كريم عبد الله : ( جمانة والكاروك )* الأزرق ( نصّ بوليفوني ثلاثي الأبعاد )

karim abdullah 4آآآآآآآآآآآآآآآهٍ إنّهُ الحنين العميق لأحضانِ الطفولةِ الدافئة ينبشُ بقوّةٍ هذا الشيب النابتَ بعدَ الخمسين , فــ ذاكَ صوتُ أمي موغلاً في نبضاتِ الصباح كــ رنينِ الجرسِ العجوزَ في مدرسةِ ( التوحيد )* البعيدة جداً يهزّهُ ( العم صالح )* فــ يبدّدُ هجوعها بينَ أشجارِ النارنج وحكايات لا تنتهي , ايّةُ نشوةٍ تغمرُ الليلَ حينَ تلامسُ التعاويذَ المعلّقةِ على خيطٍ رفيعٍ تستعذبُ طردَ المرضَ والجنَّ والسحرَ والحسدَ ! و كيفَ يجتمعُ ( الحرمل )* البريّ والبخور الهنديّ وآية الكرسي تحتَ الوسادة تبعثُ إبتسامة في الشفتين ! التمائم كانتْ تجلو البصرَ وتستبقي أسرارها تكبرُ , لماذا للآنَ صوتُها يتردّدُ وكــ أنَّ الكروموسومات عشقتْ بحّتهُ فــ أنبسطَ على حبالِ صوتي ( دللّول … دللّول يــ الولد يبني دللّول …. عدوكْ غريب وساكنْ الجول … دللّووووووول …. دللّوووووووووووووووول … لووووووول …. ووووووووووول …. )* فــ يحتضنُ الإزدحامَ في شرفاتِ الأحلام يتشمّمُ عطرَ ( لنْكْ الدنيا )* يستطيبُ الهدوءَ في الأكياسِ الورقيّة , أينَ شلاّلات الحنانِ تتصفّحُ السنين في ترنيماتِ أمي ؟ وأيُّ سعادةٍ ستورّثُ الــ ( خَمْسْ فلوسْ )* حينَ تضمّها يدٌ صغيرة ترقصُ بــ غنجٍ بعدما تخرجُ بــ أبّهةٍ مِنْ جيبِ أبي في معطفهِ العسكريّ الأنيقَ تزيّنهُ الأزرارَ اللمّاعة مِنْ كثرةِ ( البوليشْ )* ! أرّقني كثيراً وجهكِ الضحوكَ يا ( جمانة )* والمهدُ الحديث يحتفلُ بــ صوتكِ منتشياً ويسرقُ الوقتَ المعتّقَ بــ لهفةِ العيون .
……………………
حين إحتضنت حفيدتي ( جمانة ) وهي في المهد غمرني حنين عنيف الى ايام طفولتي والى مهدي الخشبيّ ( الكاروك ) باللهجة العامية العراقية , فقد كان ملوّن بالاصفر والاخضر والابيض لكن اللون الازرق هو الغالب .
التوحيد : مدرستي الابتدائية .
العم صالح : فراشة المدرسة في ذلك الحين .
الحرمل : نوع من النباتات .
دللّول : ترنيمة عراقية تتغنى بها الامهات على اطفالهن .
لنْكْ الدنيا : نوع من الفاكهة .
خَمْسْ فلوسْ : عملة عراقية قديمة قليلة القيمة .
البوليشْ : كان يستخدمه والدي يلمّع الازرار به .

تعليقات الفيسبوك

شاهد أيضاً

| عدنان عبد النبي البلداوي : “ذكراك نور” مهداة الى روح الشريف الرضي في ذكراه الخالدة .

ذِكراكَ  نورٌ، تسامَتْ فيه دُنـيانا                             يا رائـداً  قــد مَلَكْـتَ القـلبَ أزمانا فكنتَ أصْدَقَ مَــن يَهوَى بناظِـره                           حتى …

حــصــــرياً بـمـوقـعــنــــا
| عبدالقادر رالة : الزعفرانة.

    لمحتها في المحطة تنتظر القطار …    الفتاة الوحيدة  التي تقرأ كاتباَ ؛ كتاب في  …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *