صدر العدد الجديد من مجلة ” فكر ” السورية ( العدد 105 – تموز / آب 2009 ) التي تصدر عن عمدة الثقافة والفنون الجميلة في الحزب السوري القومي الاجتماعي افتتحه الدكتور “أحمد الحافظ” رئيس تحرير المجلة بافتتاحية عنوانها ” الأمام لا يلتفت ” عن المعاني السياسية والإنسانية والنضالية لاستشهاد المناضل ” أنطون سعادة ” عام 1949 ختمها بنبرة تفاؤلية عالية ” شهداء الفكر لا يُحاكمون ، هم حكم العقل الرحب على الغرائز الضيقة ، وحكمة الضوء المنقوشة على جبين الظلام ، واحتكام اليوم إلى الغد كلما حاصره الأمس . لا جدوى من لي الأعناق . تموز أمام ، والأمام لا يلتفت”. وقد جاء العدد حافلا كعادة المجلة المميزة فكريا بالعديد من الموضوعات والمحاور المتفردة ، لعل في مقدمتها الملف الخاص بالثقافة العراقية : “العراق .. الهوية والتحولات” ساهمت فيه نخبة من الكتاب والباحثين العراقيين والسوريين وضم وجهات نظر متنوعة وثرية حول العديد من المكونات الحساسة للهوية العراقية التي تتعرض لخطر الإنمساخ بعد أن هشمت عقود الأداء السياسي الفاشل والحروب والحصارات والإحتلال الأمريكي البغيض الكثير من ركائزها . اشتمل الملف على موضوعات مختلفة عالجت مكونات حساسة من مكونات الهوية العراقية منها : مسيحية قبائل العراق للدكتور فاضل الربيعي ، دجلة والفرات حكاية لا تنتهي للدكتور منذر خدام ، عمارة بغداد سرة الكون الآجرية لعلا الباشا ، بغداد في ألف ليلة وليلة للدكتور محمد عبد الرحمن يونس ، بحثا عن بغداد لصلاح صالح ، والعراق عقاب جماعي لمحمود ممداني ، ومقالتين لم تحملا إسما واحدة عن نهب آثار العراق والأخرى عنوانها ” إناء العسل المسموم ” تتناول تأثيرات اليورانيوم المنضب على راهن ومستقبل الشعب العراقي والذي نود أن نضيف إليه معلومتين الأولى أن العدد الكلي لعدد حالات السرطان الذي أطلقته وزارة البيئة العراقية الاسبوع الماضي هو ( 140000 ) ألف حالة أغلبها من الأطفال . والثانية هي أن اليورانيوم المنضب يستمر مفعوله لأربعة آلاف سنة وبهذا فهو سلاح للاستئصال البشري – genocide .
وفي مجال المكون الأدبي للهوية العراقية هناك مقالة الموت في الأدب العراقي المعاصر لحسين سرمك حسن والنقد الأدبي في عراق الثمانينات بين الأبوي والتعبوي للشاعر والناقد محمد مظلوم . كما ضم استذكارا لثلاث شخصيات عراقية مهمة هي الشاعر الراحل سركون بولص لرفيدا فوزي الخباز والفنان الكبير يوسف العاني للدكتور فاضل خليل والشريف محيي الدين حيدر لطارق مصطفى الذي يصحح فيه معلومة صارت خطأ شائعا وهي أن الشريف محيي الدين هو مبتكر الوتر السادس في العود وليس منير بشير ، لكنه يربكنا بمعلومة مقابلة عن أن غانم حداد من أعلام وأساتذة عازفي العود العراقيين في حين عرفناه عازفا شهيرا للكمان . أما في مجال محور المكون الفني للهوية فهناك مقالة الفن الرافديني الذي يسمي مستقبله لإبراهيم محمود ، إعادة قراءة في الإلهة الأم لسعد بشير فنصة ، النحت تراث الرافدين للدكتور سامر الحويجة ، جواد سليم ونصب الحرية لجبرا ابراهيم جبرا ، سعاد العطار : الصرخة في وجه الحرب لأكثم عبد الحميد ، وحوار مع الفنان جبر علوان أجراه علي العائد . كما ضم العدد موضوعات متفرقة أخرى لنخبة من المثقفين العرب منهم : نزار سلوم ، إبراهيم خلايلي ، سامي مكارم ، يوسف سامي اليوسف ، محمد علي شمس الدين … وغيرهم .
مع العدد أيضا هدية رائعة هي قرص مدمج لمسرحية فيروز ” زنوبيا ” الذي استهلت المجلة عددها بمقولتها الشهيرة : ” إذا كان الأرجوان لباس الإمبراطور ، فهو لدينا خير الأكفان ” .