إحساس
فكرت أنها لن تكون بحاجة الى حقيبتها النسائية لزيارة الشارع التجاري في الحي الذي تسكن فيه، ولذلك وضعت في يدها ورقة نقدية كبيرة وهي ترتدي قميصا وبنطالا كالعادة، قبل ان تنطلق الى الشارع علَّها تجد ما ترغب في معارض الكماليات المنتشرة فيه.
لكنها وجدت ان العيون تنظر إليها بغرابة وبخبث أحيانا وبوقاحة، بل وان بعض سواق التكسيات تجرأوا عليها، مما أفقدها توازنها في السير، وانكمشت على نفسها وضمت القطعة النقدية الى صدرها كمن راودها احساس بالعري.. فغذت السير للخروج من الشارع .. ونست تماما ما كانت مقبلة من أجله، بل انها لم تعد ترى في هذا الشارع المزدحم شيئا.
وعندها، راودها احساس ملح بالحاجة الى حقيبتها النسائية لكي تحتضنها.. احساس لا يعادله سوى الولوج بسرعة الى داخل البيت.
الاوداج المنتفخة
فتح (بالة) الحقائب النسائية التي إشتراها صباح اليوم بـ (150) الف دينار، وأفرغها كومة أمام دكانه في سوق (اللنكه).. لكنه عاد الى بيته مهموما، حيث لم يبع حقيبة واحدة ذلك اليوم.
في الليل إنتبه الى زوجته وهي تتطلع الى برنامج (جويل) على قناة الـ mbc وكيف كانت تحدق مشدوهة الى وجنتي زبونة البرنامج وهي ترتفع كقبة لامعة، بعد أن كانت أرضا يباب، بل تكاد أن تميل الى التقعر اكثر..
فقدحت في رأسه فكرة…
نام على مضض.. وذهب في الصباح الى صديق يبيع الصحف، وطلب منه صحفا قديمة لا يحتاجها، وبدا يكورها على شكل كرات وينفخ بها أوداج حقائبه الذابلة قبل أن يعلقها داخل محله على خيوط معززة بالمسامير… وعندما عاد الى البيت وجد أن ما باعه قد تجاوز رأس المال بقليل.
هذه المرة
كان بائع الحقائب النسائية معتادا على زبونته الشابة، اذ حالما تطل بعينيها المتبرمتين على واجهة محله، حتى يبحث بعينيه على عجل عن اهداف محتملة يتوقع أن ترضي مزاج زبونته النزقة والصعبة الاختيار، والتي تقلب له المحل رأسا على عقب، قبل ان تصطفي حقيبة… لتبدأ بعدها رحلته في تصفية المنضدة وتبدأ الحقائب الخائبة رحلة العودة الى رفوف ومسامير الحائط.
لكن نظرتها المتبرمة هذه المرة كانت مختلفة وتستبطن فرحة ضامرة، وكان رفضها مقترحاته الاولى تأكيدا لاعتقاده هذا. فقد طلبت وهي تضع صندوق المكياج الصغير على المنضدة، حقيبة صغيرة تكفي لمرآة وعلبة مكياج فقط، مما أثار دهشته، التي سرعان ما انطفأت، وهو يرى الرجل الذي يقف خلفها، يهم بدفع النقود.. مما نبهه الى انها لم تحمل حقيبة هذه المرة!.
إجتهادات خاطئة
تحدث لصديقه عنها، فوصف جمالها وقوامها وابتسامتها المشرقة مثل شمس.. فربت الصديق على كتفه مهنئاً.
وعندما تحدث لاخته عنها .. قطعت حديثه على عجل ودون اهتمام، وسألته عما كانت ترتديه.
فأجاب :
انها كانت ترتدي بانطول جينز وبودي ضيق يبرز مفاتن صدرها العارم.
فسألته عن الوانها.
فتوقف قليلا .. تذكر ان البودي كان اصفر، ولذلك فان البنطول بالضرورة كان أزرق…
لكنها عندما سالته عن حقيبتها ولونها وشكلها وحجمها وطولها.. أدرك أنه لم يرها البتة..
فقال: أعتقد انها كانت خضراء…
فكشف وجه اخته عن علامات الامتعاض .. لكنه كان إمتعاضا ممزوجا بالشك.