جواد الحطاب: مقبرة الغرباء (نص في رثاء الجواهري)

إشارة : تبقى قصيدة جواد الحطاب – وقبلها قصيدة وجيه عباس – في رثاء الجواهري العظيم قصيدة لها امتيازاتها الفنية والتاريخية الخطيرة ، فقد كتبت ونشرت في بغداد المعيئة رسميا ضد ابن الفراتين آنذاك . وفي الوقت الذي تشكك فيه السلطة بأصل الجواهري – حاشاه – يعلن الشاعر : ”  أيها النجفي لسابع ظهر ” .. أما فنيا فهي قصيدة منحوتة .. ومصنوعة بحرفية عالية وبرؤيا محكمة يكفي إثباتها المقطع الأخير الذي يحول الجواهري إلى أوديسيوس والنجف إلى إيثاكا .

لم أربّ من قبل حماما
لا أشعل، لا أبيض، لا أصفر، لا
رمادي
من أجلك-أنت فقط-ذهبت
لـ(سوق الغزل)
واشتريت مائة طير زاجل
(بعدد سنواتك يا نسر لبد)
وأطلقتها،باتجاه مقبرة الغرباء
في عز اللزوميات،تابعت
الأخبار أنفاسك
قلت لأنفاسي:رجل منجاف
لن تستوعب قامته،أية مقبرة،
حتى لو كانت:مقبرة الغرباء
..لم ندر،أنك كنت تعينت
(محافظا) فيها
وليس (مواطنا) بمقبرة
النجف!!
أبعيدا عن(دجلة الخير)
تنمو بأصابعك-اللاسلاميات
لها-عواسج الكلمات أيضا؟
أرى،بأصابع الخزاف جرحاً
..إنه الخزف
أباريق
وكنت تلم دمعتها،وتتصرف
اعتقدنا،في البدء
أنك قد وضعت حياتك،فوق
الرف،بقارورة وصرفت النظر
عن الموت،تماماً
لكنك..
مثل قاتل يحوم حول مسرح
الجريمة
لم تفتأ تتحرش بالقارورة،حتى
سقطت واندلق منها36500
يوم،في لحظة
ذات موت أول..
وضعوا المرآة أمام شفتيك
فحفرت أنفاسك بزجاجها:دجلة
والفرات
(..دجلة
والفرات
محفوران-الآن-على قبرك
كأضلاع حصان ميت..)
يا محافظ الغرباء
مقبرتك:
نشك في قدرتها على بلوغ آخر
الصراط
..فهي تحتاج إلى حشد من الفرسان
لتنمية مواردها الشحيحة
: أنت
:والبياتي
..وحيدر بن سعدي يوسف
: وسعدي يوسف، يوما
لماذا يا أبا فرات
سميت الخصوم بأسمائهم
الشخصية
فلا يمكن حذف أيّ واحد منهم
رغم افتقارهم للتشويق !
:المندوب السامي
: البابا ، في شركة نفط العراق
: الملك ، الوصي ، رئيس
الوزراء
رؤساء الجمهوريات
: الاول ، والثاني ، والثالث ،
والرابع ، والالف ..
..الم يهدأ تسافد (الاوزان)
تحت طاقيتك العفيفة ؟
……
اذن ، دعنا
نركن (عمود) الشعر
بدائرة (الآثار)
لعلك ترتاح ، ولو ،لموت واحد !
كدجلة .. غامض
طبع الفرات ، وضوحه : سرفُ
ومثلهما أبا ..
تخشى الوقوع بمائه ، الجيفُ

أعود خيار ذابل
وضعك المشيّعون بسلة مقبرة
الغرباء. ؟
من دون كتائب خيّالة
دون نشي..ج وطنيّ
نجهش ، بعده بالتصفيق !!
الآتون اليك
جاؤوا :
من دون  مناديل دموع
.. وبقمصان ،دون كرافتات
حداد ؟ !
(.. ذبحتني ، تحت الضلع الأيسر
ليلتها ، بغداد ..)
لم يسمع ، أحد ، في النجف النعيّ
لكنّ حمام عليّ
لم يهبط ، تلك الليلة،فوق قباب
أبي الحسنين
.. ارتبك الزوّار
وشالوا نعشا فارغا
حتى انسدل الفجر
أيها النجفي لسابع ظهر
أأخيرا ..
تمكنا منك
:فدفناك
من دون رضاك !!
بعيدا ، عن دجى وطني
أنا ، والشمس ،نرتجفُ
فهل موتي : أودسيوس
وأيثاكا : هي النجفُ
هوامش :
*مقبرة الغرباء : مقرها دمشق .
*منجاف : نسبة إلى النجف مسقط رأس الشاعر .
*يادجلة الخير :واحدة من أشهر قصائد الجواهري
*المندوب السامي :ممثل الاحتلال البريطاني .
*شركة نفط العراق :مجموعة شركات انكليزية تحتكر النفط العراقي ، كانت .

تعليقات الفيسبوك

شاهد أيضاً

| د. زهير ياسين شليبه : الروائية المغربية زكية خيرهم تناقش في “نهاية سري الخطير” موضوعاتِ العذرية والشرف وختان الإناث.

رواية الكاتبة المغربية زكية خيرهم “نهاية سري الخطير”، مهمة جدا لكونها مكرسة لقضايا المرأة الشرقية، …

| نصير عواد : الاغنية “السبعينيّة” سيدة الشجن العراقيّ.

في تلك السبعينات انتشرت أغان شجن نديّة حاملة قيم ثقافيّة واجتماعيّة كانت ماثلة بالعراق. أغان …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *