كانت فرحتي لاتوصـف , عند سماعي خبر توظــــيف الشاشة التلفزيونية من قبل قناة البغدادية لإنتاج عملٍ فنيٍ ضخمٍ, يتناول تسليط الضوء على تجربة لها ثقلها في الساحة العربية , والتعريف بما لهذهِ الشخصية من فضل في وضع الإصبع على الجرح الغائر في أعماق الفرد والمجتمع العراقيين وتحلــيلهما من عدة زوايا فات البعض في الوقوف عندها, وبقدر توق الروض لقطرات المطر لفني التوق لحلول الشهر الفضيل ,لا,لأداء الفريضة وحسب بل لأحظى برؤية الوردي والاحتكاك به درامياً لحدوث المزاوجة بين ما وصلني منهُ حبراً, وبين ما سيُعرض عنهُ تلفزيونياً , للغور أعمق في عذاباتهِ المعرفية بدءاً من الوعاظ وصولاً الى شخصية الفرد العراقي ,الكُتيب الذي يُعتبر أصـغر مؤلـفٍ بحساب الورق، الكبير بحسابات البحث والتحليل, فعلى ذكر الجانب القيمي هنا أود الإعتراف بثمة شيء صرخت به ِمراراً و تكراراً, هو أنني حين تجولت بعوالم الدكتور الوردي تغيرت سلوكياتي تجاه عائلتي وصحبي لأنهُ كان يُساعدني في كل سطرٍ أقف عنـــدهُ على إستكــشاف البداوة المُتجذرة فيّ أباً عن جد في باطن شخصيتي ,وطالما كنت أستشعرهُ بكل مخزوناتهِ التي إستخلصها من جولاتهِ الشعبية ومعرفتهِ الأكاديمية الى الدفعِ بالتخلي عن كل ماهو سيء وموروث, داحـضاً لكل ما أتت به إلينا ظــهور الإبل والبغال ,من عادات وإنكسارات تُضعف ما سعى الى جعلها خالية من الإزدواجية, لــكن ما فاجئتنا بهِ شاشه البغدادية ظهر عكس ماقرأناهُ وعرفناهُ عن هذا الحقيقي ,فلو إستخدمنا الفلاش باك في الرجوع لتذكر الكثير من المشاهد الخاصة بالمُسلسل تحديداً من الحلقة العاشرة صـعوداً ,نجد الغلبة للنعي والبكاء وكأنهُ ليس هو من خلف فينا أكبر إرثاً ثقافياً و إجتماعيا, كذلك الإصرار على تحويلهِ لإيقــونة جنائزية, وما أتمناه أن يكون هذا الإصرار غير مقصود, لثقتي العالية بحرص البغدادية والقائـمين عليها ,على ما تُـــمثل هذهِ القـامة من وعيٍ نوعيٍ , بما أنتجتهُ من وضوءٍ مجتمعي, كما وأن للمتبحر بكتابات الوردي,يرى الأمر منافٍ لما قدم درامياً, فكـــثيراً ما أتساءل وأنا أُشاهد العمل أحقيقةً هذا من أقام الدُنيا ولم يُقعدها بفكرهِ الفذ,!! أم أن
هناك وردياً ثانياً جاء بهِ الكاتب والمُخرج ليتناولاه بهذهِ الصورة البعيدة كل البعد عن وردينا ؟؟ , فنراه كثير الوقوع في مواقفٍ ممــــكن إعتبارها تابعة للــــسلوك المــرضي للفردية , ففي مشاهد لقائهِ بــ” الباشا ” كان كثير التمسكُن لأصحاب الشأن والسلطة, كإنحناءه في أداء تحية السلام بطريقة اقل ماتدل على خضوعية واضـــحة , وهذا عكــــس ما كتــب في وعـــاظ السلاطين بتعرضهِ لتاريخ هارون الرشيد , أفهل قصر الكاتب بتنقيــبه أم تعمــد ذلك لإحداث دهشة فنية ليُغذي العمل بعداً أعمق, فمن وجهة نظري كمُشاهد يتعتمد الرؤية الذوقية لا النقدية المنــهجية المحــصورة برجالاتها, أرى أن مؤلف النص تعامل مع أشياءٍ يعرفها الجميع وأخبار مُتناقلة في الساحة الثقافية والإجتماعية, أما بالنسبةِ رؤية النقاد
الفنية التي وصلتني من أحبة ٍ على تماسٍ مباشرٍ بالفن أوفر حظاً مني , فما سمعتهُ منهم يُثير الشجـــون, في تشريحـــهم لأداء الشــخصيات وتجسيدها المفتقدة لما يضخ للعمل دهشةً بحياكةٍ ماهرةٍ ,كذلك هيمنة الواقع بترهُـــلاتهِ الخـــالية من كل جماليات نفسانية ,, وقبل الختام ليعلم القارئ أنني حينما كنت أشاهد المُسلسل خصوصاً من حلقة عــشرة ,كثيراً ماتذكرت مايقام في مناطقنا الشعبية من مراسم تخص أتباع المذهب الجعفري , وهم يُمثلون المأسات التي ألحقها الظلم بأئمتهم , حيث يُظهرون الشخصية من زاوية مُثيـــرة للشفقةِ يعتريها الضعف والذبول, والحال مُشابهاً في سَينمة العديد من القصص الخاصة بلأنبياء والأولياء والصالحين , فنرى من يتولى ذلك ,يسعى دائماً على
تغيـــب أهم الحــقائق بدرايةٍ أو بغير دراية , لكن الأولى أقرب للصحة, والأمر لا يختلف تجاه ما حدث هذا العام مع مُعجزة علم الإجتماع العربي ورائدهِ, فكما قتل الدينيون رجالاتهم بتناولهم بذلك الشكل , أرى أن الوردي قُتل درامياً
محمود عوّاد السنمّار : علي الوردي يُقتل دراميّاً
تعليقات الفيسبوك