فليحة حسن : بل حمامتان !

faliha 12كلّما تأخر أبي في الجبهة
مَرضتْ أمي وأحارُ بها في مشافي النجف*
أكاتبهُ عدّْ إلينا الآن!
أجعلْ آمركَ العسكري يقرأ جملتي :(أنني على وشك الموت!)
يعيدُ إليَّ الرسالة ضاحكاً
– أنىّ لهُ ذلك وهو الأكمه*؟!
آه يا نهر جاسم* مزقتَ عمري بين انتصارات أبي المزعومة
وانتظارات أمي في ردهة الطوارئ
وكانوا يعتنون كثيراً بزراعة الأمل فيها إذ يلصقون على بابها الزجاجي مرتين ورقة أكيدة
( كيف تستخرج شهادة وفاة )
يصيب العجز قلبها سريعاً
ويصيبني الغثيان من سماع الهتافات ،
كلّما قال المذيع : النصر يلوّح في الأفق
تشرأبُ عينا جدتي للسقف، وتخفي ابتسامة ساخرة!
بغضب اصرخ في وجه الشاشة لا نصر سيأتي
تهمس :- (الله كريم)
– تقولينها مثل أبي حينما اطلب منه لعبة جديدة!
تصمتُ ونحن معها واجلين
ننتظر عودته قبل بدأ معركة أخرى،
خشية أن تكون بها نهاية لحياة الحمامة !
…………………………
الهوامش :
* النجف / مدينة عراقية ولدتْ فيها الشاعرة وعاشت بها جلَّ حياتها
*الأكمه / هو من يولد أعمى
نهر جاسم / نهر حدودي يقع بين العراق وإيران وقعت به معارك كثيرة أثناء الحرب العراقية الإيرانية .

تعليقات الفيسبوك

شاهد أيضاً

| كريم الأسدي : مركبُ الأرض ..

قاربٌ يتحطمُ فوقَ الصخورْ  فيغرقُ طفلٌ ويأفلُ في مقلةِ الأُمِّ نجمٌ ونورْ يريدونَ حريةً وحياةْ  …

| عدنان عبد النبي البلداوي : قالوا  وثَـقْـتَ .

لـكـــلِ قــافــيـةٍ عَــزْفٌ ، تــوَلاّهــا وحُسـنُ مضمونها، إشراقُ مَغْـزاهـا أجـواؤها إنْ حَواها الصِدقُ عامـرةٌ وعَـذْبُ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *