ناطق خلوصي : العام 2013 ثقافيا ً

nateq  2  لعلّ في مقدمة ما يتميز به العام 2013 ثقافيا ًانه اقترن بمناسبة الاحتفاء ببغداد عاصمةً للثقافة العربية ، وهي مناسبة كان من الممكن أن تظهر بزخم أكبروبما يليق بمكانة بغداد وتاريخها الحضاري العريق لولا ان وزارة الثقافة آثرت أن تنفرد بالنهوض بمهمة هذا الاحتفاء لوحدها وأن يكون  رسميا ًمقتصرا ً على الوزارة  فقط  دون غيرها من الجهات التي تهمها الثقافة العراقية ، معتمدة ً على امكاناتها الذاتية ،وبالتالي فهي لوحدها تتحمل مسؤولية نجاح أوتعثر هذه المهمة . غير ان الوزارة بذلت ، في اعتقادي ، جهدها في حدود ما توفر لها  من امكانات ووفق اجتهاد الدوائر التابعة لها ولا أظن ان الميزانية التي خصصت للمناسبة قد خذلتها . لقد أصدرت عددا ً لا يستهان به من الكتب وأقامت مهرجانات   في الشعر والمسرح والسينما والفنون التشكيلية لم تلق تغطية اعلامية كافية وكان مهرجان بغداد للأكلات الشعبية آخر فعالياتها  باعتبار ان تقاليد الطبخ تمثل جانبا ً من التراث الشعبي الذي ترى ان من واجبها النهوض به على الرغم من ان هذا المهرجان قوبل بردود فعل سلبية .
وخارج اطار هذا الاحتفاء ، برز شارع المتنبي متنفسا ً ثقافيا ً هذا العام بشكل أوضح من العام الماضي . فالى جانب نشاطات بيت  المدى الاسبوعية ظهرت نشاطات المركز الثقافي البغدادي في حين شكّل افتتاح ساحة القشلة بعد تطويرها متنفسا ً مضافا ً . وضمن هذا الشارع نشطت دور النشر الأهلية   بشكل خاص ، مثل دار ميزوبو تاميا ودار عدنان ودار الجواهري ، في رفد المكتبة العراقية بكتب  من مختلف الاهتمامات ، تضاف اليها دار ضفاف التي خرجت بالكتاب العراقي إلى الفضاء الثقافي  العربي .
وتواصلت هذا العام نشاطات بيت الحكمة واتحاد الأدباء والجمعية العراقية لدعم الثقافة وجمعية الثقافة للجميع إلى جانب نشاط البيوت الثقافية في عدد من المحافظات .
غير ان هذا العام لم يشهد ، كسابقيه تماما ً ، اهتماما ً يُذكر بإعمار أو تأهيل ما خلّفته الحرب في البني التحتية للثقافة . فللسنة العاشرة ظل مسرح الرشيد على حاله السابقة وتحوّل مسرح بغداد إلى مكب للنفايات دون أن يلتفت اليه أحد مع أنه يقع في منطقة حيوية من بغداد ولا يعفي كونه مسرحا ً أهليا ً أحدا ً من مسؤولية الاهتمام به ، وظلت دور السينما مهجورة أو تغيرت استخداماتها . وما كان يصدر شهريا ً من مجلات وزارة الثقافة صار يصدر فصليا ً مع تعثر صدور بعضها دون الأخذ بنظر الاعتبار ان الثقافة يجب ان تكون خارج اطار اجراءات التمويل الذاتي لأنها ليست سلعة مادية .
ويمكن القول بأن تزايدا ً كميا ً طرأ على نشاط الدراما التلفزيونية المحلية بعد أن دخلت شبكة الاعلام العراقي طرفا ً داعما ً لهذا النشاط. بغض النظر عن مستوى مردودات هذا النشاط فنيا ً ، وظلت برامج قنوات التلفزيون الرسمية في حاجة إلى مزيد من التطوير وإعداد كوادر جديدة أو تأهيل ما موجود منها لضمان الارتقاء بمستوى هذه البرامج ولكي تتوجه هذه القنوات لمخاطبة كل العراقيين بمختلف مستوياتهم وانتمائاتهم . وفي المقابل فإن القنوات غير الرسمية وفي مقدمتها الشرقية دأبت على تطوير برامجها باستمرار وتقديم مفردات هذه البرامج بشكل متوازن ، ويستثنى من ذلك مجمل ما يقدمه عدد محدود من القنوات المنكفئة على نفسها أصلا ً .
ولاحظنا ونحن نودع هذا العام ثقافيا ً ان خلافا ً غير مبرر طفا على سطح  العلاقة بين وزارة الثقافة واتحاد الادباء وهو ما يُفترض أن لا يحدث بين ركيزتين أساسيتين من ركائز الثقافة الوطنية  . ولاشك في ان الوزارة وهي مؤسسة من مؤسسات الدولة تدرك ان اتحاد الأدباء منظمة مجتمع مدني عريقة تجاوز عمرها نصف قرن وان  التعايش والتعاون بينهما ضرورة  ملحّة تمليها مصلحة ازدهار الثقافة في العراق .
وكل عام والثقافة العراقية بخير أو هكذا نطمح في أن تكون!

تعليقات الفيسبوك

شاهد أيضاً

حــصـــرياً بـمـوقـعـنـــا
| رنا يتيم : إشكاليّة المثقّف والحداثة .

بطيئة كانت عجلة التاريخ فيما يتّصل بالابتكارات، والتحديثات. ثم كانت الثورة الصناعية، بمآزره فكريّة فلسفيّة، …

| حسن العاصي : قياس جديد لمواقف الأوروبيين تجاه الهجرة واندماج المهاجرين .

أصبحت الهجرة جزءًا من حقيقة الحياة اليومية للأوروبيين في دول الاتحاد الأوروبي. يوجد اليوم ما يقرب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *