الشخصيات : فلوراي –هربرت–كلارنس– قرد .
المشهد في مكان منعزل قرب قفص قرد كبير في حديقة
للحيوانات. خلفية المسرح لا تبدوا صغيرة وانها واضحة تماما
مثل مقدمة المسرح. في وسطها قضبان حديدية عمودية يوجد
خلفها قرد يبدوا بشكل خافت. الجدار الذي على جانبي القفص
ملصق عليه ملاحظة مبين فيها وقت الأغلاق وانواع اطعمة
الحيوانات…الخ؛ وتحذيرات مختلفة اخرى. وفي وسط جدار
صغير ومنخفض، في جانب القفص وبشكل منحرف، يوجد
عليه وصف رائع للحيوان مع اسمه ونوعه. ويوجد في الجانب
الآخر من القفص مصطبة مثل المقاعد الطويلة الموجودة في
المتنزهات، وفي اليمين واليسار جدران تحتوي على مداخل
كبيرة بدون ابواب، من الواضح انها تؤدي الى اجزاء اخرى
من حديقة القرود. الإضاءة، من المفترض انها تأتي من نافذة
مواجهة للمقعد، والوقت هو يوم صيفي بعد الظهر.
فلوراي وهربرت يدخلان من جهة اليسار، كلاهما يرتديان
افضل ملابسهما ومن الواضح انها مخصصة لمثل هذا اليوم.
فلوراي : (متعلقة بذراع هربرت) يا هربرت، اني متمتعة بكل هذه
الحيوانات الظريفة، الطيور والاسماك. ولا اعتقد انها هي سبب
انزعاجك، واننا قد تعبنا جدا، بحيث اني اصبحت لا اميز الآن
بين الاسد وطائر كبير، لو سألتني ذلك. (ترى المقعد) من غير
المجدي ان نُسَر بالتعب. دعنا نجلس.
(يجلسان سوية؛ فلوراي على اليسار وهربرت على اليمين. تنظر
فلوراي الى جانبها فترى القرد) أوه! انظر الى ذلك!
هربرت : (يشرح بتواضع) انه قرد، مجرد قرد. ومن المفترض انه
يشبهنا، انه قرد.
فلوراي : (تنظر الى القرد) نعم، كنت سأقول ان لديه نفس نظرة الخال
جوشيوا. وله نفس طريقته المعتادة في الأكل وشرب الشاي.
(اصبحت اكثر حيوية) لكن، كما تعلم، ان نظرته افضل قليلا من
نظرة الخال. لن اندهش اِن اعتقد بعض الناس بأن القرد وسيم.
هربرت : استمري! لديك وجهة نظر لئيمة، وليس بوسعي ان افعل لك
شيئاً اِن تلقيت ضربة من القرد.
فلوراي : انك ساذج كبير! ماذا يجري لو ان كل الاقفاص فُتحت؟ اراهنك
ان العديد من الفتيات المسكينات لا يكدن يعرفن الفرق بين القرد
وأي شاب.
هربرت : سوف لن اصطحبك الى حديقة الحيوانات ثانية. انها تجعلك
انسانة غريبة.
فلوراي : تعني انها تجعلك غيوراً!
هربرت : نعم، وهل يمكن ان لا اكون غيوراً؟ أليس اي رجل سيشعر
بالغيرة لو ان خطيبته فجأة اُعجبت بقرد؟
فلوراي : انت لست بحاجة لأن تقلق. انه لا يشبهك بأي حال من الاحوال.
هربرت : (بشكل عبوس) يجب عليّ حتى ان لا افكر في ذلك. من
اللطيف انكِ اخترتِ بيني وبين القرد.
فلوراي : اغلب الفتيات كنّ سيفعلن ذلك.
هربرت : (تتهرّب) أوه، لا اعرف! (تستدير اليه) على ايّة حال، لا
يمكنني حتى ان اُعجب بحيوان مسكين في قفص وانت لديك كل
ما لم يحصل عليه هو. انكَ مضحك تماماً اكثر من النمور.
هربرت : وانتِ كذلك! بعد قليل تريدين ان تخبريني انكِ ترغبين لو اني
كنتُ مُبقّعاً.
فلوراي : لستُ بحاجة ان ارغب في ذلك. انكَ مبقع طبيعياً.
هربرت : هذا صحيح! سيكون ذلك في يوم ما!
فلوراي : لأنك تهتاج بسرعة فقط. وانك شرقي في نظرتك للمرأة. تحب
ان تضع حجاب على وجوهنا وتغلق انوفنا وتجعلنا ايقونات
للفرجة فقط. هذا ما تريده.
هربرت : (يحاول ان يمسك بيدها) ألا يمكنكِ ان تفهمي اني كذلك لأني
مغرم بكِ؟
فلوراي : مغرم بي؟ يجب ان اقول لكَ، انها طريقة شاذّة في الغرام.
هربرت : لكنكِ تعلمين جيداً اني مغرم بكِ حقاً. وعن قريب سينتقل جدًي
الى رحمة الله وسأحصل على المتجر ونؤسس لحياتنا كل شيء
جميل.
فلوراي : وسأعيش حياة رائعة، اتزوج رجلاً يمتلك نفس افكار جدًكَ لا
يدعني انظر حتى من خلال النافذة!
هربرت: سأدعكِ تنظرين من خلال النافذة، اعتقد ان هذا كافٍ بالتأكيد،
وان افضل شيء تريدينه هو ان تنظري الى الشارع المؤدي الى
سوق القماش والقصابة.
فلوراي : (برقّة) يكفي انه مكان رائع، سأُغرم فيه.
هربرت : (يتأمل بحزن) احلا حياة على الاطلاق , عسل مصفى .آه، يا
فلوراي،لم تعرفي كم انني متلهف للوقت الذي سنستقر فيه.
بإمكاني ان ارى انفسنا جالسين امام النار في ليلة شتائية باردة,
ننظر احدنا للأخر باشتهاء, ثم بعد ذلك يرن جرس الباب واقول
لكِ, اذهبي انتِ الى الباب ..
فلوراي : او ان تذهب انت!
هربرت : مرة انا ومرة انتِ, طبعا. وبعد ذلك, في الصباح, عندما نكون
مستلقين في السرير ويدق منبّه الساعة وتداعبيني لتوقظيني.
وتقولي لي” استيقظ يا روحي “.
فلوراي : أوه, هل عليّ ان افعل ذلك؟
هربرت : او انا افعل ذلك, بالطبع. على ايّة حال, سنكون غارقين في
الحب, وسوف لن اكون غيوراً بعد ذلك, لأني سأكون قد حصلت
عليك, عاجلا أم آجلا, ستكونين ملتصقة بي وكأن الكونكريت
يربطنا …
فلوراي : (فجأة) لماذا ذلك الحيوان يهزّ قضبان القفص؟
هربرت : اتوقع انه قد اكل وانهى الكعكة ويريد واحدة اخرى. القرد,
مخلوق طمّاع.
فلوراي : نعم, ليس لديه كعكة اخرى, لذلك يثير ضجة. (تميل الى الوراء)
استمر بالحديث. انه كالرجلالشرقي, مولع بالترف. حينما
كنتَ تقول لي انك تحبني كان ذلك القرد يصغي, وكل القرود
الباقية في الغرف الاخرى. وهذا ما يسمونه بالاغتراب.
هربرت : نعم, اني احبك اكثر حينما ارى الجَد (القرد)يخطوا بقدم واحدة
نحو القبر, اشعر اني احب ان اساعده لأضع قدمه الاخرى في
القبر وبسرعة, وبعد ذلك نشعر جميعنا بالسعادة.انت تعلمين,
ان هذه المخلوقات تتأقلم اكثر في المناطق التي جاءت منها.
سمعتُ مرة من مبشّر قصة جميلة عن كيفية تسلّق جميع القردة
للأشجار وتبدأ بهز الاشجار، و…على مَن تحدقين؟
فلوراي : (بتسرّع) اُنظر الى الناس وهم يدورون, سذّج.
