د. حسين سرمك حسن : من يهتم بجهد شاكر العاشور ؟

hussein sarmak 4shaker alashor 2الكثير منا – نحن المشتغلين في حقل الكتابة والثقافة – نعرف الجانب الشعري من شخصية الأستاذ شاكر العاشور الثقافية ، وقليل منا يعرف الجانب التحقيقي الثر والرائع منها . لقد نشر شاكر مجموعته الشعرية الأولى “احببت الجارة يا أمي” ، عن مطبعة حداد في البصرة عام 1969 . ثم تلتها عن المطبعة نفسها مجموعة “تسعة أصوات” وهي مشتركة مع ثمانية شعراء آخرين – طبعاً راح زمن المجموعات المشتركة فقومي رؤوس كلهم !- . وتتالت مجموعاته الثلاث الأخرى (الإنذار الأخير إلى أزهار الحدائق ، وفي حضرة المعشوق والعاشق ، ودم البحر الأزرق والأخيرة أصدرها عام 1979 ، ليصمت شعرياً من ناحية النشر حتى عام 2010 ، حيث جمع أعمالهkh shaker 1kh shaker 2 الشعرية السابقة – وهذا ليس نتاج شعري جديد طبعاً – وأصدرها من دون أدنى جديد .
لكن جهد المحقق الكبير لم ينضب ولم يتوقف ابداً ، وهو ما أريد التركيز عليه هنا . شخصيا لا أستطيع أن أنقل للسادة القراء الصعوبات الخيالية بل الخرافية التي على المحقق تذليلها في عمله . أعظم المحققين في الوطن العربي وفي أكثر البلدان استقراراً ورفاهية ، يشكون في كل مقابلة من الجهد المرهق والمدمّر للمحقّق . فكيف الحال بشاكر العاشور وهو kh shaker 3kh shaker 4“يحقق” في ظروف العراق الجحيمية وبعد الحرق المخطّط لتراثه الثقافي ؟ أيّ جهد عظيم يبذله هذا الرجل من أجل المساهمة في الحفاظ على ذاكرة أمّة من خلال ميدان تخصصه في التحقيق الأدبي ؟
كلنا نعرف الظروف التي تعيشها أم المدن البصرة الفيحاء (أو الرعناء كما كان يلقبها العرب المسلمون) فهذه الظروف المزرية على المستويات كافة لا يمكن أن توفّر لشاكر ظروف مناسبة للعمل التحقيقي المرهق ، والذي يتطلب تياراً كهربائيا مستمراً لأسباب معروفة . وقد ذهلت لتدهور حدّة بصر الأستاذ شاكر حين قابلته قبل سنتين . كما أن وضعه الصحي غير مناسب للعمل التحقيقي المضني الذي يحتاج مواصلة عزوم وتركيز وتعدد في المصادر ومقارنات ، ورحلة متعبة في االبحث عن مصادر محدّدة في الكثير من الأحيان وتأكد دقيق من كل معلومة ، وشراء مصادر كثيرة في ظرفنا الإقتصادي المعروف ، وخصوصا بعد حرق أكثر المكتبات العامة .
وهنا يثور سؤال مهم : كيف يعمل شاكر العاشور ؟ ومن يهتم بعمله ويرعاه ؟
قبل عامين أعاد شاكر طبع كتبه المحققة السايقة ، كما أصدر كتباً محققة جديدة عديدة ، منها :
شعر جعيفران الموسوس (جمع وتحقيق) – دار تموز – دمشق – 2011
شعر عوف بن الأحوص (جمع وتحقيق) – دار تموز – دمشق – 2011 .
شعر أبي شراعة القيسي (جمع وتحقيق) – دار تموز – دمشق – 2011.
ومن الملاحظات المهمة هي أن الكثير من كتبه المحققة صدرت عن مؤسسات الدولة الثقافية في سبعينيان وثمانينيات القرن الماضي مثل : تحسين القبيح وتقبيح الحسن للثعالبي والأسئلة والأجوبة لابن قتيبة والمذاكرة في ألقاب الشعراء للمجد النشابي ودواوين شعراء مثل سويد اليشكري وعمارة بن عقيل ومحمد بن حازم الباهلي وأبي الفتح البستي .
والآن يشتغل شاكر العاشور بمثابرة وبصمت على كتب جديدة موجودة في أقصى قيعان الأراشيف والنسيان ، يغوص إليها بصحته المكدودة ، لينفض عنها الغبار ليحييها ويحيي صاحبها ، ويقدّمها إلينا في حلة جميلة معاصرة ، وعلى حسابه الخاص بعد أن تتلف عيناه وأعصابه وصحته . فمن يهتم بجهد هذا المثقف الصابر المجهد ؟
تحبة للأستاذ شاكر العاشور .

تعليقات الفيسبوك

شاهد أيضاً

| د. زهير ياسين شليبه : الروائية المغربية زكية خيرهم تناقش في “نهاية سري الخطير” موضوعاتِ العذرية والشرف وختان الإناث.

رواية الكاتبة المغربية زكية خيرهم “نهاية سري الخطير”، مهمة جدا لكونها مكرسة لقضايا المرأة الشرقية، …

| نصير عواد : الاغنية “السبعينيّة” سيدة الشجن العراقيّ.

في تلك السبعينات انتشرت أغان شجن نديّة حاملة قيم ثقافيّة واجتماعيّة كانت ماثلة بالعراق. أغان …

تعليق واحد

  1. الاستاذ محمد الكناني

    انا طالب ماجستير عراقي ادرس في مصر عن الشاعر علي بن جبلة ومحتاج ديوان الشاعر الذي حققه الاستاذ شاكر العاشور لمن يستطيع مساعدتي الاجر والثواب والشكر الجزيل

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *