شوقي يوسف بهنام : حجازي واحزان البهلوان ؛ قراءة نفسية لقصيدة “مرثية لاعب السيرك”

shawki yuosif 5يرى الباحث اللبناني الدكتور خليل احمد خليل ان البهلوان Acrobat والمهرج والمشعبذ والالعبان مكانة مهمة في كل الحضارات . ويستعرض هذا الباحث اهمية هذه المكانة على النحو الاتي :-
1-  هناك في مقبرة العظماء في موسكو ، مثلا ، ضريح رخامي لبهلوان أو مهرج ، إلى جانب راقصات وفلاسفة وكتّاب ورجال دولة ، من كل العهود .
2- تأتي الآداب والفنون التشكيلية على ذكر البهلوان الذي لا ينتمي إلى رمزية محددة بدقة . لكنه يعبر في كل حال عن موضوعة من أثبت موضوعات المخيلة والاحلام البشرية .
3- يعبر البهلوان (الشاطر) عن أوضاع صعبة ، عن محنة يخرج منها بالحركة . فهو رمز التوازن الصعب ، القائم على الحـِراك وعدم الامتثال . وهو بهذا المعنى عامل تقدم .
4- يمكن تقريب بعض التمارين البهلوانية أو عروض الخفة ، من حركات طقوسية وأشكال أوركسترالية ، يكون فيها اللاعب بين يدي الله ، خارج الجاذبية الطبيعية ، وخارقا للقدرات البشرية .5ahmad abdulmoati hijazi– بخصوص الرقصات المقدسة في مصر القديمة ، كتب ” ويلد هنري ” ” يتعين على القفزات المتكررة أن تزداد وتتصاعد ، كما في الذكر الحديث ، وهذا ربما كان من آثار الرقص السحري القديم وفي الحالين ، هدف هذا الاداء هو التحطيم البطيء لفردية المؤدي ، وتوليد حالة وجد لديه تسمح للألوهية بأن تخترقه وتتجسد فيه ” .
6- ترمز البهلوانية الى التحليق والطيران نحو شرط خارق للشرط البشري . إنها هيام الجسد ووجده . فالبهلوان حين يمشي على يديه ، ورأسه متدل ، ورجلاه في الهواء ، إنما يرمز الى المشنوق . وعندها يكون رمزا تلقينيا رفيعا ومعقدا ، من رموز إنقلاب القيم ” (1) . والمعروف عن البهلوان انه يشيع الفرح والضحك بين الناس . معنى هذا انه خزان الفرح وبركان الضحك . ولكن العجيب ان نكتشف ان هذا البهلوان يعيش التعاسة بكل ما تحمله المفردة من معنى . لنرى كيف يصف لنا شاعرنا حجازي مأساة لاعب السيرك هذا . يقول حجازي :-
في العالم المملوء أخطاء
مطالب وحدك الا تخطئا
لأن جسمك النحيل
لو مرة أسرع أو أبطأ ،
هوى .. وغطى الارض أشلاء !
(الديوان ، ص 525)
*********************
الشاعر يتهم منذ البدء بان عالمنا هذه عالم تملؤه الاخطاء . نحن الابرياء .. المبدعون ، وعلى رأسهم حجازي ، هم غرباء عن هذا العالم اللعين . وطالما ان تتراقص على حبل نحيف وبما انك بهلوان ماهر بل سيد الماهرين .. مقدر عليك ان لا تخطئ وانت على ذلك الحبل . لأنك لو اخطأت فستهوي وستكون مجموعة اشلاء . ولماذا ينبغي ان لا يخطأ ؟ . هنا نبدأ برسم هذا المنطق الذي سينطلق منه حجازي لرسم شخصية البهلوان ومن ثم شخصيته هو . نحن إذن أمام حالة تماهي او تقمص لرموز البهلوان . البهلوان عند حجازي بطل مجهول .. يستطيع التلاعب بعواطف الآخرين ومشاعرهم وانفعالاتهم وبالجملة سلوكهم . ويمكن ان تعمم وظائف البهلوان وفقا لهذا المنظور على كل من يتمكن ان يؤثر على الغير . إذن وكما وصفه الباحث خليل له قدرات إطلاقية . والذي يمتلك هكذا قدرات لا ينبغي ان لا يخطأ . لأن الخطأ ليس من خصائصه وخصاله . من هنا تبرز الاشكالية . بين ما ينبغي وبين هذا الماينبغي قد لا يستطيع ان يفعل ما ينبغي . بلغة علم النفس الصراع بين صورة الذات المثالية وبين الصورة الواقعية أو الفعلية لتلك الذات . صراع بيم الانا الاعلى والهو .. إذا أخذنا بتعابير التحليل النفسي . انت ايها البهلوان .. يا من تمتلك من المهارات الحاذقة والقدرات العجيبة لأن تسير على حبل نحيف قد لا يحمل جانب خفيك !! . وما دمنا بصدد الحبل ؛ فلابأس من الوقوف عند رمزياته كما يذكرها صاحب معجم الرموز حيث يقول :-
من رمزيات الصعود ، مثل الشجر والسلم والمرقاة وخيط العنكبوت . يمثل الوسيلة ، مثلما يمثل الرغبة والرفعة . وحين يعقد الحبل’ يرمز إلى كل أشكال الربط ، وعندها يرتدي دلالات سحرية أو سرية .
1- يرمز حبل’ القوس إلى القوة التي تنيط القوس بفعاليته ، لكنها قوة خفية ولا مادية . إنها كالأنثى ، تصدر عن توتر .
2- يدل الحبل الفضي على الصراط القدسي ، الملازم للوعي في الانسان ، الذي يربط روحه بالجوهر الكلي : سبيل التركيز بالتأمل .
3- رمز الحل والعقد : الحبل المعقود يدلّ في مصر القديمة على اسم الفرد أو وجوده المميز . والحبل الفلتان (أرخى الحبل على غاربه ) يرمز إلى الهلاك والعقاب .
4- في افريقيا ، الحبل’ كوسيلة سحرية : فمن شأنه أن ينقلب حية تسعى ، عصا ،  نبع لبن ، إلخ .
5- في حضارت أمريكا الوسطى ، يرمز الحبل إلى قوة إلهية : حبل من الله ، وحبل من الناس (المطر والعمل) .
6- حبل الوريد ، يرمز إلى قرب المخلوق من خالقه وإلى تضامن المخلوقات :
–  ” واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرّقوا ” (3/104) .
– ” ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ” (50/16)  (2) .
kh ahmad hijaziتلك هي رمزيات الحبل في التراث الانساني كما يرى هذا الباحث . والشاعر لا يختلف ، من حيث المضمون ، في توظيف تلك الرمزيات في مرثية لاعب السيرك . فلاعب السيرك هو مثل الشاعر في رقابيته على الآخر . لاعب السيرك على جمهور السيرك من حوله .. الشاعر مدينته المعفرة بالظلام . نرى ذلك التطابق في وظيفة الشخصيتين في المقطع الثاني بوضوح . يقول حجازي :-
حين تلوح مثل َ فارس يجيل الطرف ّ في مدينته
مودعا ، يطلب ود الناس ، في صمت نبيل
ثم تسير نحو أول الحبال ،
مستقيما .. مومئا
وهم يدقون على ايقاع خطو ِك الطبول
ويملأون الملعب الواسع َ ضوضاء َ
ثم يقولون : ابتدىء ْ !
في أي ليلة ٍ ’ترى يقبع ذلك الخطأ ْ !
(الديوان ، ص 526)
*********************
ليس الجمهور .. جمهور السيرك .. إناس مدينة الشاعر.. من ذوات النية الحسنة . سوء الطوية ، بتعبير سارتر ، هو الذي يحرك الجمهور نحو البهلوان أو يدفع مواطنوا المدينة في سلوكهم نحو الشاعر . البهلوان في السيرك مثار تحدى لسخرية الجمهور ومنتزعا لاعجابه .. البهلوان مجبر على أن ’يخضع الجمهور لسلطانه .. لقدراته العجائبية .. لفنتازيته ..  حجازي يصف البهلوان انه مثل الفارس الشجاع  .. الفارس الشجاع  لا يستجدي ود الناس بحهارة … بخشونة .. بوقاحة الجلاد ونذالته .. بل بصمت نبيل .. الصمت علامة الحكيم الفارقة  .. الصمت فضيلة الفضائل في الفلسفات الشرقية ؛ الهندية .. الصينية .. اليابانية ..على العموم .. نظر البهلوان منشطر نحو جهتين ..  نظرة نحو الحبل النحيف الطويل … ونظرة اخرى نحو الضوضاء.. ضوضاء الحاضرين .. الذي يعم السيرك . هنا ينشأ الصراع . ذلك الصراع الذي يستبد بالهلوان ويوقع في نفسه الحيرة .. آينظر نحو الحاضرين وينشغل بضوضائهم ام ينظر كيف سيسير على ذلك الحبل النحيف الطويل .. اليست هذه مهمة عسيرة .. شاقة ؟؟ . ترمز الضوضاء التي تعج بحلبة السيرك الى فوضوية العقل الجمعي الذي يسود المدينة التي يعيش فيها البهلوان .. وبالتالي الشاعر . كما ان البهلوان مطالب بالسير على الحبال دون الوقوع منها لأن ذلك من مهمامه الاساسية ولكن ينسى الجمهور ان للبهلوان محودودية في تلك القدرات .. صحيح ان البهلوان يدعي ويزعم ولكنه ينسى او يتناسى ، بتعبير أدق ، انه لا يختلف عن جموع الحاضرين !! . هكذا هو الشاعر .. حجازي .. فالمجتمع .. العقل الجمعي .. المدينة .. كلها تريد ان يكون اكثر مما هو عليه .. انها تريده ان ينازل الجلاد بكل ما يملك ويتناسى هذا العقل ان حجازي لا يملك سوى وردة حمراء لا غير !! .. كلاهما في محنة .. في سحابة من الحزن . وتدق الطبول والطرفين على شافا نار .. الجمهور والبهلوان .. يذكرنا هذا الموقف بالموقف الذي يعيشه حجازي اثناء قيامه بإختيال الجلاد في بهو الفندق . لقد فر الجميع فلم يبقى سوى حجازي وجلاده .. وهاهنا لن يبقى سوى البهلوان وحباله .. في المقطع التالي يستمر حجازي في الولوج الى عالم الحزن هذا .. اعني عالم البهلوان .. وعالمه ايضا .. يقول حجازي فيه :-
حين يصير الجسم نهب الخوف والمغامرة
وتصبح الاقدام والاذراع احياء
تمتد وحدها ،
وتستعيد من قاع المنون نفسها
كأن حيات تلوت ،
قططا توحشت .. سوداء بيضاء
تعاركت وافترقت .. على محيط الدائرة
وأنت ’تبدي فنك المرعب آلاء ً وآلاء ً
تستوقف الناس أمام اللحظة المدمرة
وأنت في منازل الموت تلج .. عابثا مجترئا
وأنت ’تفلت’ الحبال للحبال
تركت ملجأ ، وما أدركت بعد ملجأ
(الديوان ، ص 527)
**********************
لا زال حجازي يركز على سيكولوجية الجسم المعلق قي الهواء . ان الاذرع والاقدام هي وحدها التي تتحرك . بقية الجسم يلوذ بالجمود . من هنا منشأ الصراع المرير لدى البهلوان . صراع ما بين الحفاظ على غريزة البقاء وما  بين الرغبة في اقناع الجمهور في قدراته . وسوف يوظف حجازي هذا الصراع للكشف عن مرارة المبدع عموما والشاعر نفسه .. اعني حجازي .. على وجه الخصوص . على المستوى النفسي هناك تماهيا أو اعجابا على اقل تقدير بين حجازي والبهلوان . فلولا هذا الاعجاب لم تك هناك ضرورة لكتابة مرثية لاعب السيرك . الرثاء في الاساس قائم على هذا الشعور بالاعجاب بشخصية المرثي له . هناك إذن رابطة أو علاقة إنفعالية بين طرفي عملية الرثاء . هل يعقل ان يكون حجازي قد درس سلوك البهلوان وسيكولوجيته من خلال مراقبته مرات عديدة وكثيرة حتى يكتب هذه المرثية أم ان هذه الحميمية بين الشاعر والبهلوان كان حجازي قد وظفها علاقته بمدينته اولا وبالعالم ثانيا ؟؟.. نميل الى الاعتقاد ان السبب هو في هذه الحميمية بين حجازي والبهلوان التي كانت وراء هذه المرثية .. يكرر حجازي نوايا الجمهور المسبقة ورغباته في سقوط البهلوان حتى يظهر زيف مزاعمه … والسقوط من الحبل هو دليل على ذلك .. الحيات والقطط البيضاء السوداء التي يذكرها حجازي عندما يصف لنا جسد البهلوان وهو يتلوى ويتحرك في الهواء إنما هي دفاعات البهلوان ومن ثم الشاعر ضد نوايا هذه المدينة المغمورة في الظلام .. لم يستخدم حجازي الطيور والعصافير والفراشات والزهور وهي كلها دلات ايجابية تحمل في رمزياتها بعدا يدغدغ الحس الانساني على وجه العموم .. الحيات والقطط لها رمزيات لها طابع الغموض والسرية .. يقول الدكتور شعبو عن هذه الرمزيات ” … فهي تجسد النفس الشهوانية ، والشبق والغلمة وترمز ، حسب تعبير يونغ إلى ” الذات الخسيلة والحياة النفسية المظلمة ، وإلى ما هو نادر ومبهم وسري ..”  (3) . لا اريد تحميل الشاعر مهمة الترميز للمفردة الواردة في النص هنا . يواصل حجازي سرده حول عذابات البهلوان وهو يتلوى على الهواء فيقول :-
فيجمد الرعب على الوجوه لذة ، واشفاقا ، وإصغاء
حتى تعود مستقرا هادئا
ترفع كفيك على رأس الملاء
في أي ليلة ترى يقبع ذلك الخطأّ !
ممدا تحتك الظلمة ،
يجتر انتظاره الثقيل
كأنه الوحش الخرافي الذي ما روّضت كف بشر
فهو جميل !
كأنه الطاووس ،
جذاب كأفعى
ورشيق كالنمر !
وهو جليل !
(الديوان ، ص 528)
*******************
هنا وصف آخر لطرفي المعادلة .. اعني البهلوان والجمهور .. الشاعر والمدينة .. العالم . ويحكم هذه المعادلة الخوف والانتظار .. حجازي هنا يوغل في الابعاد السايكولوجية للانتظار .. ذلك المارد القاتل .. المعذب للنفس .. ونلاحظ ان حجازي يصفه بصفات متضادة في دلالاتهما . الا ان هذا التضاد لا يكشف الا عن عمق وعذاب خبرة الانتظار ..  الانتظار يحكم البهلوان وجمهوره معا . فالجمهور ينتظر سقوطه في اي لحظة .. في اي ليلة .. وعندما لا يسقط فهو إذن بهلوان جدير بالتصفيق والصفير والقهقهات .. الانتظار عند الجمهور قائم على سوء النية بينما عند البهلوان تحقيق الذات وتأكيدها واحترامها . انه النصر بكل ما تحمله المفردة من معنى . لقد خيب البهلوان رغبات الجمهور وأطفأ لهيب غيرته .. ويستمر حجازي في التعمق في سيكولوجية الانتظار متناسيا اوجاع البهلوان . وبعد ان وصف تلك الخبرة بموصفات مختلفة متباينة مثل الافعى والنمر والطاووس ووصفه ايضا بالجلال . يأخذ حجازي بالجانب المشرق من الانتظار .. المتفائل .. المترقب .. او ما يسمى بلغة علم النفس بالتفكير الراغب wishfull thinking وهو ” التفكير الذي يرى أن كل شيء يجرى وفق ما يشتهي المرء ، وهو التفكير الذي توجهه الرغبات الشخصية للمرء أو الجماعة أكثر من العوامل الموضوعية والعقلانية ” (4) . ويتناسى الجوانب السلبية له مثل القلق والحيرة والخوف والتوجس وما الى ذلك من انفعالات ترافق خبرة الانتظار او تقترن به . ولنرى كيف يصور لنا حجازي هكذا خبرة فيقول :-
كالأسد الهاديءساعة الخطر
وهو مخاتل ، فيبدو نائما
بينما يعد نفسه للوثبة المستعرة
وهو خفي لا يرى ،
منتظرا سقطتك المنتظرة
في لحظة تغفل’ فيها عن حساب الخطو ،
أو تفقد فيها حكمة المبادرة
أذ تعرض’ الذكرى !
تغطي عريها المفاجئا
وحيدة معتذرة
أو يقف الزهو على رأسك طيرا ،
شاربا ممتلئا
منتشيا بالصمت ، مذهولا عن الارجوحة المنحدرة
حين تدور الدائرة !
تنبض بالحبال ’ مثلما أنبض َ رام ٍ وترَه
تنغرس الصرخة في الليل ،
كما طوح لص’ خنجره
حين تدور الدائرة !
يرتبك الضوء على الجسم المهيض المرتطم
على الذراع المتهدل الكسير والقدم
وتبتسم !
كأنما عرفت َ أشياء َ ،
وصدقت النبأ !
(الديوان ، ص 529 -530)
********************************
لا يزال البهلوان معلقا في الاعالي .. سابحا في الهواء . هذه الصورة تنطبق على المبدع ، وهنا الشاعر يشير إلى ذاته ، الذي يعيش في برج عاجي ويترك مدينته تتخبط وتضرب الاسداس في الاخماس .. بينه وبينها قطيعة .. مسافة شاسعة بينهما .. لا جسور للتواصل بينهما .. البهلوان وهو معلق في الهواء يعيش إزدواجية متعددة الابعاد . فهو ، علاوة على كونه يسخر من جمهوره لأنه يمتلك قدرات وأمكانيات لا يملكها ذلك الجمهور . وفي الوقت نفسه فان هذه القدرات لا تجعله  خارج الحدود الانسانية المعروفة .. من هنا هذا الزهو الذي يجتاح البهلوان في هذه اللحظة من لحظات الاستعراضية . ولكن غفلة واحدة .. مفاجئة تحطم كل شيء .. تدمر كل ما بناه البهلوان وكان الجمهور عندها على حق في انه سيسقط في لحظة ما . حيرة حجازي هو انه لا يعرف متى ستأتي هذه اللحظة ويسقط البهلوان وتتعالى صيحات الجمهور ان هذا البهلوان ليس بهلوانا جديرا بالتصفيق . عندها يطرد خارج الدائرة .. هذه المرثية ليست غير مرثية للذات سواءا أكان البهلوان نفسه أم كان حجازي نفسه … ان الصراع بين قدرة البهلوان على جرهم نحو الضحك وبين فشله في تحقيق ذلك يعد حزانا لايماثله حزن في العالم . ان صورة الذات لدى البهلوان أو لدى الشاعر سوف تتمزق شر تمزيق .. ويكون الجمهور على حق في ان لايرتاد هذا السيرك بالذات ويرون هذا البهلوان الذي لم يتمكن من إداء عمله .. الشاعر كذلك لم يتمكن من تحقيق رسالته ويحمل فانوسه ليضيء ظلمة مدينته الحالكة .. اليس هذا حزن ما بعده حزن ؟؟؟ .
   
الهوامش :-
1-  د. خليل ، احمد خليل ، 1995 ، معجم الرموز ، دار الفكر اللبناني ، بيروت ، لبنان ، ط1 ، ص 31 -32 . وراجع مفردة : السيرك في :- مارزانو ، 2012 ، معجم الجسد ، ترجمة : حبيب نصرالله نصرالله ، المؤسسة الجامعية للنشر ، بيروت ، لبنان ، ط1 ، ج1 ص 1029 ومابعدها .
2- د. خليل ، نفس المصدر السابق ، ص 51 -52 .
3- د . شعبو ، أحمد ديب ، 2006 ، في نقد الفكر الاسطوري والرمزي ، المؤسسة الحديثة للكتاب ، طرابلس ، لبنان ، ط1 ، ص 268 .
4- د. الحفني ، عبد المنعم ، 1978 ، موسوعة علم النفس والتحليل النفسي ، دار الطليعة ، بيروت ، لبنان ، ط1 ، ج2 ، ص 469 .

تعليقات الفيسبوك

شاهد أيضاً

| د. صادق المخزومي  : قصيدة الرصيف للشاعر صباح أمين – قراءة أنثروبولوجية.

مقدمة من مضمار مشروعنا ” انثروبولوجيا الأدب الشعبي في النجف: وجوه وأصوات في عوالم التراجيديا” …

| خالد جواد شبيل  : وقفة من داخل “إرسي” سلام إبراهيم.

منذ أن أسقط الدكتاتور وتنفس الشعب العراقي الصعداء، حدث أن اكتسح سيل من الروايات المكتبات …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *