مسلم يعقوب السرداح : الارنب الذي هزمته السلحفاة

moslem alserdah 3بعد هزيمته المعروفة للجميع لم يخجل الارنب المغرور امام خسارته المنكرة تجاه السلحفاة . بل انه حتى لم يكلف نفسه الاعتذار للحيوانات التي وضعت ثقتها فيه . وراهنت على فوزه . نعم لم يخجل ولم يعتذر بل راح يتبجح كعادته امام السلحفاة المنتصرة . ويصر على انه هو المنتصر الاول رغم كل شيء . قال له القرد الاخضر :
– انت لم تفز . بل ان الفائز هي السلحفاة . ولقد كنت اراقب المشهد عن كثب ، جيدا من فوق الاشجار . وكان الفارق بينكما اكثر من مسافة عشرة امتار .
قال الارنب المتبجح :
– انها مؤامرة اقترفتوها انتم معاشر القرود ضدي . لانكم تكرهوننا نحن معاشر الارانب لاننا اسرع منكم في الركض ، واكثر منكم جمالا ورشاقة . فضحك القرد الاحمر في سره وهو يتذكر الارنب وهو يكاد يقتل نفسه من شدة الركض في الدقائق الاخيرة من السباق . ولكن دون جدوى .
قال الارنب يحدث نفسه :
– ان فضيلتي الوحيدة بين الحيوانات هي سرعتي . ولقد فقدت سمعتي . فانا والحق يقال صغير الحجم من الحيوانات النباتية . وانا لااقوى على منازلة احد من الحيوانات اكلة اللحوم الا بالهرب منها والاختباء في جحري . ثم اضاف يحدث نفسه قائلا :
– انا منذ هزيمتي المنكرة امام السلحفاة المثابرة اصبحت حديث الحيوانات في جميع انحاء الغابة . حتى انني اسمع بملئ اذني اللتين سياكلهما الدود كيف ان الاسد يطلق علي لقبا كريها ” المتسابق النكرة اكل الجزرة “. وسمعت من اخرين غيره من يصفني بدناءة النفس . ذلك اني ونتيجة لمروري بمزرعة للجزر وعثوري بالصدفة على جزرة صفراء شهية سال من اجلها لعابي خسرت السباق وخسرت معه سمعتي . اذ بقيت اكل واكل حتى اعياني التعب فنمت . وعندها كانت السلحفاة قد قطعت معظم مسافة السباق .
اراد الارنب المهزوم ان يبعد نفسه ويختفي عن ارض الارانب . ففكر في الانتحار او الهجرة . لكنه ولسبب مجهول عدل عن هذه الفكرة . كان ماخوذا باحلام اليقظة في انه سينتصر في السباقات اللاحقة . بل ان المقربين له كانوا يقولون ان الارنب المهزوم كان يعتقد انه لم يهزم . وانه بقي ولايزال منتصرا .
اما معاشر الارانب ولان الحكاية تخصهم ، ذلك لانها تحولت وصمة عار في جبين كل ارنب . لانها ستتحول لاحقا الى واحد من الامثال التي ستضرب في غباء الارانب ودناءة انفسهم امام منظر الجزرة . فقد لاموا انفسهم بقبول السباق الغير متكافيء بين السلحفاة البطيئة جدا والارنب المشهور بسرعته . ولذلك فقد حفروا ممرا سريا يصل بين نقطة الانطلاق والهدف النهائي بخط مستقيم . كان الممر الذي حفروه يدخل ويخرج في النقاط الكثيفة الزرع عبر مزارع الجزر . لانهم بذلك يضربون عصفورين بحجر واحد . وهما الجزر الشهي والفوز في السباق . مستندين على فكرة الكذب الابيض وذلك خوف ان يكشف خداعهم اصحاب الفضول ومالكي الكامرات .
الطريف ان الارانب ذات الرغبات المشبوهة رغم انها استوعبت الدرس جيدا . وفازت في كل السباقات اللاحقة . و صارت تنتقي متسابقيها من الارانب المدربة ، بطرقها الميكافيلية . ولكن رغم ذلك بقيت دائما تسمع المثل ، وصمة العار ، حول هزيمتها امام السلاحف . لا ان يحدد ارنب معين وسلحفاة واحدة .

تعليقات الفيسبوك

شاهد أيضاً

حــصــــرياً بـمـوقـعــنــــا
| د. زهير ياسين شليبه : المهاجر .

كان علىَّ اليوم أن أرى فيلم المهاجر! اتصلتْ بي شريكة حياتي، أو “نصفي الأفضل” كما …

| عبدالقادر رالة : زّوجي .

    أبصرهُ مستلقياَ فوق الأريكة يُتابع أخبار المساء باهتمام…      إنه زّوجي، وحبيبي..     زّوجي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *