مقاطع من مفكرة ابي عبد الله الصغير
لو كنت ُ هيأت السرير إليكَ مزدهراً
بأحلام الطفولة ، او بكدْسٍ من رؤى
ورصدت أشياءً من الذكرى ، محطاتٍ من
الدفلى ، و أمطاراً تساقط من
ثقوب الافق تبتل الدروب بها فكيف تمد فيه
صليب نومك ايها الملك الجليل و أنت
وحدك في السرير …
* * *
لو كنت أعددت الكؤوس مليئةً بالوجد
هيأت النبيذ على الصحاف نشرت
أزهاراً وأسدلت الستائر كان
مخملها يضيء لك المكان ، وفي الزوايا
حيث تنتشر الشموع يسيل منها الضوء
تشربها وحيداً في قرار الكأس
تغرق ، ليس وقع الجاز هذا ، غير ان
الريح تشرب كأسك الدامي الأخير
* * *
لو كنت في طرق المدينة حافياً ، تأتي كصوفيٍّ
ينث الحزن من عينيك ، يمطر في المساء فكيف
كنت تلوذ في الاشجار عارية ، وتكمن في
جذوع النخل أفّاقاً وليس لديك الا خرقة
الزهّاد يقطر حلمك النائي شآبيباً
من الامطار ، يقطر من ثقوب الليل هلا كنت
تسمع خلف هذا الافق موسيقى من التانغو
وموسيقى الحرير …
* * *
لو كنت أعددت الكتاب مواسماً وحشدت
أسراباً من الكلمات ، جمّعت الحروف ، قرأت
مابين الفواصل والسطور عرفت أسرار النقاط
رأيت إمراةً تجيء من القصيدة مثل أطيار
السنونو تقرع الأفق البعيد بريش أجنحة
تحط على يديك وتنقر الألوان تجمع ماتبقى
كيف تغذو الحب بالكلمات تكسرها جراراً من عبير
* * *
لو كنت ُ هيأت الدم القاني قوارير وجرحك
كان ينزف ، كانت النوق العصافير الاصيلة تشخب الاثداء
منها ، والقبيلة تستقي دمها مخضبة الجراح
فكيف جرحك سوف يشفى عارياً هل
كنت تستره بأزهار من الدفلى ، بأوراق
من القيصوم ، ام بالرمل تنشره أكاليلا وفرسان
القبيلة سوف تحمل عنك هذا الجرح ،
في غرناطة تأسى أسير
* * *
لو كنت أعددت السلاسل والقيود رسمت
أقماراً تمر بسجنك النائي ، على أبوابه
تأتيك في الفجر البعيد خيول عائشة ،
فكيف تحطم الاغلال أو ينهار كبلك ليس
من غرناطة تأتي وليس هناك عائشة تجيء
سوى الرياح تئن خلف السجن والابواب
تجهش من صرير …
* * *
لو كنت هيأت الأمارة أو حملت لها الحجارة
كانت الاسوار تنمو مثلما الاشجار تحبل
بالثمار ، او النساء وكانت الجنات تجري
تحتها الانهار ، ليس يجيء خلف تخومها الاعداء
تنتظر الهجوم على خطوط النار
او يأتي برابرة وراء الافق ، كيف
تلملم الابعاد أو تلقي خطاب العرش فيها
أيها الملك الصغير …
* * *
{ الامير ابو عبد الله الصغير وقع في الأسر بعد معركة قشتالة وضياع غرناطة وحاولت امه عائشة ان تخرجه من الاسر).
محفوظ داود سلمان : ماتبقى من غرناطة
تعليقات الفيسبوك