على متن الريح
دون كيشوت:لم أعد أرى سوى كثبان رمال يا سانشو؟
سانشو:اصبر قليلاً يا سيدي الدون وسينتهي الأمر.
دون كيشوت:أنا أفكر بالرمل لا بالأمر أيها الصديق الضّال.
سانشو:ستأتي العاصفة وتجرف الرمال من الطرق ومن الأعين ومن الأفئدة.
دون كيشوت:وهل ترى ذلك قريباً يا سانشو؟!
سانشو:حماري أخبرني بذلك .ولا أظنه يكذبُ أو يناورُ يا سيدي الدون.
دون كيشوت:وهل بات حمارك محللاً في الاستراتيجيات ،وله باع بعلوم التحليل ؟!
سانشو:هو لا يحلل يا سيدي الدون.بل يتنبأ بمصير كثبان الرمال التي باتت تسد علينا الآفاق.
دون كيشوت:معنى ذلك إنه يعرف حركتها على الأرض بدقة؟
سانشو:أجل يا سيدي الدون.فما تجمع كثيب رمل على ظهر تلك الصحراء يوماً،إلا وستذروه العواصف عما قريب .
دون كيشوت:ليس أمام المرء إلا أن يبتعد عن الصحارى وتوابعها .فالرمال بلا دم ،لتحسّ وتعرف مصيرها عندما تقوم قيامة الرياح.
سانشو:هذا هو ما قصدته يا سيدي الدون.
دون كيشوت:أنتَ من قصد ذلك أم حمارك يا سانشو ؟
سانشو:لا أعرف منْ منا بالضبط ،أصبح يفكر بمصير تلك الرمال التي باتت الريحُ تجرفها نحو الهاوية:أنا أم حماري المسكين؟
دون كيشوت:تقول المسكين!! ما به حمارك لتشفق عليه يا سانشو؟
سانشو:لأنه سيبتلى بحمل تلك الرمال من الهاوية على ظهره يوماً ،لإعادتها إلى أصولها في تلك الصحارى.
دون كيشوت:وهل ثمة سلفيات لتلك الرمال يا سانشو؟
سانشو:الثعابين يا سيدي الدون.
دون كيشوت:لقد بدأت أتخيل بأن جلود الأفاعي،هي أصول تلك الرمال ليس إلا !
سانشو:أجل يا سيدي الدون.لقد فعلت كل ذلك أذرع الطواحين من ثياب الثعابين على مدار ملايين الأعوام،فكانت الصحارى.
آبار النصوص
وأنتِ أيتها الريحُ..
لا تحملي ثمراً من أشجار البارودِ .
النحيبُ تكلسَ بالأفواه مع الاستغاثات.
والدمُ تخثرَ بتتابع الجلجلة ،
بعد أن تحطمت المراكبُ في مجرى الزمان .
وأنتِ أيتها الآلهةُ..
شقشقتنا سيوفُك المسلولةُ بكامل هذا التحجرِ
وبكامل طوفان الظلام.
نريدُ أن ننام قليلاً ..
ودون أن يسقط على الوسادة (كروزٌ)
فيعدمُ الليلَ باللحمِ بفتافيت الحلمِ
وبالنهار الذي برزت من جسمه أضلعُ السُلِ
تحت وهج الكاميرات.
غرفة للغرائز
إذا كان ثمة أمل بوجود نص شعري فاعل،وغير مخصص لأغراض الأتكيت أو البهرجة الإعلامية الخاصة بالنشر الورقي أو الإليكتروني،فيجب تحريره من عقدة السرد و((الوناسة)) الوقتية مع الآخر الفارغ، والتي هي في حقيقة الأمر، قضاء مبرمٌ على آخر خلية لغوية في جسد النص.
احتكاك النص الشعري الجيد بقارئ سيء ،ربما يحطم قدرة الاثنين على التعايش السلمي، لأن كل طرف يسعى لتحطيم الآخر بأدواته الخاصة.وكذلك فكل طرف منهما،يحاول تجريد الآخر من طاقته التي تتحكم بلغة المقابل.
فالقارئ السيئ حكماً،هو مدمر للنص وشاطب له بكل الموصفات.لذلك فمن النادر جداً، أن يحرر النص الجيد قارئاً موغلاً بفيروسات الأمية.
بنك الخيال
لا نريدُ للصباح شمساً،
نريدُ أعيناً ترى.