نيران العبيدي : رواية البازل

niran alobaidiتترجم كلمة ال بازل الى احجية او ألقية , عقدة , لغز , معضلة وهي لعبة عبارة عن كلمات او صور متقاطعة وهذه اللعبة تحتاج الى تحدي وذكاء لاعادة ترتيبها اضافة الى صبر وآناة لفك رموزها ووضع القطع في اماكنها الصحيحة , حقيقة الرواية العربية تفتقر الى هذا الفن في السرد او ربما هناك محاولات لبعض كتاب خاضوا التجربة , وبقيت مقتصرة عليهم لانها عملية سرد متعبة وتحتاج الى ذهن متيقن يعرف كيف يتلاعب بالجمل والكلمات المتقاطعة , وهو يعول كثيرا على فطنة وذكاء القاريء لاكتشاف الصورة النهائية للرواية , والمعنى او الاطار الكبير بعد ترتيب التفاصيل المتناثرة بدون سرد مرسل على الطريقة المتعارف عليها , طريقة سرد البازل لاتعني السرد في زمن معين ومن ثم الرجوع لزمن آخر يعطينا خلفية او صورة مركبة بالازمنة المتداخلة , لفهم الحاضر هذة الطريقة بالسرد تبقى طريقة كلاسيكية قائمة تتلاعب بالازمنة وتنتقل انتقالات سريعة لاعطاء الصورة المراد رسمها في ذهن القاريء وهي ايضا اسلوب وتكنيك فني يعطي قيمة جمالية ويقترب من جمال صورة الفن السينمائي , هذا الاسلوب كتب بطريقتة اغلب الكتاب وهو معروف تقنياً , كما ان الرواية المدورة التي تبدأ بحدث معين ومن ثم ينتقل الكاتب لسرد احداث الرواية ويجرنا في متاهات احداث سردية متشعبة ومن ثم ينهي الرواية بذات الحدث او الزمن الذي بدأ به هذا الاسلوب يعرف بالرواية المدورة او تدوير السرد , وممكن ايضا ان يتلاعب الكاتب في تداخل الآزمنة السردية ضمن التدوير العام للرواية كما في متاهات برهان شاوي , رواية البازل فن وتقنية مختلفة كلياً تشبه الاحجية او لعبة البازل الكاتب يكتب ويتحدث عن صور واحداث غير مترابطة وغير مفهومة قد ينفر القاريء منها ولا يستطيع اكمالها لانه بحاجة الى سرد وفق نسق موحد يستطيع متابعة الاحداث فيها , لكن بعد انتهاء رواية البازل يستطيع القاريء ترتيب احداث وصور الرواية من جديد واعادة صياغتها بذهنه وفق نسق معين ليحصل على الصورة النهائية لاحجية او رواية البازل , حقيقة هنا نحتاج الى قاريء متميز ومثقف يفهم الاحداث ويستطيع بناء الهيكل العام كما أ ُريد للرواية ان تكون, كما نحتاج الى ناقد لايتعب يسجل التفاصيل , ويعيد هيكليتها ويرتبها ويعيد صياغتها , ليكتب عن الخطوط العامة للصورة الكبيرة المرجوة ولا داعي لتفسير القطع المتناثرة من اللعبة الجمل والكلمات الغير مترابطة مع الاحداث , حقيقةً هذا الفن لم تتطرق له الكاتبات العراقيات ولا حتى العربيات ومن كتب به هم قلة قليلة جداً نظراً لحاجته الى تركيز اكبر ووقت اطول وذكاء بالطرح وامكانية ادوات سردية غير عادية لا يستطيع الدخول في مجالها الا المتمرس صاحب الباع الطويل بالسرد , لكني استطيع ان اقول ان الروائي سمير نقاش قد تفوق بهذا الفن واستطاع ان يُقطع مقاطع سردية ويفصلها بالكلمات ومن ثم يعاد ترتيبها فنياً من قبل النقاد والقاريء بأسلوب بسطه كثيرا لمعرفته ان كتاباته قد سبقت عصره وهو بحاجة الى قاريء يفهم كتاباته ويحبها بسبب حضر النشر بوقتها على معظم اعماله , ومن اهم ما كتب بهذا الصدد هو “رواية عورة الملائكة ” فتكنيك هذه الرواية استعمل سمير نقاش المتحاذيان في الزمن وفي القص يوم يحاذي يوماً وراو يقص على مستمع وبداخل الراوي شخص يقص عليه او يجادله ويذكره باحداث , اما الاحداث ذاتها فكانت على طريقة البازل متفرقة ويجب تركيبها وتنظيمها , طريقة الحديث تلائم الشخوص وبذلك تكون الرواية اكاديمية عالية الاوصاف .. كما ان غاريسا غابريل ماركيز استعمل هذا الاسلوب في رواية مائة عام من العزلة اضافة الى سلمان رشدي في رواية اطفال منتصف الليل , في رواية كيف تقتل الارنب للكاتب صلاح صلاح هناك لزمات ومفاصل لاستعمال الكاتب هذا الاسلوب بشكل بعيد عن الممارسة لكني وجدت فيها قطع البازل على الرغم من ان الرواية مدورة لذا لم اكتب عن تفاصيل الرواية الكثيرة التي لاتهمني بسبب تناثرها وعدم ترتيبها بقدر تركيزي على الصورة الكبيرة للرواية التي أ ُريد لها ان تتكلم عن الاسلام السياسي في كندا

نيران العبيدي
تموز 2015
كندا

تعليقات الفيسبوك

شاهد أيضاً

| مهند النابلسي : سينما ارتجالية وشهرة مجانية وشخصيات سطحية:وصف دقيق لتحفة ترفو”الليلة الأمريكية”-1973/الفيلم الفائز باوسكار أفضل فيلم أجنبي لعام:1974 .

*يلعب Truffaut نفسه دور مخرج سينمائي يُدعى Ferrand ، الذي يكافح ضد كل الصعاب لمحاولة …

| عبدالمجيب رحمون : كيف نتواصل بالحكي؟ أو الرواية والحياة عن رواية “عقد المانوليا”

لماذا نقرأ؟ وكيف نقرأ؟ هذان السؤالان الإشكاليان اللذان طرحهما الناقد الأمريكي “هارولد بلوم” لم يكن …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *