(1)
المعرّة
كلّما جئتُها ، زرتُ شيخي الـمَعَرِّيَّ ، أحملُ أوزارَ عُمْري
فأُلقي بها في محيطِ الضريحِ ،
وأَلْقى ، هناكَ ، الشميمَ الذي كنتُ أستافُهُ من بعيدٍ …
لقد كان “هادي ” يُلَمْلِمُ ما قد تَناثَرَ من أُمّــــةٍ ،
كان ” هادي ” يُجاوِرُ شيخَ الـمعرّةِ
واليومَ ، لم يَبْقَ من شاخصٍ للمعرةِ غير الـمَعَرّيِّ …
مَن كان جاراً … ثوى بـدمشقَ ؛
بـ ” مقبرة الغُرَباءِ ” .
المعرّةُ بِنتُ المعرّيّ
هذا الذي ما جَنى …
—————
* هادي ، هو هادي العلويّ ، الثوريّ المفكِّرُ .
(2)
قلعةُ سِمعان
السماءُ الخفيضةُ كانت مُعَلَّقةً بغيومٍ رمادٍ
وكان الشجرْ
يترقرقُ …
كانت غصونُ الشجرْ
مثل أوراقِهِ ، تترجّحُ تحت نسيمٍ خفيفٍ ،
وكان الحَجرْ
وهو يُنْبِتُ أعمدةً من غيابٍ
وأروقةً …
يترقرَقُ .
ثمّتَ منحدَرٌ تتبيّنُ منه الجبالَ التي كان يسكنُها التُّرْكُ.
في بَغتةٍ … تتعالى التهاليلُ ؛
سِمعانُ
سِمعانُ
سِمعانُ
هل تسمعُ الناسَ ؟
هل تسمعُ اللهَ ؟
سِمْعانُ
سِمعانُ
سِمعان …
(3 )
خيّاطُ المطران
مطرانُ حلبْ
كان له خيّاطٌ في السوقِ
وكان لخيّاطِ المطرانِ صديقٌ من طائفةِ الأرمنِ
كان طبيباً …
آنَ ضُحىً أقنعَني أن ندخلَ في السوقِ
وأن ندخل في دكّانِ الخيّاطِ :
سيُلْبِسُكَ الخيّاطُ قميصاً كان سيلبسُه المطرانُ غداً …
أنت ، اليومَ ستدفعُ
أمّا المطرانُ فقد لا يدفعُ حتى يومِ الدِّين !
*
أنا ، حتى الآن ، لَدَيَّ قميصُ حريرٍ ، أسوَدُ
كان سيلبسُهُ مَطرانُ حلب ْ …
(4 )
نادي نقابات العمّال
تَدخلُ في النادي ، مرتبكاً …
تتساءلُ : هل هذا النادي للعمّالِ ؟
لكنّ النادي للعمّالِ
وتقرأُ فوق البابِ المفتوحِ ، وإنْ كان حديداً :
نادي نقابات العمّال
إذاً !
في النادي تجلسُ عند البرْكةِ ،
تشربُ كأساً من ” عَرَقِ البطّةِ ” …
ثَمَّ مآكلُ قد لا تأكلُها حتى في ” فندق بارون” .
ولكنك بعد الكأسِ
سيأتيكَ سؤالُ الرأسِ :
تُرى … أين العمّال ؟
( 5 )
القلعة
لم تكن مغرَماً بالقلاعِ …
وفي أيّ أرضٍ حللْتَ رأيتَ القلاعَ محاصَرةً ؛
لا تَقُلْ : حلَبٌ !
كلُّ تلكَ القلاعِ ، ومن بينِها ، حلَبٌ …
أقلَعَتْ !
قد نُغَنِّي بها
قد نُغَنِّي لَها
قد ننامُ على مُخْمَلٍ من وسائدِها ،
لِنُفِيقَ وقد مسَّنا الضُّرُّ
والقهرُ …
هذا زمانٌ تُدَوِّنُهُ الطائراتُ الـمُغِيرةُ ،
هذا زمانُ الطُّغاة …
لندن 15.01.2015
* عن موقع المبدع الكبير “سعدي يوسف”