الفصل السادس
الصورة من منظور القدماء والمحدثين
تعد الصورة الفنية أساس الخلق الشعري، فهي تشكيل جمالي ونفسي يتكون مما التقطته حواس الشاعر المبدع من مدركات حسية أو معنوية، بحسب طبيعة تأثره بها، حتى يمكن أن نطلّ منها على الباعث النفسي المتواري خلف ألفاظ القصيدة، وما تركته التجارب والمشاهد التي رافقت حياة الشاعر من آثار عميقة الغور في وجدانه، فتتدفق احساساته بصياغات جمالية محسوسة ومشحونة بعاطفة تستجيب لها نفس المتلقي على نحو تلقائي لتلمس انفعالات الشاعر وخلجات نفسه المعبرة عن نبوغه الفني وعبقريته الشعرية الفذّة.
وقبل الولوج في محتوى هذا الفصل، لابد من الإشارة إلى أبرز من سبق هذه الدراسة في استقصاء مفهوم الصورة الفنية من منظور القدماء والمحدثين، وهو الدكتور عبد الإله الصائغ في كتابه الموسوم (الصورة الفنية معياراً نقدياً) (74:ص107و159). إلا أننا سنكتفي بعرض تلك الآراء التي تدخل -على نحو مباشر- في إطار الرصد من الوجهة النفسية، دفعاً للتكرار.
وأما منظورالقدماء من بلاغيين ونقاد عرب للصورة الشعرية من وجهة نفسية، فقد كانت عنايتهم بها منصبة في المقام الأول على الجانب التأثيري لها في المتلقي بعامة عن طريق تشخيص المعاني ليدركها الحس.
إذ (أن الحس في نظرهم هو الذي يقوي فاعلية الصورة المدركة، بل إنه المادة الخام للصورة التي تعتمد على إمكانية التوافق بين المدركات الخارجية وارتباطها بالقيمة النفسية وفي هذا دليل على العلاقة بين المحسوس والمجّرد) (4:ص320).
ومن أبرزهم: ابن جني( ت 392هـ) إذ عدّه الدكتور عبد الإله الصائغ (رائد الصورة في الحرف) (74:ص110).
وتتعلق دراسته في كتابه (الخصائص) بالجانب النفسي للصورة من خلال الألفاظ التي تحاكي أصواتها ومالها من أثر إيحائي في نفس المتلقي، وهوما تطلق عليه الدراسات الصوتية الحديثة ((onomatopoeia (113:ص182). أو التمثيل الصوتي، كما في النص الذي نقله عن الخليل بن احمد الفراهيدي، القائل: (كأنهم توهموا في صوت الجُندب استطالة ومدّ فقالوا: صَرَّ، وتوهموا في صوت البازي تقطيعاً فقالوا: صَرصَر) (40:ص2و154). ثم يقول: (وذلك أنهم جعلوا هذا الكلام عبارات عن هذه المعاني، فكلما ازدادت العبارة شبهاً بالمعنى كانت أدلّ عليه، وأشهد بالغرض فيه) (40:ص159-160).
وقد شارك الفلاسفة المسلمون أيضاً في رسم ملامح هذا المفهوم للصورة، مستنيرين بآراء (أرسطو)من خلال دراستهم مصطلحي (المحاكاة) و(التخييل). فهذا أبو نصر الفارابي (339هـ) يرى في التخيل الشعري طاقة مؤثرة يمكن الإفادة من أثرها الذي لا يقاوم (9:ص169).
ثم يرى أنَ الشاعر في جمال صوره (لايزيد عن محاكٍ لما أبدعه الله من صور.. فالله سبحانه خالق مفردات الصورة والشاعر يأخذ منها ما يعينه على إثارة الجمال) (74:ص108-109).
ومن البلاغيين الذين أسهموا في بلورة مصطلح الصورة الفنية في منظورها النفسي أبو الحسن الرماني (ت386هـ) الذي نضجت على يديه ظاهرة التشخيص في مباحث إعجاز القرآن،لما لها من أهمية في التأثيروخلق الاستجابة النفسية للمتلقي من خلال تمثيل المعاني للمتلقي وجعلها كأنه يراها حتى لو كانت معانيَ حسية، غيرأنها تصاغ في صور أكثر تمكناً في الصفات الحسية، أو لتعلق وارتباط تلك الصورالحسية التي يقدم بها المعنى الحسي بالعرف والخبرة السابقة المخزونة في نفس المتلقي وذهنه، وهذا ما يفصح عنه تعليقه على الصورة التشبيهية في قوله تعالى:(والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً) (3:آية 39).
فهوالقائل: (فهذا بيان قد أخرج ما لا تقع عليه الحاسة إلى ما تقع عليه، وقد اجتمعا في بطلان المتوهم مع شدة الحاجة وعظم الفاقة) (136:ص75) و(4:ص320).. فضلاً عن الإمام عبد القاهر الجرجاني الذي أكد أن أهم ما يبتغيه الشاعر أن تخلق كلماته أثراً (شبيهاً بما يقع في نفس الناظر الى التصاويرالتي يشكّلها الحذّاق بالتخطيط والنقش أوبالنحت والنقر) بشعر جاد لفظه وحسن معناه، حتى تراءت صوره الفنية التي (تعجب وتخلب،وتروق وتونق،وتدخل النفس من مشاهدتها، حالة غريبة لم تكن قبل رؤيتها، ويغشاها ضرب من الفتنة لا ينكر مكانه، ولا يخفى شأنه) (16:ص297).
والصورة عند حازم القرطاجني من وجهتها النفسية تمثل صور المعاني (الحاصلة في الأذهان عن الأشياء الموجودة في الأعيان، فكل شيء له وجود خارج الذهن فإنه إذا أُدرك حصلت له صورة في الذهن تطابقُ لما أُدرك منه، فإذا عبّر عن تلك الصورة الذهنية الحاصلة عن الإدراك أقام اللفظ المُعَبَّرُ به هيئة تلك الصورة الذهنية في أفهام السامعين وأذهانهم (108:ص18-19).
إذ أن كلام الشاعـر مبني (على تخيّل شيء من الموجودات ليبسط النفوس له أو يقبضها عنه) (108:ص23).
وأما بشأن المحدثين فلعل من أبرز مَن أشار إليها الدكتور محمد غنيمي هلال في معرض حديثه عن التعبير الفني وغير الفني، وقرر أن الصورة (التي تتراسل بها المشاعر وهذه المشاعر بدورها طريق بثّ أفكار تتمكن من النفس بوساطة الصور الشعرية وموسيقى الشعر على أن توحي هذه الصور بالأفكار والمشاعر ولا تدل صراحة عليها، فقوة الشعر تتمثل في الإيحاء بالأفكار عن طريق الصور) (108:ص23).
ومن الباحثين الذين أدلوا بدلوهم في هذا الموضوع الدكتور منصور عبد الرحمن، إذ يرى أنها (ثمرة عاطفة الأديب الخاصة وما يشعر به في نفسه إزاء الأشياء بعد أن تمتزج بمشاعره وما يضفيه عليها من حالاته النفسية الوجدانية) (5:ص151).
أما يوسف اليوسف فإن دراسته للصورة تمتاز بالإفادة من أدوات التحليل النفسي وذلك ما نتأمله في رأيه القائل: (الصورة: هي صيغة جزئية ينسجها العقل ليخزن فيها تمثل الذات لشذرة من شذرات الموضوع، ومنسوجة صغيرة يودعها انفعال الداخل أمام الخارج، مما يخول لنا حقّ تصّورها كخزان صغير يحتقب كُلاً من التصّورات الذهنية والتفاعلات النفسية المتخارجة، أي رؤية الداخل للخارج، من جهة، واستجابته لهذا الخارج، من جهة أخرى) (121:ص298). كما وقَرَ لدى الدكتور محمود عبد الله الجادر أن الصورة:(أداة فنية بارعة لنقل صور الإنفعال الإنساني عبر استخدام المشاركة الحسيّة العنيفة) (56:ص586).
ولايمكن- في هذا المضمار- تجاهل ما قرره كمال أبو ديب بشأن الصورة برغم عنايته بالاتجاه البنيوي في مؤلفاته، وهو غير بعيد عن طروحات علم النفس الأدبي، إذ عدّ الصورة (عنصراً حيوياً من عناصر التكوين النفسي للتجربة الشعرية وتبلورها اللغوي في بنية معقدة متشابكة لها نموّها الداخلي الفرد، وتفاعلاتها الفنية) (35:ص19). ولها قدرة على الكشف والإثراء، وتفجير بُعدٍ تلو بعد في الذات المتلقية (35:ص22). أما الدكتور عبد الإله الصائغ فقد سبقت الإشارة إلى إحاطته بمفهوم الصورة الفنية من منظور القدماء والمحدثين، ثم أفرد له تعريفاً خلاصته أنها (تشكيل جمالي تستحضر فيه لغة الإبداع الهيئة الحسية أو الشعورية للأجسام أو المعاني بصياغة جديدة تمليها قدرة الشاعر وتجربته وفق تعادلية فنية بين طرفين هما المجاز والحقيقة دون أن يستبد طرفٌ بآخر) (74:ص159).
وخلاصة هذا الاستقراء لمفهوم الصورة الفنية من منظور الاتجاه أو المنهج النفسي عند القدماء والمحدثين، أنها ذلك التشكيل الفني المتساوق في وظائفه النفسية والدلالية، بعد أن انصهرت من خلاله جميع المحسوسات في بوتقة الواقع النفسي للشاعر المدفوع بحاجات نفسه المتخارجة والمفعمة بالتجارب الشعورية العميقة، فتتحرر- على نحو تلقائي- طاقة توصيلية تستجيب لها نفس المتلقي، وتعيش فيها. (20:ص53).
الاستهلال وأبعاده التصويرية والنفسية
تتردد في كتب البلاغة والنقد والأدب مصطلحات عدة، منها: الاستهلال، والابتـداء،والمطلع، والمقدمة من القصائد. ومن اجل تحديد ماهية هذه المصطلحات وبيان دلالاتها على نحو دقيق، ومن هو الأكثراستغراقاً منها، كان لزاماً العودة إلى معجم اللغة أهم خطوة على جادة الصواب.
ومن هذه المصطلحات المتداولة:
1- الابتداء
البدء: فعل الشيء أول.. بدأ به وبدأه يبدؤه بَدْءاً وأبدأه وابتدأه. والبديئةُ والبداءةُ والبداهة: أول ما يفجؤُك.. وبدأت:ابتدأتُ بالأمر بدءاً:ابتدأت به،وبادئُ الرأي: أوله وابتداؤه. وعند أهل التحقيق من الأوائل ما أُدرك قبل إنعام النظر.. (102:مادة ابتدأ).
اذاً مصطلح (الابتداء) يمكن تحديده بأنه يتسع للبيت الأول من القصيدة وحسب، وإذا ما زاد عليه بيت آخرلا يسمى ابتداءً، لأنه يمثل النظرة الأولى للنص قبل الإنعام فيه والتريث.
2- المطلع
طلعت الشمس والقمر والنجوم تطلعُ طلوعاً ومَطُلَعاً ومَطْلِعاُ، فهي طالعة..يقول الفرّاء: (المَطْلَع، بالفتح، هو الطلوع والمَطْلِع، بالكسر ،هو الموضع الذي تطلعُ منهُ: وطَلَع الرجلُ على القوم يطلُعُ وتطَلَّع طلوعاً وأطْلَعَ:هَجَم.. وطلعة الرجل شخصه وما طلع منه.. وكل بادٍ من علوّ طالع..وطالعتُ الشيء أي اطلعت عليه.. والطليعة: القوم يبعثون لمطالعة خبر العدو، والواحد والجمع فيه سواء (102:مادة طلع).
وعليه، تتحدد دلالة مصطلح (المطلع) بالعنصر الأول وحسب، وهو الأبيات الأولى من القصيدة التي توحي بموضوع القصيدة، والدليل على ذلك: أن طلوع الشمس لا يعني ظهور أول جزء منها وتواري الجزء الآخر، بل إنه يدل على أول وقت ترتفع فيه وأول هيئة لها.
3- المقدمة
قدم: في أسماء الله تعالى المُقدَّم: هو الذي يقدّم الأشياء ويضعها في مواضعها، فمن استحق التقديم قدّمه..والقَدَم والقُدْمَةُ:السابقة في الأمر.. وفي التنزيل العزيز: وبشّرالذين آمنوا أنّ لهم قَدَم صِدْقٍ عند ربهم(1:اية 2).، أي سابق خيرٍ وأثراً حسناً.. وقوله تعالى: ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين (2:اية 24). ،يعني من يتقدم من الناس على صاحبه في الموت ومن يتأخر منهم فيه، وقال ثعلب: معناه من يأتي منكم أولا الى المسجد ومن يأتي متأخراً، وقيل مقدّمة كل شئ أوله(102:مادة طلع).
ومن هنا نستنتج ان مصطلح (المقدمة) يستغرق البيت الأول والعنصرالأول في دلالته، إلاانه يشترط في التقديم ان يكون البيت الأول هو أجود بيت في القصيدة كلها، وإذا استخدم هذا المصطلح في الاستقصاء فأنه سيتعذر عد أول بيت في عينية أبي ذؤيب الهذلي مقدّمة، وهي قوله:
أمِنَ المنونِ ورَيبها تتوجّعُ والدهرُ ليس بمُعتبٍ مَن يَجزعُ(38:ص441).
فبرغم تفضيل الحاتمي هذا البيت بعد أن عدَه (أشعرما قيل في المراثي) (100:ص8). كان بعض نقادنا القدماء قد عدّ قوله- وهو ليس أول القصيدة-:
والنفسُ راغبةٌ إذا رغّبتَها وإذا تُرَدُّ الى قليل تقنَعُ(57:ص65).
أبدع بيت قالته العرب(102:مادة هلل). مما يشيك طريق سير البحث ويوقعه في التناقض.
4- الاستهلال
هلل: يقال هلّ السحاب إذا أمطر بشدة، والهلال الدفعة منه، وقيل: أول ما يصيبك منه، والجمع أهلّة على القياس،.. وانهلّت السماء إذا صبّت، واستهلّت إذا ارتفع صوت وقعها، وكأن استهلال الصبي منه..والهَلَلُ: أول المطر…والهلال: غرة القمر حين يُهلُّه الناسُ في غرّة الشهر،وقيل:ي ُسمى به ثلاث ليالٍ ثم يسمى قمراً.. وقيل: يسمى هلالاً الى أن يَبْهَرَ ضوءه سواد الليل، وهذا لا يكون وقيل: يسمى هلالاً الى أن يَبْهَرَ ضوءه سواد الليل، وهذا لا يكون إلا فـي الليلة السابعة.
إذاً فإن مصطلح (الاستهلال) يدل على البيت الاول من القصيدة بغض النظر عن وجوب أفضلية البيت الاول على غيره من الأبيات في بعديه الفكري والفني، لأن المعاني المنضوية تحت مصطلح (الاستهلال) لغوياً تدور دلالاتها جميعاً حول مفهومي البداية والارتفاع، وكل ابتداء ارتفاع ولكن ليس كل ارتفاع ابتداء.
بَيْدَ أنه كذلك يدلّ على العنصر الأول من القصيدة، لأن الهلال يظل على هذه التسمية الى يومه السابع، وبما أن استقصاء البيت الاول فقط من القصيدة وتحليله من منظور المنهج النفسي لا يخدم دائماً معطيات هذا المنهج وأهدافه الرامية إلى إبراز صور الانفعالات النفسية الى النور من جهة، وتبيان أسرارالتأثير وخلق المتعة والاستجابة لدى المتلقي من جهة أخرى، لذا كان مصطلح (الاستهلال) هو الأكثر ملاءمة واستغراقاً لزاوية رصد المنهج النفسي الذي نحن بشأن تطبيقه على شعر هشام القيسي.
المهم أن البلاغيين والنقاد العرب القدماء كانوا قد اهتموا بهذا الجانب المهم من القصيدة، برغم تعدد المسميات، فقد تنبهوا الى وظيفته الإيحائية المهمة في توجيه عاطفة المتلقي وتهيئتها لاستقبال الانفعالات المختلفة عبرالصور المجسمة لها.
لذا فقد اشترط البلاغيون والنقاد في (المطلع الحسن) ( نستميح القارئ عذراً في استخدام مصطلح النقاد القدماء نفسه لأننا في معرض بيان تبلور المصطلح ضمْن مرحلته التاريخية.) تضمنه معنىً معروفاً لدى المتلقي- الممدوح، لكي يدرك مقصد الشاعر قبل أن يتم المطلع، والأبلغ- لديهم – أن يكون المطلع في حالة وضوح نسبي متأرجح بين الوضوح والغموض، فالنفس بفطرتها تهفو الى التلميح في المعاني، وتملّ الواضح المبذول، وتنفرمن المعمّى المبهم، ومنهم ابن طبا طبا العلوي في رأيه القائل: (ومن أحسن المعاني والحكايات في الشعروأشدّها استفزازاً لمن يسمعها، الابتداء بذكر ما يعلم السامع له إلى أي معنىً يساق القول فيه قبل استتمامه، وقبل توسط العبارة عنه، والتعريض الخفي الذي يكون بخفائه أبلغ في معناه من التصريح الظاهر الذي لا ستر دونه، فموقع هذين عند الفهم كموقع البشرى عند صاحبها لثقة الفهم بحلاوة ما يرد عليه من معناهما) (82:ص17).
فضلاً عن تأكيدهم ضرورة توافر مقومات نفسية أخرى لتقوم بدورها في عملية التوصيل أوالتلقي، كالاستهلال بذكر كلّ غريب أو مشوق أو مرعب، كما في قول حازم القرطاجني: (ومما تحسن به المبادئ أن يصدر الكلام بما يكون فيه تنبيه وإيقاظ لنفس السامع أو أن يشرب ما يؤثر فيها انفعالاً ويثير لها حالاً من تعجيب أو تهويل وتشويق أوغير ذلك) (108:ص310). وهذا يضاف الى تأكيدهم وتنبههم الى المسحة الجمالية التي يضفيها التصريع في الأسماع (108:ص311).
فقد تنبه الشعراء قديماً (الى أثر الإيقاع في الاستهلال بخاصة، آخذين في حسبانهم أن الشعر بعامة، خفقة تعتمد النغم واللحن والجرس في تغذية المشاعر والأفئدة، وتحقيق الانفعال والاستجابة، وهذا الإيقاع وما ينجم عنه من صوت هو مفتاح التأثيرات الأخرى في المنجز الشعري) (148:ص67).
كما ألحقوا بتقعيدهم الفني للاستهلال محاذير معينة، إذا تجاهلها المنشئ صرفت النفوس عن تلقي نتاجه الفني، نحو تجنَّب الشاعر الاستهلال بذكر ما يستجفى أو يُتَطيّرُ منه، وكلها مما لا يوافق مقتضى حال المتلقي- الممدوح، (كذكرالبكاء ووصف اقفرار الديار وتشتّت الألاّف، ونعي الشباب، وذم الزمان) (82:ص122) و(99:ص431) و(21:ص285). (107:ص236و242)..
يلحظ من استقراء نصوص القدماء من بلاغيين ونقاد عرب، تلك التي عالجوا بها المطالع والاستهلالات والابتداءات في الخطاب الشعري بخاصة أنهم التفتوا الى نفسية (المتلقي) وحسب، من خلال تأكيدهم ضرورة عناية الشاعر بتجويد الاستهلال بقوة المعاني وسلاسة الألفاظ وتلاؤم الأجزاء، مع إيحائه بموضوع القصيدة؛ لكي يترك الأثر المطلوب في نفس المتلقي، فيتجاوز به الشاعر اللذة المحسوسة الى اللذة الجمالية، دون أن يعيروا أي اهتمام الى نفسية الشاعر، أبرزت في هذا الخضم من الكلمات، أم هل حمل النصّ صورة إنفعالاته وحقيقة تأثره بباعث تجربته الشعرية أم لم يحمل؟ الأمر الذي دفعهم الى تخطئة بعض فطاحل الشعراء في بعض استهلالاتهم، لأنها تتعارض مع الشروط التي وضعوها لصياغة الإستهلال، وهي نظرة نفعية الى حدّ ما (96:ص22)
فالشاعر الأصيل فنان تتجاذبه دوافع شتّى، منها ما يطفو على سطح وعيه، والآخر مستقرٌّ في لاوعيه، لتولد القصيدة- ومنها استهلالها- منسوجة نفسية موحية بطبيعة التجربة الشعورية سواء كانت ذات خبرات مؤلمة أو سارة.
بيد أن(أول شيء يهم الفنان هو أن (يجسد) في نتاجه التجربة المعينة التي تتوقف عليها قيمة هذا النتاج، فيجعل هذا النتاج على وفق التجربة ويمثلها أصدق تمثيل، وفي حالات معقدة يشغل هذا الاهتمام كل فكرالإنسان بحيث أنه لو شتّت انتباهه وعنى بالتوصيل كان لذلك أسوأ الأثر في نتاجه الجدي) (113:ص65-66)
ولعلنا نلتمس لهؤلاء النقاد العذر في ذلك، لأن إنعام النظر في هذه النصوص يفصح عن أنهم كانوا بشأن دراسة قصيدة (المديح) بخاصة والتنظيرلها- في الأغلب الأعم – وليس الشعر بعامة، هذا إذا علمنا أن بضاعة شعر المديح كانت تشهد رواجاً وتشجيعاً واسعاً في مختلف الأزمان، فلم يكن الممدوح (المتلقي المخصوص) معنياً بنفس الشاعر وحقيقة تأثره بموضوع القصيدة الملقاة، فالمهم أنها حركت أريحيته وأثارت عواطفه نحو استحسان القصيدة، فيتحول اهتمامه بذلك نحو سائر لوحاتها، فأغلب هذه الاستهلالات المنتخبة هي لقصائد في المديح، من أجل بلورة مقومات صناعة المديح (13:ص182-183) و(123:ص71).
ومن هنا جاء اهتمام البلاغيين والنقاد بأثر الاستهلال من الناحية النفسية من جانب المتلقي- وهو اهتمام أُحادي الجانب، ومنهم- على سبيل المثال لا الحصر- القاضي الجرجاني الذي عدّ (المطلع عنده وهو الاستهلال هنا)مع التخلص والخاتمة المواقف التي تستعطفُ أسماع الحضور وتستميلهم الى الإصغاء) (143:ص48)
وهو دليل البيان عند أبي هلال العسكري (99:ص431) و(21:ص285) وداعية (إلى الاستماع لما يجيء بعده من الكلام) (99:ص431) (81:ص217) و(107:ص309) و(18:ص34). ومن إشارة سبقت الى ان صاحب الوساطة كان قد عدّ تجويد المطلع والتخلص والخاتمة في القصيدة الواحدة سبيلاً آمناً لاكتساب الاستحسان والقبول والنفاذ إلى القلوب والعقول، ندرك أن بلاغيينا ونقادنا القدماء كانوا يدركون ضرورة توفر الوحدة النفسية (122:ص11). فحسن التخلص عندهم هو (من الأبيات التي تخّلص بها قائلوها إلى المعاني التي أرادوها من مديح أو هجاء أو افتخار أو غير ذلك ولَطفوا في صلة ما بعدها بها فصارت غير منقطعة عنها) (82:ص111)
كما اعتقد بعض النقاد أن أول من أحسن في ذلك من الشعراء القدماء زهير بن أبي سلمى في قوله: إن البخيلَ ملومُ حيث كان ولـ كنّ الكريمَ، على عِلاّته،هَرِم (29:ص434) و(59:ص100) ومن صيغ حسن التخلص التي أولاها البلاغيون اهتمامهم: (دع ذا) و(عدَّ عن ذا)، وتتلخص الوظيفة النفسية له في إيهام نفس المتلقي (إذ هي ستكون أكثر تقبلاً للانفعالات التي قد تثيرها التجربة الفنية الشعورية فيها، حينما تتوهم أن المعنى قد انساق إليها عفواً ولم يكن عن قصد وتعمّد، فتهش لهذا الانتقال البارع، ويكون أكثرقدرة على إحداث الإقناع بمضمونه وتخييله، ولاسيما إذا استطاع الشاعر ببراعته أن يحكم تخييله بهذه الصورة) (7:ص101). ولن تكتمل أركان هذه الوحدة النفسية في القصيدة بوساطة الاستهلال والتخلص دون ضم الخاتمة الى ركبهما، لأنها (قاعدة للقصيدة، وآخرما يبقى منها في الأسماع،..وإذا كان أول الشعر مفتاحاً له وجب أن يكون الآخر مقفلاً عليه(81:ص618). نخلص مما تقدم أن كل ما أدلى به بلاغيونا القدماء من آراء حول ضرورة تجويد الاستهلال والتخلص والخاتمة يدل على اهتمامهم بالمحافظة على وحدة الشعور في بناء القصيدة الفني. والوحدة النفسية عين ما أراد ابن قتيبة إخبارنا به (57:ص74-75) نقلاً عن بعض معاصريه من أهل الأدب، الذين حاولوا إيجاد تفسير نفسي لعلة ترابط لوحات قصيدة (المدح) على هذا التسلسل، وأراد أيضاً إخبارنا أن شعراء عصر الحاضر استطاعوا من خلال هذا الواقع النفسي المسبغ على بيئتهم الموضوعية إيصال مشاعرهم الى المتلقي.
وهذا ما يفهم من رأيه القائل: (فالشاعر المجيد مَن سلك هذه الأساليب وعدّل بين هذه الأقسام) (57:ص75-76). ولعل هذا يبرئه مما حاول بعض الدارسين والنقاد المعاصرين وصمه به، حين ادعوا أنه ألزم الشعراء سلوك هذه الطريق في بناء قصائدهم، وعدم الازورار عنها في جُلّ شعرهم (50:ص13-14) و(144:ص172-173)
وهو أيضا لم ينكر في نصّه هذا تجديد الشعراء لمعانيهم وصورهم في مدائحهم، وإنما أنكر أن يكون خروجهم على الشعر القديم بهذه الصيغة السطحية من التجديـد، لأنها في النهاية تابعة ومسبوقة عند فحول شعراء عصر الحاضر.
والدليل الذي يقيم القناعة بعدم إلزام ابن قتيبة معاصريه من الشعراء بصور متقدميهم الجاهليين، أنه لم يفضل أي استهلال أو مطلع طللي، جاهلي أو إسلامي، في الضرب الأول من أقسام الشعر التي عقدها في كتابه (الشعر والشعراء) (57:ص64-65)
وبعد التعريف بمكونات الوحدة النفسية في القصيدة، ننطلق إلى تطبيق المنهج النفسي المعبر عن جدلية (الشاعر والمتلقي) على استهلالات بعينها في الخطاب الشعري عند الشاعر هشام القيسي بما هو متداول وطاغٍ على شعره.
الحزن والتأسي
قد لا نجانب الصواب إذا قلنا أن مظاهر الحزن والتأسي اكتنفتهما قصائد أو أبيات لها الحظ الأوفر من الاستهلالات التي تفصح عن عظيم المعاناة وتجسم الآلام التي يعانيها الراثون حتى أغرقت مآقيهم كل حرف خلدته المظان الأدبية، ولا نزال ونحن في مطلع القرن الحادي والعشرين، برغم بعد العهد وتراخي الأمد نستجيب بشكل تلقائي إلى ما ترسمه أحزان الشعراء ورزاياهم من دفقات شعورية تتخلل النفوس لتحفر آثارها على جدران وعي المتلقي.
ومما يسّر أيضا هذه العفوية في التلقي تشابه معظم التجارب الإنسانية بشكل عام، ولاسيما تجربة الفراق او الفقدان لشخص عزيز من خلال مأساة موته من جهة، ولان الإنسان بطبعه ينزع إلى المشاركة الوجدانية من خلال هذه التجارب الإنسانية الأليمة من جهة أخرى.
وبرغم أن كلنا نحزن وكلنا نمّر بأوقات عصيبة إلا أن اكبر (فرق بين الفنان او الشاعر وبين الرجل العادي هو، كما بين الناس كثيراً، في المجال والدقة والحرية التي تميّز ما يمكنه أن يقيمه من علاقات بين العناصر المختلفة التي تتألف منها تجربته) (113:ص239)
ثم يحدث الانتقال العاطفي أو (العدوى العاطفية) من الفنان أو الشاعرالى المتلقي. وقد أكد أحد المفكرين الغربيين في رأيه القائل (عندما تكون حالة ذهنية مصحوبة بعاطفة متّقدة، تنزع حالة مماثلة أو شبيهة بها إلى إحداث نفس العاطفة.. ومتى وجدت حالات ذهنية معاً في وقت واحد، فإن العاطفة المرتبطة بالحالة الأصلية، إذا كانت متّقدة، تنزع للتحول أو الإنتقال الى الحالات الأخرى) (28:ص34-35).
وإذا أعدنا إلى أشعار الرثاء، اتضح أنها انتشرت أيما انتشار منذ القدم في الجزيرة العربية مصطبغة بطبيعتها القاسية والطابع الحربي المميّز للقبائل العربية،إذ (لاتزال مختلف أنواع الكوارث ، وما تفرزه المعارك من موت القواد والجنود والأبطال من أخصب دوافع هذا الرثاء). وهذه المراثي في استهلالاتها هي في مرحلتها الواقعية بعد ان تنوسيت جذورها الأسطورية وتلاشت معانيها.
أي ان الرثاء قد تحول الى التعبير الواعي عن حقيقة الحزن الذي يجده الشاعر في نفسه، واهتمامه بإظهار آثار الفقد بصور مختلفة، لها دلالاتها النفسية البارزة من منظور منهج البحث النفسي، وبواعثها في نفس الراثي او الراثية بما تحمل من مشاعر حزينة وصادقة، اذ تكون العاطفة (حلول في الصورة بحيث تقيم معها وحدة هوية لا فكاك لعراها) (121:ص60)
ويمكن فهم تحدي المسلم لجبروت الموت في الحرب من خلال رغبته في الحصول على (الخلود الممكن) الذي كان دافعا قويا لاستماتته في ميادين الوغى (على اعتبار ان ذكره سيستمر بعد موته وفي هذا تطمين لرغبة تكاد تكون متأصلة عند البشر عموما) (86:ص98) و(129:ص97).
ومن اكثر الاستهلالات الرثائية إفصاحا عن لواعج الحزن الذي يكابده الشاعر، تلك التي يطالب فيها الشاعر عينيه بصب الدموع ما شاء الله لها ان تفعل، علها تطفئ حرقة الوجد الذي يجده الشاعر بفقد مرثيه، وكأن الشاعر- في لا وعيه- يعاقب نفسه ويلومها لانه يلتذّ بالحياة ومباهجها ومرثيه قد طواه النسيان بعد ان طوته الأرض تحت أطباقها او أكلته سباع الأرض والسماء فلم تبق له باقية، بل لعل الحال الأخيرة اكثر إيلاماً من غيرها عند الشاعر، إذ أن الافتراس لا يبقي أثرا للميت فلا يكون له قبر يدل عليه ويحيي ذكراه بين أهله، فيكون للموت دلالتان: مادية، ومعنوية – نفسية، مما يشكل دافعا اكبر إلى إثارة مخاوف الشاعر من الفناء والاندراس، وعدم نيل (الخلود الممكن).
فالشاعر هشام القيسي في قصيدة (المخاطبة الثانية) يحاول ان يقول انه يعيش في عالم كله حزن، وان هذا الحزن يملأ قلبه، ومحيطه حيث الاشياء تتغير مع تغير الواقع الذي يصدمنا باوجاعه، فنجد هشام القيسي يقول:
(وفي ايامك متسع من زهو غير شارد
ومن خطى غير ضائعة،وباتجاه سواق
تفرغ احزانا لا تعتق ايامها
تمضي
ولا تقتسم خاتمة الرحيل
كانت لك ذات يوم اسطوانة لا تتشرد في
اليباب،وكانت لك نوافذ عشق تكشف
عن وجهها
في الفصول،وكنت لا تعرف البكاء
لكنك
كنت تصدق وجدا على صفحات الذهول
تشرق حد الكلام
وكل انتظار
يطلع من نجمة
غير بعيدة المنال
وكلما لوحت في الذكريات
تبرق علامات العمر
وتعرف اوجاعها الاغنيات
تنادي
النجوم غير بعيدة
ومواسم الهجرة ترفض الاغتراب
ايها القتيل في الجوع
والانتظار
كل الواحات تحترق عاما فعام
واناشيد القلب تستمطر الايام
وتدخل ايضا مواسم الجراح العاشق
وتكون في صفحاته لحظات تورق
ولا تنكر الاحزان
هكذا سريعة للمواعيد المتاخرة
تصل الليالي الفائتة) (170:ص11-13)
يحاول الشاعر هشام القيسي ان يرسم لنا صورة اخر لحزن من خلال قصة يروي فيها ما في داخله من الالام واحزان، حيث يوصف تلك الاسفار التي تركت فوق مسامات جلده، اوهام السعادة في الهروب من الواقع، لان الليل هو مفتاح الصرخات والذكريات والاشتياق، فيقول:
(قال الراوي في جدل المسافات:
من اين تصمت الاسفار الحزينة؟
وقد صرخ الوجع على الجدار
ومن اين انسى احزان الليالي؟
وقد طافت بي مواسم الهمس
ومتاهات الاسرار
لا
المسافات لا تغني لحرائقي
والاغنيات شفاه تعزف الرحيل على المسار
وكل غربة لا تتمنى ان تنسى الاسر
ولا كي الاشعار
مهلا
ايها السكون المتنامي
في اشتعال الكلمات
ان مرافيء الشوق
ليس لها اخر
والمواقد تؤججها الاحبار) (170:ص46-47)
ويذهب الشاعر في وصف الحزن الذي يتربع فوق شغاف قلبه، حيث السعادة مجرد كلمة تهرب من بين شفتيه، لتقول له في اخر الليل انا موجودة، ولكن انت غريب عني، لهذا نجده يقول:
(عذرا
لابد من عزف الاوتار
من بعيد حلم يعود
في اول همس جديد
ان تسال الاشياء
وكل الطرقات المسفوحة
فقد غفوت على اتساع
المواسم الهاربة
وعلى انفتاح الدموع
بل استوقدت
في دوامات صامتة
صدى ماله رجوع
اليوم تطوف هذي الشجون
وتغازل الاسئلة في الضلوع
نعم تتسع بك الايام
وتسرع
ويوم تشاغل الطرقات
تسالك نافورة الذكريات
وتقود اليك
اشواقا ليس لها اخر
لكن حتام تبقى
يقيدك
الحزن
المستبد) (170:ص53-55)
ويستمر الشاعر في سرد حزن صديقه الذي ضاع بين ليلة وضحاها، كل شيء، ولم يبق له سوى الذكريات يتصارع معها، لان حزنه اكبرمما يتحمل، ولان الليل صديق احزانه التي تغرس ذراعيها وتحتضنه، ليهرب من جوعه الابدي الى عالم خياله، فيقول:
(كان لك ذات يوم بكاء ينام
وكان يلوح في الذكريات
ولا ينام
لا يسأل
هذا افق يفرغ احزانه
اذ تتسلل الايام
تعود دون غناء
وكنت على شجر الليل
دموعا ناصعة لا توصد ابوابها
بل تنحدر سيولا
تقذف في وجوه العشاق مدهشات
ثم تدهش الاغنيات
وكنت في شهقة العناق
تنساب اوراقا
تقلم اوراق الوصول
هي المتاريس الان
والنوافذ اليابسة
تخرج منها حدود القفار
لا تراود احلامها
بين الورود والخناجر
ولا تصل لهذا العطر المرثي
في جوف النار
وهي التماثيل
والجوع
والجنون
وهي العظام
والموت
والقناديل الحزينة) (170:ص61-63)
ويذهب الشاعر الى ابعد نقطة في حياة صديقه الذي يختزن بين شغاف قلبه الالام والاوجاع التي صارت اكبرمن طاقته التي لا تتحمل هذه الصدمات، فالمنافي تزرع اوراق ذكرياتها بين الجفن والدمعة، لهذا ينادي الشاعر صديقه فيقول:
(كنت تأتي صباحا
ومن جهة المنافي
التي حاصرت غربتك
هبت على الروح
بقية من افق بطيء
ثم نادت
موجعة هذي بين الايام
وعلى دفاتر الالام
تبدأ أغنية
خلف نداء
لا يبحث عن نزيف
وكنت تتزف
فاتحة القلب الضائعة
تسأل الان
هل يعشق القلب
اذا مسته صدفة
امراة ليس في قلبها
سوى وجد يهب
ها هي اوراقك
مكتظة
وتلك الاشجار
التي ايقظت انهار الكتابة
غدت احتمالات
في طواف الرجوع
وكل الاحلام
التي تجمعت
في شهادة الصوت
غدت مساحة مهجورة
وغدت في غفلة الوقت
ذاكرة لا تخرج
عن خيار الدموع) (170:ص69-71)
وسط دوامة الحزن يحلم هذا الانسان ويتمنى، كأي انسان وسط الخراب والضياع والتشرد، فحياة اجمل مما هو يعيشها، ولكن القدر يسرق دائما الفرح قبل ان يصل ويعانق وجه الحزين، لهذا نجد الشاعر يخاطب صديقه فيقول:
(وحدك تنام في البحر الكبير
وحدك تحرر خوفك
من خوف الحزن
ثم تقول
اتيت عاشقا
اسائل الضفاف
لاحرق الغرام
في المدن المجهولة
هكذا تواجه في الليالي
ستائر الكلام
علك تفتح هواجس الطريق
وتقابل صفحات
تكتنز فيها
نبضة طويلة بلا حريق
او
تتوحد بذكرى تشاكس الندامة
بين الارمدة والزفرات) (170:ص82-83)
وقد يعمد الشاعر هشام القيسي إلى الصور البيانية المتضّمنة لمعاني البكاء، ويفهم من خلال لجوء الشاعر إلى هذه المبالغات والإفراط في تصوير حزنه أنه يحاول حفر مأساته ومعاناته في نفوس المتلقين جميعاً، بل و في ضمير الإنسانية جمعاء، وذلك في قوله:
(قد مرت على ايامي انفاس
وحكايات
حملت مع السحب
المشاهد العاشقة ببعد الازمنة
كلما اطرقت في المساء
دقت اسطوانة وجوه من احب
لتمسح طوال الليل دموع اللامكان
هكذا يشغل الزمن المتدحرج في اعرافه
حتى اذا خمد في الغيم
ياتي مع الماء
واليه تجيء المسافات
انه ها هنا
يحاصرني
وانا مذ فتحت نوافذ الدار
رسمت على الجدار
ما ينفر من ليل العالم
ومن مطبات الطريق
هذا الزمان متاع
في سنين تطوف حول حرقة الدموع
وعلى مملكة الوجد المعمدة بالجياع
يدثر شمس القيظ تحت الضلوع
ويقرأ كتاب الاوجاع
شيئا فشيئا يلهو
وشيئا فشيئا يزهو
ليرسم ابجدية الاحزان
صيحة تلامس كل سكينة) (171:ص128-130)
ومن الصور المجسمة لعاطفة الحزن لدى الشاعر هشام القيسي في استهلالات مراثيه صورة ليل الهم الطويل، مما يجسم الزمن النفسي عند الشاعر الحزين حينما ترفض نفسه الاستجابة إلى القانون الطبيعي لحركة الكون والمخلوقات، بل ان همومه لا تكتفي بإبطاء ليلته وحسب وانما تعمد أيضا إلى قضّ مضجعه وكأن النار ضرمت في ثيابه، كالذي نراه في مستهل إحدى قصائد هشام القيسي حيث يقول:
(من احلام الى وعود
ومن كلام الى وعود
تقيم الالفة
مثلما تزف
شموع الصوت الاول
قد قيل لي لا تحزن
لعلها هذه الليلة تنتظر
او تحاول ان تودع ايامها
رهن وعد بلا جمر
ان الهوى خيمة
وهو ليس سوى شعر مسكون
يحفر في العمر
لا تحزن
في مواجع العشق
تغدو الايام سفرا
في كتاب البحر
وان الذكريات
تنشد بين وجعين
ومن ارثها
تعيد كل شيء) (171:ص174-176)
أو يكون تجافي جنب الشاعر عن مضجعه لفرط حزنه، كمن يشتكي ألماً في سرّته وكأن وسادة مما نتأ من أحجار الأرض، فتتحول الليلة إلى جحيم لايطاق، وهذه الصورة المزدوجة الألم لتزيد الشاعر شقاءً وبرما،ً فضلاً عن طول ليلته الليلاء، وهذا نجده في المقطع من القصيدة التي تحمل عنوان (المحاطبة الحاديةعشرة) حيث يقول:
(صامتا تنام على وسادة السفر
تدخل الذاكرة ممتشقا جرح القلب
لا وقت لحقائب الاسفار ان تبكي
ولن تطول
ان تصرخ معك اللهفة بلا حدود
اليوم ترقب الضياء مثلما الامس
وتطوف الفرح على مباسم الورود
الله ايها الشاعر
لم يبق غير اشتياق ابدي
يجلي حنينه على مر السنين
وفي مسارات النعاس
يجيء
كل
حين
واينما تغربك المرافيء
تبوح ايامك بين الضلوع
والالوان
من بعيد المح شوقك الظاميء للحنين
والمح شعرك يحفر بريشة
تجيء اليها همسات عطشى
هن كل الكلام
حقا يا عميق الوجد
ليس في ايامك شيء
سوى رحلات سكرى
واغنيات) (170:ص36-38)
فقد كان لثقل ليل همومه الحزين اثر في استدعائه لكل صورالثقل والبطء والثبات من خلال تشبيهاته التي عكست مشاعر القلق والتوتر الحاد، ليكون سداً يقيمه الشاعر (بوجه معاناته وماساته ويتحصن بها خشية التوغل نحو انهيارات أخرى أشد وطأة وأعمق أثراً كالاكتئاب) (137:ص85)
ومن خلال هذه الصور التي حفلت بها لوحة الاستهلال نلاحظ كيف أن الزمن الطبيعي قد ذاب في بوتقة نفسه بفعل لهيب الهموم والأحزان، وكأن الليل ثبت بالمسامير (52:ص273-274)،وذلك ما نتامله في قوله في قصيدة (المخاطبة الرابعة عشرة):
(هنا حكاية فائرة
هنا لحظة سافرة
وكما ينثر البكاء عودته
تترك اوجاعه بصمة غائرة
آن اذا لاحتفالية الوقت
ان تصغي على خطوها
وان ينسج صهيل الزمن
نثار الكلمات السافرة
انت لا تحتمل الغياب
انت مشهد معفر
يسأم التجوال في الرسائل القديمة ثم تقول
ان الفرشات ارتبكت
وان النوافذ ذهبت وحيدة
خارج اللغات
يالهذي الايام العاقرة
ان الحرائق
تخون اسرار الشعراء
وان القلب
لا يحدث الوجد
بغيمة ماطرة) (170:ص44-45)
وفي بعض الأحايين نجد الشاعر يسقط بكاءه، او لنقل رغبته في البكاء- حين يعجز عنه- على أي مدرك حسي، يشعر من خلاله الشاعر بملاءمته للحالة النفسية التي يمر بها وتجربته الشعورية الحزينة، فينزع الى جعل الطبيعة تشاركه بكاءه ونواحه، ليخفف من حدة قلقه بعد ان وجد منفذا لإشباع دوافعه المكبوتة، فضلا عن البعد الأسطوري (168:ص252و256)
الذي يتضمنه هذا الضرب من الصيغ التعبيرية عن البكاء، إلا ان الاساطير هي احدى إفرازات الوعي الجمعي للبشرية ولا وعيها.
وهذا ما نجده في قصيدة (يوم يوقد بالدمع) حيث يشارك الالم والحزن وهو يتذكر صديقه الشاعر الذي غادره دون عودة، فنجده يقول:
(انشغل بايامي
ومن حولي رغبات للبكاء
كم اتمنى الان
الا تهوي في لمح البصر
وكم اتمنى
ان تنهض في ذاكرة الاثر
يا عباس بن عسكر
كنا اثنين
نرحل باوجاعنا
ونصغي الى كأسين
في احداق الشعر
وفي احداق الشجر
نلتقط زاد الرحيل
وجذوة الشوق
ولوعة السفر
وكنا نتزود كثيرا من الامل
ونغني من الاعماق
لشمس العراق
وكنا من حيث نبتديء
تزلزل فينا السكينة
ولا ننثر الدمع
على الاوراق) (171:ص106-107)
بل ان حزن الشاعر وإشفاقه على صديقه يبرز اكثر في تشبيه الصورة السمعية لهزيم الرعد وتناوح الرياح بصورة سمعية – بصرية، هي صورة النساء النائحات اللواتي يبكين فقد الشاعر دماً بعد ان نفد الدمع، (ويبدو ان نوح النساء وبكاءهن هو رمز لبكاء الشاعر نفسه، لانه لا يريد ان يظهر مشاعره البكائية علانية لان نفسه عزيزة لا تقبل الهوان او الذل حتى في هذه المواقف التي لا يستطيع الانسان التحكم بمشاعره تجاهها) (147:ص42)
وقد تستهل المرثية بمقدمة طللية، ثم تعقبها لوحة القرية وهي قرية الشاعر، حيث رحل عنها، حتى يتخلص الى مرثاة تضعف فيها عاطفة الحزن، وهو أمر قلما نراه في المراثي الشاعر هشام القيسي.
ولعل قدامة بن جعفر (ت337هـ)حين قرر ان(ليس بين المرثية والمدحة فصل الا ان يذكر في اللفظ ما يدل على انه لهالك،مثل: كان، وتولى، وقضى نحبه، وما شابه ذلك. وهذا ليس يزيد في المعنى ولا ينقص منه، لان تأبين الميت إنما هو بمثل ما كان يمدح في حياته) (138:ص337)
كان قد اقتصر في الاطلاع على هذا الضرب من المراثي ـ وهذا مستبعد او لنقل: انه نظر الى شعرالرثاء دون ان يلتفت الى طبيعة التجربة الشعورية الاليمة التي تنبثق عنها معظم المراثي(64:ص209)
ومن الامثلة المعدودة من هذه المراثي التي شابهت المديح في عاطفتها وبنائها الفني والنفسي المشابه له قصيدة (يا صاحب الصباح) يرثي بها حالة صديقه، حيث يقول:
(لا شيء ينقصك غير دار يفتح النوافذ كل
يوم
ولا شيء يحزنك غير موت يضحك كل يوم
ها هي الذئاب
تنصت طيلة الوقت
والبكاء لا يجفف ينابيع العيون
وانت كما انت
لم تبك
ولكن تلتمس لهذه الدار
الغفران
وتغرد من زاوية قلبك
اعن مدينة تبايع عشاقها ترنو
ام عن طعم حسرات لا تميل الى صمت؟
في خلواتك تصطفي الانوار
ولا تندب المكان
وفي خلواتك لا يهدا) (171:ص77-78)
وقد اطلق احد الباحثين على هذا النوع من الاستهلالات تسمية (الوقفة الطللية غير الغزلية) (147:ص53)
وفي شعر هشام القيسي نفسه نجد قصيدة يرثي بها (صديقه) قد عبرت عن حزن عميق وفاجعة عظيمة نزلت بالشاعر، تهز المتلقي، من خلال صدق الاداء الذي يشف عن وفاء الشاعر للمرثي قد فاقت في جودتها الفنية والعاطفية- لقوة التأثر من جانب الشاعر. ولكن بعض القدماء ومنهم ابن رشيق القيرواني كان قد اعترض على وجود ضرب من المراثي مستهلة بالنسيب (لأن الآخذ في الرثاء يجب أن يكون مشغولاً عن التشبيب بما هو فيه من الحسرة والاهتمام بالمصيبة) (84:ص152)
وقد حاول بعض الباحثين المعاصرين وضع تفسيرات من زوايا رصد نفسية لهذه الظاهرة في شعر الرثاء، ولاسيما الرأي القائل: (ونحن نعلل ابتداء الشعراء مراثيهم بالغزل بأنه هروب من الموت الى الحياة التي تتمثل في عاطفة الحب) (144:ص182)
ولا ريب ان هذا الهروب كان بدافع من غريزة حب البقاء التي يتجاذبها الوعي البشري ولا وعيه، ويرى آخر أن سبب التجانس بين الغزل والرثاء في الاستهلال هو جدلية الحب والموت أي ) إن المقدمة الغزلية برنتها الحزينة وصرخة ألمها الواضحة في مقاطعها الكثيرة تدل على ان الشاعر إنما يتغزل ليرثي نفسه، ويصور بعض وجوه القلق، حيث يجد في ذلك التصوير راحة نفسية. واذا رثى الآخرين والأخريات فإنه يرى في رثائهم نفسه التي عشقت الحزن وأحبّت الألم) (130:ص9)
إلا ان مقارنة حجم المقاطع الشعرية التي يغمرها الحزن الخالص بحجم لوحات القصيدة الاخرى يفصح عن ضعف هذه العاطفة البكائية فيها بسبب طغيان عاطفة الغضب والحقد والتهديد على كل العواطف الاخرى في القصيدة، ولاسيما عاطفة الحزن وأحاسيسها، الامرالذي سوّغ للشاعر أن يتغزل غزلاً حسياً دون أن ينهاه حزنه بل كأنها قصيدة حماسية ينشدها الشاعر خلال معاركه الدامية لإلهاب حميّة المقاتلين اكثرمن كونها مرثاة تشجي انفعالات المتلقي لها، وللسبب نفسه لا يمكن اتهام القصيدة بأنها من خلط الرواة (47:ص358)
خلاصة ما تقدم، أن صور استهلالات المراثي لم تكن صياغات بيانية، بقدر ما كانت نابعة من تصوير مشاهد تحاكي انفعال البكاء او ترمزله، نحو استبكاء الكائنات الحية غير العاقلة او الجمادات والظواهرالكونية، أو من خلال بسط الحديث عن الهموم أو اقفرار الأطلال، لكي تترك الانطباع المؤثر في نفس المتلقي، فضلاً عن رغبة الشاعرفي تصوير أحزانه كما يعانيها هو، وهذا ما حملته لنا استهلالات أبدع مراثي الشاعر هشام القيسي.
بكاء الشباب
مما لا جدال فيه أن فقد الشباب وتلاشي رونقه عن الإنسان يعد أكبر رزيئة يمنى بها ـ ولاسيما الشاعرـ كونه يعني بداية النهاية للمصير المجهول الذي ينتظره بعد الموت (رحلة اللاعودة)، فالشاعر يتساءل بقلق دائم إن كان قبره تحت الثرى فيحزن عليه أحبته، أومضّرجاً بدمائه في أرضٍ دويّة فيفرح حوايا السباع الغرثى. ويعزا هذا القلق في جذوره السيكولوجية الى التغيرات التي تطرأ على المسن(34:ص41)
ثمّ أن (التشبث بالشباب، يعكس صورة من صور التمسك بالحياة، فالحياة ليست مجرد أيام تتوالى، وسنين تنقضي. وانما هي قدرة وممارسة وشروع ومحاولة لتحقيق ذلك الشروع، وكأن على الإنسان أن يتحقق من أنه يعيش إذا كان قادراً على الفعل) (8:ص111) فضلاً عن (أن أكثر الباكين على الشباب إنما بكوا على فوات اللذات الدنيوية التي كانت فيه فإذا انقضى فقد طعم اللذات) (149:ص103)
أما الشيب فهو مطيّة المـوت، والزمان او (الدهر) خليل لا تدوم بشاشته طويلاً، لذا أسقط الشعراء النظرة السوداوية المتشائمة إزاء الزمن على حاضرهم أيضاً مما خلق في أنفسهم القلق والتوجس منه، (فالخوف من الحاضر حصيلة موضوعية للشعور بالإحباط والغربة بين أبناء الزمان،.. فيحلمون بعودة الماضي الذي لن يعود ويمضون في ذكره ليطمّنوا رغبات النفس فيه) (52:ص250) وهو ما عرفه علم النفس باسم (النوستاليجيا) (150:ص74-75)
وهو الحنين الى الماضي، ويكون بانبعاث أحاسيس قديمة من الذاكرة خبرها المرء في شبابه بفعل وقوعه تحت تأثير ظروف مشابهة لظروف حدوث الخبرة السابقة.
ومن الجدير بالذكر (أن المعمرين جميعاً هم الذين شاركوا بجهودهم الفنية في رسم الخطوط الأولى لهذه المقدمة، يدفعهم الى ذلك واقع حياتهم، التي عاشوها، إذ أكل الدهر عليهم وشرب، وبدّلهم من عزّهم ذلاً، ومن فتوتهم وشبابهم هرماً وشيخوخة) (126:ص101)
وفي شعر الشاعر هشام القيسي، لا يقود استقراء نصوصه الى كثير من القصائد المستقلة ببكاء الشباب، والأقل منها عدداً تلك التي تتصدر استهلالات القصائد وتحفل بصور الاحاسيس المكروبة، والمرارة التي تغصّ بها نفسه المرهفة.
والتزاماً بعنوان الفصل، فقد تجاوز البحث استهلالات القصائد التي ابتعدت عن تصوير البكاء بدلالاته النفسية المباشرة وغير المباشرة، وتلك التي وصفت الشيب وإعراض الغواني عن الكهول، الامر الذي يحدوهم للنكوص الى ماضيهم، واستمراء أحلام اليقظ ة(165:ص29)
ليصوروا (من خلالها قدرتهم على تحقيق الفعل، من خلال مغامرات ترتبط بالخيال أكثر مما ترتبط بالواقع) (8:ص105و115).. وغيرها من الصور التي تبتعد عن صور بكاء الشباب ذات الدلالات النفسية والموحية.
وقد حاول عدد من الشعراء تصوير بكائهم ضمن أطرحية ذات ابعاد نفسية مباشرة او بالتوسل باللغة الشعرية الموحية بأبعادها النفسية غير المباشرة، ليجد المتلقي في نفسهِ مشاعر مقاربة لتلك التي انبثقت من نفس الشاعر.
ومن خلال هذين المحورين سيكون الرصد لصور بكاء الشباب في لوحة الاستهلال وأبعادها النفسية لدى كل من الشاعر والمتلقي. فنجد الشاعر هشام القيسي يرسم صورة تحمل بين طياتها البكاء والحزن العميق، حيث يقول في قصيدة (المخاطبة الخامسة عشرة):
(قال الراوي في جدل المسافات:
من اين تصمت الاسفار الحزينة؟
وقد صرخ الوجع على الجدار
ومن اين انسى احزان الليالي؟
وقد طافت بي مواسم الهمس
ومتاهات الاسرار
لا
المسافات لا تغني لحرائقي
والاغنيات شفاه تعزف الرحيل على المسار
وكل غربة لا تتمنى ان تنسى الاسر
ولا كي الاشعار
مهلا
ايها السكون المتنامي
في اشتعال الكلمات
ان مرافيء الشوق
ليس لها اخر
والمواقد تؤججها الاحبار) (170:ص46-47)
فالشاعر (يجتلب صورة من صور الاستسقاء تعبيراً عن الحرص على الحياة واشتهائها. وهو يطمئن الى هذه الصورة وامثالها بعد أن يتعبه تفكيره في الفناء. وهو يستخدم اسلوب الاستطراد الشائع في الشعر، فينتقل بعفوية لا يكبح جماحها العقل من آلامه الى آماله.
فمن تساؤلاته المتتالية في الاستهلال التي تتأرجحُ اجاباتها بين النفي والايجاب، يوحي الشاعر بأنه يلتمس العذر لنفسه عند من يعذله على فرط تشوقه.. إلا أن العذل سرعان ما يتلاشى إذا علمنا أن بكاء الشاعر – الرمزي- وشوقه إثر فراق شبابه وأحبابه، هو في حقيقته معادل موضوعي لبكائه على تراخي المسافات بينه وبين ممدوحيه، حين وقف وحيداً تتقاذفه أمواج الذكريات ومحاولة استبعاث سعادته المنهوبة.
وقد لا يكون بكاء الشباب مصرّحاً به في صور فنية ذات ابعاد نفسية مباشرة كما مرّ بنا سابقاً، بل يمكن رصده من خلال اللغة بألفاظ ذات زخم نفسي تحمل حقيقة انفعالات الشعراء بدلالات نفسية غير مباشرة، إذ (ليست الألفاظ في بساطاتها أو جلالها هي المحك، ولكن الطاقة أو العاطفة أو الحركة التي يسبغها الشاعر عليها هي التي تحدد قيمتها)(62:ص89)، فإذا أنعمنا النظر في استهلال هشام القيسي يقول:
(كحزن مؤرخ تبتلي ايامنا
ويغلق الباب
لا حديث نفس يشير الى ميزان،ولا مدية
شيطانة تغادر قيود الغاب
ذات يوم حلت علينا لعنة شاحبة مدورة،
حذار منها،ومن عطشها
فهي لا تأكل اكثر من شخاء اليباب
وهي تحلم كثيرا في كل الفصول، وتحت
سقفها نطل من فتحات القبور
ماذا نفعل وسط هذا الذهول
والجميع اثرياء في الخطايا كالسيول
على سجادة الالم تتلوى ايامنا ساعة بعد
ساعة
مثلها كمثل حريق اذا مس غصنا تداعى
سائر اليباس بالجمر
والرماد
وكل شيء سوى البكاء مرتسم
واضداد
في الداخل شقاء يتلو
وجوع يفتح نافذة للضياع
لا اعرف كيف تمتد يد اثيمة بشهوة
الشياطين لتروض الابعاد؟
ولا اعرف كيف تمتد يد اثيمة دون ان
يتجرأ احد في الشوارع والاشجار
على قبر قطعة من ظلام
في انية من سواد ابدي
في حافظات الصناديق الضجرة
في مكائد الزمن المحبوسة
في اشباح تعرف انها ليست سوى عجوز نافق
في لسعة تتعكز على الافكار الملعونة
في ليل طويل لا يحزن على طوله
تتنزه مقبلات ايامنا بمتاهة اثر متاهه) (171:ص123-125)
نرى أن أدل دلالة ضمنية على بكاء الشباب، في الاستهلال، ليؤكد الشاعر إحساسه بألم هذا الفراق، بل ان القراءة المتأنية تكاد تشعرنا بأن الشاعر يرثي شبابه من خلال هذا التكرار اللفظي، مثلما يرثي شعراء الرثاء موتاهم بهذا الاسلوب لتأكيد إحساس الفقد(168:ص224)
ونلاحظ أيضاً أن تفجع الشاعر و تحسره مقترن أيضاً بمجيء أكثر من لفظة وصورة معبرة عن سرعة انقضاء الشباب وإدباره.
نخلص مما تقدم إلى قناعة فحواها: إن الصور البيانية المفصحة عن الألم والحزن لفراق الشباب – على قلتها في الاستهلالات الشعرية- كان لها أروع تأثير في إيصال عاطفة حنين الشاعر إلى ماضيه (النوستالجيا) إلى المتلقي، من خلال صورحية يجالد بها الشاعر سيف المنية المسلط دوماً على سعادته، فضلاً عن التكرار في بعض الألفاظ الذي يعكس من منظور منهجنا النفسي أحزان الشاعر ومخاوفه المستقرة في لا وعيه.
الطيف
لا يخفى على دارسي الشعر أن ظاهرة وصف الطيف الفنية قد احتّلت حيّزاً لا بأس به منه، فتباينت فيها التجارب الشعورية ضمن البناء الفني للقصيدة، ولاسيما في الاستهلال منه، بحسب طبيعة معاناة الشاعر النفسية. وظاهرة الطيف الفنية امتداد وجداني لعاطفة العشق (فالحب تجربة تمتزج فيها الغرائز الطبيعية بالتسامي الروحي امتزاجاً يجعل منه وسيلة صالحة للتعبير عن أشواق الإنسان وحنينه المبهم وطموحه ومشاعره الباطنة غير الواعية نحو الحياة والكون)(91:ص120). ولعل الشريف المرتضى (ت 436هـ) أول مَن أفرد كتاباً مستقلاً لظاهرة (طيف الخيال) متتبعاً لها من أول نشأتها في الشعر الجاهلي حتى اكتهالها على يد أبي تمام والبحتري، فضلاً عن تعليلاته للآثار النفسية المختلفة التي تسببها هذه الظاهرة الشعرية، لأن الشعراء افترضوا (أن زيارة الطيف حقيقة، وأنها في النوم كاليقظة)(80:ص6).
فمن آثاره النفسية الإيجابية عند الشعراء(انه يعلل المشتاق المغرم، ويمسك رمق المعنى المُسْقَمْ. ويكون الاستمتاع به والانتفاع به.. واللذة التي لم تحتسب ولم تُرْتَقَبْ يتضاعـف بها الالتذاذ والاستمتاع) (80:ص5). وهو من زاوية رصد أخرى تضليل النفس وإيهام الحواس بما لا حقيقة له، فهو (باطلٌ وغرور، ومحال وزور، ولا انتفاع بما لا أصل له، وانما هو كالسراب اللامع، وكل تخّيل فاسد.. وبأنه يهيج الشوق الساكن، ويضرم الوجد الخامد، ويذكّر بغرام كان صاحبه عنهُ لاهياً أو ساهياً) (80:ص7).
اما دلالات (الطيف) اللغوية في المعجم، فهي وصف آخر لهذه الظاهرة النفسية العابرة. ومن استعراض الالفاظ المشتقة من الجذر: (ط ف ف) أو(ط و ف) أو(ط ي ف) تتراءى لنا آلية ظهور الطيف في وعي الشاعر، بوصفها إحدى صور الذهان أو الهلوسة الآنية، فهي تشترك في الدلالة على ثلاثة معانٍ:
الأول: الظهور بقوة وبغتة، والانبثاق من العدم أو الظلام.
الثاني: الإحاطة بحس الشاعر ووعيه، وخداعه بالدنوّ والاقتراب.
الثالث: التلاشي والتبدد والانقشاع.
أطفّ الشيء: ارتفع ودنا، وأطفّ عليه: أطلّ،والطَيّاف: سواد الليل. طفّ منه وله: بدا وقَرُبَ تناوله، أطاف به: أحاط به، وطفّت الشمس: دنت للغُروب، أطفّ له: أراد خداعه، الطفيف: غيرالتام، والقليل، والنَزْر اليسير والطَّفّاف: الخفيف السريع، والطيف: قوس قزح وألوانه (102:مادة طفف وطوف وطيف)، وسمي قوس قزح طيفاً لسرعة اضمحلاله وانقشاعه بعد ظهور يسير. ثم إن الصفات الصوتية التي تحملها هذه الحروف الثلاثة تُعطي الدلالات الثلاث نفسها: فصوت (الطاء) صامت،مهموس،انفجاري، مطبق، مستعلٍ (فالطيف عند ظهوره صامت لا يشعر به الآخرون، إلا انه مروّع للشاعر ومفاجئ له بقوة ظهور كقوة الانفجار وفجائيته)، وصوت (الياء) شبه صائت، يصدر حفيفاً ضعيفاً (وهو يعكس اقتراب الطيف من الشاعر حتى يكاد يلمسهُ). وصوت (الفاء) صامت، مهموس، وهو حرف تفشّ، ومعناه: انتشار الهواء وتوزعه في جنبات الفم عند النطق به(92:ص458)
)ثم يعود الطيف أدراجه الى مكانه من لا وعي الشاعر، صامتاً، وخفيفاً حتى تضمحلّ صورته وتتلاشى كتلاشي الهواء بعد نفخه من الفم).
وقد أولى بعض الباحثين المعاصرين هذه الظاهرة اهتمامهم وطفقوا يضعون لها تفسيرات عدة، فمنهم من درسها على أنها (شكل فني ونفساني من أشكال التعبير عن الوعي الممزق بين مثال إرضاخي وحاجة تشكّل البرهة المركزية في تركيبة الماهية البشرية، فبقدر ما يعكس الطيف امتثال الشاعر للمثال، فإنه يبدي – ولو تحتانياً- محاولة يبذلها الروح ابتغاء تحرير الإرادة من إسارها) (87:ص39)
كما أن الطيف (إدانة للنقص الذي يعتورالواقع،وانعكاس لما قضم من الواقع عن سابق عمد وإصرار) (87:ص41)
ومـن الباحثيـن من فسـر هـذه الظاهــرة على أنها إحدى أحلام اليقظة (day dreams) التي تؤلف بين الحلم والخيال ولغة الشعر. وان ما يعجز عنه زمن اليقظة يحققه زمن الحلم (52:ص276) و(158:ص106)
وان كان الطيف حلم يقظة فهو يفصح عن المشاكل النفسية والامور العقلية، فضلا عن كونها – أي الاحلام- دليلا عند بعض العلماء النفسانين على رقي الشعب الذي تكثر فيه(127:ص135)
ويرى آخر أنها متنفس للشعراء (يسربون من خلاله هموم النفس، وعذاباتها، فوجدوا في خيال المحبوبة صورة تعوضهم عن وجودها الحقيقي، بعد ان حالت بينهم المسافات، وتباعدت بهم السبل، فكان طيفهم حظ قلوبهم في الكرى، مثلما كانت رؤية من أحبوا حظ عيونهم في اليقظة) (155:ص35).
وهو في رأيه هذا متأثر بما جاء في كتاب طيف الخيال، ومستضيء به. فضلا عمن عزا وجود هذه الظاهرة في الشعر العربي إلى (استدامة ذكر الوداع والفراق، وانشغال الفكر فيه ليلا ونهارا) (166:ص72). ومن هذه الاستدامة وهذا الانشغال يصيب الحس نوع من الهلوسة والهذيان بفعل العاطفة المحتدمة (28:ص76).
وهو ما نذهب فيه في تفسير ظاهرة الطيف من منظور نفسي، وبخاصة إذا علمنا أن واقع الإنسان البدوي قد كتب عليه الترحال خلف سراب الحياة والاستقرار المتلألئ، وان يألف قوما ويودع آخرين…وهكذا، مـع أننا لا نستبعد ما جاء به الباحثون من آراء، ولا نبخسها حقها من الإصابة.
ثم يحاول جاهدا خلق طيف لها يبادله الحب في يقظته فضلا عن أحلامه، ليعوض الحرمان الذي مني به برحيلها حينما يصفها وصفا حسيا، وقد عبر (لوتشي)(65:ص12).
عن هذه القدرة الشعرية الخلاقة، والمدهشة في قوله: (نحن الشعراء نصارع اللاوجود لنجبره على ان يمنح وجودا، ونقرع الصمت لتجيبنا الموسيقى)(65:ص17).
وبعدها يعود الشاعر بعد تلاشي طيف محبوبته إلى واقعه الصارم الذي تحطمت على صخرته أغلى آماله المحبطة، فيقول في قصيدة (لاشيء غيرها):
(هي الادرى
حين تمر في افق لا يطوى
وحين تدنو خلف الزجاج
تلاحق خلوة الليل
اوجاع تسيل اسرع
اتية من انوار
ومن احلام تهوى
كل هذي المواسم
بعيدا في اخر الروح
وفي اخر النزف
كي تتردد كل مساء
وحيث يحل المساء
والدمع
والشموع
ثم تطأ منافي الكلام
اليها، اسعى
وامتد
دون ان يكون لي وهم
او صفحة تشقى
وباخر دهشة في راسي
اقطف كل رغبة
تفيض في احتمال الوجد) (171:ص153-154)
ومن هنا يثور (الأنا) عند الشاعر، مزدريا حالة الحزن اليائس والتداعي التي أحدقت به، فيعلن الشاعر احتجاجه ليس على رحيلها وحسب، بل وعلى القدر المسطور قدما حول مصير الإنسانية الآيل إلى الفناء والنسيان، في محاولة منه لجمع ما تبعثر من نفسه المتوترة، فيقول بشيء من الاستنكار، ملتفتاً بخطابه إلى واقعه الذي يعيشه (المعادل الموضوعي):
(في الهم القديم كنت تمضي
وصوتك هناك يصغي
ويحل على بقية الذكريات
انت والطيور التي هاجرت
ما زالت تلوح عند كل نجمة
في الليل الحالم
عليك الان ان تسير من جديد
وتعبر رحيل الطرق المقرورة
فحكاية العشق
تفوح منها احلاما مرفوعة
تنطق بالانتظار
كلم الايام الى النوافذ البعيدة
ودع السفر الطويل يبارك البئر
فلم يعد حكم الهمس
يومض في الطرقات
ولم يعد الفراق يبرك للفراق
هكذا الى اجل غير مسمى
تصهل الايام
وبقية المسافات) (171:ص140-141)
وقد لا تكون الهلوسات وأحلام اليقظة سبب ظاهرة الطيف، وانما قد يتكلف الشعراء حضور الطيف تكلفاً من اجل خدمة أغراضهم الأخرى في الشعر، عن طريق توظيف دلالاته المعنوية والرمزية بغية الوصول اللطيف إلى مقصدهم وباعثهم في هذه التجارب الشعرية .
وعند تدقيق النظر في استهلال إحدى قصائد هشام القيسي، فإنه سيتجلى إذا ما كان هذا الاستهلال الطيفي – إذا جازالتعبير- حقيقياً
لحضوره أو رمزاً مُتَوسّلاً به، ولاسيما هذه القصيدة:
(مسكونة في
لا اصغي للدمع الفاضح
ولا لصمت تجردي
من اعلى التوحد
بعضي منذور بانفاسي
اذا ما نهض
يمضي سحابات
يقتات عليها
وجد العشاق
ماسورا في الاقاصي
كلما حشد الجرح لحظاته
يتوضأ العشق
دون ان يخشى اهاته
الجوع ينشر طرقاته بلا ثياب/ والنبضات
تتوارت في الافق فراشات لا توزع البهجات
كل لحظة/ يالهذا
الجنون المتوقد/ يالهذه الابجدية في سفر
الاشلاء/ ها اني احترق وحدي/انهض من
منفى يحاصرني
لك الوقت
ولي صرخة تتوقد في الجمر
سامضي
واغرس تجليات لا تضيع في الغناء بقية
احزاني
ليتها الان تهطل
ليتها تفقا الماضي
ليتها تنبثق من جميع لحظاتي
فالمواويل تبحر في مواسم تأتلق بصحوها
الفصول
والمواويل محطلت لا تغلق الابواب
هكذا دائما انقب
ثم اصيح) (171:ص56-58)
إن الاستهلال بطيف الخيال هنا كان لخدمة حاجات في نفس الشاعر، لما للطيف من أبعاد نفسية مثيرة لاهتمام المتلقي، تكاد توازي فيها المقدمات والاستهلالات الغزلية، ليسحب الشاعر هذا الجوّ النفسي من الاهتمام إلى الفخر بقومه، فضلاً عن الدلالات الأخرى للطيف التي يفصح عنها تحليل القصيدة.
أي ان الطيف هنا لم يثر الشوق والأشجان في نفس الشاعر، بل راح يبعثه على الاهتزاز طربا ً وفرحاً.
وبعد هذا الانتقاء لهذه الاستهلالات الطيفية، نخلص إلى نتيجة فحواها: رغم أن ظاهرة طيف الخيال في جذورها تشكل إحدى إفرازات اللاوعي المقهور، فإنها قد استخدمت بأبعادها المعنوية – الرمزية اكثر مما استخدمت كتعويض أو صورة حية كامنة في نفس الشاعر لإشباع دوافعه، منبعها الهلوسة البصيرة والهذيان بذكر الحبيبة المفارقة، ولعل منبعها النفسي المحض لدى الشاعر، مع غربتها ومفارقتها للمألوف عند المتلقي، جعلاها مطواعة لأغراض الشعـراء المختلفة في توجيه هذه اللوحة الوجهة النفسية والفنية – الذاتية- التي يرومونها، او الوجهة الاجتماعية – الموضوعية – فضلا عن كونها إحدى آليات مقاومة الإحباط والاكتئاب النفسي للشاعر.
الحب والصبابة
مما لا جدال فيه ان المرأة كانت وما تزال ملهمة الشعراء، تفجر فيهم ينابيع عاطفة الشوق المشبوبة، بل إنها الباعث الاول في ولادة الفن على مر العصور، فالمرأة صنو الرجل وأنيس وحدته الذي يقف إلى جانبه في مواجهة جبروت الفيافي المقفرة والدكادك المصحرة، فيكون الحب هنا في أنقى صوره وأعذب مشاربه (127:ص42)
إذ يراه العربي (دفقة نور في ظلام اليأس، وموجة قوة في ركود الضعف والوهن، وسلاح لا يخيب في مواجهة الشدائد والأزمات، فلماذا لا يلجأ إليه الجاهلي في حياة شاقة قاسية، كل ما فيها ينذر بالموت؟ والحب يمثل الحياة البهيجة) (144:ص194) والفردوس الصغير الذي يعينه على تجرع واقعه الصارم.
وقد استقصى الباحثون – قدماء ومعاصرون – عاطفة الحب تحت مصطلحات بعينها أبرزها (الغزل) و(النسيب) و(التشبيب) للترادف الكثير في دلالاتها.
إلا أن أحد الباحثين المعاصرين حاول التفريق بين مدلولات كل من هذه المصطلحات، إذ عد (الغزل) أصلاً، و(النسيب) و(التشبيب) منبثقين عنه وان اتصلت هذه المصطلحات بعاطفة العشق في خطوطها العريضة – اذا جاز التعبير، فقد قرر ان (الغزل): (هو الولع بالنساء والتعبير عن هذا الولع مباشرة في وصف محاسنهن وجمالهن ودلالهن…
أما (النسيب) فهو التعبير عن تعطش الفؤاد وصبوته إليهن، وخوف النفس وتلهفها عليهن، والحنين لهن…، ووصف ما يلاقيه المحب والمشتاق في بعدهن ونأيهن من ظمإ الأشواق وحرقة الأحاسيس ولهيب العواطف وما يشعر به تجاههن ….
و(التشبيب) هو الاسترسال في وصف تأثير النساء على الحواس وجمال آثارهن فهو امتداد لظل النسيب، ومظاهره، ووصف كل ما يذكر بهن أو يشير إليهن، ويدل عليهن انه إثارة القرائن الوجدانية ودلالاتها) (41:ص12). وقد آثر كاتب هذه السطور مصطلح (الحب والصبابة) لانه ينطبق على ما يقع في استهلالات القصائد من معاني العشق الممزوجة بعاطفة الشوق والهجر والقرب والبعد، فضلا عن إضفاء مسحة تجديدية على المفهوم.
ثم أن تجربة الحرمان والهجر التي يخوضها معظم الشعراء العرب وغيرهم برحيل من يعشقون قد أذكت مشاعر اللوعة والحسرة لديهم، ففاضت دموع الصبابة من مآقيهم حين لم يجدوا أمامهم بديلا يسليهم عنهن، فهن يرحلن تاركات خلفهن محبيهن وقد أمسوا نهبا لذكريات سعيدة، وأطياف بعيدة تعودهم على أعتاب رسوم خوالٍ.
وقد عبر هشام القيسي عن منحى قيمي آخر ضمن فلسفة تستغور أسئلة الوجود :
(ما اصفى ايامه
تطلع من خطوة تعاشر
ولا تجاهر
مرئية في القلب
تسعف مثل الماء وله اليباب
وتجدد بقية الاشياء
يقول المصباح
رسمت في احوال الصمت
كيف يكون العشق
ويحيا
وكيف يشهد ان النعت النازف
يستوصي الذكريات
في هذا الزرع
يغادر وجه الايام
وفي قنديل يهمس
حتى تأذن الكلمات) (171:ص149-150)
وبغض النظر عن حقيقة كون الشاعر مغرما أم لا، فان ما يهم في هذا الشان صدق الأداء الفني الذي افلح من خلاله الشاعر في إيصال ما يختلج في نفسه من وجد وفرط صبابة وفلسفة لها مساراتها. وهناك من نقلت عنه الأخبار قصص حب حقيقية، ولاسيما المعروفين بالشعراء العشاق (167:ص21) حيث صدح بها شعره معبرا عن الإحباط النفسي الذي مني به حين باعدت الأقدار بينه وبين من يعشق، فكان حبه سبب شقائه وسقمه، كما نجد ذلك واضحا في شعر هشام القيسي الذي حالت الاقدار بينه وبين حبيبته دون خطب ود من يحب، فعبر استهلاله عن ظمئه إلى لقاء حبيبته ورأب صدع نفسه المحرومة، وهو يقول:
)مكانها هنا
دورتها من هنا
تخفي موجا
غير مكشوف الملامح
حتى يرتفع السر
بعد منتصف الليل
ثم ترتد
وكلما يداهمها الشعر
ترتعد
لم تبح
طوال الطريق الى الصدى
سوى في العشب
وفي مكان يقلب الكلمات
كأنها رغبة تفيض مواقدها
من وجد الى حريق
ومن وجد الى بريق
انها الشعر وما بينها وبين الاسر
بئر ترتوي من بئر
***
تعبئني الذكريات
سامضي ككل الصفحات
وبهذي الشموع
اشغل ايامي
على غيرما ترتضي
ثم ابني اياما
يوم تضل الطرق
سوف تاتي
وهي الان رحلة تبرق
وفم يبادل الحديث اشراق الهمس
هي هي
لاشيء غيرها
ولا احد يلم شتائي سواها) (171:ص157-159)
ومما تقدم ذكره يُستدل على ان المعاناة وتباريح الحب ومواجده التي يعانيها الشاعر هشام القيسي، فضلا عن الحرمان المكاني والزماني من إشباع دوافع الشاعر الواله إلى وصل من يحب. نقول ان جميع ما تقدم يؤدي إلى تسامي تجاربه الشعرية وإعلاء صور انفعالاته.
وهذا يضاف إلى ان المجتمع العربي يؤدي دوراً بارزاً في كبت غرائزه وتصعيدها، فيكون استهلال النسيب خير ما يحتقب هذا التوتر وهذه الانفعالات المُصَعَّدة والمكبوتة مع انطوائها.
وقد تعمد الشاعر هشام القيسي إلى استهلال النسيب لغايات أخرى تتعدى التعبير عن عاطفة عشق امرأة بعينها إلى أغراض شعرية أخرى يرومها الشاعر من خلال هذا الاستهلال، ولا نعني بهذا القول ما صرح به ابن قتيبة بشأن البناء الفني الذي يجمع بين الكثير من المطولات الشعرية في عصر قبل الإسلام وحسب، فالمرأة تمثل رمزا دائم الخصوبة والعطاء، يضع فيه الشعراء كل المعاني التي تجيش بها نفوسهم، فيأتي الاستهلال بدوره متساوقاً في بعديه الفكري والفني مع مضامين الشعراء الحقيقية، (والتعبير من خلال التجربة العاطفية عن مشاعر أخرى شيء مألوف في الشعر وبدون افتراضه لا يمكن ان يفسر إلحاح الشعراء على تصوير الحب وكل ما يتصل به من مشاعر على مدى العصور واختلاف ظروف الشعراء وطبائعهم) (91:ص120).
فيكون للاستهلال بالنسيب وظيفتان:
الأولـى: الرصد للموضوع الشعري الذي يروم الشاعر إيصاله للمتلقي.
والأخرى: تشويق المتلقي بجلب إصغائه لموضوع القصيدة (51:ص188).
ولعل الضرب الأخير من الاستهلالات فاق الكثير من الاستهلالات التي اقتصرت مضامينها على الإيحاء أو الإفصاح عن تجارب عاطفية محضة، ولذا فان التحليل للانفعالات التي يكتنفها الاستهلال وحده لا يغني شيئا دون ربطها بغرض الشاعر الرئيس، وباعث القول الذي تحمله المقاطع الشعرية.
ومن هنا نخلص إلى أن تجربة النسيب الشعرية شبيهة بتعويذة سحرية يُناط بها كل ما يمور في نفوس الشعراء، مهما تباينت الأمزجة والحالات الوجدانية، لما لها من خاصية إيحائية فريدة من نوعها تمكنها من استيعاب دوافع البشر بعامة، والشعراء بخاصة.
الهموم والإحباط
يعد الإفصاح عن الهموم الطوارق في استهلالات القصائد من ابرزالتجليات الفنية التي يعتمدها الشعراء لحالاتهم النفسية التي تجيش فيها وتتجسم بها مشاعرالقلق، أو الخوف، أو الحزن كأمواج بحر صاخبة، تكاد تعصف بقوتها حواس المتلقي وتسلط عليه رؤاها وواقعها المأساوي.
وفي كثير من الأحيان يكون البعد الزماني الذي تجد فيه الهموم حضوراً لها هو (الليل)، إذ أن طبيعة الحياة في عصر الحاضر كانت تنوط بالعربي الكثير من المهام والمشاغل التي يتآكل بها نهاره، حتى إذا ما أرخى الليل عليه أستاره، وهجع القوم وسكنت الكائنات، فان ظلمة الليل الموحشة وجلالها ورهبتها، لتوحي للمرء – ولا سيما الشاعر- بإحساس الوحدة وتذكره بجلال الموت وسلطانه الذي وسع كل شيء، فضلا عن تذكره عتمة القبر وبرودته حيث انقشاع مظاهر الحياة والانقطاع عن لذاتها، فتتداعى عليه الذكريات المؤلمة الأخرى كالسيل الجارف. كأن يسهده خيال محبوبة راحلة لتذكره بفشله في تجربته العاطفية، أو يقض مضجعه خوفٌ من سلطان ما، أو حزن قرح مآقيه لفقد أخ، أو أب، أو صديق.
ومن ابرز استهلالات الهموم التي حظيت باهتمام النقاد وحازت استحسانهم لتحقيقها البعدين الفني والنفسي صورة (الهم) كاستهلال والتي يقول فيها:
(خذ في رحاب الايام المحفور لحظة لا
تنقاد مذهولة، وانزل منتعشا في مشاهد
غير عابرة
لا تمرق.اثقلتك الهموم،شبت فيك
الاحلام،والنوافذ التي تشظت اوقاتها
صارت تتوسد
مفاتيح المساءات.هكذا بلا خفية تفترس
العلامات،وتحاصر حدودا باكية.
الذكريات لم تعد لغمدها
الذكريات امتزجت
والساعات الشاسعة المتشوقة
بين اغطية الذاكرة
وبين كل شيء
تنساق لبقية الافق المتراكم
اعرف ان الفصول تسرح
غير نافذة الصبر
واعرف ان اجمل الاشعار
عامرة بمناجم العشق
ايها الشاعر
بنكهة من اتار غيمة
تحدق فيك الاشواق الصامتة) (170:ص21-22)
وإذا اخذ في الحسبان الباعث الرئيس الذي تتمحورحوله مقاطع هذه القصيدة، تمكنا من استشفاف الحالة النفسية المؤرقة للشاعر.
نخلص مما تقدم إلى أن الشاعر قد تمكن بفعل حسه الفني، ومعرفته الغريزية بدلالات الموجودات التي تقع في حواسه من توظيف وتجسيم ما يمور من انفعالات وهموم في نفسه داخل أطر جمالية محسوسة لها حضورها الفني، إذ أن (الفن ليس سوى توظيف المخيلة في خدمة الحاجات الداخلية التي تفرزها الشروط الخارجية جملة) (125:ص10).
استهلالات أخرى
لابد من التنويه إلى وجود استهلالات أخرى كان لها حضورها أيضاً، ولم تحفل -غالبا- بذلك الزخم النفسي البيّن الذي أفصحت عنه الاستهلالات السابقة، لذا لم نفرد لها مباحث مستقلة، فضلاًعن اشتراكها جميعاً في دلالة نفسية واحدة أو اثنين. وهذا يضاف إلى قلة خصوبتها الفنية والسيكولوجية (النفسية) التي تمكنها من الاستقلال بمباحث بعينها.
وفي الختام نخلص إلى قناعة فحواها أن الاستهلال في معظم ضروبه له الأبعاد النفسية التي تنبّه إليها نقادنا وبلاغيونا، القدماء منهم والمحدثون، مع بعض الاختلاف النسبي في تحقيق المتعة والفائدة والاستجابة والتأثير التي يتطلبها استهلال دون آخر بحسب طبيعة الموقف النفسي الجامع بين كل من الشاعر والمتلقي ، وان كثيراً من القصائد كانت رَهناً باستهلالاتها نجاحاً أو فشلاً، ليكون مرتكزاً وأرضاً صلبة تُبنى عليها نتائج تحليل صور الاستهلالات القصائد من منظور نفسي دون أن نَخْشَ التعارض بين دلالة المصطلح وما يتطلبه المنهج النفسي من استقصاء لأبعاد الاستهلال النفسية التي لها دورها في تحقيق الاستجابة في نفس المتلقي، فالاستهلال يتضمن العنصر الأول بعامة، والبيت الأول بخاصة.
وقد كانت صور هذه الاستهلالات حبلى ببواعث النظم تشف عنها انفعالات الشاعر المباشرة أو الضمنية التي ترفدنا بها اللغة وأدواتها، وهذا ما أفصحت عنه استهلالات الحزن والتأسي، وبكاء الشباب، والطيف، والحب والصبابة، والهموم والإحباط، فهي تحمل نفسية الشاعر، وتكون(صدى لمشاعره وانفعاله إزاء موضوع القصيدة وملابساتها) (128:ص5).
المصادر
1-اية/يونس/2
2-اية/الحجر/24
3-اية/النور,/39
4-الاتجاه النفسي في نقد الشعرالعربي،د.عبد القادر فيدوح،منشورات اتحاد الكتاب العرب،دمشق، 1992
5-اتجاهات النقد الأدبي في القرن الخامس الهجري،الدكتورمنصورعبد الرحمن،دارالعلم للطباعة،القاهرة 1397هـ-1977
6-الاستهلال،فن البدايات في النص الأدبي،ياسين النصير،دارالشؤون الثقافية العامة-بغداد،الطبعة الأولى 1993
7-الأسس النفسية لأساليب البلاغة العربية، الدكتور مجيد عبد الحميد ناجي، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشروالتوزيع-لبنان،الطبعة الأولى 1404هـ -1984
8-الإنسان والزمان في الشعرالجاهلي،الدكتورحسني عبدالجليل يوسف، دارالإتحاد العربي للطباعة-مصر 1988
9-إحصاء العلوم،الفارابي،تحقيق ثمان أمين،مكتبة الانجلوالمصرية،الطبعة الثالثة1969
10-احصاء العلوم الفارابي,تحقيق عثمان امين,دارالفكر العربي,القاهرة ,1949
11-الاسس الفنية للابداع الفني في الشعرخاصة,مصطفى سويف,دارالمعارف , 1951
12-ادب النديم,كشاجم,المطبعة الاميرية,بولاق ,1298
13-اصول النقد الادبي,احمد الشايب,مكتبة النهضة,مصر,ط7, 1964
14-استشراف الشعر,دراسات اولى في نقد الشعرالعربي,الدكتورصبري حافظ ,الهيأة المصرية العامة للكتاب ,1985
15-اسرارالبلاغة,عبدالقاهرالجرجاني,تحقيق هـ .ريتر,ط2,مطبعة المثنى, بغداد,1979
16-أسرارالبلاغة في علم البيان،عبد القاهرالجرجاني(ت 471هـ)،شرح السيد محمد رشيد رضا،دارالمطبوعات العربية للطباعة والنشروالتوزيع
(د.ت)
17-اسرار البلاغة,عبدالقاهر الجرجاني,تحقيق هـ .ريتر,مطبعة وزارة المعارف,اسطنبول,1954
18-أنوارالربيع في أنواع البديع،ابن معصوم المدني(1120ه)،تحقيق شاكرهادي شكر،مطبعة النعمان، النجف،الطبعة الأولى 1968
19-استشراف الشعر,دراسات اولى في نقد الشعر,صبري حافظ,الهيأة المصرية العامة للكتاب ,1985
20-بناء القصيدة الفني في النقد العربي القديم،مرشد الزبيدي،دار الشؤون الثقافية العامة- بغداد1994
21-البديع في نقد الشعر،أسامة بن منقذ(ت 584هـ)،تحقيق الدكتورأحمد أحمد بدوي،الدكتورحامد عبد المجيد، شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر-القاهرة 1380هـ-1960
22-البناء الفني للقصيدة العربية,محمد عبدالمنعم خفاجي,مطبعة القاهرة, ط1,بدون سنة طبع
23-التعريف لـ (براي)وقد ورد في كتاب مقدمة لدراسة الصورة الفنية,
لدكتورنعيم اليافي,دمشق,1982
24-تاريخ النقد العربي حتى القرن الرابع الهجري,دكتور محمد زغلول سلام,دار المعارف بمصر,ج1, 1964
25-التصويرالفني في شعرمحمود حسن اسماعيل,مصطفى السعدني,منشاة المعارف بالانكليزية,ب.و
26-تعريف الفن,هربرت ريد,ترجمة الدكتورشوقي ضيف,دارالمعارف , مصر,1965
27-تيارات ادبية بين الشرق والغرب,خطة ودراسة في الادب المقارن ,الدكتورابراهيم سلامة,مكتبة الانجلو المصرية,القاهرة,ط1, 1952
28-التخيّل،جان بول سارتر،ترجمة الدكتورنظمي لوقا،الهيئة المصرية العامة للكتاب 1982
29-تحريرالتحبيرفي صناعة الشعروالنثروبيان إعجازالقرآن،ابن أبي الأصبع المصري(ت654هـ)،تقديم وتحقيق الدكتورحفني محمد شرف،مطابع شركة الإعلانات الشرقية-القاهرة 1383هـ.
30-التصويرالفني في القران,سيد قطب,دارالمعارف,مصر ,1959
31-تمهيد في النقد الحديث,روزغريب,دار المكشوف,بيروت,ط1, 1973
32-تطورالشعرالعربي الحديث في العراق,اتجاهات الرؤيا وجماليات النسيج ,علي عباس علوان,منشورات وزارة الثقافة والاعلام,بغداد ,1975
33-التفسيرالنفسي للأدب،د.عزالدين إسماعيل،دارالعودةـ دارالثقافة ـ بيروت، 1962
34-التقدم في السن،الدكتورعزت سيدإسماعيل وآخرون،دارالقلم،الكويت 1404هـ-1984
35-جدلية الخفاء والتجلي،كمال أبوديب،دارالعلم للملايين،الطبعة الأولى 1979
36-جواهرالبلاغة في المعاني والبيان والبديع,السيدأحمد الهاشمي ط4 , مطبعة السعادة 1926
37-الحيوان لابي عثمان عمربن بحرالجاحظ,تحقيق وشرح عبدالسلام محمد هارون,منشورات المجمع العربي الاسلامي,بيروت,لبنان,ط3,ج4 ,1969
38-حلية المحاضرة في صناعة الشعر،الحاتمي(ت388هـ)تحقيق الدكتور جعفر الكتاني،دارالرشيد للنشر،الجمهورية العراقية 1979
39-الحركة الشعرية في فلسطين المحتلة,صالح ابو اصبع,بيروت ,1979
40-الخصائص،ابن جني(ت392هـ)، تحقيق محمد علي النجار،دار الشؤون الثقافية العامة،الطبعة الرابعة (مزيدة ومنقحة)بغداد 1990
41-خصوبة القصيدة الجاهلية ومعانيها المتجددة، دراسة وتحليل ونقد،محمد صادق حسن عبد الله، دارالفكرالعربي،القاهرة 1972
42-دلائل الاعجاز,عبدالقاهرالجرجاني,صحح اصله الشيخ الاستاذ محمد عبده والشيخ محمد محمود التركزي الشنقيطي وصحح طبعه وعلق على حواشيه السيد محمد رشيد رضا,دارالمعرفة,بيرو,لبنان,نشرمكتبة القاهرة,شركة الطباعة الفنية المتحدة,1961
43-ديوان تامعانب,ابوهلال العسكري,الحسن ابن عبدالله ,القاهرة مكتبة القدس,ب,ت,ج1
44-دراسات نقدية ونماذج حول بعض قضايا الشعر المعاصر,د.عزالدين منصور,مؤسسة المعارف للطباعة والنشر,بيروت,ط1, 1985
45-دير الملاك-محسن اطيمش,دار الشؤون الثقافية العامة,بغداد,ط2, ,1986
46-دراسات نقدية في ضوء المنهج الواقعي،حسين مروة، بيروت ،مكتبة المعارف ،1972
47-دراسات نقدية في الأدب العربي،الدكتورمحمود عبد الله الجادر،مطابع دارالحكمة 1990
48-الرمز والرمزية في الشعرالمعاصر،د.محمد فتوح أحمد،دارالمعارف ـ مصر ،ط2 ، 1978
49-الرمزالشعري عند الصوفية،د.عاطف جودة نصر،دارالأندلس،دارالكندي ـ بيروت،ط1 ، 1978
50-روح العصر،دراسات نقدية في الشعروالمسرح والقصة،الدكتورعزالدين إسماعيل،دارالرائد العربي،الطبعة الأولى، بيروت-لبنان 1972
51-الرمزية في مقدمة القصيدة منذ العصرالجاهلي حتى القرن الحاضر، الدكتورأحمد الربيعي،مطبعة النعمان-النجف الأشرف – 1973
52-الزمن عند الشعراء العرب قبل الإسلام،الدكتورعبد الإله الصائغ،دار الرشيد للنشر،الجمهورية العراقية 1982
53-زمن الشعر،أدونيس،دارالعودة،بيروت، 1978
54-سحرالرمز،عدد من الباحثين،مقاربة وترجمة:د.عبدالهادي الرحمن،دار الحوار،اللاذقية،ط1 ، 1994
55-شظايا ورماد ـنازك الملائكة ـ مطبعة المعارف ـ بغداد(لم يثبت تاريخ الطبع ـ تاريخ المقدمة, 1949
56-شعرأوس بن حجرورواته الجاهليين،دراسة تحليلية،الدكتورمحمود عبد الله الجادر،دارالرسالة للطباعة-بغداد 1979
57-الشعروالشعراء،ابن قتيبة(ت276)،تحقيق وشرح أحمد محمد شاكر، دارالمعارف بمصر،الطبعة الثانية 1966
58-الشعروالتلقي،دراسات نقدية،الدكتورعلي جعفر العلاق،دارالشروق، الطبعة الأولى 1997
59-شعرزهيربن أبي سلمى،تحقيق الدكتورفخرالدين قباوه،المطبعة العربية، حلب،الطبعة الأولى 1390هـ- 1970
60-الشعر العربي المعاصر,قضاياه وظواهره الفنية المعنوية,الدكتور عزالدين إسماعيل,ط3
61-الشعرالعربي المعاصرقضاياه وظواهره الفنية والمعنوية,الدكتورعزالدين اسماعيل,دارالفكرالعربي, بيروت,ط3, 1981
62-الشعركيف نفهمه ونتذوقه,اليزابيت درو,ترجمة محمد ابراهيم الشوش, مكتبة منيمنه,بيروت,1961
63-الشعرالعربي المعاصر:قضاياه وظواهره الفنية والمعنوية،د.عزالدين اسماعيل،دارالعودة،بيروت،ط3، 1981
64-شعرالرثاء في العصرالجاهلي،دراسة فنية،الدكتورمصطفى عبد الشافي الشورى،الدارالجامعية للطباعة والنشر-بيروت 1983
65-الشعر والتجربة،أرشيبالد مكليش،ترجمة سلمى الخضراء الجيوسي، مؤسسة فرنكلين للطباعة والنشر،بيروت 1963
66-الصورة الفنية في التراث النقدي والبلاغي,جابراحمد عصفور,دارالثقافة للطباعة والنشر بالقاهرة,1974
67-الصورة والبناء الشعري,دكتورمحمد حسن عبدالله,دارالمعارف القاهرة ,1981
68-الصورة في شعر بشار بن برد,الدكتورعبدالفتاح صالح نافع,دارالفكر
للنشروالتوزيع,عمان,1983
69-الصورة البيانية بين النظرية والتطبيق,حفني محمد شرف,دارنهضة مصر ,القاهرة,1965
70-الصورة في شعرالاخطل الصغير,الدكتوراحمد مطلوب,دارالفكر,عمان ,1985
71-الصورة الفنية في شعرابي تمام,عبدالقادرالرباعي,اريد,1980
72-الصورة الأدبية,مصطفى ناصف,دارمصرللطباعة,القاهرة,ط1, 1958
73-الصورة الشعرية في الخطاب البلاغي والنقدي،الولي محمد،المركز الثقافي العربي ـ بيروت،الدارالبيضاء،ط1 ، 1990
74-الصورة الفنية معياراً نقدياً،منحى تطبيقي في شعرالأعشى الكبير,الدكتور عبد الإله الصائغ،دارالشؤون الثقافية العامة،الطبعة الأولى، بغداد-العراق 1987
75-الصورة الفنية ونماذجها في ابداع ابي نؤاس,سيمون عساف,المؤسسة الجامعة للدراسات والنشر,بيروت ,1982
76-الصورة الشعرية,سي دي لويس,ترجمة احمد نصيف الجنابي,منشورات وزارة الثقافة والاعلام ,1982
77-الصورة الفنية في قصيدة الرؤيا،عبدالله عساف،داردجلة القامشلي، 1996
78-الصورة الادبية,مصطفى ناصف,دارمصرللطباعة-1958
79-الصورة والبناء الشعري,د.محمد حسن عبدالله,دارالمعارف,القاهرة ,1981
80-طيف الخيال،الشريف المرتضى،تحقيق حسن كامل الصيرفي،دار إحياء الكتب العربية،الطبعة الأولى 1381هـ-1962
81-العمدة في محاسن الشعر وادابه ونقده,ابوعلي الحين بن رشيق القيراوني الازدي,تحقيق محمد محي الدين عبدالحميد,مطبعة السعادة بمصر, ط3, ج1, 1963
82-عيارالشعر,محمد بن احمد بن طباطبا العلوي,تحقيق وتعليق الدكتور طه الحاجري والدكتورمحمد زغلول سلام المكتبة التجارية,القاهرة ,1956
83-عن بناء القصيدة العربية الحديثة,الدكتور علي عشري زايد,مكتبة دار العروبة,الكويت,1981
84-العمدة في محاسن الشعر،وآدابه،ونقده،ابن رشيق القيرواني(ت 456هـ) ،تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد،مطبعة السعادة بمصر (د.ت).
85-عيارالشعر،ابن طبا طبا العلوي (ت.322هـ)، تحقيق وتعليق الدكتور طه الحاجري،الدكتور محمد زغلول سلام،القاهرة 1956
86-عقائد ما بعد الموت في حضارة بلاد وادي الرافدين،نائل حنون، مطبعة دارالشؤون الثقافية العامة،العراق-بغداد،الطبعة الثانية 1986
87-الغزل العذري،دراسة في الحب المقموع،يوسف اليوسف،دارالحقائق، الطبعة الثانية، 1982
88-فن الشعر,احسان عباس,دار الثقافة بيروت,لبنان,ط3,د.ت
89-في بنية الشعرالعربي المعاصر,محمد لطفي اليوسفي,سلسلة تجليات, سراس للنشر,تونس,1985
90-في الشعرالعربي المعاصروتحليله،عبد اللطيف عبد المجيد،منشورات جامعة البعث،سورية، 1990
91-في الشعرالإسلامي والأموي،الدكتورعبد القادرالقط،دارالنهضة العربية للطباعة والنشر بيروت 1979
92-فقه اللغة العربية،الدكتوركاصد ياسرالزيدي،مديرية دارالكتب للطباعة والنشر 1407هـ-1987
93-قضايا النقد بين القديم والحديث,محمد زكي العشماوي,دارالنهضة العربية ,بيروت,1979
94-قضايا الابداع في قصيدة النثر،يوسف حامد جابر،دارالحصاد للتوزيع والنشر،دمشق،ط1، 1991
95-قراءة ثانية لشعرنا القديم،د.مصطفى ناصف،دارالأندلس ـ بيروت،ط2، 1401 هـ ـ 1981
96-قضايا حول الشعر،الدكتورعبدة بدوي،مطبعة ذات السلاسل-الكويت 1406هـ-1986
97-كشاف اصطلاحات الفنون,التهانون,ج1,تحقيق لطفي عبدالبديع, ترجمة عبدالنعيم محمد,الهيأة المصرية العامة للكتاب,1977
98-الكامل,ابوعباس محمد بن يزيد المبرد,تحقيق محمد ابوالفضل ابراهيم والسيد شحاته,مكتبة نهضة مصرومطبعتها القاهرة,ج3
99-كتاب الصناعتين,الكتابة والشعر,ابو هلال العسكري,تحقيق مفيد قميحة,دار الكتب العلمية,بيروت,لبنان,ط1, 1989
100-كتاب شرح أشعارالهذليين،أبوسعيد السكري،تحقيق عبدالستارأحمد فرّاج، مطبعة المدني (د.ت).الجزء الاول,ق1
101-كتاب الصناعتين،الكتابة والشعر،أبو الهلال العسكري(ت 395هـ)، تحقيق علي محمد البجاوي،محمد أبوالفضل إبراهيم، دار إحياء الكتب العربية ،الطبعـــة الأولى 1371هـ-1952
102-لسان العرب،ابن منظور،دار صادر،دار بيروت-بيروت 1375هـ-1956, مادة (بدأ)
103-لغة الشعرالعربي,عدنان حسن قاسم,مكتبة الفلاح للنشروالتوزيع, ط1, الكويت,1988
104-لغة الشعرالعربي الحديث,مقوماتها الفنية,وطاقاتها الابداعية,السعيد الورقي,دار النهضة العربية بيروت,ط3 ,1984
105-لذة النص،رولان بارت،تر:منذرعياش،مركزالانماء الحضاري،باريس، ط1، 1992
106-الدكتوراحمدالحوفي والدكتوربدوي طباته القسم الاول,مطبعة نهضة, مصر,القاهرة,ط1 ,1959
107-المثل السائرفي أدب الكاتب والشاعر،ضياء الدين بن الأثير(ت637هـ)، تقديم وتحقيق وتعليق الدكتورأحمد الحوفي،الدكتور بدوي طبانة،مطبعة نهضة مصر،الطبعة الأولى 1380هـ-1960
108-منهاج البلغاء وسراج الادباء,حازم القرطاجني,تحقيق محمد الحبيب بن الخوجة,دارالمغرب الاسلامي,بيروت,لبنان,ط2, 1981
109-الموشح,ابوعبدالله محمد بن عمران موسى المزرباتي,تحقيق علي محمد البجاوي,دارنهضة,مصر,1965
110-مقدمة لدراسة الصورة الفنية,الدكتورنعيم اليافي,دمشق ,1982
111-الموازنة بين الشعراء,زكي مبارك,القاهرة,ط2, 1962
112-مبادىء النقد الادبي(ايفور.ار مسترنج رتشاردز)ترجمة وتقديم الدكتور مصطفى بدوي,مراجعة الدكتورلويس عويض,المؤسسة المصرية العامة ,د.ت.
113-مبادئ النقد الأدبي،إ.ا.ريتشاردز،ترجمة وتقديم الدكتورمصطفى بدوي، مطبعة مصر 1963
114-منهاج البلغاء,وسراج الادباء,حازم القرطاجني,تحقيق محمد الحبيب بن الخوجه,دارالمغرب الاسلامي, بيروت,لبنان,ط2, 1981
115-المجمل في فلسفة الفن,كروتشه,بتدتو,ترجمة الدكتورسامي الدروبي , دارالفكر العربي,القاهرة,1947
116-مسائل فلسفة الفن المعاصرة,جان ماري جوتيو,ترجمة الدكتورسامي الدروبي,دمشق,ط2, 1965
117-محاضرات في عنصرالصدق في الادب,الدكتورمحمد النويهي,معهد الدراسات العربية العالية,القاهرة,1959
118-مقدمة,أساطيرـ بدر شاكرالسياب ـ منشورات دارالبيان(مطبعة الغري الحديثة في النجف 1950
119-مقدمة,المساء الأخيرـشاذل طاقةـ مطبعة الاتحاد الجديدة الموصل 1950.
120-مقدمة,جبرا ابراهيم جبرا,لمجموعةأغاني المدينة الميتة ـ بلند الحيدري ـ مطبعة الرابطة ـ بغداد (لم يثبت تاريخ الطبع).
121-مقالات في الشعرالجاهلي،يوسف اليوسف،دارالحقائق بالتعاون مع المطبوعات الجامعية بالجزائر،ط3 ، 1983
122-مقالات في الشعرونقده،الدكتور حسين عطوان،دارالجيل،بيروت-لبنان 1407هـ-1987
123-مقالات في تاريخ النقد العربي،الدكتور داود سلوم، دارالرشيد للنشر- الجمهورية العراقية1980
124-منهاج البلغاء وسراج الأدباء،حازم القرطاجني(ت 684هـ)،تقديم وتحقيق محمد الحبيب ابن الخوجة،دارالكتب الشرقية-تونس 1966
125-مقالات في الشعرالجاهلي،يوسف اليوسف،دارالحقائق،الطبعة الرابعة – بيروت 1985
126-مقدمة في القصيدة العربية في الشعرالجاهلي،الدكتورحسين عطوان،دار المعارف بصر (د.ت)
127-المرأة في الشعرالجاهلي،الدكتورعلي الهاشمي،مطبعة المعارف-بغداد 1960
128-مطلع القصيدة العربية ودلالته النفسية،الدكتورعبدالحليم حفني،الهيئة المصرية العامة للكتاب 1987
129-ملحمة كلكامش،طه باقر،دارالرشيد للنشر،بغداد-الجمهورية العراقية ،الطبعة الرابعة 1980
130-المرثاة الغزلية في الشعرالعربي،الدكتورعناد غزوان،مطبعة الزهراء-بغداد 1974
131-معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب،مجدي وهبة وكامل المهندس، مكتبة لبنان ـ بيروت ، ط2 ، 1984
132-النقد الادبي الحديث,دكتورمحمد غنيمي هلال,دارالنهضة العربية,القاهرة الطبعة الرابعة,1969
133-النظرية الرومانتيكية,سيرة ادبية,كولوردج ترجمة الدكتور عبدالحكيم حسان,دارالمعارف بمصر 1971
134-نظرية المعنى في النقد العربي،د.مصطفى ناصف،دارالأندلس,بيروت، ط2 ، 1401 هـ ـ 1981
135-نصوص من الشعرالعربي قبل الإسلام ـ دراسة وتحليل،د. نوري حمودي القيسي،د.محمود عبد الله الجادر،د. بهجت عبد الغفورالأثري، دارالحكمة للطباعة والنشر ـ بغداد ، ط1 ،1411 هـ ـ 1990
136-النكت في اعجازالقران,الرماني,ضمن كتاب/ثلاث رسائل في إعجاز القرآن،تحقيق محمد خلف الله،محمد زغلول سلام،دارالمعارف بمصر- القاهرة 1387هـ-1968
137-نقد الشعرفي المنظورالنفسي،الدكتورريكان إبراهيم،دارالشؤون الثقافية العامة-بغداد،الطبعة الأولى 1989
138-نقد الشعر،قدامة بن جعفر(ت 337هـ)،تحقيق وتعليق:الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي، دار الكتب العلمية، بيروت-لبنان(د.ت).
139-نقدالشعر,ابو الفرج قدامه بن جعفر,تحقيق كمال مصطفى,مكتبة الخانجي بمصر,ومكتبة المثنى بغداد,1963
140-النقد الادبي,داوود سلوم,القسم الاول ,بغداد,1967
141-نظرية البنائية في النقد الادبي,الدكتورصلاح فضل,دارالشؤون الثقافية العامة,بغداد,ط3 , 1983
142-النظرية الرومانتكية سيرة ادبية,كولردج,ترجمة الدكتورعبد الحكيم حسان,دارالمعارف,مصر,1971
143-الوساطة بين المتنبي وخصومه،القاضي الجرجاني(ت392هـ)، تحقيق وشرح:محمد أبو الفضل إبراهيم،علي محمد البجاوي،مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه،الطبعة الرابعة(مزيدة ومنقحة)1386هـ-1966
144-وحدة القصيدة في الشعرالعربي حتى نهاية العصرالعباسي،حياة جاسم، مطبعة الجمهورية-بغداد 1972
المجلات والجرائد
145-أباريق مهشمة(نقد) ـ أحمد عبد الوهاب ـ الآداب 1954/ العدد 9.
146-انماط الصورة الفنية في شعراحمد عبدالمعطي حجازي,مقترب نظري, محمد صابرعبيد,مجلة الاقلام,العدد التاسع ايلول سنة 1989
147-بواعث البكاء وصورة الفنية في الشعرالعربي – قبل الاسلام-، د.احمد اسماعيل النعيمي،مجلة كلية التربية للبنات – جامعة بغداد،عدد 9(1) 1998
148-براعة الاستهلال في فن الشعر،د.أحمد إسماعيل النعيمي،مقالة منشورة في صحيفة القادسية،عدد( 5616)السنة التاسعة عشرة، 12 رجب 1419 هـ – 1/ 11/ 1998
149-بكاء الناس على الشباب وجزعهم من الشيب،تصنيف:عبدالرحمن بن علي بن الجوزي،تحقيق وتقديم:هلال ناجي،مجلة المورد،المجلد الثاني، العدد الثالث 1393هـ – 1973
150-النوستالجيا ..او الحنين الى الماضي،مجلة طبيب العائلة، باشراف نخبة من الاطباء وعلماء النفس والاجتماع،العدد (96)،بيروت 1979
151-الشاعر واللغة,نازك الملائكة,مجلة الادب البيروتية,العدد العاشر ,1971
152-الصورة بين الشعرالقديم,والشعرالمعاصر,إيليا حاوي,مقال في مجلة الأدب البيروتية,شباط 1960
153-الصورة في القصيدة العراقية الحديثة,الدكتورعناد غزوان,مجلة الاقلام العددان11-12,سنة 1987
154-الصورة الشعرية,مجلة المجلة المصرية,العدد 135,اذارسنة 1968
155-الطيف والخيال عند الشعراء العرب،د.ايهم عباس القيسي،مجلة كلية الاداب،العدد(47)، 1419هـ – 1999
156-الدلالة المجازية في الحكاية الرمزية والرمز،صبحي البستاني،مجلة الفكرالعربي المعاصر،مركز الإنماء القومي ـ بيروت، ع38 ،سنة 1986
الرسائل الجامعية
157-بواعث البكاء ودلالته الفنية والموضوعية في الشعرالعربي قبل الإسلام،سمير جعفرعلي،رسالة ماجستيرأجازتها كلية الآداب –جامعة بغداد 1989
158-البواعث النفسية في شعرفرسان عصرما قبل الإسلام،دراسة نفسية تحليلية،ليلى نعيم الخفاجي،رسالة ماجستير أجازتها كلية الآداب-جامعة بغداد 2002
159-الصورة الفنية في نقد الشعر العربي الحديث,بشرى موسى صالح, اطروحة كتوراه,جامعة بغداد كلية الاداب ,1987
160-الصورة الادبية في الشعرالاموي,محمد حسين علي الصغير,رسالة ماجستيرمكتوبة بالالة الطابعة,بغداد ,1975
161-الصورة الفنية في شعرالاعشى الكبير,عبدالاله الصائغ,رسالة دكتوراه بالالة الكاتبة,كلية الاداب بغداد,1984
162-الصورة الفنية عند الرصافي,وليد حسن عبدالله,رسالة ماجستيربالالة الطابعة,كلية الاداب,جامعة بغداد,1985
163-الصورة المجازية في شعرالمتنبي,جليل رشيد فالح,اطروحة دكتوراه ,كلية الاداب,جامعة بغداد,1985
164-الرمزفي الشعر العربي قبل الإسلام،مؤيد اليوزبكي،أطروحة دكتوراه ،بإشراف: أ. د.عمر محمد مصطفى الطالب،كلية الآداب ـ جامعة الموصل ، هـ 1412- 1992
165-الشيب والهرم في الشعرالعربي قبل الإسلام،هدى هادي عباس، رسالة ماجستيرأجازتها كلية الآداب-جامعة بغداد 1994
166-الزمان والمكان فيشعرأبي الطيب المتنبي،دراسة تحليلية،حيدرلازم مطلك، رسالة دكتوراه أجازتها كلية الآداب-جامعة بغداد 1991
167-الشعراء العشاق في العصرالجاهلي وصدرالإسلام،دراسة موضوعية وفنية،زهراء هادي سلطان،رسالة ماجستيرأجازتها كلية التربية للبنات-جامعة بغداد 2003
168-المهلهل بن ربيعة التغلبي،حياته وشعره،نافع منجل شاهين،رسالة ماجستير أجازتها كلية الآداب-الجامعة المستنصرية1986
169- الصورة الشعرية عند ابي القاسم الشابي،مدحت سعد محمد الجبار،المؤسسة الوطنية للكتاب تونس
المجاميع الشعرية
170-المخاطبات,هشام القيسي,تموزللطباعة والنشروالتوزيع,دمشق, 2013
171-ثمة ما يجري دائما,هشام القيسي,تموزللطباعة والنشروالتوزيع,دمشق, 2012
الكاتب في سطور
الدكتور جمال خضير الجنابي
سفير الأدب الكردي في العالم
بابل/الإسكندرية /العراق/ 1965
خريج كلية الفنون الجميلة/ قسم الفنون المسرحية /جامعة بغداد
ماجستير/طرائق تدريس التربية الفنية/من معهد العربي العالي للدراسات التربوية والنفسية
دكتوراه من معهد العربي العالي للدراسات التربوية والنفسية
كاتب ومفكر وباحث وناقد وشاعر وروائي وقاص وكاتب مسرحي وصحفي
نائب الأمين العام لربطة السلام للثقافة والفنون والإعلام
نائب رئيس ومسؤول الإعلام في جمعية نوسكو للفنون المعاصرة
رئيس مجلس إدارة ورئيس التحرير مجلة لمسة إبداع الأكاديمية لبحوث والدراسات
عضو الجمعية العامة للدفاع عن حقوق العاملين
عضو اتحاد الأدباء والكتاب في العراق
عضو اتحاد الأدباء والكتاب العرب
عضو في نقابة الصحفيين العراقيين / عضو عامل
عضو اتحاد الصحفيين العرب
عضو اللجنة المهنية في نقابة الصحفيين العراقيين
مدير مكتب مجلة الإتحاف التونسية في بغداد
نائب رئيس تحرير جريدة الجماهير
محرر في جريدة الأهالي
رئيس القسم الثقافي في جريدة الدستور
رئيس القسم الثقافي في جريدة العالم بين يديك وحقيقية الإخبار
محرر في مجلة البلديات / في وزارة البلديات والإشغال
ينشر في الجرائد والمجلات العراقية والعربية والكردية
ترجمت قصائده إلى اللغة الكردية
ترجمت دراساته إلى اللغة الكردية
فائز بجائزة النقد العربي في مصر عام 2-14
صدر له
-1 امرأة إمام القاضي / مجموعة شعرية /1997
-2 زخات حب/ مجموعة شعرية/ 2— /دار الإتحاف للنشر / تونس
-3لماذا احبك أنت / مجموعة شعرية / 2–1 / دار الشؤون الثقافية العامة / بغداد
-4 مقالات في الشعر الكردي العراقي المعاصر/ الجزء الأول/ 2–3 / دار الثقافة الكردية
-5المكونات الفنية في قصائد خسرو الجاف /الجزء الأول/ منشورات
دكتور جمال خضير الجنابي
-6المكونات الفنية في قصائد خسرو الجاف /الجزء الثاني/منشورات دكتور جمال خضير الجنابي
– 7الرواية التاريخية دراسة في الأدب الروائي(محمد سليم سواري) نموذجا/حكومة إقليم كردستان/وزارة الثقافة والشباب/المدية العامة للصحافة والطباعة والنشر/مديرية الطباعة والنشر في دهوك
-8المكونات الفنية في قصائد خسروالجاف /الجزء الثاني/وزارة الثقافة /دارالثقافة والنشر الكردية/ا لتسلسل1–/ 2-13
-9المكونات الفنية في الشعر النسوي الكردي العراقي المعاصر /الجزء الاول/حكومة اقليم كوردستان/وزارة الثقافة والشباب/المدية العامة للاعلام والطباعة والنشر/اربيل/2-13
-10مقومات البناء الفني في الشعرالمعاصر/الرمزية والمكان والصورة الشعرية (سعدالله) (دراسة تحليلية) حكومة اقليم كوردستان/وزارة الثقافة والشباب/المدية العامة للاعلام والطباعة والنشر/اربيل/2-13
له تحت الطبع :
الدراسات النقدية والبحوث في الأدب الكردي
-1الرؤية الرمزية الرومانسية ودراسة في الأدب الروائي عند خسرو الجاف
– 2المكونات الفنية في قصائد خسرو الجاف / الجزء الأول
– 3المكونات الفنية في قصائد خسرو الجاف / الجزء الثاني
-4مقالات في الشعرالكردي العراقي المعاصر/الجزء الأول/ 2–3 / دار الثقافة الكردية
– 5دراسات في الشعر الكردي العراقي المعاصر / الجزء الثاني
-6الرواية التاريخية دراسة في الأدب الروائي(محمد سليم سواري) أنموذجا
-7القصة القصيرة الكردية وبنائها الفني(محمد سليم سواري)أنموذجا
-8مقومات البناء الفني في الشعرالمعاصر/الرمزية والمكان والصورة الشعرية(برهان البرزنجي)(دراسة تحليلية)
– 9الصورة الشعرية في شعر حسين الجاف/ دراسة تحليلية.
– 10اللغة الشعرية في شعر جنار نامق/ دراسة تحليلية.
-11السرد في الرواية الكردية(حسن سليفاني)نموذجا (دراسة تحليلية)
– 12المكونات الفنية في الشعر النسوي الكردي العراقي المعاصر
-13الشخصية في الرواية الكردية(حسن سليفاني)نموذجا(دراسة
تحليلية).
– 14المستوى الدلالي واللغوي في شعر جاسم الغريب
– 15الصورة الفنية في شعر شيركو بيكه س/دراسة تحليلية
-16الصورة الفنية في شعرشيركو بيكه س/دراسة تحليلية/الجزء الثاني
-17البناء الفني في اللغة الشعرية عند شيركوبيكس (دراسة تحليلية)
– 18الصورة الشعرية في شعر جنار نامق/دراسة تحليلية
-19مقومات البناء الفني في الشعرالمعاصر/الرمزية والمكان والصورة الشعرية (سعدالله) (دراسة تحليلية)
-20وسائل تشكيل الصورة الشعرية عند فوزي الاتروشي(دراسة تحليلية)
– 21بناء النص الشعري عند لقمان محمود/دراسة تحليلية
-22اللون والأساطير في الصورة الشعرية عند مؤيد طيب/دراسة تحليلية
– 23المكونات الفنية في قصائد برهان البرزنجي/دراسة تحليلية
-24أثر الفكر في جماليات الموضوع الشعري عند فوزي الاتروشي (دراسة تحليلية)
– 25الأسلوب واللغة في قصائد فوزي الاتروشي/دراسة تحليلية
– 26المكونات الفنية في الشعر النسوي الكردي العراقي المعاصر /الجزء الاول
– 27المكونات الفنية في الشعر النسوي الكردي العراقي المعاصر
/الجزء الثاني
-28البنية السردية واللغة في شعر دلشا يوسف (دراسة تحليلية)
-29الفضاءاللغوي والصوري في شعر لطيف هلمت—
– 30ظواهر أسلوبية في شعر ابراهيم احمد /الدراسة الفنية
– 31عملية الخلق الشعري في شعر سامي هادي الدراسة الفنية
الدراسات النقدية والبحوث في الأدب التركماني
-1مستوى الأداء اللغوي وفضاؤه الدلالي عند –الشاعرةمنور ملا حسون.
-2بناء النص الشعري في قصائد–د.فاروق فائق كوبرلو الدراسة الفنية .
الدراسات النقدية والبحوث
-1دراسات في الأدب العراقي المعاصر/ الجزء الأول
-2 دراسات في الأدب العراقي المعاصر/ الجزء الثاني
-3 تقويم أداء مدرسي التربية الفنية في المرحلة الثانوية في ضوء كفاياتهم / رسالة ماجستير
-4 نشأة المسرح المدرسي وتأثيره على الطفل / أطروحة دكتوراه
-5 اللغة في الخطاب الشعري عند حامد حسن الياسري/ دراسة نقدية
-6 دراسة في المؤثرات التراثية والحداثية والفنية في شعرمنذرعبد الحر
-7 المرايا في النص الشعري الحديث /علي الإمارة/ نموذجا/دراسة نقدية
-8 المرايا في القصة القصيرة / دراسة نقدية/ الجزء الأول
-9 المرايا في القصة القصيرة / دراسة نقدية / الجزء الثاني
-10 دراسة في/ الرواية والشعر وأدب الطفل
-11 الرواية الواقعية في ثلاثية / المناضل/ الزهر/ المفتون
-12حاتم حسن بين الرواية والقصة القصيرة/ دراسة نقدية
-13مقومات البناء الفني في القصة القصيرة عند سعد البزاز / الجزء الأول /بناء الشخصية
– 14مقومات البناء الفني في القصة القصيرة عند سعد البزاز / الجزء الثاني /بناء السرد
-15مقومات البناء الفني في القصة القصيرة عند سعد البزاز/الجزء الثالث/بناء المكان والزمان
– 16كنوز في التراث الشعبي
– 17البناء الفني في لغة الشاعر كريم راضي العماري
-18الموسيقى الشعرية في شعرعبد المطلب محمود/ دراسة تحليلية.
-19اللون والأساطير في الصورة الشعرية عند مضر الالوسي /دراسة تحليلية
-20معجم الألفاظ الشعرية في قصائد عبد الحسين الحكيم
-21الموروث اللغوي في المعجم الشعري—عند إبراهيم الخياط
-22أهمية الصورة الشـــــعرية ووظيفتها عند هشام القيسي—
المجاميع الشعرية والنثرية
-1 الإعمال الشعرية الكاملة/ الجزء الأول/ ديوان شعر
-2 صرخات نهد / مجموعة شعرية
-3 خارج فصول الصمت/ مجموعة شعرية
-4 فوق شفتيها ترقص حروفي / مجموعة شعرية
-5 سألقاك / مجموعة شعرية
-6 مذكرات كتبناها على رمال البحر / مجموعة شعرية
-7 من تكونين ؟؟ / مجموعة شعرية
-8 أوراق مغسولة .. بأمطار الحب .. / مجموعة شعرية
-9 أشواق تراقص الشيطان / مجموعة شعرية
-10جروح حب ضائع / مجموعة شعرية
-11 عاشق تحت المطر الحب / مجموعة شعرية
– 12أحلام رجل عاشق وامرأة جميلة جدا
-13 أسرار البحر وكفاء / مجموعة شعرية
-14 فوق الشرفة تنتظرني أنثاي / مجموعة شعرية
– 15رسالة إلى امرأة تغرق في وحل الرذيلة
– 16جنون رشا وبحر/ مجموعة شعرية
-17له مخطوطات شعرية ودراسات نقدية في الأدب العراقي والكردي وأيضا روايتين ومجموعة قصص ومسرحيتان.
المحتويات
1- الاهداء…………………………………………………ص5
2- الفصل الاول/ مفهوم الصورة الشعرية……………….ص7
3- الفصل الثاني/أهمية الصورة الشعرية ووظيفتها….. ص29
4- الفصل الثالث/الصورة……………………………… ص47
5- الفصل الرابع/التشكيل الصوري ألوان الطيف الروحي……………………………………………..ص 83
6- الفصل الخامس/الرمز في شعر هشام القيسي……. ص109
7- الفصل السادس/الصورة بمنظور القدماء والمحدثين…………………………………………..ص135
8- المصادر………………………………………….. ص195
9- الكاتب في سطور………………………………….ص 212