في المقهى رجلٌ ذو لحية كثة
وعينين غائرتين ..ومعطف طويل
وعلى الطاولة الحمراء ..وردة وقهوة
والنادلة الحلوة تذهب ُ وتجيء
في المقهى رجل ٌ ضبابي
كالنجمة في ليل أحزانها
معتم ٌ ومضيء
قيل أنه …كان نحاتا ً يخطف الأحلام من وجوه المترفين
وقيل أنه ..كان فيلسوفا ً يمزج الشك باليقين
قيل أنه كان شاعرا ً يطلق صيحات الألم
يسرق النارمن ثلجها ويطفىء الشمس في طين العدم
وقيل أنه كان عاشقا ً يحتفي بقديسته في ذكرى غيابها
أو مجنونا ً يشرب عطرها ..ويأكل ثيابها
قيل أنه مات ..أو صُلب
أو تبخر في عيده الخمسين
لكنه لم يمت أبدا ً ولم يحيا
يتسلل كالضوء من نوافذ الذاكرة
والضبابي كالفراغ…لا يموت أبدا ً…ولا يحيا
لم يرَ أحد ٌ ذلك الرجل في المقهى سوى ذلك الطفل البعيد
اقترب الطفل من الرجل أومأ له بيديه
والرجل ساكنٌ لايجيب
تجمد الزمنُ في عينيه
أريد حلوى من النادلة الحلوة
يصرخ الطفل ويبكي
والرجل ساكنٌ لا يجيب
ذبل الورد في شفتيه
أريد حلوى من النادلة الحلوة
يصرخ الطفل ويبكي
والرجل ساكنٌ لايجيب
يطوي الصقيع قمريه
أريد حلوى من النادلة الحلوة
يصرخ الطفل ويبكي
يبكي
يبكي
يبكي
ولاشيء سوى صداه الحزين **********
عشرون عاما ً مرت ..كبرالطفل ُوصار رجلا ً من سراب الأيام
عشرون عاما ًمرت..ومرت معها آلاف الشجون والحكايا
المدينة استقبلت حروبها …ودعت أغانيها وأحلامها
والمقهى صار هشيما ً يلملم ليله
من عتمة المرايا
ودمع الخطام
لكن النادلة الحلوة لم تأت بالحلوى
ظلت تذهب وتجيء
عشرون عاما ً مرت
والرجل في الزاوية البعيدة
ما زال صامتا ً ومضيء
قيل أنه …………………….
أوس حسن : رجل ضبابي ومقهى
تعليقات الفيسبوك