هربرت : ليس هناك احد يدور.كنت تحدّقين في ذلكالشاب الظاهر هناك.
(يشير الى مدخل اليسار) هل تعرفينه؟
فلوراي : بالطبع لا اعرفه. الا يمكنك ابداً ان تتوقف عن المضايقات؟
واعتقد ان الأكثر من ذلك, هو انكَ لا تحبني.
هربرت : (مندهشاً) لكني تواً قلت لكِ اني احبك! ولم تمهليني لأقول لكِ
الكثير. واني لم يعجبني ظهور ذلك الشاب. نعم, الآن, سيهزّون
الشجرة جيدا و…
فلوراي : اذن, اِن كنتَ تحبني اِذهب واشتري كعكة لذلك القرد المسكين.
هربرت : لماذا لم تقولي انه يمكن ان يكون قد اكتفى بكعكة واحدة الان!
فلوراي : حسناً, علي ان اتجاهل قلبي الرقيق وان اغيّر تفكيري.
(تسعى الى اخفاء اهتمامها بغرفة القرد الموجودة على اليسار).
هربرت: اِن كنتِ ذات قلب رقيق, فلماذا اذهب انا واشتري الكعكة؟
فلوراي : طبعا, ان كنتَ تحبني.
هربرت : لكني مستمر بالتعبير عن حبي لكِ.
فلوراي : (تستدير اليه) تعتقد انك تجيد ذلك بشكل هائل دائماً.كيف تعلم
انكَتُعبّر عن حبكَ لي؟
هربرت: كيف, لقد اِصطحبتكِ الى حديقة الحيوانات هذه, واتوقف عند كل
قفص واقول لكِ بأني احبكِ, لكن فكرك مشغول بالحيوانات فقط،
وحالما جلسنا هنا على هذا المقعد, قلتُ لك ثانية باني احبكِ. ماذا
تريدين اكثر من هذا؟
فلوراي : كنتُ اريد منكَ ان تذهب وتشتري الكعكة عندما اطلب منكَ ذلك
مباشرة. (بسخرية) هل كان عليّ ان اعطيكَ نقوداً قبل ان تذهب؟
هربرت : (ينهض, مجروحاً بعمق) يا فلوراي!لا تلمحي الى اني لا
اعرف كيف اكون رجلاً شهماً! بإمكاني اصطحابك الى اي
نزهة, بإمكاني ان ازحمك بالكعك و …اتمنى ان يغصّ الحيوان
بالكعك ويختنق! (يخرج مجروح الكرامة من البوابة اليمنى.
تشير فلوراي بقوة الى اليسار, يظهر كلارنس فجأة من البوابة
اليسرى).
كلارنس : فلوراي!ليس بالإمكان ان تفعلي افضل من ذلك. (يتقدم بسرعة
الى المقعد) اين ذهب؟
فلوراي : ليجلب كعكة الى ذلك (تشير الى القرد).
كلارنس : ذلك؟ (ينظر الى القرد) او, انظري اليه! ماالذي يفعله؟
فلوراي : يدير ظهره لمن حوليه, مثلكَ انتَ.
كلارنس : (يقف بجانبها, يساراً) احياناً انا أواجه من هم حولي, لا تنسي.
فلوراي : (تفسح المجال له فتتحرك نحو اليمين) لا تنسى بانكَ عندما كنتَ
تكون في المواجهة, سنكون نحن في صف واحد للهرب.
كلارنس : اذن بإمكاننا ان نصنع الكثير من الاشياء افضل من ذلك الآن
(يجلس في نهاية يسار المقعد ويضع ذراعه حولها)أوه,يا
فلوراي,انها الجنة!
فلوراي : (تبعد ذراعه عنها) أوه. يا كلارنس!اِفترض ان يرانا الناس!
كلارنس : لا يهمني. ويجب ان لا يهمك انتِ ايضاً.الحب هو اتفاق
طرفين.. بإمكانكِ ان تسالي ذلك القرد. الى جانب ذلك, فأن
الجميع ذهبوا لرؤية الأسد وهو يأكل. قولي لي, يا فلوراي,هل
هو يقبّلكِ دائماً؟
فلوراي : هو؟ كثيراًوكثير من الأوقات.
كلارنس : مثل هذا؟ (يوضح انه يطلق مشاعره).
فلوراي : بالتأكيد لا.اِن حاول فلن يستطيع.
كلارنس : اذن لماذا تتعلقين بشاب مثل هذا يفتقر الى المشاعر؟ لماذا
لاتندفعين وراء ما يهواه قلبكِ؟
فلوراي : لا داعي لان تعقّد الأمور عليّ, يا كلارنس. ان مزاجي جيد
اليوم. حتى اني الان اعتقد بوسامة ذلك القرد.
كلارنس : حسنا, اذاً ثلاث هتافات من ذلك القرد سيجعلك تحسنين
التصرف!
فلوراي : (تعبّس) لا تكن سخيفاً. انت تعلم جيداً انكَ لم تستطيع ان
تساندني في آمالي التي كانت لديّ. حتى انكَ لم يكن لديكَ آمال.
كلارنس : وهل هو لديه آمال؟
فلوراي : الى حد ما! هو كلّه آمال ولا شيء غيره. لديه محل للحلويات
من الدرجة الممتازة. بالتأكيد والده تمنّى له ذلك. وسأكون زوجة
له مدى الحياة.
كلارنس : كان يجب عليّ ان اعلم ان الأمور الدنيوية شيء اساسي.
فلوراي : (منزعجة) هي قيمتك! تصوّر ان آتي اليكَ وانتَ في غرفة
معيشة في منزل فاخر!
كلارنس : انتِ تعلمين، اني اؤمن بالحب الحقيقي. الأشكال والمظاهر
الماديّة لا شيء امام الحب الحقيقي.
فلوراي : الفتاة لا ترفض الأشكال والمظاهر الماديّة اِن اشتركت مع
الحبالحقيقي فهي تستحقّها كلّها.
كلارنس: وماذا تجدي الماديات لو انهم باعوا روحهم من اجل الذهب
والمكانة؟ أوه، اعلم ماذا سيكون حين ذاك. ستجلسين هناك،
وكأنكِ في هوّة عميقة.
فلوراي : (تتشبث به) أوه، يا كلارنس، يا اِلهي!
كلارنس: (يندهش من نجاح تأثيره عليها) اعتقد انه يجب ان أوضّح الأمر
لكِ. وليس هذا فقط، فعندما سيكون مزاجه سيئاً سيجعلكِ في حالة
لن يتعرّف فيها عليكِ حتى اهلكِ.
فلوراي : (تتحرر من ذراعه) يا كلارنس، فقط لو انكَ تتوقف عن
مضايقتي. سوف لن يكون هناك مزاج سيئ اذا انا عرفت كيف
اتعامل معه. ولست انا المرأة الوحيدة التي كانت قد اختارت بين
المادّة والقلب.
(يتجوّل القرد بقلق، يقترب من الحاجز الأمامي للقفص ويحدّق
فيهما).
كلارنس : (يقبض على يدها) القلب؟ اذن انتِ تحبينني، يا فلوراي؟
فلوراي : طبعاً انا احبكَ، لأنه بإمكانكَ ان تكون عاطفي حقيقي. وانا في
بعض الأحيان اكون عاطفية ايضاً. لكن لا يمكن للعاطفة ان
تبعدني عن هدفي.
كلارنس : ليس هناك متجر في طريقي انا.
فلوراي : ليس هناك في طريقك غير خدوش مخالب منتشرة هنا وهناك.
كلارنس : يا فلوراي، في الآخر ستضحين بقلبكِ وأنبل مشاعر لديكِ من
اجل مكسب مادي؟ هل تحبين ان تكوني مثل هيلين و ماركريت
وكليوباترا وتأتي معي الى هدفي؟
فلوراي : (تستسلم تقريباً) يا كلارنس، لديكَ قناعة بذلكَ (تدير رأسها
وتصبح وجهاً لوجه مع القرد) أوووه! (تفر منه) كلا، لا اريد!
كلارنس : (بغضب)اعتقد انكِ قد احببتِ ذلك القرد!
فلوراي :لقد علّمني درساً.
كلارنس : أوه، حقاً؟ حسناً، عليكِ ان تشكريه على ذلك الدرس بعدد سنين
عمركِ الاثنان والعشرين.
فلوراي : كلا، سأبلغ العشرين قريباً.
كلارنس :(يرمي ذراعيه جانباً) لا امل فيكِ! اني اقلعت عن المحاولة. فهذا
هو آخر لقاء بيننا، يا فلوراي.
فلوراي : ربما سيكون ذلك افضل، لكن يجب ان اقول اني لم افكر ابداً
بالجلوس في مكان مقابل قرد.
كلارنس : التطفل على وحش ممكن ان يكون مدمراً.
فلوراي : اعتقدتُ انكَ احببتَ ذلك القرد.
كلارنس : احببته؟ لم يحدث ذلك، ألم يخلق فوضى في كل شيء؟
فلوراي : لا يدهشني ان كان ذلك القرد قد وضع كل امكانياتهلمساعدتي.
فهو ذريعة للقائنا هذا.
كلارنس : ذلك تجذيف منكِ. اراهن انه لن يساعدكِ ثانية.
فلوراي :انتَ لا تعلم ابداً، وعلى ايّة حال، لا تنسى ان هربرت عائداً
ليجلب كعكة في أي لحظة.
كلارنس : انه يهبّ لأي سبب ليجلب مائة كعكة!
فلوراي : (تتقرب منه) يا كلارنس، انت تتكلم كثيراًوتضيّع وقتكَ
الثمين.
كلارنس : انكِ على حق، يا فلوراي، انها احاديث لا قيمة لها. ليس بالنسبة
لكِ فقط، بل انها على العموم لا معنى لها. وأخيراً، اريد ان
تعطيني قبلة طويلة وستكون الاخيرة. (يتعانقان عناقاً حميمياً).
فلوراي : (تمسح دموعها) سوف لن انساكَ ابداً.
كلارنس : أوه، نعم. حتى انكِ لم تقبلين ان تحتفظي بصورة لي لتتذكريني
فيها. فقد عرضتُ عدّة مرات صورتي اليكِ فرفضتِها.
فلوراي : نعم، كنتُ أخشى ان يجدها هربرت ويسأل اسئلة سخيفة.
كلارنس : أترين، حتى انكِ لا تستطيعين المجازفة من اجلي.
فلوراي : سأفعل. سآخذ صورتكَ. ان تحمل صورة الآن سآخذها.
كلارنس : لقد جهزت لكِ صورة منذ مدّة طويلة. ووضعتها في اِطار،
انظري، هل ستعجبكِ؟
(يُخرج صورة مؤطرة بإطار مزخرف من جيب صدريته
ويعرضها لها).
فلوراي : (تأخذ الصورة) أوه، يا كلارنس، انها جميلة. لقد التقطت وانتَ
تنظر اليّ بحدّة.
كلارنس : (يُثار) وهل ستبقين تفكرين في الرجل الذي اَضعتهِ من بين
يديكِ؟
فلوراي : (تمسح دموعها ايضاً) سأفكر. لن تكون الامور بهذه الدرجة
منالسوء.
كلارنس : (يتقرب منها) وهل ستتذكرين الى آخر يوم في حياتكِ القبلات
الجميلة التي سأمنحكِ اِياها الآن؟
فلوراي : تأكد اني سأفعل. (تنظر بسرعة نحو اليمين)أوه، توقف! لقد
عاد! انه حكم القدَر، توّاً كنتُ سأمتّع نفسي! (ينفصلان
متباعدين).
(يدخل هربرت، من مدخل اليمين، في يده كيس ورقي صغير)
(الى كلارنس- تتظاهر بتغيير كلامها) حسناً، الى اللقاء! (تُدخل
الصورة بحقيبتها بسرعة خاطفة).
كلارنس : (يسحب نفسه بعيداً عنها وينهض) الى اللقاء!
(تسعى لتتمشّى، تتبختر وتُصفّر عند مدخل اليمين).
هربرت :(بعدما ذهب كلارنس؛ وبانفعال) هل يمكنني ان أسأل، مَن
كان ذلك؟ (واقفاً على يمينها).
فلوراي : (تتشاغل بمظلّتها) أوه، انه مجرد شاب.
هربرت : شكراً جزيلاً لكِ. يمكنني ان أرى ذلك بنفسي. وان لم اكن
مخطاً، هو نفس الشاب الذي كنتِ تُحدّقين اليه حينما اَرسَلتني في
المهمة الغبية لجلب كعكة! (يسعى ليبدوا وكأنه نابليون) ولآن، ما
الذي حدث؟
فلوراي : لا شيء محدّد.
هربرت : لا شيء محدّد؟ مجرّد نظر الى قبعتكِ! تدّعين انه لا شيء
محدّد،أليس كذلك؟
فلوراي : (بعجالة تضع يدها على قبعتها) ما الذي حدث لقبعتي؟
هربرت : كل النهايات تفضح نفسها بشكل صارخ، كقرع الاجراس وحال
كل الاشياء، فأن وجهكِ اكثر اِحمراراً من جهة قفص القرد
وحدها.
فلوراي : ألا ترى مدى اهتمام القرد بي؟
هربرت : اِن كان هناك اهتمام بكِ، فهو من قِبل ذلك الشاب.
فلوراي : ألا ترى انك قاسي جداً؟ لقد اخبرتك، اني كنتُ جالسة هنا وافكر
فيكَ، وبهدوء تقدم القرد، وبكل شراسة، حاول التقاط قبعتي
بمخالبه ولكنه التقط بلوزتي. اما الشاب فكان ماراً من امامي
وانقذني. وهذا هو كل ما يخص ذلك الشاب. لهذا كان يجب
عليكَ ان تشكره، وذلك هو اسلوب الأناس المهذّبين.
هربرت : لم يتوقف، فأين سلوكه المهذّب هو؟ لم ينتظر اي شكر، هل
توقف؟ ذهب مسرعاً، أليس كذلك؟ يحاول ان يُصفّر، غير مبالٍ
بي ايضاً. (ينظر ويتفحّص القفص) ان قصّتكِ لطيفة، لكن ذلك
القرد لو مهما حاول الاقتراب منكِ لم يتمكّن ان يفعل ذلك؛
واتوقع انه من صنف القرود التي تخشى الانسان.
فلوراي : (تحمل حاجاتها) تدعوا نفسكَ شهماً وانت تفكر بهذه الطريقة!
قلتُ لكَ ان الشاب جاء وانقذني. انه تصرف لائق منه.
هربرت: لابد انه كان باعتباره ايضاً ان يعطيكِ هديّة لتتذكّريه فيها.
فلوراي : (تُصدَم جداً) ماذا تعني؟
هربرت : (منتصر ومنتشي) رأتكِ تخطفين شيئاً ما وتضعينه في حقيبتكِ
حالما دخلتُ! اراهن انها كانت صورته! الآن انظري، يا
فلوراي، اِن وجدتُ صورة رجل غيري في حقيبتكِ، فسيكون
كل شيء بيننا قد انتهى، ومن حقي ان اقول ذلك.
فلوراي : (باهتياج) لا اعرف كيف يمكنكَ ان تتخيّل ذلك. لديكَ تفكير
سيئجداً.
هربرت : لستُ بحاجة للتخيلات. اراهن ان سلوككِ كان مخزياً حتى لبيت
القرد المحترم هذا! لذلك كان الشاب مسرعاً مثل كناري ملعون،
يعرف ان وجهه السخيف سيكون طول الوقت في حقيبتكِ جاهزاً
حين يسيل لعابكِ حالما تصلين البيت. لابد انها صورة مرتّبة
ومنتقاة ايضاً! حسناً، لو ظهرَ ان لعبتكِ معي كانت خاطئة حينما
كنتُ اجلب كعكة لقردكِ المتوثّب، فأن ترتيبات الزواج بين
هربرت جونس وفلوراي بنتلي لن يكون لها داعٍ. وسأعلن ذلك
في كل الصحف.
فلوراي : (تستجمع قواها) حسناً، سوف لن اسمح بأية اِهانة بعد الآن! هل
تعتقد اني اخفي صورة رجل في حقيبتي في الوقت الذي كنتُ قد
وعدتكَ بالإخلاص لكَ؟
هربرت : حسناً، اِفتحي حقيبتكِ ودعيني ارى.
فلوراي : (بذكاء) تعني انه لا يمكنكَ الوثوق بي.
هربرت : كلا، لا اثق بكِ، واني لا اطلب منكِ المستحيل ، مجرد افتحي
تلك الحقيبة.
فلوراي : (تتشبث بإحكام في الحقيبة) لن افعل مثل هذا الشيء! (تنظر
فجأةنحو القرد وتلمع في ذهنها فكرة) حسناً، اعطني تلك
الكعكة!
هربرت: (يندهش) لماذا بحق السماء؟ اِن كان ذلك القرد قد ارعبكِ كما
تقولين، فلن ترغبي في اِطعامه! انا اعرفكِ جيداً. تريدين مني
ان اضربه عدّة ضربات على رأسه.
فلوراي :(تخطف الكيس الورقي منه) نعم، ارغب ان تضربه عدّة
ضربات على رأسه، يا هربرت، ارغب ذلك حقاً! هاكَ مظلتي!
اِن تستطيع ان تصله، فستفتح حقيبتي بنفسكَ.
هربرت: (يأخذ المظلة) حقاً؟
فلوراي : نعم. اذهب واضربه ضربات شديدة على رأسه قبل ان يراكَ
الحارس ويقبض عليكَ.
(تنتزع الكيس الورقي وتفتحه وتُخرج الكعكة بينما هربرت
مشغول بالمظلة التي في يده، يحاول ضرب القرد وهو داخل
القفص).
هربرت : (ظهره مستدير نحو فلوراي وعبثاً يحاول ان يصل الى القرد)
لا يمكنني ان اصل اليه! انها اصعب مما تتصورين.
فلوراي : (تفتح حقيبتها بسرعة، تُخرج الصورة وتحشوها داخل الكعكة)
لا تكن عديم الثقة يا هربرت. حاول، حاول، حاول ثانية.
هربرت : (مُنهَك) انا- انا اعتقد اني سأصل اليه اخيراً. لقد أدارَ رأسه
نحوي.
فلوراي : نعم، هذا ما سيفعله. الآن بإمكانه ان يأخذ الكعكة وسيهدأ
ويخفض رأسه.
هربرت : (يعود ليجلس)اعتبر انكِ غيّرتِ من رأيكِ وعُدتِ الى طيبتكِ
وحنانكِ مرة اخرى؟
فلوراي : طبعاً! انكَ لا تعرف ايّة طيبة لديّ. ها انا ذا، (تنهض وتذهب
الى القرد) تعال، كل الكعكة. فانا سامحتكَ، حقّاً لقد غفرتُ لكَ
(يختطف القرد الكعكة ويبتعد ليأكلها خلسة).
هربرت: حسنا، لقد أخذ القرد الكعكة وسآخذ انا ألآن الحقيبة.
فلوراي : (تترقّب بلهفة كبيرة) انتظر، انتظر حتى يبتلع القرد الكعكة.
يبتلع القرد الكعكة بسرعة، تتقدّم فلوراي وبسرعة الى مقدمة
المسرح) الآن! (تواجه هربرت بازدراء) خذ الحقيبة وافتحها،
انت عديم الثقة وناكر للجميل وشكّاك ودنئ وغيور ومخلوق
بائس! خذ الحقيبة، افتحها؛ انظر الى ما فيها من احمر الشفاه
وعلب مساحيق التجميل وصبغ الاظافر ومرآة وعملات معدنية،
افتح، واخدم نفسكَ بنفسكَ، ولكن ابداً لا تتجرّأ وتشكّ بالنساء
ثانية! (تُفرغ محتويات الحقيبة على رأسه، العملات المعدنية
تنتشر في كل الاتجاهات. هربرت يُسقط المظلة) عليكَ ان تنظر
الى كل شيء، لا تهمل شيئاً، يجب ان تبق يقضاً كي لا تغفل ايّ
شيء! (ترمي حقيبتها في وجهه) مزّق الحقيبة الى قطع قطع، لا
يهمني! لقد فقدتُ كل شيء مادام يُشَكّ في شرفي. انتهى كل
شيء، أليس كذلك؟ سيكون ذلك افضل، لأنه ليس من اللياقة ان
تشكَ في زوجة المستقبل!
هربرت : (ساهٍ ومنذهل، يحاول التقاط محتويات الحقيبة) اعتذر منكِ، يا
فلوراي، حقاً اعتذر. كنتُ دنيئاً معكِ قليلاً. لم يخطر في ذهني
انكِ ستأخذين الأمور بهذه الحدّة! ابداً!
فلوراي : (تشعر بنشوة الانتصار) وكيف لي ان آخذ الأمور، أذن؟ فتاة
ضعيفة اُنقِذَت من بين فكّي حيوان هائج، وفي الآخِر تُصنّف من
الدرجة الدُنيا من قِبَل خطيبها. ذلك ليس من اجل نفسي انا فقط،
بل من اجل كل نساء العالم. اريد ان اُذكّركَ فقط بأن كلمة المرأة
ووعودها مقدّسة لديها، ولا تتجرّأ على الشك بها ابداً!
هربرت : سوف لن اشكّ بها ابداً، يا فلوراي، لن اشك. احسّ الآن بالمذلّة
حقاً. (يحاول التقاط العملات المعدنية والأشياء الأخرى).
فلوراي : وعندما نجلس في مساءات الشتاء الهادئة ويرنّ جرس الباب مَن
سيخرج؟
هربرت: (يسعى لالتقاط كل الأشياء من على الارض) انا سأخرج، يا
فلوراي، اؤكد لكِ!
فلوراي : وعندما سنكون مستلقين على السرير صباحاً ويدقّ منبّه
الساعة،مَن سينهض ويخرسه، ومَن سيمازح الآخر ويقول له ”
استيقظيا حبيبي”؟
هربرت:(لا يزال مشغولاً) بلا شك انا سأفعل ذلك، يا فلوراي.
فلوراي : وماذا بعد؟
هربرت : انا سأجلب لكِ كوب الشاي!
(تصبح يداه مليئتان) أوه، ألا يجب ان تعطيني قُبلة، كاعتراف
بالمغفرة؟
فلوراي : (تأخذ المظلة والحقيبة وباقي الاشياء منه؛ وتحشوا الاشياء في
الحقيبة) مغفرة؟ لن يكون هناك مغفرة ما لم آخذ كوب من الشاي
الآن.
هربرت : حسناً، سآخذكِ الى الكافتيريا؛ لكن قبل ان نذهب اريد قُبلة
كاعتراف! انظري الى القرد!
فلوراي : ما الذي حدث له الآن بحقّ السماء؟
هربرت : انه يضع يده على معدته واصبح لونه رمادياً، انا متأكد انه
سيمرض!
فلوراي : (ترتعب وتستولي على يد هربرت) تعال نذهب من هنا حالاً!
هربرت :لماذا، وما الداعي للإسراع، بهذا الشكل؟
فلوراي : (بتصميم واصرار) لا تبالي ابداً. تعال فورا، هيا!
ســــــــــــــــــــــــــــــــــــتار
مسرحية :”حب عند قفص قرد”
تأليف : أن . سلادن . سمث
ترجمة:رياض ممدوح
تعليقات الفيسبوك