الفصل الرابع
كانت مأساة “البرتين” حاضرة منذ إقامة الراوية الأولى في “بالبيك”، ثم تشابكت أثناء وجودهما في باريس، وقويت بعد زيارته الثانية “لبيليك”، وانتهت في حبسها في باريس. لقد ظهرت له في المرة الأولى مغمورة في ألق “المجموعة الصغيرة” في “بالبيك”، وهي تدفع أمامها درجتها الهوائية، في تلك المسيرة المعصومة والتي لا تُطال، تدور وتحني أصابعها الفاتنة باتجاه البحر، وقد بدت للراوية المتعبد الغيور وكأنها بالدقة إفريز أو سقف عال ضمن تلك الجماعة. لم تكن لها فردية متميزة. فهي لم تكن سوى برعم من بين تلك الزهور الرقيقة من أرصفة حدائق بنسلفانيا التي تكسر الأمواج، وبأن هذه النخبة العجيبة للمجموعة الصغيرة ستعينه، بعد أعوام متأخرة، حين سيفصلها عن المجموعة ويأسرها، وعندما يُضع سديم تلك الكوكبة في مركب نجومي متفرد لمهووس؛ ستعينه ليس على نكران الواقع الموضوعي لحبه لها فحسب، (كما كان الأمر مع “جيلبرت”)، بل وأيضاً الواقع الذاتي، وذلك عبر ربطها بصورة أخرى. نظرت إليه يوماً حين كانا على الساحل (التوحد مع البرتين سيحدث لاحقاً)، ومن ثم سيكتب : “كنت أعرف، ولا أرغب في تملك هذه الشابة الممتطية لدراجتها الهوائية، إذا لم أكن قادراً على تملك ما كان موجوداً في عينيها”. لقد حركت مخيلته شرنقتها من حول تلك الخادِرة النحيلة والتجريدية تقريباً، وخلقت اتحاداً طقوسياً معربداً مع تلك المجموعة الباخوسية لراكبات الدراجات الهوائية “cycling Bacchants”. كان الرسام “إليستر” Elstir هو من قدمه إليها، ومن ثم تطورت معرفته بها عبر سلسلة من الطرح “subtractions”، فكل شذرة من تخيله ورغبته تبدو وكأنها أخلت مكانها لفكرة لا تنتهي وأرخص ثمناً. وهكذا، فإن علاقتها مع السيدة “بونتو” Bontemps، ملاطفاتها الأولية، وكذلك الانفعال العاطفي بالشامة على حنكها، واستخدامها لصفة “تماماً” بدلاً من “بالدقة”، والتورد الريفي لصدغها قد شكلت مركزاً جذب بصري يَسحبُ نحوه تركيب ملامحها المُنظمةِ، كل ذلك كان كافياً لخلق “إلبرتين” أخرى بعيدة عن “إلبرتين” الأولى. كما أن ساحل الوردة، باعتباره جانباً ثالثاً، المتميز عبر النطق الأنفي، بالإضافة إلى تأمرها السوقي المرعب، واختفاء التورد الصدغي، وفي النهاية ذلك التحول العجيب للشامة من فوق حنكها إلى أعلى فمها، قد خلق بدوره “إلبرتين” أخرى بعيدة عن “إلبرتين” الثانية. وها أن التعددية الصورية “pictorial multiplicity” لألبرتين قد تشكلت، ومن ثم سوف تُغَلفُ بقوة ضمن تعددية بلاستيكية وأخلاقية، ولن تعود مجرد سطح متغير وانفعال مأخوذ من زاوية نظر المراقب أكثر من كونه تعبيراً عن تنوع داخلي نشط، لكن تعددية في العمق، اضطراب لتناقضات موضوعية ومحايثة لا سيطرة للذات عليها.
ومع ذلك، كان قد استنتج سلفاً بأن وجهها قد تحول تقريباً، قبل تغير تعبيراتها، وقبل أن يكون ذلك الوجه بكامله سطحاً ناعماً وشمعياً، إلى حالة من السيولة لغبطة صافية، أي أنه تحول من حجرة كريمة منحوتة بأزميل النحات إلى لون اسود-أحمر مُتقد ومكتظ بالبخور، وكذلك فإن الاسم “the Name” لا يشكل سوى مثال عن البربرية لمجتمع بدائي، وغير ملائم حسب التقاليد كاسم “هومير” أو “البحر”. أن حركته الأولى الغامضة للاقتراب منها قد تمّ رفضها ببرودة. وهذا ما جعله يستنتج بأن “إلبرتين” فتاة تقية، وأن فرضيته الأصلية –بأنها يمكن أن تكون خليلة لأحد مدربي الدراجات الهوائية، أو نجم ملاكم- لم تكن غير صحيحة في تطبيقها الخاص فحسب، بل أيضاً مبنية على أساس مزيف لشعوره بشخصيتها. لقد استنتج بأن “إلبرتين” فتاة ورعة، وقد ختم هذا الانطباع بقائه في مدينة “بالبيك”.
لكن عند الزيارة التي قامت بها “إلبرتين” إلى باريس سيتمّ تصحيح ذلك الانطباع. فمقابل لغتها الجديدة، المُحلاة بتعبيرات مثل “متميز”، “بالنسبة لذهني”، و”mousme”و”مجال من الزمن”، ثمة “إلبرتين” أكثر تعقيداً، وكأنها أصبحت سخية الآن نحو محاباتها، فيما كانت بخيلة تماماً في السابق. حين كان الراوية يفترض بأن “إلبرتين” مادة للتعليم، لم يكن قادراً على وضع معياراً بين هذه الجوانب الثلاثة الرئيسية من شخصيتها : “إلبرتين” المُتحمسة وغير الواقعية عند الساحل، “إلبرتين” العذراء كما ظهرت له عند إقامته في “بالبيك”، وفي الوقت الحالي “إلبرتين” التي تملأ وعد الأولى في واقعية الثانية. “لقد انتهت معرفتي الإضافية إلى خصومة مؤقتة. أي تأكيد كان الحصول عليه ا ممكناً، حين يتمّ دحض الفرضية الأولى ومن ثم يُعاد تأكيدها”؟ ومن ثم، فقد تضاعفت لذته مع “إلبرتين” عندما بلغ إدراكه إلى الواقع اللامادي التي تبدو بأنها تجسده رمزياً، “بالبيك” وبحرها –”وكأن الامتلاك المادي لشيء ما في المدينة، كان يعادل امتلاكه الروحي”. أن موضوع الرغبة المركب هذا -امرأة وبحر- قد جرى تبسيط عنصره الثاني بعادة العنصر الأول. ثمة من مركب ثانوي آخر يمكن أن يتشكل من الغيرة، وبالتالي تتم إعادة الامتزاج ما بين الإنساني والبحري، لكن باعتباره مزجاً قلبياً وليس مُحَفزٌ بصري. بيد أن “إلبرتين” هذه يمكن تشكيلها من جوانب عديدو، تماماً كما يمكن للقطات الفوتغرافية تشكيل كنيسة واحدة، وذلك بتصويرها بالتتابع لكل قناطرها الأخرى وطلعة الجسر بكامله أو ما بين ضفتين متاخمتين لبعضهما، وهكذا يتفكك ذلك الوهم للمادة الصلبة من جوانب متعددة متراكبة. فالرحلة القصيرة لشفاه الراوية من فوق وجنات “إلبرتين” قد خلقت عشرة منها، وحولت تفاهة إنسانية إلى آلهة ذات رؤوس متعددة. لكن خطر ما يمكن أن تكون عليه حياته معها قد جرى الإفصاح عنه بصورة أكبر وضوحاً، فبعد زيارته للأميرة “غيرمونت”، يجلس في غرفته وحيداً في انتظار “إلبرتين” (التي غيبتها، لحظوياً، الآنسة العجيبة “سترماريا” Stermaria، تظل غائبة عن ذهنه طيلة المساء)، ولأنها وعدته بالمجيء ولم تأتي، يُثير عدم مجيئها مجرد اضطراب فيزيائي في الاشتعال الأخلاقي لقلقه، لذا فإن مجرد الإصغاء لخطواتها أو الاستحضار السامي للهاتف، لا يتلقاه بأذنه وعقله، ولكن بقلبه. ففي قلقه كان قد أضاف قطعة كريستال أخرى لغصن كريستال “سالزبورغ” “branch of Salzburg”، كريستال تلك الحاجة التي كانت تعذبه حين كان في “كومبري”، والتي لم يكن بمقدور أحد تهدئتها سوى أمه بسخونة شفتيها، عندما كانت تقبله قبل نومه. لكنها عندما هتفت لكي تشرح له، أي عندما كانت في طريقها للوصول إليه، استولت عليه حينئذ الدهشة كيف أنه قد رأى “بالإبرتين” السوقية هذه، التي تشبه أي واحدة أخرى، إن لم تكن حتى أكثر دونية منها؛ كيف رأى فيها ينبوعاً لسعادته وخلاصه التي لا يمكن لأية معجزة أخذ مكانهما. “لا يحب المرء سوى ما لا يملكه، فهو يحب ملاحقة ذلك الذي لا يتمكن من بلوغه”.
أن زيارته الثانية “لبيليك”، الذي قام بها بعد معرفته المتأخرة لوفاة جدته، قد أنجزت ذلك التحول لمخلوق سطحي إلى مخلوق عميق –ما لا يسبر غوره، ينجز تصلب ملمح الوجه. ففي اللحظة التي يرى فيها الدكتور “كوتارد” Cottard “إلبرتين” وصديقتها “أندريه” (واحدة من تلك المجموعة) ترقصان سوية في كازينو “أنفرافيل”، وبعد فحصه بأطناب لحالة شذوذ جنسية، في تلك اللحظة ذاتها يبدأ “التعذيب المتبادل” لعلاقتهما. من تلك النقطة، تشرع الأكاذيب والأكاذيب المقابلة، الملاحقة والهروب، ومن جانب الرواية أصبح حبه القوي “لإلبرتين” مرتبطاً بنفس الدرجة التي تتواصل فيها مراوغاتها. فإلبرتين ليست مجرد كاذبة، كجميع أولئك الكاذبون الذي يظنون بأنهم محبوبين : أنها كاذبة طبيعية “she is a natural liar”. مجموعة من الأحداث تقوي شك الراوية بالفصل المتعلّق “بإلبرتين”، أي ما يجعله يندفع أكثر في حبه لها. فهي تخفق في الحفاظ على وظيفة، وتكذب من حول وظيفة أخرى، مع صديقة أسطورية لعمتها في كازينو “انفرفيل”، وتقوم أيضاً بالتشوف في مرآة الآنسة “بلوخ” ومرآة عمتها، ممارستان من ممارسات “سافست” “two practicing Sapphists”، ومن ثم تنكر بأنها كانت قد رأتهما. حينئذ، تشرع غيرة الراوية وشعوره بالعجز بلوغ ذروتهما، تعقبهما هدهدة، ثم تتم مناشدته عبر نعومة “إلبرتين” الجاهزة دائماً. يصبح غير مبالياً بهذا المخلوق الجديد الذي كف عن أبداء مقاومة أكبر ضده. يُقرر قطع علاقته بها، ويكشف عن عزمه لأمه. فبعد عودته في أحدى الأمسيات مع “إلبرتين” إلى “تاكوت” من حفلة أقيمت في فندق “راسبالير” تتشكلت في ذهنه صيغة تلك المقاطعة. يحدث له أن يشير على اهتمامه بموسيقى “فنتاي”. تعلن”إلبرتين”، التي لا يختلق تذوقها للموسيقى ببدائيته عن تثمينها للرسم وفن المعمار، ولأنها تسعى لخلق انطباعاً مريحاً عند الراوية، عن معرفتها الوثيقة بموسيقى “فنتاي”، بفضل صداقتها الحميمة مع الآنسة “فنتاي” وكذلك بفضل صداقتها مع الممثلة “ليا”. يعود الراوية، الذي بلغت غيرته ذروتها، إلى “مونت جوفان” Montjouvain، فيصاب هذا المراقب بالفزع من رؤية هاتين المُثليتين وهما تعطران لذتهما بحركة سادية خليعة على حساب السيد “فنتاي” نفسه، الذي توفي منذ فترة قصيرة (1). أن مشهد “مونت جوفان” يقترب من صورة عودة “أورست” للانتقام من مقتل والده “آغامنون”. ثم يبدأ الراوية في التفكير بجدته وبالعذابات التي كان يُسببها لها. حينئذ، تغدو “إلبرتين”، التي كانت قد أصبحت بعيدة عنه ومنفصلة عن قلبه قبل لحظة، ليس هوسه فحسب، بل جزءاً منه، في داخله، كما تصبح الخطوة التي تقوم بها للنزول من القطار تهديداً يمزق ويفتح جسده. يُرغمها على الذهاب معه ألى “بيلبك”. لم يعد الشاطىء والأمواج موجودة، وقد مات الصيف. فالبحر ما هو سوى وشاح لا يفلح في أخفاء رعب “مونت جوفان”، حيث رأى ذلك الشبق السادي الذي لا يُغتفر والصورة المُدنسةِ. أنه يرى في “إلبرتين” “راشيل” و”أوديت” أخرى، ويدرك بأن سخرية وعقم تلك العاطفة لم يكنا مدفوعين إلا بالمصلحة. يرى حياته كتعاقب لنهارات بلا مسرة، تسممها عذابات الذاكرة والعزلة. في صبيحة اليوم التالي يأخذ “البرتين” ويعود بها إلى باريس، ويحبسها في البيت.
أن حياته المشتركة مع “إلبرتين” حياة بركانية، وذهنه ممزقاً بسلسلة من الإنفجارات : الهلع، الغيرة، الحسد، الفضول، العذاب، الكبرياء، الحب والشرف. لقد تأسس شكل هذا الأخير مسبقاً عبر الصور الاعتباطية للمخيلة والذاكرة، حكاية مختلقة منهما، ومن عذابه، الذي يتطلع لإرغام تلك المرأة على التطابق معه. أمّا شخص “إلبرتين”، فهو لا شيء. أنها ليست دافعاً، بل فكرة، بعيدة عن الواقع كما هي بعيدة صورة “أوديت” التي رسمها “إلستر” عن الواقع، والتي هي ليست صورة عن المحبوب، بل صورة للحب الذي شوهها، والذي دفع “بأوديت” أن تكون بعيدة عن “أوديت” الواقعية. لذا، لا يمكن الرد على قلقه انطلاقاً من “إلبرتين”، بل عبر كلية مسار التعذيب والانفعالات التي رافقت شخصها وارتبطت به عن طريق العادة. ذلك لان حياته مع “إلبرتين” لم تتضمن على أي نفع إيجابي، ولم تكن سوى مُسكنْ، وعلامة على الاستحواذ الكامل. ولا حتى بالتسكين الدائم، فأعجوبة “إلبرتين”، تلك الأعجوبة التي شعر بها في عينيها، عندما التقيا للمرة الأولى أمام البحر في “بالبيك”، الأعجوبة التي سحرته في حينها والتي يحن الآن على مسحها، لأنها تمثل هشاشة سيطرته عليها. أن هذه المرحلة من علاقته “بإلبرتين” تحمل آثر تأسيسها المُفتعلِ، مفتعل بحكم غيرته وخداعها. “كيف نتملك جرأة الرغبة في العيش، كيف يمكننا القيام بخطوة تبعدنا عن الموت، في عالم يتولد فيه الحب عن كذبة ويتواصل عبر حاجاته لعذابنا، ويُسَكَنْ بأي شيء كان علةً لتألمنا”؟ مما لا شك فيه لا يوجد في كل الأدب دراسة عن تلك الصحراء والعزلة والاتهام للشيء الذي يطلق عليه الناس اسم الحب، كما طرح وتم تطويره عبر هذه الدراسة الشيطانية والخالية من أي وازع أخلاقي. فبعدها، تصبح رواية “أدولوف” Adolphe، مجرد رذاذ فظ، الذروة الساخرة للعاب متطاير بدموع، والذي كانت السيدة “كامبرمير” (التي أشارت على اسمها السيدة “أوريان دي غيرمونت” إلى أسوان)، كانت قد انتهت للتو من قراءتها. كل كلمة وحركة من “إلبرتين” كان يُقبض عليهما ضمن دوامة الغيرة والشك، ومن ثم يجري تأويلهما ويساء تأويلهما، يُعاد استخدامهما وإساءة استخدامهما. كل حادثة يتم تذكرها، يُعاد تفكيكها في حامض عدم الثقة. “وفرت مخيلتي معادلات للمجهول عبر علم جبر الرغبة هذا”. غير أن “إلبرتين” منفلتةً، ولا يمكن لأي تعبير عن قيمتها أن يكون كاملاً ما لم يسبقه رمزٌ كهذا، كذلك الرمز الذي يشير على السرعة في الفيزياء. فلو كانت “إلبرتين” ساكنة، لتمّ غزوها بسرعة، وقد يكون بالإمكان مقارنتها بأي غزو آخر ممكن يقصيه تملكها، وربما كان ينبغي تفضيل اللاشيء على ديمومتها اللانهائية. فالحب، كما يصر على ذلك الراوية، لا يمكنه سوى التعايش مع حالة عدم إشباعه، إن كان قد تولد عن الغيرة أو عما يسبقها –الرغبة. أن تأسيسه المُفتعل وكذلك مواصلته يملآن الشعور بأن ثمة شيء ما مُفتَقدٌ. “لا يحب المرء غير ما لا يتملكه كليةً”.وإلى أن تحدث القطيعة (وحتى بعدها بزمن طويل في الحقيقة، حين يكون موضوع الحب قد مات، يمكن لغيرة لاحقة غيرها أن تتولد، “غيرة السلّم” التي يتحدث عنها الراوية) ثمة من حرب. فحين تشير “إلبرتين” عرضاً بأنها ربما ستقوم بزيارة “آل فردينان”، سيكون الجناس “Anagram” هو التالي : “أنا سأذهب لرؤية آل فردينان غداً. لا أدري. فأنا لا ارغب القيام بذلك عملياً”. والترجمة : “من المؤكد بالمطلق بأني سأذهب لكي أرى غداً آل فردينان. أن تلك الزيارة بمثابة مناسبة عظيمة ممكنة”. يتذكر بأنه سمع “مورل” يقول بأنه سيلعب سباعية “فنتاي” للسيدة “فردينان”، ومن ثم يستنتج بأن الآنسة “فنتاي” وصديقتها ستكونان ضمن المدعوين، وهكذا تكون “إلبرتين” قد أشارت بضربة من الرعونة الجحيمية بأنها قد حددت موعداً معهما في المساء القادم. وهكذا تكون لحظة الراحة النادرة هذه قد ساعدته على تشكيل قراره بالقيام بالقطيعة معها، ولكي يضع حداً لهذه العبودية المزدوجة التي حرمته من الذهاب إلى مدينة “فينوس”، وحرمته أيضاً من العمل، وفصلته عن أصدقائه، ووفرت له مع التذمر في الغالب قناعة مرة بأنه لا يمكن لأي منافس آخر التمتع بما تمتع به هو نفسه –لكن هذه اللحظات النادرة من الراحة النسبية سوف تتوقف بسرعة بسبب من تدخل دافع جديد للغيرة، أو التحول، في ذهنه المعقد الذي لا يكل، لجزئية خالية من الدلالة من ماضيهما؛ تحولها إلى سم لحدة حبه أو كراهيته أو غيرته (كل هذه التعبيرات قابلة للمبادلة) ولتآكل قلبه.
(1) “إلى جانب أسوان، المجلد الأول”.