إشارة :
هذه السلسلة من النصوص التي يدبجها الشاعر المبدع علي رحماني في حبّ بغداد هي نصوص فريدة واستثنائية تكتسب أهميتها ليس من توفّرها على الاشتراطات الشعرية العالية فحسب بل – أيضاً – من هذا الإنهمام العشقي بمعاناة بغداد الأم ؛ الكارثية والفاجعة .. كل كلمة تُكتب الآن في هذا الظرف العصيب سوف نحاسب عليها تأريخيا ، سلباً أو إيجاباً .. وعلى هذه النصوص سوف “نحاسب” – نحن عشّاق بغداد المغدورين الصابرين – علي رحماني بشدّة على تقطيعه لقلوبنا .. تحية للشاعر علي رحماني .
القصيدة :
اجل بغداد…
ربما لم تعد بغداد…
ولكنها بغداد …!!
بغداد التي وسمت ….
لهفتي وشجوني
تتقاسم وجدي وحزني….
و تودعني ….
اهرب من فناراتها
مثل طير حزين….
_استودع الله فيها …
مقلتي ودمي…..
وتلهمني لجتي …
في الرجوع
أعرف أني منها….
….. أليها…
ومنها الى وطني ….

الذي ملأته الدموع
فتملأ شغفي …
ارتباطا بها ….
وانتماءا وعشقا لها ….
وخشوع….
وهي بغداد …
التي في خيالي
ستبقى أبدا….
صورة الشعر …
ووجه جمال القصائد
ووجهة أحساس شوق طويل
يشد الزمام لها …
والزمان بها ….
والرهان الذي قد يطول
رغم خيول التتار…
وعبر غيوم الدمار
وأنهماراتها ….
……..وانكساراتها….
………و … أختلالاتها….
واحتلالاتها ….وتآريخها …
واختلافات سادتها….
……..وأحتراقات غربتها …
أنها أختزنت وجهة البوح
ووجه شروق الحياة
وسطوع جمال التذكر…
((آه..بغداد….والحكايات شتى …))
والعبارات منفى
جلال يصب بدجلتها
سماء من الكرخ ….
……..نحو الرصافة تهفو
فتعكس شمس مرايا الرصافة
…….قمر ابن زريق البغدادي….
وقصائد الشعراء والصور…
وجدارية فائق …ونصب جواد
وعود بشير ….ومقامات ((القبنجي ))
وتراث الغناء الأصيل…
والمسارح و((السينمات….))
و ((الجالغي ))…وحوارات المقاهي
وفضاءات شارع المتنبي ….
وتماثيل الساحات ….
أسواقها والدكاكين والمكتبات
آه بغداد…..
…..والفضاءات شتى…
اختزنت شروط نقاء محبتها
واختزلت عشقها
عشبا يرسم صورتها
ويرصد لهفتها …
قلبا تملأ رغبته البراءة
واحتفظت بأسرار تواصلها …
وتواصيها ….
وأحتفلت بعشاقها ….
واحدا ….واحدا….
أسراب طيور ملونة كالحياة
وطيوب من عطر الشرق
((يبغدد )) أركانها …
تحتفي أبدا برموز ها ….
وشموخ تتعانق أقماره
يتناغم من منارة موسى الكاظم
والأمام الأعظم مرورا بأقطابها
ومراقد المتصوفة ….
….القديسين والعلماء …
ومن كان يشدو لها
أعبر صوبها….
جسر الأحرار
وادور معها ساحة التحرير
متكأ بنحيب نساء الشهداء
هاربا من لصوص الفساد
مبتعدا عن رصاص الطوائف …
حذرا ….
من أنفجار مفخخة عائمة …
ومحتميا بلافتة سوداء
وأجول بها رغم هذا العناء
عناد يجلجل رهط الغثاء
اجل بغداد …
ربما لم تعد بغداد …
ولكنها بغداد…
……أصل كل غناء ……
…………….
…………………