مقداد مسعود : مسح ضوئي ؛ أعياد.. بلا سينما

mokdad masood 6Mo.Indiaالعيد …..
بالنسبة لنا نحن الصغار،أولاد المحلات الشعبية، يعني..(لفة أبيض وبيض) مغمورة بالعنبة،التي تغطي البيضة المسلوقة المحشورة بالصمونة مع  حلقات   طماطة،وشرائح خيار وخصلة  خضراء وأحيانا مصفرة من الرّشاد، والاهم ان نشتري اللفة من الصينية التي يحملها العامل القادم اما من مطعم ابو ستار او ابو طالب،المحلان قبالة سينما الرشيد.. هي الان مجموعة محلات للملابس الرجالية؟! ولانشتري اللفة …إلا في ظلمة السينما الصاخبة والمكتظة بزعيقنا من (أبو اربعين) حتى (اللوج) في الطابق الثاني..وأنا أكتب الآن،تستعيد ذاكرة لساني ذلك الطعم اللذيذ اللذيذ  لتلك اللفة ومعها التقط ،على ضوء الشاشة وزعيقنا،تلك الطراوة التي لم يجعدها الزمن،بل الانظمة العسكرتارية المتلاحقة……………………….
………………………………………………………..الآن في آب/ 2013على الحاسوب ..أشاهد فيلما قديما قديما جدا، afilm.2قصة الفيلم محض حكاية بسيطة  لمخرج   كان يومها تقدميا، لكن عرفوا كيف يكسروه سينمائيا وهكذا كسروه فكريا ..كل شيء حيوي..حتى الازياء..فقد عادت   تلك الموضة الآن ..كل من شارك في هذا  الفيلم ليس هنا..  اللواتي امام الكاميرا : رحلن والذين خلفها رحلوا، لكن الفيلم مايزال يبث حياة في الممثلين الموتى.. قصته على بسطتها هي قصة كل يوم..أتأمل كل مافي الفيلم ،الطفل الرضيع الذي تحمله البطلة..اتساءل .. أين هو الآن؟ ابن من الطفل الذي كانت تحمله البطلة؟ وهذه البناية بكل معالمها التراثية كيف استفزت دولة العسكر،فهدموها باسم حملة اعمار ؟ وهذا الشارع المطمئن كيف تضرج الآن ؟! وهذا الجسر المقوس الاحدب ،لماذا أستأصلوا حدبته ؟والنهر النظيف الدافق اللعوب..ماذا أقترف حتى صيروه وسخا؟ والنساء..النساء في الشارع وفي الكليات معظمهن سافرات..وهذا المؤذن الصاعد في أعلى المنارة يؤذن لصلاة الفجر ،متحديا برد الشتاء..المنارة ماتزال لكن المؤذن والمؤذن الذي يليه والذي …رحلوا ..الفلم بسيط ..وكان يعرض في الوقت نفسه في صالتين ولمدة اسبوعين ..صالة سينما الوطن الشتوي و الوطن الصيفي ..تنتهي بكرة من شريط الفلم، يأخذ ها عامل  Aflam.En.2السينما،ويعتلي دراجة هوائية فيلبس متوجها الى الصالة الصيفي….والآن اتساءل هل يعقل ان هذا الفراغ الشرس في شارع الوطن كان ملاذنا الجماعي حين كانت هنا سينما أسمها سينما الوطن الشتوي؟! نعم ثمة فراغات لاتعوض لأنه لابدائل لها..أقراص C.D.على أهمية الافلام التي اشاهدها خصوصا تلك التي تعتمد على روايات رائعة….لكن للسينما نكهتها ومؤثريتها في التلقي، للسينما اناقتها العائلية الاحتفائية،وللعائلات مقصورات محجوزة في الطابق الأعلى..للسينما ظلمتها الشفيفة..صمتها الجماعي في اللقطة المؤثرة، زعيقها الصبياني في لقطة مثيرة.. وللسينما وعيها الجمعي( قيس وليلي/ ماجدة وشكري سرحان) الافلام العراقية(ارادة الشعب)(أوراق الخريف(يد القدر) (من المسؤول؟)(سعيد أفندي)..من ينسى الفيلم اليساري( Z) أو فيلم(ساكووفازنتي)؟ فيلم( جيفارا) للمثل(فرنسيس كوريال) الذي طاردته المخابرات الأمريكية.. أفلام / كلارك كيبل / غريتا غابو/آلان ديلون/ صوفيا لورين/ فيكتور ديسكا/ ماسترويو ماسترياني/ جان بول بولمندو/ كاترين دينوف/ ورم بيتي/سوزان جورج/ جيمس ماسون/بريجيت باردو/ كلوديا كاردينالي/سدني بواتية وفلمه الاشهر في سينما الحمراء الشتوي (الى استاذي مع أطيب التمنيات)..الذي استنسخته السينما العالمية والعربية..كما يمسخ الآن فرسان وفارسات فيسبوك ،القصائد العذروات..بشكل مضحك !! دع عنك الافلام الهندية،: (ليالي شامي كابور)(سنكام)(جانوار/ بطولة دليب كومار)(أم الهند) الفلم الذي أبكى الزعيم الركن عبد الكريم قاسم..بطولة الممثلة نرجس..والأهم ان هذه الافلام كانت تفتح مناخا للمناقشات بعد مشاهداتها،وكانت هناك أعمدة في الصحف تتناول ذلك ايضا ،وليوسف العاني كاتب ماتع في هذا المضمار
ButtLangestar.3(هوليود بلا رتوش).وقبل كل هذا.. هناك الفاصل الجميل الكوكتيل من لقطات ومشاهد الافلام التي سوف تعرض في الاسابيع المقبلة..الفاصل الذي نطلق عليه(المقدمة ).. الفلم يواصل العرض وذاكرتي تشغل فيلمها المتشقق من الشريط السينمي في ذلك اليوم الماتع…..كل شيء في الفيلم يحيّ الحياة بشموخها وبسالتها وكدحها..اذن الممثلون لم يرحلوا..هاهم يواصلون حياتهم من خلالنا وها نحن كلما رأينا الفلم نستعيد ماقبل وصولنا الى صالة العرض ثم نستعيد بإحتفائية كل التفاصيل العادية لمابعد العرض..وهكذا تتشكل في ذاكرتنا حكايات متداخلة من خلال اشرطة متدخلة تداخل خيوط الشليلة الواحدة…
إذن هنا.. سينما الوطن الشتوي وهناك الوطن الصيفي، وخلف أورزد ي باك سينما أطلس وعلى مقربة منها سينما الرشيد،وفي ام البروم سينما الكرنك وقبالة باور هاوس سينما الحمراء الشتوي ..وقبل الوصول الى فلكة السعدي: سينما الحمراء الصيفي وبين سينما الوطن الشتوي والصيفي
وعلى الجهة المقابلة هناك سينما الجمهورية..وفي البصرة القديمة سينما الرافدين..هكذا كنت اتنقل مع اخوتي وأصدقائي بين هذه الصالات التي تعنيني اما سواها..فلم أدخلها..فكيف هي تحلمني او أنا احلمها الآن..؟!
هكذا..أحدّث أطفالي  بنبرة دامعة..  حين يسألونني
: بابا..
شنو
يعني
:(سينما)؟!

*صحيفة طريق الشعب/صفحة ثقافة/ الأربعاء/ 14/ آب/ 2013

تعليقات الفيسبوك

شاهد أيضاً

| د. زهير ياسين شليبه : الروائية المغربية زكية خيرهم تناقش في “نهاية سري الخطير” موضوعاتِ العذرية والشرف وختان الإناث.

رواية الكاتبة المغربية زكية خيرهم “نهاية سري الخطير”، مهمة جدا لكونها مكرسة لقضايا المرأة الشرقية، …

| نصير عواد : الاغنية “السبعينيّة” سيدة الشجن العراقيّ.

في تلك السبعينات انتشرت أغان شجن نديّة حاملة قيم ثقافيّة واجتماعيّة كانت ماثلة بالعراق. أغان …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *