فإن حسين سرمك يدخل بقوة بهذا المجال ويضع كل خبرته الطبية والعلمية امام القارىء ليسرد لنا رواية تتحدث عن الاثار السلبية لما يعرف “ما بعد الصدمة ” التي تصيب الجنود في المعارك هذه الرواية ليست لتمجيد الحرب بل صرخة مدوية امام صانعي الحروب يطلقها طبيب ويستغيث بالسلام من اجل وضع حد لهول المعارك التي تنزل الانسان لدرك اسفل من الانسانية المستلبة فيقول ” كما يقال علميا الكلب لايعض اي كلب عمره اقل من ستة اشهر …عموما الكلاب لم تفعل ما فعلناه بالمعركة الاخيرة ” , ويقول ايضا الحيوان يمكن ان يكون له عقل , الحيوان منطق واصول , الانسان فلا, على الاقل الحيوان لايقتل ابناء جنسه شاهد ذلك في فلم من افلام عالم الحيوان , يجور الاسد حول الاسد المعادي ويشتبك معه وحين يستسلم الاخير او يثخنه بالجراح يتركه ويغادر الساحة أ حيانا يكفي الحيوان استعراض قواه التمهيدية قبل الصراع , نحن يدعوننا للتأكد من موت الجندي المعادي اذ لم تقتله قتلك
بعدها يبدأ الكاتب بسرد رواية بسيطة من حيث التداخل الزمني والتعقيد السردي تبدا ببداية وتنتهي بنهاية وفق التسلسل الزمني المحسوب مسبقا , لكنه يستعمل التورية في لغة جميلة وسلسة منسابة من كاتب يعرف دهاليزها ويستطعم عذوبتها فيقول ” انا مجنون واحارب في مجنون واتعامل مع مجنونه ولي ولد مجنون واعيش في عالم مجنون , يسرد لنا على لسان البطل الاب شامل ولسان زوجته صديقة اضافة للراوي العليم الذي لا يتدخل بسرد الاحداث الا وفق حاجة الرواية فنكون امام سرد بمستويات ثلاثية الابعاد ومختلفة من حيث المستوى اللفوي كي يقنعنا ان الساردة مثلا هي زوجته صديقة البسيطة القديسة التي تستعمل كلمات الدعاء والحب لعائلتها بطيبة قلب لامثيل لها , فيقول شامل بطل الرواية ” بطل كل الحروب المرأة والصديقة لانها وحدها من تعاني ويلات الحروب , لذا نرى كلامها بعيد عن الفلسفة و اضح تعرف ماذا تريد من شدة ايمانها بالقدر تتحمل العبيء النفسي وتشجع الزوج والابن على المضي قدما في هذه الحياة
يستعمل حسين سرمك التضاد بالحياة والموت بالمواقف والصور كما يستعمل الرمزية مثل اسم صديقه الشاعر سلام الذي يستشهد ويظهر ببنجوين دون تأكيد ان كان هو ام لا دلالة على استشهاد السلام وامل بوجوده والسريالية في الصورة كما في صورة الكلب الاسود الذي يسحب مصران سلام من امعائه ويسحلها لمسافة والمصران ممدد بطوله لعدة امتار في ساحة المعركة هذا المشهد يداهم البطل شامل حين يقرر جلب قصاب لذبح ذبيحة نذر لزوجته فيتخيل مصران صديقة ولا يحتمل فيقوم بطرد القصاب , اضافة لاسلوب المفارقة فنكون امام حدث ومفارقة عجيبة من مفارقات الحياة التي لا نستطيع تصديقها لغرائبيتها كما في نهاية الرواية حين يقرر الاب شامل الذهاب الى بنجوين لملاقاة ابنه احمد بالوقت الذي يذهب ابنه احمد الى الجنوب لملاقاة والده في قاطع مجنون فيموت الاب والابن بقذيفة مستهترة تطال الاب ببنحوين والابن بمجنون ف يقول ” لكن قذيفة طائشة لم تشأ ان يطول تبرمه مزقت السيارة وأوصال من فيها وطوحت بهم الى جو الوادي السحيق ………. ثم اتجهت هذه القذيفة وبأستهتار مفرط الى الجنوب ومن بين العديد من العربات التي كانت تقطع الطريق الترابي الى مجنون اختارت العربة التي تعلق بها احمد لهفة وقلبه الفتي يرف للقاء والده فمزقته شر ممزق
كل هذه الادوات الفنية بالرواية التي استعملها الكاتب حسين سرمك تجعل الرواية ناحجة بكل معايير النجاح رغم بساطة طرحها وبعدها عن التكليف , الا ان استعماله شرح المرض النفسي من قبل الدكتور للمريض انا اراها قد اضعفت العمل ولم تضيف شيء فني له لان وصف الكاتب حسين سرمك لعوارض المرض بكل دقة كان واضحا عليه من سير احداث الرواية من كأبة انفعالية الى بكاء متكرر وادمان على الكحول ونبذ الذات المتجسد ببكاء البطل في مرحاض الدار والعصبية المفرطة وقلة النوم ومن ثم الانعزال والهروب من المواجهة , اضافة الى ان المريض النفسي لا يعترف انه مريض حتى لو اجبروه على الذهاب للطبيب عادة لا يتناول العلاج لاعتقاده بعدم جدواه , الكاتب يرتقي بالقارىء الى مستواه لا ينزل ليشرح للعامة مضمون روايته بل يتركها للعمل النقدي ليفند الرواية ويضع النقاط على الحروف الا ان الدكتور حسين سرمك ضرب عصفورين بحجر حين قال على لسان الطبيب الحرب ليست نزهة هل تعرف كم مدمن على الكحول والعقاقير من عائدي فيتنام ؟ اكثر من نصف مليون , اعطانا المعلومة الطبية على لسان الطبيب وأكد لنا ان المرض موجود , واستنكر الحرب وما تسببه من عوارض على المقاتلين
نيران العبيدي
كندا 24 آب اغسطس
2015
دخول الدكتور حسين سرمك حسن كقامة ادبية وفكرية وعلمية الميدان السردي يعني من جملة ما يعنيه دخول تلك المعطيات الثرة وتوظيفها في سياقه الوسيع ، وهذا ما يمنح السرد آفاقا وهاجة تحفر مساراتها برصانة وعمق واضافة .
مبارك لقامة العرب الباهرة اصداره الجديد وله كل الثناء والتقدير .
اعتقد ان الطبيب النفسي او المحلل النفسي هو اكثر قدرة في سبر الشخصية الانسانية ، سواء اكانت على ارض الواقع ام كانت على ارض المتخيل من اديب او روائي او قاص لا يملك غير اللغة او حفنة خيال او بعض تقنياته . واني كلي ثقة من ان زميلي ، أن صحت العبارة ، في الاهتمام او التخصص ، الدكتور حسين سرمك ، هو الاكثر قدرة على ان يكون روائيا من نمط خاص هو النمط السايكولوجي . اذكر هنا ، ولي الشرف في ذلك اني في رسالتي للماجستير ان المقياس المستخدم في الرسالة كان ثلاث قصص قصيرة جدا عالجت فيه ثلاثة اليات دفاعية ، وكان اخي الدكتور حسين هو احد خبراء المقياس وقتها وكان احد القصاصين ويدعي نزار السامرائي هو من اهتم بالجانب الشكلي للقصص الثلاثة . ما اريد قوله ان الرواية هي المجال الافضل للطبيب او المحلل النفسي في ريادته او اقتحامه . وعلى الرغم من انني لم اقرأ رواية اخي الكبير دكتور حسين ، فأنا على يقين من انه قادر على ان يكون روائيا بما تحمله هذه المفردة من معنى . فهنيئا لزميلي الكريم هذا المنجز الذي اتمنى ان يكون باكورة لمسيرة لا تننتهي !! .
خبرة الناقد الدكتور حسين سرمك وثقافته الواسعة ومنجزه الأدبي والعلمي عززت مساره الذي يرتقي نحو آفاق قلما نجده عند مجايليه ومن جاء بعده وهذا لأمر يدخل في باب الظاهرة والفرادة ، من هنا يحق لنا القول وبانصاف انه الأديب الناقد والعالم الناقد والخبير الذي يمهد السبل للأجيال وهذه سمات تؤشر تميزه اضافة الى بصماته العميقة الناطقة في المسلة الأدبية والعلمية العراقية والعربية . كل التقدير للكبير ا الانسان والأديب والخبير د . حسين سرمك حسن .
الاستاد هشام القيسي والاستاد شوقي يوسف بهنام `
كما قلت بالمقال رواية الدكتور حسين سرمك تدخل بقوة في مجال السرد النفسي للادب العربي لانها كتبت بدراية تامة عن مراحل تدهور الشخصية الرئيسية البطلة وما تعانيه من مرض ما بعد الصدمة او عقبي الحرب وانا اقول ان هذه الرواية علامة مميزة للادب العربي بشكل عام والعراقي بشكل خاص
تحياتي وتقديري
نيران العبيدي
الاخت الفاضلة نيران العبيدي
لم اكن اعني انك قد اغفلت او لم تنتبهي الى مقاصد الرواية بشكل ما من الاشكال بل كنت اعني ان الرواية ينبغي ان تكون صادرة من قلم طبيب نفسي او محلل نفسي (مثلما نجد في كتاب فرويد خمس حالات في التحليل النفسي ) انظر الترجمة العربية للكتاب ، لا لشيئ الا لأن فن الرواية خصوصا تلك التي تعالج موضوعات ذاتية او جوانية . في هذه الحالة لا ينفع ان يكون الرواي ، في تقديرنا ، غير طبيب او محلل نفسي وليسس مجرد !! شخص يمتلك قاموسا لغويا وذو خيال ما . نحن نتكلم عن روائي محلل وليس روائي عابر ان صحت العبارة
مع فائق التقدير للاخت الروائية
الاخوة الكرام في اسرة الناقد العراقي
الاخت الفاضلة نيران العبيدي
كلي اسف على هذه الاخطاء التي حدثت اثناء كتابة التعليق الراهن راجيا عدم الوقوف عندها !!
الاستاد الكبير شوقي يوسف بهنام
كما تعلم ومن ضمن اهتماماتك النفسية ان رواية السراب تجريبية نفسية للكاتب الكبير نجيب محفوظ لم تكتب من رجل اختصاص , نجيب محفوظ كان اختصاصه الفلسفة والفلسقة الاسلامية وله ملكة فكرية وادبية كبيرة , لو خضعت رواية الكاتب الكبير محفوظ للتحليل النفسي بشكل دقيق من طبيب مثل حسين سرمك ربما اقول ربما كانت فيها مغالطات علمية كبيرة , على الرغم من كوننا نتحدث عن ادب , من هنا تبرز اهمية رواية ما بعد الجحيم , كاتب كبير ملم بعوامل الطب النفسي بالتأكيد سوف لا يقع في مطبات علمية بما لديه من خبرة وتجربة حقيقية لا تجريبية , بالرغم من ذلك كانت توليفة ادبية لم تفقد جماليتها ابدا , استاد بهنام المشكلة بالادب العراقي عدم وجود نجومية الكاتب الموجودة في مصر لذا رواية كبيرة للكاتب حسين سرمك محبوكة باسس علمية صحيحة وادبية ذات تقنية عالية تمر مرور الكرام امام النقد العراقي والبعض اساء فهم الثيمة الحقيقة واعتبرها من الادب التعبوي , ارجو ان تتقبل تحياتي وتقديري العالي
نيران العبيدي
الاخت الفاضلة نيران العبيدي
هذا هو بالضبط ما نحتاجة في كتابة الرواية وانا هنا ليس من باب مديح اخي وصديقي دكتور حسين فالرواية تجتاج الى هذين العنصرين الدقة والخيال معا .. الدقة المعرفية او الغملية في موضوع الرواية والخيال في عرض الموضوع وشكله مع ان تعبيرك ” تجريبية نفسية ” غير موفق قي تقدري ، تيقى عمق الرواية واصالتها وفرادتها بالتزمها بهذين العنصرين والا كانت عبارة عن تطفل او قتحام ينبغي تجنبه وعدم الخوض فيه . من هنا ضرورة الحرص على عنصر الالتزام . الناقد غير ملزم بقصور الروائي المعرفية .. مسؤليته تتجلى في تسليط الاضواء على العمل وبيان ضعفه من قوته . لذلك كانت الكتابة مسؤولية اخلاقية كبيرة وليست مجرد رص كلمات وعبارات وجمل
ارجو ان تتحملي انت وصديقي الدكتور حسين هذا الالحاح من جانبي في هذا الموضوع . وبالمناسبة فان موضوع رواية السراب تطرح اشكالية التعلق العاطفي او حالة من النكوص والتثبيت على مرحلة عمرية لدى البطل وهي عدم قدرته على التواصل الجنسي السليم من دون ارتداء شريكته ” للطرحة بالتعبير المصري ” وهي عبارة عن طوطم رمزي يذكره بالام او ببديل عنها من دونه لا يتمكن الى الارتقاء بمشاعره وغرائزه
ارجو تقبل تحياتي وتقديري
شوقي يوسف بهنام
مدرس علم النفس
كلية التربية – جامعة الحمدانية
اشكر تعليقك استاد بهنام
تحياتي