شخصيات المسرحية
1ـ ايسوب عبد فريجي
2ـ لاريسا الأم
3 ـ ماردين العم
4 ـالشيخ
5 ـ زيناس النخاس
6 ـ اكسانثوس الفيلسوف
7 ـ كروسوس ملك ليديا
8 ـ ليكروس ملك بابل
9 ـ كيروس ملك فارس
10 ـ ايروس الكاهن العجوز
11 ـ مورهينا عبدة صغيرة
12 ـ سيبيل كاهنة دلفي
13 ـ الكاهنة العجوز
14 ـ دينيس زوج لارياالمشهد الأول
ظلام ، أصوات غاضبة
صوت أنين وتوجع
صوت امرأة : لنرجم هذا الجني .
صوت صبي : ارجموه .
صوت امرأة : ارجموه حتى الموت .
صوت صبي : ارجموه .. ارجموه.. ارجموه .
صوت متوجع : آآآ
صمت ، تسلط بقعة
ضوء على الراوي
الراوي : لا أدري من قال ، إياك أن تستهين
بالشبل ، حتى لو كان مريضاً ، عاجزاً،
فقد يعيش ، ويكبر، ويصير أسداً
“يصمت” صحيح أن ايسوب، الذي
سمعناه يصيح من الظلام … آآآ … ليس
شبلاً ، لكن من يدري ، لعله يعيش، ويكبر
، ويصير أقوى من الأسد “يصمت” يبدو
أن هذا ، لم يخطر للأطفال ، والنساء ،
وحتى بعض الرجال ،الذين التموا في
مدينة آمور يوم اليونانية ، حول الطفل
ايسوب ،وراحوا يرجمونه بالحجارة ،
تعالوا انظروا …
تضاء الساحة ، العديد
يحيطون بايسوب ويرجمونه
امرأة : ارجموا الجني، ارجموه .
امرأة : ارجموه حتى الموت .
صبي : ارجموه.. ارجموه.. ارجموه .
مورهينا : “تندفع نحو ايسوب ” أيها المجرمون ،
دعوه .
امرأة : “تعترضها” توقفي “تدفعها بشدة ”
ابتعدي وإلا نلت ما ناله .
مورهينا : دعوه “بصوت باك ” بحق آلهة الأولمب
دعوه .
امرأة : ابتعدي أنت عنه ، انه جني شائه، جاء
من وراء نهر العالم السفلي.
مورهينا : “بصوت باك ” بل هو إنسان ، إنسان
مثلي ومثلكم .
امرأة : ” تتصدى لمورهينا ” ومن يقول أنك
إنسان ؟ لست إنساناً؟ لست إنساناً يا
مورهينا ، أنت مثله .. عبدة .
امرأة : ارجموه.. ارجموه .
امرأة : ارجموه حتى الموت .
مورهينا : ” تحاول حمايته” أرجوكم دعوه ، إنه
ينزف ، وقد يهلك .
امرأة : ” تخطو نحوها ” إياك أن تقربي منه ،
وإلا رجمناكما معاً .
مورهينا : أرجوكم ” تصيح ” دعوه .
امرأة : “تصفعها بشدة ” أيتها المجنونة ،
اسكتي .
مورهينا : “تتهاوى على الأرض متوجعة “….
ايسوب : “يصيح بجنون وألم ” آآآ .
ماردين : ” يشق طريقه بين الناس ” أيها
المواطنون الطيبون، توقفوا ، توقفوا لحظة .
امرأة : هذا ماردين .
امرأة : اعرفه ، إنه عم ايسوب .
امرأة : لقد مات أخوه دينيس ، وينتظر بفارغ
الصبر ، الاستمتاع بتركته .
امرأة : ويا لها من تركة .
امرأة : لكن تبقى زوجة أخيه لاريسا ، هي
العقبة .
امرأة : لاريسا مريضة ، وقد ترحل عن هذا
العالم ، إلى العالم السفلي ، في أية لحظة .
يتقدم ماردين ، مبعداً
الناس عن ايسوب
ماردين : آه ، ايسوب، يا له من اسم لمسمى من
غير هذا العالم ” للناس مشيرا ًإلى
ايسوب” انظروا ، هذا القزم الأحدب
الشائه، من أين جاءت به لاريسا ، زوجة
أخي الراحل دينيس؟ إنها امرأة عاقر ،
وكلكم تعرفون هذا ، ثم من أجل ماذا
ترعى لاريسا هذا الجني؟ مهما يكن، فأنها
لا ترعاه لخير آمور بوم، وأهل آمور
بوم، فلماذا بحق الآلهة، تبقيه بيننا ، في
آمور بوم؟
امرأة : الموت لايسوب .
صبي : لنرجمه حتى الموت .
امرأة : ارجموه … ارجموه … ارجموه .
ماردين : ” وهو يشق طريقه إلى الخارج ” ليعد
من حيث أتى ، مهما كان المكان ، الذي
أتى منه .
الجميع : ” وهم يرجمون ايسوب ” ارجموه …
ارجموه … ارجموه .
مورهينا : ” تندفع نحو ايسوب باكية” كفى … كفى
… كفى .
امرأة : ” تحاول اعتراضها” أيتها الحمقاء ، لا
تقتربي منه ، سترجمين معه.
الجميع : ” وهم يرجمون ايسوب” ارجموه…
ارجموه… ارجموه .
صوت الشيخ : ” من الخارج” توقفوا .
يسلط الضوء على
ايسوب، يدخل الشيخ
الشيخ : ايسوب .
ايسوب : ” يحدق فيه متأتئاً” آآآ…
الشيخ : تكلم ، يا ايسوب .
ايسوب : “يبذل جهداً كبيراً” آ …آ..أنا .
الشيخ : قلت لك تكلم .
ايسوب : ” يبذل مزيداً من الجهد ” لا ..لا
أستطيع .
الشيخ : تكلم، تكلم .
ايسوب : إنني ، لا أستطيع .
الشيخ : ها أنت تستطيع ، تكلم .
ايسوب : حقاً ، إنني ..أتكلم .
الشيخ : بل وتتكلم أفضل منهم .
ايسوب :إنني أخافهم .
الشيخ : لست ضعيفاً لتخافهم .
ايسوب : إنهم يؤذونني .
الشيخ : إذا عرفتهم بحقيقتك ، لن يستطيعوا
إيذاءك .
ايسوب : إنني إنسان .. ضعيف…شائه.
الشيخ : كلا ، أنت إنسان ، اعرف نفسك ،
وأحببها ، وسيحبك، ويعجب بك ، من
يفهمك .
ايسوب : ليتني أستطيع .
الشيخ : ستستطيع ، يا ايسوب ، وتكون عجيبة
من عجائب الدنيا .
ايسوب : أنا .
الشيخ : “يتراجع” ايسوب .
ايسوب : مهلاً ، لا تتركني وحدي .
الشيخ : لن تكون وحدك ، إذا عرفت نفسك .
ايسوب : خذني معك .
الشيخ : إنني معك .
ايسوب : لا تذهب ، إنني وحيد .
الشيخ : لن تكون وحيداً ، فأنا موجود فيك .
ايسوب : مهلا ً ، مهلا ً .
الشيخ : “يختفي ” ….
ايسوب : “يتلفت حائراً ” …
يضاء الجميع ، ايسوب
يدور مغمغماً ، مترنحاً
امرأة : ارجموه .
صبي : أصبته في وجهه، ارجموه .
امرأة : الجني يكاد يتهاوى ، ارجموه .
الجميع : ” وهم يرجمون ايسوب ” ارجموه ..
ارجموه.. ارجموه .
مورهينا : ” تحاول الاقتراب من ايسوب ” كفى …
“بصوت باك” بحق الآلهة .. دعوه .
الجميع : ” وهم يزدادون ضراوة ” ارجموه …
ارجموه … ارجموه .
مورهينا : ” تندفع نحو ايسوب باكية ” دعوه …
دعوه… دعوه .
امرأة : هذه المجنونة تندفع نحو حتفها .
مورهينا : ” تحضن ايسوب ” ايسوب .
ايسوب : مور….هينا .
مورهينا : ” تحدق في ايسوب مذهولة ” ايسوب ،
أنت تتكلم .
ايسوب : ” يهز رأسه ” …نعم ، مورهينا .
امرأة : أليست هذه العبدة … مورهينا !
امرأة : نعم ، إنها هي .
امرأة : لقد اختارت مصيرها بنفسها “تصيح”
ارجموهما معاً .
الجميع : ” وهم يرجموهما ” ارجموهما…
ارجموهما… ارجموهما .
لاريسا : ” تشق طريقها بصعوبة بين الجميع”…
أيها الضواري … يا ضواري الغابات
المعتمة … توقفوا .
امرأة : هذه لاريسا .
امرأة : نعم ، إنها أم الجني ايسوب .
امرأة : هذا ما تقوله ، لكن .. من يدري .
لاريسا : توقفوا توقفوا .
يتوقف الجميع، تتقدم
لاريسا، مريضة ، منهكة
لاريسا : أيها الضواري ، دعوه وشأنه ، إنه
إنسان ضعيف ، مسكين .
امرأة : ” تقاطعها ” كلا ، بل هو جني .
امرأة : نعم ، جني ، جني من نسل جن العالم
السفلي .
لاريسا : صه أيها البهائم ، أنتم وليس هم من نسل
جن العالم السفلي ، وإلا لعرفتم حقيقته .
امرأة : مادام هذا رأيك ، أبقيه في دارك ، لا
نريد أن نراه .
لاريسا : وهذا ما أفعله ، لكنه أحياناً يريد أن
يخرج ، ويرى العالم ، وها هو يراه ،
غابة بهائم وضواري ” تلهث متوجعة ”
أيتها الآلهة الرحيمة “تترنح” أكاد أتهاوى
، كل ما أخشاه أن ..” تنهار على الأرض
” يا ويلي ، ماذا سيحل بايسوب إذا ؟ آه .
ايسوب : “يحاول إسنادها ” أمي .
لاريسا : ايسوب !
ايسوب : أمي ، قولي أنك بخير .
لاريسا : أنت لا تتأتيء .
ايسوب : قوليها يا أمي ، قوليها .
لاريسا : إنني فرحة … فرحة … ايسوب… ها
أنت تتكلم … مثل بقية الصبيان.
ايسوب : نعم ، يا أمي ، أتكلم والفضل يعود
للشيخ.
لاريسا : الشيخ ! أي شيخ ؟
ايسوب : الشيخ الطيب الذي كان هنا ، وحماني
من هؤلاء الناس .
لاريسا : ” تنظر إلى مورهينا ” ….
مورهينا : أنا …. حاولت أن … أحميه .
ايسوب : وقال لي ، إنك لن تتأتئ بعد الآن ، وانك
….
لاريسا : طبعاً يا بني ، طبعاً يا …. ايسوب ”
تشهق ” يا آلهة الأولمب .
ايسوب : ” ينحني عليها ” أمي “بصوت باك ” لا
ترحلي يا أمي ، لا ترحلي… إنني لا
استطيع … أن أعيش وحدي .
لاريسا : لن تكون وحدك لن تكون وحدك … يا
… ايسو…ب.
ايسوب : أمي .
لاريسا : ” تغمض عينيها “…..
ايسوب : “بصوت باك ” أمي … أمي … أمي .
مورهينا : ” تنحني على ايسوب ” ايسوب .
امرأة : يا للآلهة .
امرأة : لقد رحلت لاريسا .
امرأة : مصائب قوم عند قوم فوائد .
امرأة : اليوم عيد ماردين .
امرأة : ويوم انتقامه .
امرأة : صه ، صه ، ها هو ماردين قادم .
يدخل ماردين ، وينظر
ملياً إلى لاريسا
ماردين : يا للآلهة الأولمب العادلة ، سأقدم عجلاً
سميناً للمعبد، ماتت لاريسا أخيراً ،
وتحررت ثروة أخي دنيس، وصارت
كلها ملكي “ينظر إلى ايسوب ” بما فيها
هذا الجني ، الهارب من وراء نهر العالم السفلي….
ايسوب : ” ينظر إليه متوجعاً”…..
ماردين : مهلاً أيها الجني ، لن أرى سحنتك
البشعة بعد اليوم ، سأبيعك بأبخس ثمن،
بل سأعطيك مجاناً لأول تاجر عبيد، تقع
عليه عيناي ، شريطة أن يبعدك، أقصى
ما يمكن ، عن مدينة أمور بوم، وألا
يسمح لك ، مهما كان السبب، بالعودة
اليها.
ايسوب ومورهينا يتبادلان
النظر ، تخفت الإضاءة
إظلام
المشهد الثاني
يضاء الراوي ، أصوات
خافتة ، ترتفع بالتدريج
الراوي : العالم سوق واسعة للعبيد ، كلنا بائعون،
وكلنا مباعون، والبائعون والمباعون فيها
عبيد ” يصمت” ترى من قال هذا ؟ يا
لذاكرتي”يصمت” إن ايسوب، الذي مرت
عليه الأيام، يوماً بعد يوم بعد يوم،كبر
الآن، وكبرت معه أغلاله، ومعها كبر
توقه إلى الحرية “يصمت منصتاً” أصغوا
، هذه أصوات سوق العبيد، في مد ن
ساموس اليونانية ، حيث يحاول النخاس
المعروف زيناس، بيع ما لم يستطيع بيعه،
طوال سبع سنوات، وهل من السهل بيع
ايسوب؟ تعالوا معي، تعالوا إلى سوق
العبيد ” ترتفع الأصوات الصادرة عن السوق”هيا ، تعالوا “يختفي”.
السوق ، مارة ، ايسوب،
زيناس يقف متضجرا
زيناس : يا لآلهة الأولمب، بعت جميع عبيدي،
في هذه السوق ، خلال أيام قلائل، ولم
يبقَ كالعادة سوى.. “يرمق ايسوب بنظرة
ازدراء”
ايسوب : صبراً يا سيدي، فقد تلتفت آلهة الحظ
إليك ، في أية لحظة .
زيناس : مهما صبرت، فلن تلتفت آلهة الحظ إليَّ
، مادام الأمر يتعلق بك…
ايسوب : يا للجحود .
زيناس : فمنذ أن اشتريتك من ماردين ، قبل أكثر
من سبع سنوات، والنحس يلازمني .
ايسوب : لو راجعت نفسك يا سيدي ، لتبين لك
أنك مخطئ .
زيناس : عليك أن تعترف، بأنك سلعة كاسدة ،
وليس في جزر اليونان كلها ، أحمق يمكن
أن يشتريك .
ايسوب : “يحملق فيه”…
زيناس : عدا النخاس … زيناس .
ايسوب : “يرفع كتفيه”…
زيناس : نعم وإلا ما اشتريتك .
ايسوب : لكن النحس لم يلازمك، طوال السنين
التي لازمتك فيها .
زيناس : لتلعنك آلهة الأولمب .
ايسوب : كنت يا سيدي ، أفقر نخاس على امتداد
الجزر اليونانية .
زيناس : “يحملق فيه”…
ايسوب : وأنت الآن ، أشهر وأغنى نخاس، في
هذه الجزر كلها.
زيناس : الفضل في ذلك، يعود إلى جدي
واجتهادي و…
ايسوب : “ينظر إلى الخارج” أنتبه، أنتبه يا
سيدي، هذه آلهة الحظ، ربما قررت
الالتفات إليك .
زيناس :سأبيعك “ينظر إلى الخارج” سأبيعك بأي
ثمن، لقد مللت حكاياتك الخرافية ،
وسحنتك البشعة .
تدخل امرأة ، يتقافز
حولها خمسة أولاد
المرأة : أيها القرود، كفاكم تقافزاً، سيروا
كالآدميين قربي.
زيناس : تفضلي ، يا سيدتي .
المرأة : “تتوقف محملقة فيه”…
زيناس : إنني النخاس زيناس .
المرأة : النخاس، آه،حسن يا سيدي، أريد وحشاً،
يروض هؤلاء القرود،ويتيح لي فرصة
لأنام ساعة، في الليل أو في النهار .
زيناس : عندي بغيتك، يا سيدتي ” يشير إلى
ايسوب” أنظري .
المرأة : “تشهق مرعوبة” أي ، يا الهي ، ما هذا
؟ إنه جني “تتراجع”.
زيناس : “يتبعها ” مهلاً يا سيدتي، مهلاً، مهلاً .
المرأة : لست مجنونة لأشتري…” تهرول متلفتة
إلى صغارها” اتبعوني أيها القرود “تمسح
وجهها بكفيها” يا آلهة الأولمب ، سيغمى
عليّ “تخرج مهرولة ومن حولها
صغارها الخمسة” .
ايسوب : “يرمقه متشفياً”…
زيناس : مهما يكن ، سأبيعك اليوم .
ايسوب : هذا يتوقف على آلهة الحظ .
زيناس : رغم آلهة الحظ ، سأبيعك .
ايسوب : قال الشيخ .
زيناس : هذا الشيخ وهم ، لا وجود له، إلا في
رأسك الفارغ .
ايسوب : بل موجود، وسأعثر عليه يوماً، وهذا ما
يجعلني أحرص عل حياتي ، كل
الحرص .
زيناس : “يبتعد قليلاً” لتأخذك آلهة العالم السفلي .
تدخل شابة ، وتقف
محملقة في ايسوب
ايسوب : مورهينا .
الفتاة : مورهينا ! ” تنادي أمها” ماما .
الأم : ” لا تتوقف” هيا ، يا بنيتي .
ايسوب : أنت مورهينا .
الفتاة : لابد أن مورهيناك جنية مثلك .
ايسوب : كلا “يهز رأسه” لست مورهينا .
الفتاة : حمداً للآلهة .
ايسوب : مورهينا لم تكن حمقاء .
الفتاة : “تضربه” أيها الجني .
الأم : “تتوقف وتلتفت” أوه، يا للآلهة ، ما
هذا ؟
الفتاة : جني ليس من عالمنا .
الأم : تعالي يا بنيتي، تعالي .
الفتاة : “تسرع إلى أمها” هيا يا ماما .
الأم : أنت ستتزوجين قريباً ، يا بنيتي “ترمق
ايسوب” صلي للآلهة افروديت و إلا …
الفتاة : “تشهق رامقة ايسوب” أي، سأموت
إذا… “تسرع نحو الخارج” أيتها الآلهة
الرحيمة افروديت “تخرج” .
الأم : “تخرج في أثرها “…
ايسوب : مورهينا ، ترى أين مورهينا الساعة؟ لابد أنها فتاة شابة ، ومن يدري، لعلها تزوجت ، أو ستتزوج قريباً.
زيناس : “ينظر إلى الخارج”آه هذا رجل عجوز “يقترب من ايسوب”وهو على ما يبدو ضعيف البصر ، أو أعمى .
زيناس : سأبيعك بأي ثمن .
يدخل الشيخ الأعمى ،
متوكئاً على عصاه
زيناس : سيدي لدي عبد فتي ، يفيدك في شيخوختك هذه .
الشيخ : سأشتريه إذا كان يفيدني ، ولم يكن مرتفع الثمن .
زيناس : تعال يا سيدي ” يقوده إلى ايسوب” لن تجد عبداً في رخص ثمنه.
الشيخ : هذا أمر مشجع .
زيناس : فضلا ً عن أنه يطبخ ويكنس ويرفو الثياب، ويحرس البيت ليلاً ونهاراً، كما لو أنه ..
الشيخ : مهلاً ، مهلاً يا صاحبي ، إنني لا أحتاجه لمثل هذه الأمور ، فلدي أمي تطبخ وتكنس وترفو…
زيناس : أمك!
الشيخ : نعم يا صاحبي، وهي لم تتجاوز المائة إلا بقليل “يبتسم” نحن عائلة تعمر رجالاً ونساء، مثلما تعمر النسور .
زيناس : فلتتمجد الآلهة .
الشيخ : أما عن الحراسة فإن كلبي البرق ، يحرس بيتي وبيوت الجيران أيضاً .
ايسوب : “يرمق زيناس متشفياً”…
زيناس : “لأيسوب” سأبيعك .
الشيخ : دعني أتحسسه .
زيناس : “يحدق فيه مندهشاً”…
ايسوب : لست تيساً يا سيدي ، لتتحسسني .
الشيخ : مهلا ً ، إنني مثّال .
زيناس : مثّال ! لكنك …
الشيخ : لا عليك، لقد فقدت بصري منذ فترة قريبة “يمد يده نحو ايسوب” إنني أحب الأجسام الغريبة .
زيناس : لن تجد أغرب من جسمه “لايسوب” دعه يتحسسك “للشيخ” تحسسه يا سيدي، تحسسه .
الشيخ : “يحرك يده يميناً ويساراً” أين هو، هذا العبد؟
زيناس : اخفض يدك قليلا ً ، يا سيدي .
الشيخ : “لايسوب” قف، يا بني .
ايسوب : إنني واقف ، يا سيدي .
الشيخ : يا للآلهة .
زيناس : اخفض يدك أكثر .
الشيخ : “يخفض يده” ها إني أخفضها .
زيناس : ستصل بعون الآلهة ، ستصل .
الشيخ : “يتحسس رأس ايسوب” يا لها من يقطينة “يتحسس جسده” ما هذا؟ حدبة كأنها تل من لحم الفقمة، وكرش ككرش التيس…
ايسوب : “يحاول الابتعاد”… سيدي…
الشيخ : مهلا ً “يتحسس رجليه” وهاتان الرجلان ، يا للعصاتين المعوجتين، آه ويقولون أن الآلهة أفضل مثّال ، أهذا تمثال يصنعه إله؟
ايسوب : دعني يا سيدي “يبتعد عنه” إنني لا أصلح لك .
الشيخ : “يهم بالابتعاد” صدقت، يا بني .
زيناس : اشتره يا سيدي ، وأصنع منه تمثالاً يخلد اسمك .
الشيخ : “وهو يبتعد” كلا ، لا أريد أن أخلد ، بأني صنعت أقبح تمثال ، على مر العصور .
ايسوب : “يضحك” ها ها ها .
زيناس : سأبيعك ، اليوم .
ايسوب : بعني لنفسي .
زيناس : لن ترى هذا الحلم ، حتى في نومك، سأنتقم منك، بإبقائك عبداً ، مدى الحياة .
ايسوب : قال الشيخ…
زيناس :”يصبح غاضباً” سحقاً للشيخ .
ايسوب : انتبه “يشير برأسه” لعله شار .
زيناس : “ينظر إلى الخارج” هذا الفيلسوف اكسانثوس، ولن يعير اهتماماً لعبد مثلك .
ايسوب : لعلك واهم يا سيدي، ولو كان فيلسوفاً بحق، سيشتريني .
يدخل اكسانثوس،وهو
يحدث نفسه منفعلاً
اكسانثوس : يا للجنون ، سأخسر كل شيء ، قصري ، ضياعي، عبيدي ، بل وحتى زوجتي اكاستوس.
زيناس : سيدي .
اكسانثوس : كل هذا بسبب الإدمان “يصيح ” الرهان جنون .
زيناس : سيدي ، تفضل .
اكسانثوس : نعم، جنون، وإلا كيف أراهن اللعين ، المخادع، ادالوس، على أني استطيع أن أشرب البحر .
زيناس : انظر “يشير إلى ايسوب” انظر يا سيدي .
اكسانثوس : لن أستطيع أن أشرب البحر “يقف محبطاً ” لن أستطيع.
ايسوب : بل تستطيع، يا سيدي .
اكسانثوس : “يحملق في ايسوب”…
زيناس : أنت فيلسوف يا سيدي، ولن ترى أصلح من هذا العبد لك ، حتى لو درت العالم كله .
ايسوب : نعم تستطيع.
زيناس : ادفع خمسة دراهم ، وخذه .
اكسانثوس : ماذا !
زيناس : ادفع ما تشاء .
اكسانثوس : صه ، إنني لا أتحدث معك ، بل …”لايسوب” ماذا قلت؟
ايسوب : ما سمعته ، يا سيدي .
اكسانثوس : “يهز رأسه”…
اكسانثوس : ولن أخسر قصري ، وضياعي، و…
ايسوب : “يشير له أن يبعد زيناس”…
اكسانثوس : وعبيدي ، و… “لزيناس” ابتعد أنت .
زيناس : سيدي .
اكسانثوس : ابتعد قليلا ً ، سأعاين هذا العبد وقد اشتريه .
زيناس : عاينه “يبتعد فرحاً” عاينه جيداً يا سيدي.
اكسانثوس : حسن ، لقد ابتعد.
ايسوب : قل لادالوس ، عندما تقفان على شاطئ البحر، وحولكم أهالي مدينة ساموس…
اكسانثوس : حسن، تكلم، ماذا أقول له؟
ايسوب : سيدي …
اكسانثوس : نعم ، تكلم .
ايسوب : اشترني واعتقني أولاً .
اكسانثوس : يا للآلهة ، سينفد صبري، تكلم، ماذا أقول للعين ادالوس؟
ايسوب : اشترني من هذا النخاس اللعين، واعتقني، وبذلك لن تخسر قصرك وضياعك وعبيدك وزوجتك الجميلة اكاستوس .
اكسانثوس : سأشتريك ، ثم أعتقك بعون الآلهة ، والآن تكلم .
ايسوب : أنت يا سيدي اكسانثوس فيلسوف أباً عن جد، وأنا اثق بكلمتك .
اكسانثوس : تكلم ، تكلم .
ايسوب : قل لهذا اللعين ادالوس .
اكسانثوس : نعم .
ايسوب : سأشرب البحر ، كما وعدتك، إذا …
اكسانثوس : إذا …؟ تكلم ، ، إذا …؟
ايسوب : إذا قطعت مياه جميع الأنهار ، التي تصب في البحر .
اكسانثوس : “فرحاً مبهوراً” يا آلهة الأولمب .
ايسوب : وسيسقط في يده .
اكسانثوس : لن يستطيع قطع مياه جميع الأنهار .
ايسوب : نعم ، لن يستطيع، وهكذا ستكسب هذا الرهان .
اكسانثوس : “يصيح فرحاً” زيناس .
زيناس : “يسرع إليه” سيدي .
اكسانثوس : سأشتري هذا …”لايسوب” ما اسمك ؟
ايسوب : ايسوب.
اكسانتوس : ايسوب ” للنخاس ” سأشتريه ، كم قلت ثمنه .
زيناس : خمسون درهماً يا سيدي .
اكسانثوس : خمسون !
زيناس : فقط يا سيدي .
اكسانثوس : أظنك قلت خمسة دراهم ، ثم …
زيناس : عفواً يا سيدي ، أنت واهم ، انه عبد نادر، ولن أبيعه بأقل من خمسين درهماً.
اكسانثوس : حسن ، اشتريته ” ينقده المبلغ” هذه خمسون درهماً.
زيناس : “لايسوب” بعتك ” يتجه إلى الخارج ” وداعاً .
ايسوب : وأنا نلت حريتي “يلوح له” وداعاً يا زيناس .
زيناس يخرج ، اكسانثوس
يلتفت إلى ايسوب
اكسانثوس :لا تتعجل ، يا ايسوب .
ايسوب : سيدي ، لقد وعدتني .
اكسانثوس : ايسوب ، أنت كنز .
ايسوب : يا للآلهة ، لقد وعدتني ، وقلت…
اكسانثوس : نعم، قلت سأعتقك، بعون الآلهة .
ايسوب : “يحدق فيه”…
اكسانثوس : لكن ما العمل؟ يبدو أن الآلهة لاتعينني على عتقك “يتجه إلى الخارج” ايسوب، أنت عبدي الآن، بحكم القانون، اتبعني .
اكسانثوس يخرج ،ايسوب
يحدق فيه، ثم يتبعه
إظلام
المشهد الثالث
تسلط بقعة من
الضوء على الراوي
الراوي : قال الشاعر اللاتيني الكبير ” يتلجلج” يا لآلهة الأولمب، لقد شاخت ذاكرتي “يصمت” مهما يكن ، فإن هذا الشاعر قد قال “وراء كل رجل عظيم امرأة “يصمت” من يدري لعل هذه الحكمة لم يقلها رجل ، وإنما امرأة “يصمت” أما حكيم ساموس فقد قال: إن المرأة تسعد الرجل ، الذي يعيش معها أو تجعل منه فيلسوفاً “يصمت” هذه حكمة لا تقولها امرأة “يبتسم” إن اكسانثوس فيلسوف ، هذا ما يقوله بعض أبناء مدينته، ولكي نعرف الحقيقة ، تعالوا نتعرف إلى زوجته اكاستوس “يختفي”.
بيت اكسانثوس، اكاستوس ،
الكاهن العجوز ايروس
اكاستوس : “تحضن كلبها الصغير” أيتها الآلهة افروديت، كلبي الحبيب يتوجع.
ايروس : سيدتي الآلهة افروديت ، ليس من بين اهتماماتها ، رعاية الكلاب .
اكاستوس : ماذا تقول، يا سيدي؟ إن افروديت إلهة الحب في هذا العالم، وأنا أحب كلبي كل الحب .
ايروس : آه، من هذه الناحية ، ربما…
اكاستوس :”تهدهد كلبها” يا ويلي، إنه مريض، وأخشى أن …
ايروس : لا تخشي شيئاً يا سيدتي ، فالشراب الذي أعطيته له، سيشفيه تماماً.
اكاستوس : جربته؟
ايروس : بالطبع، وكان له تأثير السحر .
اكاستوس : ليتك تبقى الليلة أيضاً “تحضن كلبها” أريد الاطمئنان على كلبي الحبيب .
ايروس : اطمئني يا سيدتي ، كلبك بخير، وسيعيش طويلاً، وستكون منه ، سلالة خيّرة ، تملأ الأرض.
اكاستوس : أشكرك ، أشكرك يا سيدي “تهدهد كلبها” ابق الليلة عندنا ، وسافر غداً مع الفجر .
ايروس : عفواً يا سيدي، ليتني أستطيع، لابد أن أسافر هذا اليوم، فقد تحتاجني كاهنة دلفي العظيمة…سيبيل.
اكاستوس : رافقتك الآلهة ، يا سيدي .
ايروس : أشكرك، يا سيدي .
اكاستوس : بعون الآلهة العظام ، سنزوركم قريباً ، أنا و زوجي اكسانثوس .
ايروس : على الرحب والسعة، يا سيدتي .
اكاستوس : “تهدهد كلبها” حبيبي … حبيبي .
ايروس : عن إذنك ، يا سيدتي، عليّ أن أهيئ متاعي للسفر.
اكاستوس : تفضل ، يا سيدي .
الكاهن العجوز يخرج،
اكاستوس تهدهد كلبها
اكاستوس : شكر للآلهة افروديت، ستشفى يا حبيبي ، وتتزوج، وتكون منك سلالة تملأ هذه الأرض “تصمت حزينة” أما أنا فقد تزوجت من فيلسوف ساموس اكسانثوس، ولم أنجب، ولن تكون مني سلالة، يالأفروديت، أعطتني فيلسوفاً، بدل أن تعطيني…آه “تهدهد كلبها” اطمئن يا حبيبي، ستذهب إلى كاهنة دلفي العظيمة سيبيل ، لعلها تساعدنا أنا وفيلسوفي، على أن تكون منا سلالة “تصمت متطلعة إلى الخارج” ها هو فيلسوفي اكسانثوس قادم ، ترى ما الذي يحجل وراءه؟ قرد ! الويل له، أعرف قصده، لقد جاء به ليثير غضبي، ويجبرني على ترك البيت، وطلب الطلاق، ليتزوج من واحدة “بعصبية” هيهات.
يدخل اكسانثوس مرحاً،
ويقترب من اكاستوس
اكسانثوس : صباح الخير ، يا حبيبتي .
اكاستوس : قل مساء الخير ، فالنهار تجاوز منتصفه منذ فترة طويلة “تهدهد كلبها” آه يا حبيبي “تحدج اكسانثوس بنظرة غاضبة” إنني أقصد كلبي.
اكسانثوس : مهما يكن يا حبيبتي ، فقد جئتك بهدية .
اكاستوس : “فرحة” هدية ! أين … “تكتم فرحتها” يبدو أن هدية فيلسوفي لا ترى بالعين المجردة .
اكسانثوس : بل ترى واضحة وضوح الشمس .
اكاستوس : اكسانثوس .
اكسانثوس : ومن يرها، مرة واحدة ، لن ينساها العمر كله.
اكساستوس : أهي أحجية؟ آه كم أخشى أن تكون هذه الأحجية ، من نوع أحجيتك عن البحر .
اكسانثوس : لا عليك ، لقد حلت أحجيتي، وسأنتصر على أدالوس، بفضل هديتي لك .
اكاستوس : إنها أحجية حقاً “تهدهد كلبها” ويا ويلي من هذه الأحجية ، يا حبيبي.
اكسانثوس : “يشير إلى نفسه” …
اكاستوس : “تصيح” كلا .
اكسانثوس : “ينظر إلى الخارج” ايسوب .
اكاستوس : ايسوب ؟
اكسانثوس : “يشير بيده” تعال، تعال ادخل .
يدخل ايسوب، فتشهق
اكاستوس مرعوبة غاضبة
اكاستوس : يا آلهة العالم الأسفل “تضم كلبها إلى صدرها” ما هذا؟
اكسانثوس : هديتي لك…
اكاستوس : “تصيح”اكسانثوس .
اكسانثوس : تقديراً مني لجهودك، فقد كنت ورائي ، وجعلت مني فيلسوفاً .
اكاستوس : إنه جني من جن العالم الأسفل .
ايسوب : يا لدقة الوصف ، هذا ما قاله الرعاع عني ، ذات يوم، في مسقط رأسي أمور بوم .
اكاستوس : “تصيح غاضبة مستنكرة” الرعاع !
اكسانثوس : بل علية القوم في مدينة امور بوم هذا ما يقصده “يلكز ايسوب” أليس كذلك ؟
ايسوب : “يبقى صامتاً”…
اكاستوس : “بانفعال” تكلم .
ايسوب : كلبك جميل ، يا سيدتي .
اكاستوس : “تهدأ قليلاً”…….
ايسوب : “يبدو شاحباً” ….
اكاستوس : “تحدق فيه متوجسة”…
ايسوب : لا تخافي، قد يشفى .
اكاستوس : “تضم الكلب إلى صدرها”…
ايسوب : أنت تحبينه أكثر من…”ينظر إلى اكسانثوس” لكن سيشفى .
اكسانثوس : “محرجاً” أين .. كاهن دلفي العجوز ايروس؟
اكاستوس : في الداخل ، يعد أمتعته، سيسافر بعد قليل .
اكسانثوس : لاكاستوس “عايني هديتك يا حبيبتي “يتجه إلى الداخل” ريثما أودع الكاهن العجوز ايروس .
اكسانثوس يخرج ، اكاستوس
تحدق في ايسوب
ايسوب : من الواضح يا سيدتي ، أنني لا أعجبك.
اكاستوس : هذا حق ، فأنت .. “بانفعال ” أنت قارورة صلصالية بشعة .
ايسوب : أما أنت يا سيدتي ، فقارورة زجاجية .. جميلة .
اكاستوس : وأنا لم أر ، طول حياتي ، ولن أرى ، أقبح منك .
ايسوب : وأنا ، والحق يقال، لم أر حتى الآن ، أجمل منك ، لكن..
اكاستوس : “متوجسة غاضبة” لكن … لكن ماذا ؟
ايسوب : القوارير نوعان ..
اكاستوس : “تحدق فيه منتظرة متوجسة”..
ايسوب : قارورة قبيحة .. بشعة… لكنها تضم عطراً طيب الرائحة .
اكاستوس : “يتصاعد غضبها”..
ايسوب : وقارورة جميلة ، يسر النظر مرآها ، لكنها تضم عطراً منفر الرائحة .
اكاستوس : “تتفجر غاضبة” أيها الجني ..البشع..القذر ..الشائه..الـــ..
ايسوب : لا تصرخي يا جميلتي هكذا ، فقد يموت حبيبك خوفاً.
اكاستوس : “تضم كلبها وتصيح” اكسانثوس.
اكسانثوس : “من الداخل” نعم ، يا عزيزتي .
اكاستوس : تعال، تعال فوراً .
ايسوب : سيأتي الفيلسوف فوراً .
يندفع اكسانثوس داخلاً،
ويسرع إلى اكاستوس
اكسانثوس : ما الأمر ؟
اكاستوس : هذا الجني..
اكسانثوس : إنه كنز ..
اكاستوس : اسمعني..
اكسانثوس : لولاه لخسرت قصري وضياعي و..
اكاستوس : “تصيح” لا أريده في بيتي .
ايسوب : قال حكيم، الرجل العاقل من يعمل بما تأمره به زوجته.
اكسانثوس : لست عاقلاً .
ايسوب : لا بأس ، هذه ظاهرة عارضة ، ستزول إن عاجلاً أو آجلاً .
اكسانثوس : مهلاً ، لنتروّ .
اكاستوس : إما أنا وكلبي في البيت ، أو هذا الجني .
ايسوب : انه موقف محدد ، اختر .
اكسانثوس : تمالكي نفسك يا عزيزتي ، لا داعي لكل هذا الغضب .
اكاستوس : اختر ، الآن .
اكسانثوس : عزيزتي..
ايسوب : أنت فيلسوف ، لا تحتر ..
اكسانثوس : اسكت أنت .
ايسوب : بدل أن تترك زوجتك الجميلة ، وكلبها المدلل وتتزوج امرأة .
اكاستوس : “تصرخ” اسكت .
ايسوب : أطلقني .
اكاستوس : “تتطلع إلى اكسانثوس” ..
اكسانثوس : اعرف أن هذا كل ما تريده .
اكاستوس : أطلقه .
ايسوب : أطلقني ، وينتهي الأمر .
اكسانثوس : مستحيل .
ايسوب : يا لآلهة الاولمب، إنني لم أر ، في حياتي كلها ، رجلاً يعارض زوجته الجميلة مثلك .
الزوجة : لن أبقى هنا ” تتجه إلى الداخل ” سأذهب إلى بيت أهلي .
اكسانثوس : مهلاً ، مهلاً .
ايسوب : خذي كلبك المدلل معك، وإلا خنقه ليلاً ، واتهمني..
اكسانثوس : اسكت أيها اللعين “يلحق بزوجته” حبيبتي ، لنتفاهم.
اكاستوس : لا تفاهم ، إن شرطي واضح ، إما أنا أو هو .
ايسوب : لو كنت أنا الفيلسوف، لاخترت أن يبقى الكلب المدلل في البيت .
اكاستوس : “غاضبة ” أيها الجني البشع ..
ايسوب : ومعه طبعاً زوجتي الحبيبة الجميلة .
اكاستوس : زوجتك! أنت تحلم ، لا توجد قردة واحدة في العالم كله ترضى بك زوجاً .
ايسوب : لو كانت في العالم ، امرأة واحدة عاقلة لتزوجتني .
اكاستوس : “تنحي زوجها” ابتعد عن طريقي ، لا أريد أن أبقى مع مسخك هذا لحظة واحدة.
اكسانثوس : اخفضي صوتك، جاء الكاهن ايروس “يصمت لحظة ” وجدتها .
ايسوب : حقاً أنت فيلسوف.
اكسانثوس : لا تحلم ، ستبقى عبداً إلى الأبد .
ايسوب : قل ما تشاء ، لكني لن أصدق إلا ما قاله لي الشيخ .
اكاستوس : الشيخ !
اكسانثوس : دعك منه، إنه يهذي، صه، ها هو الكاهن ايروس.
يدخل ايروس،وخلفه
خادمة تحمل متاعه
ايروس : الساعات الجميلة تمر مثلما يمر ضيف عزيز ،للأسف، آن لي أن أودعكم ، وأعود إلى دلفي .
اكسانثوس : سيدي العزيز ، لقد سررنا أنا وزوجتي بزيارتك، وليتك تتفضل بالبقاء اليوم أيضاً.
اكاستوس : حقاً يا سيدي ، ابق “تهدهد كلبها” ابق ليطمئن قلبي .
ايروس : عفواً ، لا أستطيع “يصمت” أشكركما على حسن الضيافة، و…”يرى ايسوب” يا لآلهة الاولمب.
ايسوب : مرحبا، سيدي .
ايروس :مرحبا يا…،مرحبا.
ايسوب : هناك من يجدف حين يراني ، وكأن الآلهة العظام،لم تخلقني هكذا لحكمة لا يدركها سوى بعض العقلاء.
ايروس : طبعاً، طبعاً، يا بني، للآلهة حكمتها، التي قد لا نفهمها أحياناً “يصمت” مهما يكن ، استودعكم الآلهة .
اكاستوس : في رعاية الآلهة ، يا سيدي .
ايروس : “يهم بالتوجه إلى الخارج”…..
اكسانثوس : سيدي .
ايروس : “يتوقف” نعم ، عزيزي اكسانثوس .
اكسانثوس : زرت معبد دلفي العظيم ، أكثر من مرة ، ولاحظت حاجتكم الماسة إلى المزيد من الخدم .
ايروس : أنت محق يا بني ، فالأعمال كثيرة في المعبد وخاصة في أيام الأعياد.
اكسانثوس : “يشير إلى ايسوب”لقد اشتريت هذا العبد اليوم، وهو رغم قبحه وبشاعته، عبد ذكي ،نشط، خدوم .
اكاستوس : “تنظر إليه مترقبة” …..
ايروس : “يحدق فيه مبتسماً”….
اكسانثوس :وأنا،باسم زوجتي، أقدمه هدية إلى المعبد .
ايروس : “يلتفت إلى اكاستوس وقد اختفت ابتسامته”…
اكاستوس : إنه هدية ثمينة، خذه يا سيدي .
ايروس : “محرجاً” شكراً ، شكراً “يصمت” نحن عادة لا نرد هدية ، لكن…
اكسانثوس : خذه يا سيدي، خذه، وسترى كم هو مفيد، وخاصة للكاهنة العظمى سيبيل .
ايروس :”يلوذ بالصمت”…..
اكاستوس : محبتي وسلامي للكاهنة العظمى .
ايروس : رعتك الآلهة ، يا سيدي .
ايروس : “يطرق ثم يلتفت إلى ايسوب” خذ المتاع من الخادمة ، يا بني .
ايسوب :”يأخذ المتاع من الخادمة ” ..
اكاستوس : “تختلس النظر إليه”..
ايسوب : وداعاً ، يا سيدتي .
اكاستوس : “تحضن كلبها”..
ايسوب : سيكون من كلبك نسلاً لا يبيد، إذا لم تأخذه الآلهة قبل ذلك .
اكاستوس : “تشيح عنه بوجهها مدمدمة ” أخذتك آلهة العالم السفلي .
ايروس : “يتجه إلى الخارج” هيا ،اتبعني .
ايسوب : “يتبع ايروس”..
اكسانثوس :”متشفياً” وداعاً،يا ايسوب .
ايسوب : حقاً أنت فيلسوف.
اكسانثوس :”يفكر”..
ايسوب : وداعاً.
اكاستوس : “تدمدم حاضنة كلبها” لتمزقك الكلاب في العالم السفلي.
الخادمة : سيدتي، لا توجد كلاب في العالم..
اكاستوس : “تصيح بها” صه.
الخادمة : “تجمد”عفواً، سيدتي .
اكاستوس : اذهبي إلى الداخل .
الخادمة : تسرع إلى الداخل” أمر سيدتي.
الكاهن ايروس وايسوب
يخرجان، تخرج الخادمة
اكاستوس : اكسانثوس .
اكسانثوس : حبيبتي .
اكاستوس : لن أنسى هديتك هذه أبداً “تمضي إلى الداخل” ستندم.
اكسانثوس : إنني نادم منذ الآن ، فأنا أعرف قيمة هذا الكنز ، الذي فرطت به.
اكاستوس تخرج، يسرع
اكسانثوس في اثرها
إظلام
المشهد الرابع
تسلط بقعة من
الضوء على الراوي
الراوي : يقول الكثيرون من محبي ايسوب ، إن الحكاية الخرافية وايسوب قرينان، فما إن يذكر ايسوب حتى تذكر الحكاية الخرافية ، وما إن تذكر الحكاية الخرافية حتى يذكر ايسوب، ولعل للبعض رأياً آخر ، لا يتفق جملة وتفصيلا مع هذا الرأي ، ومهما يكن ،فلنتابع ايسوب، الذي وصل الآن، مع الكاهن العجوز ايسوس، إلى معبد دلفي، والذي سيحظى فيه ، رغم الظروف الصعبة ، بفرصة عمره، ليكون ايسوب الذي تعرف “يتراجع وتخفت مع تراجعه الإضاءة” تعالوا معي إلى معبد دلفى.
كاهنة دلفي جالسة
تتمتم، الكاهنة العجوز
الكاهنة العجوز: مولاتي المقدسة .
سيبيل : “تواصل تمتمتها”…
الكاهنة العجوز: “تنحني عليها قليلاً “مولاتي، موفدنا إلى ملك ليديا بالباب .
سيبيل : “تكف عن التمتمة “….
الكاهنة العجوز: مولاتي، لم تتناولي فطورك.
سيبيل : “بصوت خافت” إنني صائمة.
الكاهنة العجوز: عفواً، لم أعلم بذلك .
سيبيل : أنت تعلمين الآن .
الكاهنة العجوز: “مترددة” لكن طبيب المعبد….
سيبيل : كلمة الآلهة فوق كلمة الطبيب .
الكاهنة العجوز: الأمر لك ، يا مولاتي .
سيبيل : “تتمتم”….
الكاهنة العجوز: “تهم بالخروج”….
سيبيل : أيتها الكاهنة .
الكاهنة العجوز:”تتوقف” مولاتي .
سيبيل : قلت أن موفدنا إلى الملك كروسوس، ملك ليديا، بالباب .
الكاهنة العجوز: نعم، يا مولاتي .
سيبيل : ليدخل.
الكاهنة العجوز: لكنك صائمة يا..
سيبيل : لا بأس : ليدخل.
الكاهنة العجوز: “تهم بالخروج ثم تتوقف”..
سيبيل : “تنظر إليها”..
الكاهنة العجوز: مولاتي.
سيبيل : نعم .
الكاهنة العجوز: الكاهن ليروس، عاد من مدينة ساموس، ومعه هدية لك، يا مولاتي، من الفيلسوف اكانثوس.
سيبيل : حسن ، لتوضع في غرفة الهدايا .
الكاهنة العجوز: الهدية يا مولاتي .. عبد .
سيبيل : “تنظر إليها”..
الكاهنة العجوز: عبد قبيح الخلقة ،شائه ، كأنه….كأنه يا للآلهة .
سيبيل : مهما يكن ، فهو إنسان .
الكاهنة العجوز: نعم، يا مولاتي، “تصمت لحظة” اسمه ايسوب .
سيبيل : ايسوب؟
الكاهنة العجوز: إنه عبد فريجي، ولد في مدينة امور بوم.
سيبيل : أظن أنني سمعت به .
الكاهنة العجوز: هذا العبد له شهوته ، رغم ..
سيبيل : ماذا يجيد ايسوب هذا ؟
الكاهنة العجوز: لا أدري يا مولاتي ، لكن يقال انه يحكي حكايات خرافية .
سيبيل : ليحكِ حكاياته الخرافية حيثما يشاء ، ولمن يشاء .
الكاهنة العجوز: مولاتي !
سيبيل : هذا ما يجيده .
الكاهنة العجوز: الأمر لك .
سيبيل : “تتمتم”..
الكاهنة العجوز: “تهم بالخروج”..
سيبيل : أيتها الكاهنة .
الكاهنة العجوز: مولاتي .
سيبيل : ليبق هذا العبد الفريجي في مدى أسماعكم ، فانا مهتمة بما يرويه من حكايات .
الكاهنة العجوز: “تنظر إليه صامتة”..
سيبيل : لا أريد أن تغيب عنكم حكاية واحدة من حكاياته الخرافية .
الكاهنة العجوز: سمعاً وطاعة ، يا مولاتي .
سيبيل : ليدخل موفدنا إلى الملك كروسوس ، ملك ليديا .
الكاهنة العجوز: أمر مولاتي :تخرج”
يدخل الموفد، ويقف
عند الباب ، وينحني
الموفد : مولاتي .
سيبيل : أغلق الباب .
الموفد : “يغلق الباب”..
سيبيل : تعال ،اقترب .
الموفد :”يقترب منها”..
سيبيل : لقد طال مكوثك في ليديا.
الموفد : لولا رسولك لي مولاتي،لمكثت فترة أطول.
سيبيل : لابد أن الأمور خطيرة الآن ، في مملكة ليديا .
الموفد : خطيرة جداً يا مولاتي .
سيبيل : لقد اغتر ملك ليديا كروسوس، بعد أن غزا آسيا الصغرى، حتى بلغ وادي الفرات الأعلى .
الموفد : لن يتقدم أكثر ، في المدى المنظور، يا مولاتي، فقد صار في مواجهة ملك فارس كيروس، وجهاً لوجه .
سيبيل : يقال أنه حائر ، بين مهاجمة كيروس ، أو انتظار مبادرة منه .
الموفد : بالفعل،إنه حائر جداً ، وعلمت أنه بصدد إرسال موفد إلى دلفى، لاستشارتك يا مولاتي .
سيبيل : “تطرق متمتمة”……
الموفد : مولاتي .
سيبيل : سأرسل إليك فيما بعد، لتحدثني عن مملكة ليديا، ملكها، أهلها، وكل ما يجري فيها .
الموفد : سمعاً وطاعة يا مولاتي .
سيبيل : اذهب الآن.
الموفد : أمر مولاتي “يخرج” .
سيبيل :”ترق مستغرقة في التمتمة “……
تطفأ الأضواء ، عن
سيبيل يضاء الراوي
الراوي : لتترك الكاهنة المقدسة سيبيل، تتمتم صلواتها ، وتناجي آلهة الأولمب ولنذهب إلى ايسوب ، الذي حل في معبد دلفى ، وراح يحكي حكاياته الخرافية ،لمن شاء ، وحيثما شاء، دون أن يدري ، أن حكاياته الخرافية تلك ، كانت تنقل أولاً بأول إلى كاهنة معبد دلفى المقدسة سيبيل، والآن ، تعالوا نسمع من ايسوب نفسه ، بعض تلك الحكايات، ونفكر فيها، لعلنا نعرف شيئاً من إشاراتها الخفية “يتراجع” تعالوا…تعالوا.
الراوي يختفي،يسلط
الضوء على ايسوب
ايسوب : إذا فوجئ أحدكم بموقف صعب، فلا يضعف، ولا يستسلم، بل عليه أن يتمالك نفسه، ويفكر بعمق، وسيجد خلاصة ، كما فعل الخفاش، أصغوا إلى الحكاية : امسك قط بخفاش، وقال له، سآكلك، فأنا أحب أكل الطيور . فأحتج الخفاش قائلاً ، لست طائراً يا سيدي ، إنني من اللبائن . وبعد أيام ، أمسكه قط أخر ، وقال له، سآكلك ، فأنا أحب آكل اللبائن ، فأحتج الخفاش قائلاً، لست من اللبائن يا سيدي ، إنني طائر. وهكذا تخلص الخفاش من القط ، فهو لبون حقاً، ولكنه يطير. تمالك نفسك ، وفكر ، وستجد الخلاص.
يطفأ الضوء لحظة،
ثم يضاء ثانية
ايسوب : إياك أن تترفع على غيرك ،مزهواً ومختالاً بشكلك وجمالك، وإلا كنت كالطاووس ، الذي ترفع على الكركي ، مختالاً بريشه الزاهي ،و .. أصغوا إلى هذه الحكاية : عير طاووس الكركي بريشه الكابي، فرد الكركي قائلاً : قد يكون ريشك أجمل وأزهى من ريشي ، لكني أنا أطير عالياً ، وتبقى أنت ملازماً الأرض، كأي ديك كسيح.
يطفأ الضوء لحظة،
ثم يضاء ثانية
ايسوب : لا تلم نفسك ، إذ لم تستطع تحقيق أهدافك المتغيرة ، حدد هدفك ، وابذل جهدك لتحقيقه ، وإلا احترت كما احتار الخياط مع القمر ، واليكم الحكاية: ذهب القمر إلى الخياط، وقال له: خط لي ثوباً ،فرد الخياط حائراً ، أنى لي ذلك، وأنت كل يوم في شكل، يوم هلال ، ويوم بدر ، يطفأ الضوء لحظة ، ثم يضاء ثانية .
ايسوب : اعتمد على نفسك، حين تقع في ضيق ، فلن تساعدك آلهة الاولمب ، إذا لم تساعد نفسك ، فلنتعظ بهذه الحكاية ، اسمعوا : قاد حوذي عربته، التي يجرها حصان فتي قوي، في طريق موحل، وغاص عجل العربة في الوحل. وعجز الحصان عن إخراجها، فصاح الحوذي مستنجداً بالآلهة ، أيتها الآلهة ساعديني . وسمعه رجل عجوز ، فقال له : بني ، ادفع عربتك بنفسك، واستحث حصانك ، وإلا بقيت عربتك غائصة في الوحل .
يطفأ الضوء لحظة ،
ثم يضاء ثانية
ايسوب : الحرية ، يا إخوتي ، أثمن ما في الحياة ، خذوا هذا مني ، فلا يعرف الحرية إلا فاقدها، وأنا عبد، وأريد شراء حريتي بالغالي والنفيس، فلا تفرطوا بحريتكم ، مهما كان الثمن ، كونوا كالذئب وليس كــ…”يصمت” اسمعوا إلى هذه الحكاية: التقى كلب وذئب في البرية ، وكان الذئب جائعاً ، فقال الكلب : تعال معي، يا صاحبي، ولن تجوع. لاحظ الذئب أثراً واضحاً حول عنق الكلب ، فتساءل قائلاً ، ما هذا ؟ فأجابه الكلب ، لا شيء يذكر ، إنه اثر الطوق ، الذي يطوقني به صاحبي . فمضى الذئب مبتعداً ، وهو يقول ، إنني أفضل الجوع في البرية ، على الشبع ، والطوق في عنقي .
يطفأ الضوء لحظة،
ثم يضاء ثانية
ايسوب : يحكى أن فتاة صغيرة ، اسمها مورهينا ، ظلت صغيرة ، وستظل صغيرة ، مهما مرت الأيام ” يصمت” عفواً ، هذه حكاية احكيها لنفسي كل يوم، وأتساءل ، أين؟ “يصمت” دعكم من هذه الحكاية ، سأحكي لكم حكاية الذئب والحمل ، أصغوا…
يطفأ الضوء عن
ايسوب، يضاء الراوي
الراوي : وحكاية بعد حكاية ، راحت شهرة ايسوب وحكاياته تنتشر، مثلما ينتشر الضوء في الظلام، ولأن البعض كانوا يخافون الضوء ، فأنهم كانوا يخافون ايسوب وحكاياته، ورغم أن كاهنة دلفى المقدسة ، الكاهنة سيبيل، لا تظهر مشاعرها ، إلا أنها لم تكن بعيدة عن مشاعر الخوف هذه ، ولهذا فقد كان لها موقفها من ايسوب ” يخفت الضوء” والويل للضعيف من القوي الخائف.
يختفي الراوي، تضاء
سيبيل والكاهنة العجوز
الكاهنة العجوز: مولاتي .
سيبيل : “مطرقة تتمتم”…..
الكاهنة العجوز: هذه هي بعض الحكايات الخرافية ، التي يرويها ايسوب .
سيبيل :” تهز رأسها متمتمة “….
الكاهنة العجوز: يرويها متى شاء ، وحيثما شاء ، ولمن يشاء ، داخل المعبد وخارجه.
سيبيل : بموافقتي .
الكاهنة العجوز: بموافقتك ، يا مولاتي .
سيبيل : لست راضية .
الكاهنة العجوز : ” لا تجيب”…..
سيبيل : لنعترف ، انه ذكي .
الكاهنة العجوز: البعض، يا مولاتي، لا يرتاح إلى هذا الذكاء .
سيبيل : إنني لا ألومهم .
الكاهنة العجوز: “تتشجع” مولاتي .
سيبيل : لا خوف من ايسوب، مادمنا نسمعه، إننا نسمع دمدمة العاصفة ، فنتحسب لها ” تصمت” إن ما يخيف، في الحقيقة ، هو ما لا نسمعه.
الكاهنة العجوز: “تحدق فيها صامتة “…..
سيبيل : إنني أفهم ايسوب، وأفهم ما يريده بحكاياته الخرافية ، إنني أسمع وقع خطوات نواياه، تدب في كل مكان، لكن ما لا أسمعه، ويجب أن أسمعه ، هو الصوت الذي يدوي في داخله “تصمت لاهثة ” هذا النوع من العواصف ، هو ما يجب أن نخاف منه.
الكاهنة العجوز: “تحدق فيها صامتة”…..
سيبيل : “تتنهد منهكة”…
الكاهنة العجوز: مولاتي.
سيبيل : “لا ترد”…
الكاهنة العجوز: أنت متعبة يا مولاتي، ليتك…..
سيبيل : “ترفع نظرها إليها” أيتها الكاهنة .
الكاهنة العجوز: نعم، مولاتي .
سيبيل : اصفوا جيدا إلى أعماق ايسوب .
الكاهنة العجوز: أمر مولاتي.
سيبيل :”تطرق رأسها”….دعيني وحدي.
الكاهنة العجوز: “تتراجع” سمعاً وطاعة ، مولاتي .
سيبيل :”تطرق متمتمة”….
الكاهنة العجوز تخرج
سيبيل تتمتم متعبة
إظلام
المشهد الخامس
تضاء مورهينا،وهي
تسير وحيدة متعبة
مورهينا : “تتوقف لاهثة” يا لآلهة الاولمب ، أكاد أموت من التعب ، كم أخشى أن لا أستطيع الوصول إلى معبد دلفى، وأرى …
يضاء الراوي،يقف
ناظراً إلى الجمهور
الراوي : من مملكة ليديا ، التي يحكمها الملك كروسوس ، والتي تمتد حتى أعالي الفرات، جاء…”يتوقف حين يرى مورهينا” أوه، أهذه أنت؟ ما الذي جاء بك إلى هنا الآن ؟ وتبدين متعبة أيضاً ، وكأنك من مكان بعيد “يخاطب الجمهور” قد تتساءلون ، من هي هذه الفتاة؟ ومن أين جاءت؟ والى أين “يصمت” يا لآلهة الاولمب، إنني لم أقدم المشهد الجديد بعد، ثم أن هذا المشهد . لا توجد فيه فتاة شابة “يصمت” مهما يكن ، تعالوا لتروا من هي “يناديها” هي أنت .
مورهينا : ” تنظر اليه”….
الراوي : من أنت ؟ قولي هذا للجمهور .
مورهينا : يا للآلهة ، أظنه لن يعرفني.
الراوي : لا ، أنت واهمة، إنني أعرفك .
مورهينا : هذا أمر طبيعي ، فهو لم يرني ، منذ تلك الحادثة المشؤومة ، التي حدثت قبل أكثر من تسع سنوات .
الراوي : “للجمهور” إنها لا تتحدث عني .
مورهينا : وكان عمري عندها.
الراوي : “يبتسم” نعم، كم كان عمرك؟
مورهينا : آه ما أسرع مرور السنين .
الراوي : “للجمهور” أرأيتم، إنها حقاً امرأة ، فلا توجد امرأة …امراة…تقول صراحة كم عمرها .
مورهينا : ليتني أستطيع مواصلة السير” تسير ببطء ” والوصول إلى معبد دلفى .
الراوي : أرجوك واصلي السير، واخرجي من هنا، ليتسنى لي تقديم هذا المشهد.
مورهينا : “تخرج ببطء”….
الراوي : حمداً للآلهة .
تسلط بقعة الضوء
على الراوي وحده
الراوي : لعلكم عرفتم من هي تلك الفتاة ، نعم، إنها..، عفواً، الوقت يمر، وعليّ أن أقدم هذا المشهد، لنرجئ موضوع الفتاة إلى حين ، فأنتم سترونها قريباً ، في المشهد الأخير ، مهما يكن، لنعد إلى مشهدنا”يصمت ثم يتحدث كما في بداية المشهد” من مملكة ليديا، التي يحكمها الملك كروسوس، والتي تمتد حتى أعالي الفرات ، جاء إلى معبد دلفى ، مبعوث الملك كروسوس، ليقابل الكاهنة المقدسة سيبيل “يتراجع” تعالوا معي ، لنرى ما يجري “تخفت الإضاءة حتى يختفي الراوي”.
سيبيل تتمتم، الكاهنة
العجوز تقترب منها
سيبيل :” تتمتم”..
الكاهنة العجوز: مولاتي المقدسة .
سيبيل : “ما زالت تتمتم”…
الكاهنة العجوز: مولاتي .
سيبيل : “تكف عن التمتمة”..
الكاهنة العجوز: مبعوث الملك كروسوس .
سيبيل : ليدخل .
الكاهنة العجوز: لم يحضر بعد، يا مولاتي .
سيبيل :” ترفع عينيها إليها”..
الكاهنة العجوز: البارحة ليلاً التقى بايسوب .
سيبيل :”تبقى صامتة”..
الكاهنة العجوز: التقى به سراً .
سيبيل : “تطرق برأسها صامتة”..
الكاهنة العجوز: مولاتي .
سيبيل : جاء مبعوث الملك كروسوس .
الكاهنة العجوز: “تلتفت نحو الباب”..
سيبيل : اذهبي، وافتحي الباب .
الكاهنة العجوز: أمر مولاتي ” تتجه نحو الباب “.
سيبيل : “تستغرق في التمتمة”..
الكاهنة العجوز تفتح
الباب،المبعوث وحاشيته
الكاهنة العجوز: تفضل، يا سيدي .
المبعوث : “يدخل”…
الكاهنة العجوز: “تعترض الحاشية” المبعوث فقط.
المبعوث :”يلتفت إليها”..
الكاهنة العجوز: هذا أمر الكاهنة المقدسة .
المبعوث : الأمر للكاهنة المقدسة .
الكاهنة العجوز: “تنتظر عند الباب” ..
المبعوث : “للحاشية” ابقوا في الخارج .
الحاشية :”يتراجعون”..
الكاهنة العجوز: “تغلق الباب” تفضل يا سيدي “تتقدمه الكاهنة سيبيل”.
سيبيل :”مطرقة تتمتم”….
الكاهنة العجوز: مولاتي المقدسة .
سيبيل : ” ترتفع تمتمتها”…
الكاهنة العجوز: مولاتي .
سيبيل :”تكف عن التمتمة”…
الكاهنة العجوز: مبعوث الملك كروسوس .
سيبيل : “تهز رأسها ببطء”..
الكاهنة العجوز: “تشير للمبعوث هامسة” تكلم.
المبعوث :عمتِ صباحاً مولاتي .
سيبيل :”لا ترد”..
المبعوث : “ينظر إلى الكاهنة العجوز”..
الكاهنة العجوز: “تشير له أن يواصل كلامه”..
المبعوث : مولاتي المقدسة، كاهنة معبد دلفى، انقل إليك، مع فائق الاحترام والتبجيل، تحيات ملك ليديا العظيم كروسوس .
سيبيل :” مطرقة تتمتم”..
المبعوث :”ينظر إلى الكاهنة العجوز”….
الكاهنة العجوز: “تشير له أن يصمت”….
المبعوث :”يلوذ بالصمت”…
سيبيل :”تكف عن التمتمة”….
المبعوث :”ينظر إليها”…
الكاهنة العجوز: تكلم .
المبعوث : إن الملك العظيم كروسوس ، ملك ليديا،التي تمتد حتى أعالي الفرات، رغم حكمته، ونفاذ بصيرته، يريد أن يعرف ما توحيه لك آلهة الاولمب العظيمة ، حول مستقبل علاقتنا مع ملك الفرس..كيروس.
سيبيل :”ترتفع تمتمتها”…
الكاهنة العجوز: “تشير للمبعوث أن يصمت” صه.
المبعوث : “يلوذ بالصمت”….
سيبيل :” تشهق مغمضة العينين” آه .
الكاهنة العجوز: “بصوت هامس” أصغ ِ .
المبعوث : “يحدق في سيبيل مصغياً”…
سيبيل :”بصوت متهدج”أيها الملك كروسوس .
المبعوث : “ينظر إلى الكاهنة العجوز”….
الكاهنة العجوز: “تضع إصبعها فوق شفتيها” هش، أصغ.
سيبيل : “بصوت متهدج” يا ملك ليديا .
المبعوث : مولاتي، لست..
الكاهنة العجوز: “تلكزه” اصمت.
المبعوث : “يلوذ بالصمت”…
سيبيل : ما هو الإله مارس ؟
المبعوث : مارس!
الكهنة العجوز:”تهمس له” اله الحرب، أنصت .
المبعوث : “يصمت منصتاً”….
سيبيل : أي الهي العظيم مارس، إنني اسمع منذ الآن ، صليل السيوف، وحمحمة الخيل،وصراخ الجرحى….”تصمت” إنها الحرب إذن .
المبعوث : “ينظر إلى الكهنة العجوز:”…
الكاهنة العجوز: “تشيح عنه بوجهها”….
سيبيل :يا لقدر الإنسان، ألا يكفي أن الآلهة استأثرت بالخلود، وقدرت عليه الموت، لتبتليه بالحرب أيضا “بصوت متوجع” آ….ه.
المبعوث : مولاتي .
الكاهنة العجوز: “هامسة” هش .
المبعوث : أريد أن أعرف ..
سيبيل :”ترتفع تمتمتها”..
الكاهنة العجوز: “بصوت هامس” أصغ ِ .
المبعوث : “يحدق في سيبيل مصغياً”…
سيبيل :أيها الملك كروسوس.
المبعوث : “يصغي مبهور الأنفاس”….
سيبيل : ستقع الحرب بينك… وبين ملك فارس…كيروس.
المبعوث : “يهز رأسه مترقباً”…
سيبيل : وستنهار إمبراطورية عظيمة .
المبعوث : “ينظر إليها حائراً”….
سيبيل : “تطرق متمتمة منهكة”…
الكاهنة العجوز: سيدي .
المبعوث : “يلتفت إليها”….
الكاهنة العجوز: “بصوت هامس” انتهت المقابلة.
المبعوث :لكن..
الكاهنة العجوز: تفضل، لنخرج .
المبعوث : “لسيبيل” أشكرك، مولاتي المقدسة .
سيبيل : “مستغرقة في التمتمة”….
المبعوث : “ينحني عليها” مولاتي .
الكاهنة العجوز: تعال يا سيدي “تمد يدها وتسحبه” الكاهنة المقدسة متعبة .
المبعوث : “يستجيب لها” سيدتي .
الكاهنة العجوز: “هامسة” هش .
المبعوث : “بصوت هامس” هل فهمت ما فهمته ؟
الكاهنة العجوز: كلمات الكاهنة المقدسة واضحة .
المبعوث : صدقت يا سيدتي .
الكاهنة العجوز:”تفتح الباب”….
المبعوث : إنها واضحة حقاً .
الكاهنة العجوز: تفضل يا سيدي .
المبعوث : ألف شكر ،يا سيدتي .
الكاهنة العجوز: سيدي، حاشيتك تنتظرك .
المبعوث : “عند الباب” أرجوك، بلغي الكاهنة المقدسة، شكرنا وتقديرنا.
الكاهنة العجوز: بعون الآلهة يا سيدي ، مع السلامة .
المبعوث : سنبات الليلة في المعبد .
الكاهنة العجوز: “نافدة الصبر” على الرحب والسعة .
المبعوث : ونمضي غداً مع الفجر ، عائدين إلى وطننا ليديا .
الكاهنة العجوز: تحياتنا إلى الملك العظيم كروسوس .
المبعوث : “يهم بالذهاب” شكراً ، يا سيدي .
الكاهنة العجوز: لترافقك عناية الآلهة .
المبعوث : لترعكم آلهة الاولمب العظيمة .
المبعوث يمضي ، الكاهنة
العجوز تغلق الباب
سيبيل : “ترفع رأسها ” أيتها الكاهنة .
الكاهنة العجوز: “تسرع إليها” مولاتي .
سيبيل : مادام مبعوث الملك كروسوس، سيبقى الليلة هنا في المعبد .
الكاهنة العجوز: نعم، مولاتي .
سيبيل : لا تدعوا ايسوب، يغيب عن أنظاركم وأسماعكم، لحظة واحدة .
الكاهنة العجوز: سمعاً وطاعة ، يا مولاتي .
سيبيل : يبدو أن خطوات أعماقه، بدأت تدب إلى الخارج،وقد تتجاوز الخطوط الحمراء.
الكاهنة العجوز: “تنحني عليها باهتمام” مولاتي .
سيبيل : وهنا ستكون نهايته.
الكاهنة العجوز: “تعتدل مندهشة”….
سيبيل :”تطرق متمتمة”….
الكاهنة العجوز: مولاتي .
سيبيل : “تواصل تمتمتها”….
الكاهنة العجوز: عفواً مولاتي “تتراجع” سأكون قريباً منك، ناديني متى احتجت إلىّ.
الكاهنة العجوز تخرج
سيبيل تواصل تمتمتها
إظلام
المشهد السادس
تسلط بقعة من
الضوء على الراوي
الراوي : لا أدري من قال ، أن العبودية درجات، أقساها عبودية العبد، الذي يعرف أنه عبد، ويحاول عبثاً الخلاص من عبوديته “يصمت” بهذا المعنى . فإن ايسوب في أقسى درجات العبودية ، فهو لم يبقَ عبداً فقط، وإنما رهين السجن أيضاً ، وكل ما يخشاه الآن، أن ينتهي في هذه العبودية ، دون أن يحظى ، ولو للحظة واحدة،بما آمله طول حياته… الحرية “يصمت” مهما يكن، تعالوا معي “يتراجع” كزوار، إلى السجن “تخفت الإضاءة حتى يختفي الراوي”.
ايسوب في غرفة
كالزنزانة داخل المعبد
ايسوب : يا للمهزلة، قد تكون هي النهاية، بل هي النهاية المحققة”يصمت” كانت كلمة حق، ستقتلني كلمة الحق هذه “يصمت” ما أبشع العصر ، الذي تكون فيه كلمة الحق، طعنة خنجر في قلب قائلها “يصمت” أيها الشيخ أحضرني .
يدخل الكاهن العجوز،
حاملاً طبق طعام
ايسوب : يحكى أن حملاً….
الكاهن العجوز: “يهز رأسه”….
ايسوب : قدم نصيحة لذئب،كان في صراع مع ذئب آخر، وحين اصطلح الذئبان، كان الحمل هو الضحية على مذبح السلام .
الكاهن العجوز : ايسوب .
ايسوب : “يصمت مصغياً”….
الكاهن العجوز: بني .
ايسوب : “يلتفت إليه” آه … أنت ؟
الكاهن العجوز: كفى يا ايسوب،لست مجنوناً لتتحدث إلى نفسك هكذا.
ايسوب : نعم، لست مجنوناً، وإلا ما تحدثت هكذا إلى نفسي.
الكاهن العجوز: بني ايسوب .
ايسوب : عندما تضع رأسك المتعب، على المخدة ليلاً، ألا تتحدث إلى نفسك، قبل أن تستغرق في النوم؟
الكاهن العجوز:نعم، احدث نفسي، يا ايسوب، لكن بلا صوت .
ايسوب : ومع هذا فأنت …عاقل.
الكاهن العجوز: الكلمة المنطوقة ، يا بني، تقتل صاحبها أحياناً.
ايسوب : وكذلك الكلمة غير المنطوقة..
الكاهن العجوز: “ينظر إليه صامتاً”….
ايسوب : فإنها تقتل صاحبها، وإن كان ذلك ببطء.
الكاهن العجوز: لن أجادلك، فانا كاهن عجوز بسيط “يقدم له طبق الطعام” خذ طعامك.
ايسوب :”يأخذ طبق الطعام ويحدق فيه” الطعام فاخر اليوم .
الكاهن العجوز: هذه هي الأوامر .
ايسوب : صدرت الأوامر إذن “يهز رأسه” آه إنها النهاية .
الكاهن العجوز: “يحدق فيه صامتاً”…
ايسوب : الحملان خلقت للذبح .
الكاهن العجوز: كل طعامك، وتمتع به، فالموت والحياة لا تقررهما سوى الآلهة .
ايسوب : أو من يدعي ، انه يمثل الآلهة ، على الأرض.
الكاهن العجوز: “يبدو خائفاً” صه، أرجوك .
ايسوب : آه الخوف .
الكاهن العجوز: للجدران هنا أذان .
ايسوب : لولا الخوف لكنا بشراً بحق .
الكاهن العجوز: ليتك خفت قليلاً، وتجنبت هذا السجن، و….
ايسوب : لو خفت، وأخرسني خوفي، لبقيت سجين نفسي، ومثل هذا السجن أقسى وأمرّ من سجني هذا .
الكاهن العجوز: كل طعامك، يا ايسوب .
ايسوب :”يضع طبق الطعام جانباً” لن آكل، فأنا لست حملاً .
الكاهن العجوز: كل” ينحي” لديّ هدية لك .
ايسوب :”يحدق فيه”….
الكاهن العجوز: “يبتسم” مورهينا .
ايسوب :”يشهق” بحق آلهة الاولمب ؟
الكاهن العجوز: “يهز رأسه”…
ايسوب : مورهينا….مورهينا ؟
الكاهن العجوز: نعم .
ايسوب : أين هي ؟
الكاهن العجوز: على مرمى السمع .
ايسوب : نادها.
الكاهن العجوز: كل أولاً .
ايسوب : أرجوك، نادها .
الكاهن العجوز: “يحدق فيه”….
ايسوب : لا أحد يعرف ما تعنيه عندي ….مورهينا .
الكاهن العجوز: ها أنا أعرف .
ايسوب : نادها إذن، أرجوك .
الكاهن العجوز: حسن “يتجه نحو الباب” خمس دقائق، يا ايسوب .
ايسوب :خمس دقائق، لا أكثر .
الكاهن العجوز يفتح
الباب، تدخل مورهينا
مورهينا : “في ثياب الكاهن” ايسوب .
ايسوب : مورهينا .
مورهينا : “تقترب منه” ايسوب …. ايسوب .
ايسوب : مورهينا” ينظر إلى الكاهن العجوز”.
الكاهن العجوز: سأترككما “يشير بيده” خمس دقائق فقط.
ايسوب : “يشير بيده” لا أكثر .
الكاهن العجوز: “يخرج ويغلق الباب”….
ايسوب : مورهينا ، أخيراً ، ها أنا أراك .
مورهينا : جئت قبل أيام ، بعد أن علمت أنك تعمل هنا .
ايسوب : ويا له من عمل ، انتهى بي سريعاً إلى السجن ، و..
مورهينا : لا تقلها “تدمع عيناها” لم أبحث عنك هذه المدة لــــ ..”تختنق بدموعها”.
ايسوب : مورهينا .
مورهينا : “تكفكف دموعها”…..
ايسوب : “يتأمل ملابسها” ملابس الكاهنات هذه جميلة عليك .
مورهينا : اخترتها لأكون قريبة منك .
ايسوب : مورهينا .
مورهينا : بعد أن علمت أنك في معبد دلفى، طلبت من سيدتي الورعة، أن تسمح لي أن أكون كاهنة، وأدخل المعبد، وما أن أعتقتني، حتى طرت إليك.
ايسوب : يا للأسف، جئت متأخرة .
مورهينا :ايسوب .
ايسوب : لقد فات الأوان .
مورهينا : كلا ، لم يفت الأوان بعد .
ايسوب : انظري “يشير إلى الطعام” الطعام الذي قدموه لي اليوم، طعام فاخر، وهذا له مغزاه.
مورهينا : لنهرب.
ايسوب : ماذا ؟
مورهينا : نهرب، نهرب معاً، إلى أخر الدنيا .
ايسوب : تهربين معي أنا؟ أنا ايسوب .
مورهينا : لأنك ايسوب ، ايسوب الذي اعرف، فأنا أريد أن أهرب مما أنا فيه، وأعيش معك العمر كله.
ايسوب : كلا .
مورهينا : ايسوب .
ايسوب : لا يا عزيزتي .
مورهينا : ” تحدق فيه دامعة العينين محبطة”….
ايسوب : مورهينا، أنت لم تغيبي عني، طوال هذه المدة، كنت في داخلي، تكبرين يوماً بعد يوم، وكنت أناجيك صبية…وشابة …و….
مورهينا : ايسوب .
ايسوب : إنني أقدرك.. وأجلك ..و ..و ..
مورهينا : من أجل كل هذا لنهرب، ونعش حياتنا، كما نريدها أنا وأنت .
ايسوب : مورهينا….
مورهينا : أرجوك.
ايسوب : لا، لا يا مورهينا،من أجل هذا بالذات، ولأني ايسوب الذي تعرفين، ولأني احبك، لابد أن أبقى، وأواجه مصيري .
مورهينا : “تجهش باكية”ايسوب .
يفتح الباب، ويدخل
الكاهن العجوز مسرعاً
الكاهن العجوز: “عند الباب” مورهينا .
مورهينا : “تلتفت إليه” نعم .
الكاهن العجوز: تعالي يا بنيتي، واخرجي بسرعة .
ايسوب : “ينظر إلى الباب” لقد حان الوقت، لابد أنهم قادمون .
مورهينا : “تتشبث به” ايسوب.
الكاهن العجوز: بنيتي ، أرجوك .
ايسوب : “يحاول التملص منها” مورهينا .
مورهينا : تعال، مازالت الفرصة أمامنا .
ايسوب : لا يا عزيزتي، لا يمكن .
مورهينا : “ترتمي على صدره باكية ” ايسوب .
ايسوب : يكفيني أنك أتيت، وإنني رأيتك قبل…
الكاهن العجوز: الكاهنة المقدسة سيبيل “يسحب مورهينا” هيا يا بنيتي، هيا ، هيا .
مورهينا :”وهي تسير إلى جانب الكاهن العجوز” ايسوب….ايسوب .
ايسوب : “يتمتم دامع العينين”….وداعاً يا مورهينا .
مورهينا : “تتوقف عند الباب” لا ، لا تقل هذا ، يا ايسوب .
الكاهن العجوز: هيا يا بنيتي ” يفتح الباب ويدفعها برفق” هيا أرجوك، هيا ، هيا .
مورهينا : “تخرج مغالبة بكاءها”….
الكاهن العجوز: “يغلق الباب” يا لآلهة الاولمب .
ايسوب :”يطرق رأسه حزيناً”…
الكاهن العجوز: “يقترب من ايسوب” لو رأتها الكاهنة المقدسة سيبيل هنا لـــ…..
ايسوب :”بصوت منفعل” أنت واثق أنها الكاهنة المقدسة ..؟
الكاهن العجوز:”يقترب منه”هش .
ايسوب : سيبيل .
الكاهن العجوز: جاءتني الكاهنة العجوز قبل قليل ، وهمست لي، أن الكاهنة المقدسة ستأتي سراً لرؤيتك .
ايسوب : رؤيتي !يا للآلهة .
الكاهن العجوز: وحذرتني من مغبة الإفضاء بذلك لأحد غيرك .
ايسوب : إنني لم أقابلها، أو أراها ، مرة واحدة، منذ مجيئي إلى هذا المعبد، حتى الآن .
الكاهن العجوز: مهلاً ، ستراها بعد قليل .
ايسوب : “ينظر إلى الباب منصتا ً “…..
الكاهن العجوز: أظنها قادمة “ينصت” نعم، إنها هي الكاهنة المقدسة .
ايسوب : اذهب ، وافتح الباب .
الكاهن العجوز: “يسرع نحو الباب” أيتها الآلهة ، رحمتك .
يفتح الباب، فتدخل
سيبيل والكاهنة العجوز
الكاهن العجوز: “ينحني “مولاتي المقدسة .
سيبيل : “تومئ برأسها “….
الكاهن العجوز: ذاك هو ايسوب ، مولاتي .
سيبيل : سأبقى وحدي معه .
الكاهنة العجوز: الأمر لك، ،يا مولاتي “تهمس للكاهن العجوز” هيا نخرج .
الكاهن العجوز: “يتجه نحو الباب” نعم ، نعم ” يفتح الباب ويخرج”.
سيبيل :” تحدق في ايسوب”….
ايسوب : “ينحني”مولاتي المقدسة .
سيبيل :ايسوب .
ايسوب : نعم ، يا مولاتي .
سيبيل : رأيتك مراراً من بعيد، وهذه أول مرة ، أراك فيها عن قرب .
ايسوب : أما أنا فهذه المرة الأولى ، التي أراك فيها ، يا مولاتي .
سيبيل : قلما يراني أحد، فأنا أعيش في عزلة داخل جناحي.
ايسوب : إنني محظوظ، يا مولاتي .
سيبيل : من يدري “تتنهد” الجو خانق هنا .
ايسوب : إنه السجن، يا مولاتي .
سيبيل :مهلاً ” تحدق فيه ” لعلك ستغادر هذا السجن .
ايسوب : ” بنبرة حزينة ” عاجلاً أو آجلاً، يا مولاتي “يصمت” إن الحياة نفسها سجن كبير .
سيبيل : ليس دائماً .
ايسوب :” يلوذ بالصمت “…..
سيبيل : يحكى أن ..
ايسوب : أغلقت هذا الكتاب، ووضعت على صفحته الأخيرة،كلمة …النهاية .
سيبيل : حكاياتك الخرافية يا ايسوب جذابة وذكية ومؤثرة .
ايسوب : أشكرك، يا مولاتي .
سيبيل : لكنها تنطوي على أفكار مغايرة، لا يحتملها هذا العصر .
ايسوب : إنني لا أكتب لأبناء هذا العصر ، يا مولاتي، وإنما لأبناء العصور القادمة .
سيبيل : لكن أبناء هذا العصر ، هم الذين قرؤوا حكاياتك .
ايسوب : ليطمئن القيمون على عصرنا هذا، فالأبناء لن يقرؤوا حكاياتي بعد الآن .
سيبيل : لا فائدة ، لقد قرؤوها وانتهى الأمر “تصمت” إن رياح التغيير قادمة .
ايسوب : لم يبق إذن يا مولاتي، إلا أن يدفع ايسوب الثمن .
سيبيل : لا مناص ، العدالة تقتضي أن يدفع كل منا استحقاقه.
ايسوب : “يلوذ بالصمت”….
سيبيل : ايسوب .
ايسوب : مولاتي .
سيبيل : لقد خسر ملك ليديا كروسوس، الحرب أمام ملك فارس كيروس .
ايسوب : اعرف ، يا مولاتي .
سيبيل : وانهارت إمبراطورية ليديا .
ايسوب : مولاتي ، لقد حذرت مبعوثهم، لكن دون جدوى .
سيبيل :”تهز رأسها”.
ايسوب : كما حذرتهم أنت يا مولاتي، بلغة وحي الآلهة ، ولم يفهموا التحذير .
سيبيل :”تحدق فيه”.
ايسوب :قلت يا مولاتي ، إذا قامت هذه الحرب فستنهار إمبراطورية عظيمة ، وهل أعظم من إمبراطورية ليديا؟
سيبيل : ايسوب.
ايسوب : مولاتي .
سيبيل : ما قلته الآن موضوع جيد، لحكاية جديدة، من حكاياتك الخرافية، أريد أن يسمعها الجميع قريباً.
ايسوب :”ينصت فرحاً مبهوراً”….
سيبيل : وفي مقدمتهم ملك ليديا….كيروسوس .
ايسوب : أمر مولاتي .
سيبيل : تهيأ، ستذهب إلى ليديا، في اقرب فرصة، ومعك هذه الحكاية.
ايسوب : سمعاً وطاعة ، يا مولاتي .
سيبيل : ” تتجه نحو الباب” عمت مساء.
ايسوب : عمت مساء “يصمت” مولاتي .
سيبيل : “تتوقف”…..
ايسوب : هناك كاهنة شابة جديدة، جاءت منذ بضعة أيام….
سيبيل : مورهينا.
ايسوب : نعم، يا مولاتي، إنني أعرفها منذ أن كانت طفلة .
سيبيل : مورهينا لم تصر كاهنة بعد .
ايسوب : “فرحاً” مولاتي .
سيبيل : إنها حرة مثلك .
ايسوب : أشكرك ، يا مولاتي ، أشكرك .
سيبيل : ابقَ هنا حتى تنجز حكايتك .
ايسوب : سأنجزها الليلة .
سيبيل : حسن ستبقى هنا حكايتك أياما، ثم تأخذها إلى ملك ليديا ….كروسوس .
ايسوب : سمعاً وطاعة ، يا مولاتي .
سيبيل : “تفتح الباب وتخرج”….
تطفأ الإضاءة عن
السجن، يضاء الراوي
الراوي : في تلك الليلة، لم ينم ايسوب، حتى كتب حكايته الخرافية، التي أوصته بكتابتها كاهنة معبد دلفى المقدسة…. سيبيل. ومثلما وفي ايسوب بوعده، وفت الكاهنة المقدسة سيبيل بوعدها. وها هو ايسوب ، ينطلق من معبد دلفى ، حاملاً حكايته الجديدة، متوجهاً إلى مملكة ليديا، و…آه يا لذاكرتي ، فاتني أن أقول لكم ، أن مورهينا ، التي لم تصر كاهنة ، كانت مع ايسوب، وستبقى معه حتى النهاية، ومهما كانت نهاية ايسوب، فأن حكايته الخرافية لم تنته، ولن تنتهي، وستبقي ما بقي إنسان على وجه الأرض، تحكي الحكايات” يصمت” والآن اسمحوا لي، أن انهي مهمتي الليلة كراو، بكلمة لها دلالتها، قالها الكاتب المسرحي اليوناني القديم سوفكليس “يصمت” في الدنيا عجائب كثيرة ، لكن لا أعجب من الإنسان .
الراوي ينحني، تخفت
الإضاءة، ويسود الظلام
إظلام
ستار
25\10\2003
ملاحظة : استفدت في كتابة هذه المسرحية من كتاب بعنوان “ايسوب” ألفه الكاتب أ.د.دينتل وترجمه الدكتور مختار الوكيل.
Talalhassan71@yahoo.com