نقطة ضوء
أمسكت الحيرة بتلابيبها وهي تطوف في ذلك “المول” الكبير الذي أفتتح حديثا في المدينة، وتتنقل بين محلات الحقائب النسائية العديدة فيه..
فكلما رغبت في اقتناء واحدة وجدت أكثر من سبب يمنعها أو يجعلها تنكص عن قرارها أو رغبتها في الغالب.
فللوهلة الاولى تعجب بحقيبة لكنها عندما تتفحصها تجد أن جلدها ليس من النوع الجيد رغم أن سعرها مناسب جدا.. أو تمسك بأخرى وتنفض يدها عنها كمن لدغتها عقربا، بعد أن تلمح الورقة الصغيرة الناعمة الملصقة في أسفلها… وقد تجد في أحدها هذه و تلك، لكن حديث إحداهن لصاحبتها من أن هذه الموديلات ذات مقابض كلاسيكية، يطفئ رغبتها فيها، ويجعلها تتراجع عن شرائها..
وأخيرا حصلت المعجزة…
ووجدت واحدة جيدة الجلد وجميلة وحديثة الموديل ورخيصة الثمن.. وخرجت بها الى الشارع فورا وعلقتها كتفها بعد أن وضعت فيها بقية قنينة الماء التي إشترتها.
أحست بالبلل..
ففتحت الحقيبة وأخرجت قنينة الماء التي لم تغلقها جيدا.. لكنها رأت وهي تخرجها نقطة ضوء في أسفل الحقيبة.
ببساطة
سأل زوجته بتذاكي عن سبب حملها حقيبة يدها وكأنها تعلقها على ساعدها المطوي بزاوية 90 درجة مع عضد يدها.. وتساءل قبل أن ترد عليه عن صحة ما يعتقده.. اذ أنه يرى أن النساء المتوسطات في العمر مثلها وحتى الكبيرات في السن يحملنها بنفس الطريقة.. بينما تعلق النسوة الصغيرات والفتيات الاصغر سنا حقائبهن بحمالات طويلة وقصيرة تتعاكس مع العمر على أكتافهن.. بينما تنفرد الفتيات الصغيرات والسنافر بحملهن كحقائب الظهر ليظهرن أصغر وأصغر…
لكن الابتسامة على وجه زوجته منعته من الاسترسال أكثر… إذ قالت له دون إهتمام، أن الطريقة التي تحمل بها حقيبتها ببساطة هي الطريقة الاحدث التي ظهرت في نماذج برنامج جويل لتجميل السيدات وليس لسبب آخر…
مخاوف
أعرب لصديقه الباحث الاجتماعي عن قلقه من أن تتسبب موجة الملابس النسائية ذات الجيوب الكثيرة القادمة الى بلده في أن تتخلى النسوة والفتيات على الخصوص عن شراء الحقائب النسائية التي ينتجها معمله، ويعدن الى عصر ما قبل الحقيبة.. حيث كن يحملن السلال أو البقج أو حقائب تشبه الاكياس ويضعن جزادينهن في جيوبهن..
ولم يجد لدى صاحبه الخبير في التأريخ الاجتماعي ما يطمئن به مخاوفه.. خصوصا أن الاوضاع الاقتصادية في البلد متردية وتدعو المرء الى الاقتصاد في النفقات.
ولما وصلت الموجة الى الاسواق وبدأت تنتشر كالنار في الهشيم، وجد أن الطلب على النماذج التي طرحها من باب الاحتياط على أصحاب المحال التجارية والتي تشبه السلال القديمة والاكياس قد إرتفع، الى درجة لم يعد معها قادرا على تزويد المحال بكل ما تبغيه… فرفع الاسعار.
تتذكر كلما….
نهرتها أمها عندما حملت حقيبة أختها الكبيرة وهي في عمر السادسة لتقلد حركاتها أيضا… وقالت لها أنه من المعيب أن تفعل ذلك، ولكنها عندما كبرت وجدت أن الامر ليس بهذا السوء، وأنها كانت تتذكر ما قالته كلما:-
1-بوجه الريح
خرجت ذات صباح بتنورتها العريضة ولكن القصيرة أيضا، لتعايش إحساسها كسندريلا.. لكن الريح التي هبت على حين غفلة وعيون الرجال المتلصصة.. نغصت عليها هذا الاحساس… وجعلتها تشعر أنها في ورطة…
وتذكرت ..
فوضعت حقيبتها على مقدمة التنورة في وجه الريح.
2-غطاء
وعندما وصلت ذات يوم الى عيادة طبيب الاسنان بحسب موعد مسبق.. وجدت أن عليها الانتظار والجلوس في الصالة التي تعج بالرجال والنساء… وإذ جلست أحست بورطة التنورة القصيرة أمام الرجال الجالسين في الصف المقابل..
فتذكرت..
ووضعت الحقيبة على ركبتيها كغطاء..
3-حاجز
إنتهت من عيادة الطبيب ولم تجد من يوصلها الى البيت… حيث كانت سيارة البيت في مشوار بعيد.. فإضطرت الى ركوب الباص..
وأختارت موقعا عند نافذة.. لكن محاولات الشاب الذي جلس بجوارها للالتصاق بها.. جعلتها تلتصق بجنب النافذة بشدة.
وتذكرت..
فوضعت الحقيبة بجنبها لتكون حاجز.
4-متكأ
وكان عليها أن تقطع بعد النزول من الباص مسافة تزيد على المئتي متر لتصل البيت بعد هذه الرحلة المضنية..
أحست بالتعب الشديد.. فإستسلمت لرغبة طفولية طالما كانت تراودها في الاتكاء على يد أمها وهي تسير… فوجدت نفسها دون أن تدري تتكأ على حقيبتها وتمضي.
طلبات مدرسية
توقفت طويلا أمام حقيبة نسائية معلقة على واجهة محل، تملك الكثير من الملامح المدرسية، وكأنها حقيبة مدرسية في طور إستحالة لتصبح أنثى… ألحت على أمها أن تشتريها لها، حتى أذعنت… ودفعت فيها مبلغا ليس بالقليل لأنها موديل حديث بإختصار..
وبذلك بات في مقدورها المرور داخل السوق في طريق العودة من المدرسة بحقيبة نسائية تحتوي كتبها، بعد أن تضع فيها قميصها المدرسي وترتدي القميص النسوي الذي تحمله فيها.. فلا تعد تبدو كطالبة صغيرة للانظار..
بعد أيام .. باع صاحب المحل ثلاث حقائب من نفس النوع… ثم باع أربعة في اليوم التالي.. وبعد أيام سارع بالذهاب الى بائع الجملة ليشتري أكبر كمية يجدها لديه… لكن بائع الجملة إبتسم… ودون أسم صاحب المحل والكمية التي يحتاجها في قائمة الزبائن الموجودة أمامه.