استشارة دينية
حين عاد الى الطبيب ليساله عن ابرة الدواء التي وصفها لها يوم أمس ، وهل هي مفطرة لزوجته ام لا . وجد الطبيب متبحرا في شؤون الدين يستطيع قيادة حوزة دينية بكاملها . ولايعوزه الا ان يلبس عمامة بيضاء او سوداء من تلك التي يلبسها الحوزويون ، مع جبّة روزخونية . حتى انه قال ، بعد ان هش وبش في وجهه مرحبا ، قال بالحرف الواحد ، معبرا عن حالته :
– لو لم اكن طبيبا ، لتفرغت لشؤون الدين ، لاني درست الدين بما يضاهي شهادتي في دكتوراه الطب .
ومضى تفكيره بعيدا وهو يحمد الله لانه وجد طبيبا متدينا ، اذ لازال في الدنيا بعض الخير ، كما قال في نفسه . وتذكر حكاية صديقه ، التي رواها له ، عن طبيب كان يتنازل للفقراء عن ثمن كشفية العيادة وهو إضافة لذلك كان يرشدهم إلى الصيدلية المقابلة ليأخذوا الدواء مجانا على حسابه الخاص . حتى انه كان في نهاية كل شهر يدفع راتبه الى صاحب الصيدلية . ما دعا الفقراء الى التردد الى عيادته للحد الذي جعل دائرة الأمن العامة تضعه في قائمة المشكوك بانتمائهم الى احد الأحزاب العلمانية المحظورة ، وتجنّد بناء على ذلك احد السريين* لمراقبة الطبيب . ولكنه فرح ، هذا اليوم ، إذ وجد هذا الطبيب الذي أمامه جهارا عيانا وهو يحدثه عن فضيلة الصوم ومفطراته واضطرار المريض للدواء وزرق الإبر ، وماشاكل .حين ودع الطبيب وأدار ظهره ليخرج من العيادة ، ولم يكد يضع قدمه على عتبتها ، حتى ناداه الطبيب :
– لم تدفع لي أجرة العيادة . فاستدار قائلا :
– أتيت فقط لاسالك .
– ولكنك أخذت من العيادة وقتا يكفي لفحص اكثر من مريض . وكان سؤالك دينيا ولا علاقة له بالطب .
– أنا سألتك عن الطب وأنت أسهبت في الدين .
– كان يجب أن أسهب لان في سؤالك حلال وحرام ، وانا مكلف دينيا أن أجيبك على سؤالك .
دفع الرجل آخر فلس في جيبه وخرج . ولم يسال الطبيب عن التكليف الديني في خروج الرجل مفلسا من العيادة .
برقع
سال الأبناء أمهم :
– هل كنت جميلة يا أماه ؟
اجابتهم الام المسكينة ، مبرقعة الوجه ، متحسرة على ماضاع منها :
– اه لو رايتم كم كنت جميلة ايام شبابي ، وكنت قبلة للطلاب ايام دراستي الجامعية .و لكن ، حين تزوجني والدكم اجبرني على ان البس البرقع لتغطية وجهي .
سألها ابناؤها :
– وهل لديك صورة لما قبل الزواج ؟
قالت الأم بارتباك :
– لقد مزق والدكم كل صوري القديمة .
– ولماذا يفعل والدنا ذلك ؟
– يقول إن ذلك يتعارض مع الدين .
– ما دام يتعارض مع الدين فلماذا منح الله للنساء وجوها ؟. كان الأفضل أن يخلق المرأة بلا وجه .
ثم سألوها :
– ولماذا رضيت الزواج به إذا كانت أفكاره هكذا ؟
– لم يكن هكذا قبل الزواج . لكنه تغير فجأة بعد الزواج اثر هبوب عاصفة دينية أحرقت اليابس مع الأخضر .
قالت ذلك وراحت تبحث عن صورة تعيد لها وجهها الذي لم تكن تفتقده قبل الآن . وتمنت ساعتها أن تكون تكتمت على زوجها في أمورها الخاصة !!! .
…………………………………………
• كانوا يطلقون على العنصر الأمني لقب ” السرّي ” .