عيسى حسن الياسري *: قبل أن ينطفئ ناظم السعود

aisa hassan alyasiriإشارة :
يثير المبدع الكبير عيسى حسن الياسري مأساة نكتب عنها منذ أكثر من عشرين عاما هي مأساة “ناظم السعود” التي صارت خلاصة قضية إهمال مبدعي هذه اليلاد. فمن جلطة بالقلب إلى جلطة في الدماغ وشلل نصفي ، وناظم يقاوم الإنطفاء . فسارعوا – لحمكم الله – قبل أن بنطفيء ناظم السعود .

المقالة النداء :

قبل أن ينطفئ ” ناظم السعود لاسمح الله وامد في عمره “.. اناشد .. ومن منفاي النائي .. اتحاد أدباء العراق المركزي .. وكافة فروعه في المحافظات .. وجميع مؤسسات المجتمع المدني الثقافية .. ورؤساء تحرير المجلات الأدبية .. والمشرفين على الصفحات الثقافية في جرائد العراق .. وكل مبدعينا الذين تحزنهم معاناة هذا

وتاليها .. يا عراق
وتاليها .. يا عراق

الانسان الذي خدم الصحافة والابداع طويلا ..وأدعوهم ان ينظموا حملة واسعة للتضامن مع وضعه الصحي المأساوي .. فربما حركت السلطة أو وزارة الثقافة ساكنا .. وارسلت هذا المثقف الى الخارج للعلاج .. وهناك دول لاتكلفها كثيرا ” كالهند مثلا ” .
إن هذا الانسان الذي طالما وقف مواقف مشرفة مدافعا فيها عن الكثير من الادباء الذي تعرضوا للتهميش من قبل السلطة السابقة أو اللاحقة .. او ظلوا يعانون المرض دون ان يلتفت اليهم أحد .. وهناك من ماتوا فوق رصيف من ارصفة بغداد .. وظل يبحث عنهم ليخرج جثثهم من عنبر ” الجثث المجهولة ” في الطب العدلي .. لقد ظل ناظم السعود صوتا حرا .. غير مبال بالثمن الذي يدفعه نتيجة رفعه لصوته الحر هذا .. وعندما نجري بحثا ارشيفيا لما كتبه هذا الرجل من اجلنا .. لوجدنا انه كتب عن معاناة أدباء العراق المرضى والمهمشين اكثر مما كتبه عن نفسه .. بل واكثر مما خص به ابداعه الذاتي .
كان ناظم السعود يحمل عكازته التي تسند جسده الذي خذله ضعف قلبه .. هذا القلب الذي لم يحتمل ثقل المحبة التي كان ناظم السعود يكنها لكل الادباء ..دون ان يلتفت الى انتمائهم .. او مواقفهم المتضاده مع موقفه .. كان يرى ان علينا ان ندع الانسان حرا .. وان الاخوة الانسانية هي فوق كل انتماء سياسيا كان ام دينيا ً .
ان مقابر العراق تختنق بمدعينا الذين ذهبوا ضحية الاهمال .. وعدم تقديم الرعاية الصحية اللازمة لهم من قبل السلطة التي لاتعني لها الثقافة ولا الابداع شيئا ..ولا يشكل هما من اهتماماتها التي يعرفها كل العراقيين .. سيما المبدع العراقي .
اريد ان اقدم هنا نموذجين عشتهما بنفسي يتمثلان برعاية السلطة للمثقف .. اولهما رأيته في أثناء زيارتي عام 1975 الى ” المانيا الديمقراطية .. اللعنة على من هدمها ” للمشاركة في “مهرجان غوته العالمي ” .. ذات يوم اخذتني رئيسة القسم الثقافي في إذاعة برلين لزيارة قسمها .. كان شبه خال .. وعندما سالتها عن موظفيها ..قالت إن معظمهم من الأدباء والفنانين .. وهؤلاء يحضرون عندما يكون لديهم عمل فقط وبعد انتهائه ينصرفون مباشرة .. قالت إن بامكاننا ان نخرج مئات العلماء ..لكن ليس بمقدور كل جامعاتنا ان تخرج شاعرا او روائيا او فنانا .. إن هؤلاء مواهب نادرة وعلينا أن نوفر لهم السكن اللائق .. والعيش اللائق .. والرعاية الصحية .. والوقت الكافي الذي يمارسون فيه ابداعهم .. هنا تذكرت حالة الاديب المزرية عندنا .. وحياته الماساوية .
النموذج الثاني حصل معي شخصيا هنا في كندا .. كان طبيب العائلة احالني إلى أحد المستشفيات لاكون تحت اشراف أطبائه المختصين بضغط الدم .. بعد عدة سنوات اخذت نوبات الضغط تشتد .. وكان الاطباء يغيرون العلاج باستمرار دون جدوى .. حتى انني نقلت أكثر من مرة بعربة الاسعاف .. في آخر زيارة لي طلب مني الطبيب الاخصائي بطاقتي الصحية ليحيلني الى سلسلة من الفحوص الطبية الجديدة .. وبطريق الخطأ قدمت له بطاقة الانتماء إلى ” اتحاد كتاب كندا ” .. كانت البطاقتان تتشابهان في اللون .. حدق الطبيب في البطاقة طويلا .. ثم تناول ورقة .. وكتب لي تحويلا إلى مستشفى آخر يبدو أن فيه اختصاصات طبية اهم .. ثم صافحني ..وتمنى لي أن أجد رعاية افضل في المستشفى الجديد .. وهناك وجدت مالم اجده في مستشفاي الاول رغم تقدمه كادرا وتقنيات .
تصوروا هوية أدبية فقط .. جعلت الطبيب يهتم بي كل ّ هذا الأهتمام .. هنا اسأل أطباءنا في العراق .. لو وقعت هذه الهوية بايديهم فما الذي تعنيه لهم .. وما الذي يعني لهم من يحملها .. أو من وقع عليها …؟.

يوم نُقل ناظم السعود إلى مستشفى أربيل
يوم نُقل ناظم السعود إلى مستشفى أربيل

يا أدباء العراق وفنانيه .. انتصروا لناظم السعود .. ارفعوا أصواتكم من اجله .. نظموا تظاهرة تطالب بنقله للعلاج .. إن ناظم السعود ..وإذا ما حصل له شيء لاسمح الله وأمد في عمره .. فسوف لن يكون آخر أديب يلاقي هذا المصير .. وتذكروا الراحلين المبدعين ” محمد علي الخفاجي ” .. ” هادي الربيعي ” .. ” فهد الاسدي “..” وزهير القيسي ”  ومن سبقهم .. ومن لحق بهم .. إن هؤلاء المبدعين رحلوا لأنهم لم يجدوا الرعاية الصحية .. ولم تأبه لهم الدولة .. لقد عاش ” ناظم السعود ” حارسا في مبنى في شارع الكفاح .. وعندما اراد أحد أثرياء العهد الجديد أن يحوله إلى ” عمارة ” طرد ” ناظم وعائلته ” .. وهو يسكن الان في غرفة في احدى قرى ” اطويريج ” .. يصارع المرض .. وعائلته تعاني الفقر والجوع .. وحشود من الجهلة ينعمون بالثراء ودعة العيش .
يا أدباء العراق ومبدعيه وفنانيه .. إن لم تفرضوا حضوركم المؤثر على السلطة .. فلن يأبه لكم أحد .. وستظل معاناتكم أبدية .. انتصاركم ” لناظم السعود ” هو انتصاركم لانفسكم .. ولتكن لكم اسوة بادباء العالم المتحضر .. علما أنكم تتفوقون على الكثيرين منهم إبداعا وعطاء ً .

* كندا – مونتريال

 

تعليقات الفيسبوك

شاهد أيضاً

| د. زهير ياسين شليبه : الروائية المغربية زكية خيرهم تناقش في “نهاية سري الخطير” موضوعاتِ العذرية والشرف وختان الإناث.

رواية الكاتبة المغربية زكية خيرهم “نهاية سري الخطير”، مهمة جدا لكونها مكرسة لقضايا المرأة الشرقية، …

| نصير عواد : الاغنية “السبعينيّة” سيدة الشجن العراقيّ.

في تلك السبعينات انتشرت أغان شجن نديّة حاملة قيم ثقافيّة واجتماعيّة كانت ماثلة بالعراق. أغان …

تعليق واحد

  1. حيدر علي

    مع احترامي لكم جميعا أنتم تنفخون في قربة مثقوبة .. والله أنتم لا تتعظون .. تريدون من البزّون شحمه .. ومن الحرامي أمانه ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *