هذه المسرحية
نزلت الملوكية من السماء ، في اريدو ، وهي أولى مدن خمس ، وجدت قبل الطوفان ، بين النهرين . وقد حكم في تلك المدينة ملك اسمه ” دادو ” ، لم يرد اسمه في ثبت ملوك تلك الفترة ، ربما لأنه أراد من خلال فترة حكمه القصيرة جداً ، أن يحقق حلمه بإقامة مملكة العدل والمساواة والسلام على الأرض .
ترى هل حقق الملك دادو حلمه ؟
فلنتابع هذه المسرحية ، ونعرف الحقيقة .
شخصيات المسرحية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ دادو قاطع الطريق ـ الملك
2 ـ شبتو الملكة
3 ـ شمّه الأميرة4 ـ هيدو الضابط
5 ـ داكان تابع قاطع الطريق ـ الملك
6 ـ مانو كاهن معبد كنكو
7 ـ عبدو كاهن من معبد أنكي
8 ـ بونو كاهن من معبد كنكو
9 ـ الحاجب

البداية
صحراء ، نخلة واحدة ، يرقد
تحتها قاطع الطريق دادو
دادو : ” يتثاءب ” آه صباح جديد ”
يتلفت منتشياً ” الآن ستغرد قبرة ..
الغراب : ” ينعق ” غاق .. غاق .. غاق .
دادو : ” ينهض ” كفى ، فليعنك الإله
كنكو ، ويزيد من ساد ريشك
ووجهك .
الغراب : غاق .. غاق .. غاق .
دادو : ” يرميه بحجر ” سأسكتك ،
وأرسلك لتنعق في العالم الأسفل ،
حيث الإلهة ايرشكيكال .
الغراب : ” يفرّ مذعوراً ” غاق .. غاق ..
غاق .
دادو : هذه رسالة شؤم ، لكني أنا دادو ،
ومثلي لا تهزه رسالة كهذه ” يتلفت
ثم يصيح ” داكان .
داكان : ” لا يرد ” ….
دادو : ” بصوت أعلى ” داكان .. داكان .
داكان : ” يدخل مسرعاً ” مولاي .
دادو : ناديتك أكثر من مرة .
داكان : مولاي ، كنت أنظف ..
دادو :يبدو أنك لا تؤمن بأني كنكو هذا
الزمان ، يا داكان .
داكان : كنكو إله، يا مولاي .
دادو : وأنا كنكو الإنسان . .
داكان : حسن ، يا مولاي ، أنت كنكو .
دادو : الفطور ، يا داكان .
داكان :اصطدتُ قطاة ، قبل قليل ، وأنا
أعدها الآن لتتغدى بها .
دادو : قلتُ لك ، الفطور ، ياداكان .
داكان : سمعتك ، يا مولاي .
دادو : ” ينظر إليه ….
داكان : ” يشير له أن لا فطور ” ” ….
دادو : آه .
داكان : ” يقف صامتاً ” ….
دادو : أيقظ الفرسان .
داكان : استيقظا يا مولاي ، قبل أن تشرق
الشمس .
دادو : البارحة .. استيقظوا .
داكان : هذا كان البارحة ، يا مولاي .
دادو : لابد أن الباقي مازالوا نائمين ،
وهذا أمر لا يليق بالفرسان .
داكان : لم يعد هناك باقين ، يا مولاي .
دادو : ستقول لي ، إنه الجوع أيضاً .
داكان : ” يهز رأسه ” ….
دادو : إن بعض العقارب ، تبقى بدون
طعام وشراب أكثر من عام .
داكان : إن فرساننا ، يا مولاي ، ليسوا
عقارب ، بل بشراً .
دادو : هذا لا يبرر فرارهم .
داكان : ” يبقى صامتاً ” .
دادو : كان عليهم أن يصبروا قليلاً ، هناك
قافلة قد تمر اليوم أو غداً ..
داكان : نعم ، لكنها قافلة تجار شرفاء ،
يراعون في بيعهم ، كما تقول ، يا
مولاي ، الضمير ، وعدم نهب
الفقراء و ..
دادو : ليصبروا بعض الوقت ، ستمر
قافلة أخرى ، لتجار غير شرفاء ، لا
يراعون الضمير ، وينهبون الفقراء .
داكان : لم يصبر فرساننا ، فانضموا إلى
قاطع الطريق الذي لا يفرق رئيسهم
بين تجار وتجار ، فالقوافل عنده
سواء ، وكلها فيها ما ينهب .
دادو ” محتداً ” كلا ، كلا يا داكان ..
داكان : هذا ما يجري ، يا مولاي .
دادو : التجار الشرفاء يحرم الإله كنكو
نهبهم ، أما التجار غير الشرفاء ،
وخاصة تجار العبيد والجواري ، فلا
يحلّ نهبهم فقط بل يجب أن ..
داكان : ” يهز رأسه ” ….
دادو : أعدّ تلك القطاة ، اذهب الآن ، لا
داعي اليوم للفطور .
داكان : ” يبقى في مكانه ” نحن أربعة ،
يا مولاي ..
دادو : ” ينظر إليه ” ….
داكان : حتى الآن .
دادو : فليكن ، إن سبعة إخوة تقاسموا
زبيبة واحدة في عصر الإله كنكو .
داكان : الأفضل أن أذهب إلى القطاة ”
وهو يخرج ” أخشى أن يسرقها
أحدهم ، فلا يبقى لنا للغداء حتى
زبيبة صغيرة .
دادو : لقد سفت هذه المهنة ، فتحول
رجالها من فرسان شجعان ، لا
يحيدون عن الحق والشرف ، إلى
مجرمين قتلة ، وأنا أرفض هذا ،
حتى النهاية .
الغراب : ” من بعيد ” غاق .. غاق .. غاق.
دادو : رسالة الشؤم مرة أخرى ، ومرة
أخرى أقول ، إنني فارس نبيل ،
وليس مجرماً قاتلاً ” يصمت ” آه لو
كانت السلطة في يدي ، لأجريت
العدل بين الناس ، وجعلت الكل
سواسية أمام الحق ، ولما أبقيت
إنساناً جائعا ، في طول هذه البلاد
وعرضها ، ولأقمت مملكة العدل
والمساواة والسلام على هذه الأرض
الجميلة .
يجمد دادو مذهولاً ،
حين يبرز أمامه الساحر
دادو : يا للإله كنكو ، من أنت ؟
الساحر : أنا من سيحقق لك أمنيتك .
دادو : لا أعرف عما تتكلم .
الساحر : أنت تريد السلطة .
دادو : أي سلطة ؟
الساحر : أن تكون ملكاً مثلاً .
دادو : لستُ مجنوناً .
الساحر : لا ، فأنت تريد أن تجري العدل
والمساواة والسلام بين الناس ..
دادو : ” يحدق فيه ” ….
الساحر : وتجعل الكل سواسية أمام الحق ..
دادو : ” يهز رأسه ” ….
الساحر : ولا تبقي جائعاً ، في طول البلاد
وعرضها .
دادو : نعم ، هذا ما أريد أن أفعله ، لكني
لا أملك السلطة .
الساحر : أنا أعطيك السلطة .
دادو : ” يحدق فيه ” ….
الساحر : أجعلك ملك اريدو .
دادو : لكن لاريدو ملكاً .
الساحر : مات الملك صباح اليوم .
دادو : مات !
الساحر : وولي العهد طفل في الرابعة من
عمره ، وستكون الملكة شبتو زوجة
لك .
دادو : ” يصمت موافقاً ” ….
الساحر : طبعاً ليس هذا بدون شرط .
دادو : شرط !
الساحر : شرط واحد .
دادو : ” يصمت مفكراً ” ….
الساحر : ستبقى سنة فوق العرش ، تحقق
خلالها ما تريده ، وفي نهاية السنة
آتيك ، وأطلب منك طلباً واحداً ..
دادو : ” مازال صامتاً مفكراً ” ….
الساحر : طلب واحد ، واحد فقط ، في نهاية
السنة ، ماذا تقول ؟
دادو : موافق .
الساحر : والطلب ؟
دادو : موافق ، حتى لو تطلب حياتي .
الساحر : سأنفذ فوراً ما وعتك به ” يبتسم ”
ولا تنس طلبي” ينحني ” يا مولاي
الملك ” يلوح له ” إلى اللقاء ، بعد
سنة .
يختفي الساحر ، وعلى
الفور يختفي دادو
إظلام
المشهد الأول
قاعة واسعة ، تدخل شمّه
راكضة ، يتبعها هيدو
هيدو : ” يحاول الإمساك بها ” شمّه ،
سأمسك بك .
شمّه : ” تتملص منه ” هيدو ، كفى ،
أيها المجنون .
هيدو : تعالي لحظة .
شمّه : ” تتوقف لاهثة ” انتبه ، يا هيدو ،
قد يرانا الملك .
هيدو : ” يتوقف قربها ” آه من هذا الملك
، بدأت أغار منه .
شمّه : ربما لأنه يحبني ، نعم إنه يحبني أكثر بكثير من الملك السابق .
هيدو : لا أدري لماذا لم أتعود بعد على
هذا الملك الجديد دادو .
شمّه : مهلاً ، يا هيدو ، ستتعود عليه ،
يوماً بعد يوم .
هيدو : ” ينظر إليها ” ….
شمّه : وستحبه لأنه يحبني .
هيدو : كلا ، أنا من يحبك .
شمّه : ” تضحك ” أنت مجنون .
هيدو : ولا أريد أن أشفى من هذا الجنون .
شمّه : حتى بعد أن نقف معاّ الكاهن
الأعظم ، كاهن الإله أنكي ؟
هيدو : بل وحتى بعد .. ” يحاول معانقتها
” فعندها لن أسمع من ” يحاكي
صوتها ” الملك ..
شمّه : ” تتملص منه ” الملك .
هيدو : ” يتوقف محدقاً فيه ” ….
شمّه : تعال ، إنه قادم .
هيدو : ” يتلفت ” ….
شمّه : هيدو ” تمسك بيده ” تعال يا
عزيزي ، تعال نخرج من هذا الباب
الجانبي ، إلى الحديقة .
تخرج شمّه وهيدو ،
يدخل دادو و داكان
دادو : ” ينزع التاج عن رأسه متأففاً ”
….
داكان : ” محتجاً ” مولاي .
دادو : أبغض ما في كوني ملكاً ، حمل
هذا التاج على رأسي .
داكان : لابد من التاج ، يا مولاي ، فأنت
الآن ملك .
دادو : ثم هذه الملابس الفضفاضة
المزركشة ال .. اللعينة ، أنا لا
أحبها .
داكان : مولاي دادو ، يجب أن تحبها ،
مادمت .. الملك .
دادو : ” يقترب من النافذة ” للملك مزايا
، هذا صحيح ، لكن .. ” يصمت
ناظراً من النافذة ” داكان ..
داكان : مولاي .
دادو : تعال .. تعال .
داكان : ” يقترب منه ” مولاي .
دادو : أنظر .
داكان : ” ينظر ” آه .
دادو : كأنهما زوج من الحمام المطوق .
داكان : ذكر وأنثى .
دادو : هذا الضابط الشاب ..
داكان : هيدو .
دادو : هيدو ؟
داكان : نعم ، يا مولاي ، اسمه هيدو .
دادو : ليكن اسمه ما يكون ، إنني لا
أستطيع أن أكرهه ، لا أدري لماذا .
داكان : ربما ، يا مولاي ، لأنه يحب
الأميرة .. شمّه .
دادو : أنا أيضاً أحبها ، أحب شمّه .
داكان : ” ينظر إليه ” ….
دادو : كما لو كانت ابنتي ” يصمت ” كم
تمنيت أن يكون لي ابنة .
داكان : هذان الطائران المطوقان ، من
يفرق بينهما ..
دادو : ” يقاطعه منفعلاً ” أفرقه عن
حياته ، مهما كان .. ” يتراجع ”
تعال ، يا دامكان ، إنهما ينظران
إلينا .
داكان : ” يبتعد عن النافذة بسرعة ” ….
دادو : لا أحد مثلي ، يعرف معنى أن
يُفرق الحبيب عن حبيبته ..
داكان : ” ينظر إليه متعاطفاً ” ….
دادو : مازالت حيّة في أعماقي ، ها هي
ظبية فتية ، تركض نحو الآفاق ،
مكللة بنور القمر .
داكان : ” ينظر إليه صامتاً ” ….
دادو : فرقنا ظلماً ، وهذا ما آليت على
نفسي أن لا أقترف مثل هذه الجريمة
، لو كانت لي بنت .
داكان : مولاي ، شمّه ابنتك .
دادو : نعم ابنتي الحبيبة ، وستبقى ابنتي
الحبيبة ، حتى النهاية.
داكان : ” يبتسم ” ظبية فتية ، تركض
نحو الأفق ، مكللة بنور القمر .
دادو : ” يبتسم هو الآخر ” يبدو إنني
شاعر في أعماقي .
داكان : شاعر ُمصلح .
دادو : أتمنى أن يكون التجار قد ارتاحوا
من حديثي إليهم .
داكان : الناس ، وخاصة الفقراء ، ارتاحوا
أكثر ، يا مولاي .
دادو : أنا يهمني الناس أولاً ، وخاصة كما
قلت الفقراء منهم ، فالتجار
والأغنياء ، وحتى الملوك ، وجدوا
لخدمة الناس .
داكان : ما يحدث ، يا مولاي ، وكما تعرف
، هو العكس .
دادو : علينا في هذه الحال ، أن نعكس هذا
العكس ، وإلا ..
داكان : ” ينظر إلى الخرج ” مولاي ..
دادو : ” ينظر بدوره ” الملكة .
داكان : سأنسحب ، يا مولاي .
دادو : لا تبتعد كثيراً ، يا دامكان ، قد
أرسل إليك بعد قليل .
داكان : ” ينحني ” أمر مولاي ” يخرج
” .
تدخل الملك شبتو ،
وتقترب من دادو
شبتو : ” مبتسمة ” مولاي ، بحثت عنك
طويلاً في أرجاء القصر .
دادو : لن تجديني بسهولة ، مادام رفيقي
داكان معي .
شبتو : حمداً للآلهة ، أن داكان هذا ليس
امرأة ، وإلا لكنت قتلته .
دادو : لقد انصرف ، كما رأيت ، حالما
لمحك مقبلة .
شبتو : إنه يعرف ، أن هذا مكاني ، وأني
لا أريد أن يشاركني فيه أحد .
دادو : ” يتجه إل النافذة ضاحكاً ” …..
شبتو : ” تتابعه فرحة ” ….
دادو : ” ينظر عبر النافذة ” شبتو ،
تعالي .
شبتو : ” تقترب منه ” ….
دادو : أنظري .
شبتو : ” تنظر مبتسمة ” ….
دادو : زوج من الحمام المطوق .
شبتو : زوجي الأول ، والد شمّة ، كان
ضابطاً ، وقد تزوجني ، وكان في
عمر هيدو ..
دادو : ” ينظر إليها صامتاً ” ….
شبتو : ورآني الملك ، في أحد أيام العيد
أكيتو ، فأبعد زوجي إلى جهة
مجهولة ، وتزوجني رغماً عني .. ”
تصمت ” وعرفت فيما بعد ، أنه فتك
بزوجي دون رحمة .
دادو : هذا أمر انتهى ، ويكفيك الآن أن
لك ابنة شابة رائعة .. شمّة .
شبتو : بل ولي طفلي من ذلك الملك الظالم
، وحبي له لا يقل عن حبي لشمّه .
دادو : هذا حق ، يا شبتو ، فهو ابنك أنتِ
، وولي العهد .
شبتو : إنه صغير ..
دادو : الصغير يكبر ، يا عزيزتي ،
وسأحتفظ له بحقه ، وسأقدمه له
كاملاً ، في الوقت المحدد ، ويكفيني
أنا ، أن تكوني أنت ملكة حياتي .
شبتو : ” تعانقه ” حمداً للآلهة ، لقد
عوضتني عن زوجي الأول ، برجل
لا يقل عنه طيبة وروعة .
دادو : حبيبتي ، سأحرص أن تعيشي
معززة مكرمة ، مادمتُ إلى جانبك .
شبتو : ” تعانقه بشدة ” ستبقى إلى
جانبي دوماً ، بعون الآلهة ، فلا
معنى للحياة بدونك .
داكان يقف عند
الباب خجلاً متردداً
داكان : مولاي .
دادوا : ” يبتعد قليلاً ” ….
شبتو : ” تنظر إليه ” حمداً للآلهة .
دادو : ” مبتسماً ” نعم ، يا داكان .
داكان : الكاهن مانو .
شبتو : آه لو كان داكان امرأة .
دادو : ليدخل ، بعد قليل .
داكان : أمر مولاي ” ينسحب ” .
شبتو : لا أظنك تلومني .
دادوا : ابقي .
شبتو : لا يا عزيزي ، أنت ملك ، ولك
واجباتك الملكية في النهار ..
دادو : أنتِ من واجباتي ، بعد ذلك ..
شبتو : ليت النهار يكون قصيراً دائماً ”
تتجه إلى الخارج ” سأنتظرك بفارغ
الصبر .
دادو : رافقتك السلامة .
شبتو : ” تخرج ” ….
يدخل داكان والكاهن
مانو ، ويقتربان من دادو
مانو : طاب صباحك ، يا مولاي .
دادو : أهلاً ومرحباً بكاهن معبد الإله
كنكو .
مانو : أشكرك ، يا مولاي .
دادو : لقد وعدتك أن أزورك في المعبد ،
عند انتهائكم من بنائه .
مانو : وهذا ما جئت من أجله ، يا مولاي.
دادو : أكملتم المعبد ؟
مانو : إنه معبد صغير ، يا مولاي ، ولكنه
كبير في معناه .
دادو : نعم ، فالإله كنكو إله متمرد ، قاد
الآلهة الصغار ، حتى حقق مطالبهم
، منتزعاً إياها من الآلهة الكبيرة
المهيمنة على الأقدار ، لكنهم لكي
يخلقوا الإنسان من التراب ، ذبحوا
الإله كنكو ، ومزجوا دماءه بالتراب
، ويكفينا نحن البشر ، أن في دمائنا
بعضاً من دماء الإله الثائر كنكو .
مانو : إن هذا ، يا مولاي ، قد لا يرضي
الكهنة الكبار ، في معابد الإله أنكي .
دادو : ما فعلته أنت حق ، ومن حقهم هم
أن يبجلوا الآلهة التي يرون أنها
جديرة بالعبادة ، ولكي أؤكد للجميع
هذا الحق ، فإنني سأزورك في
المعبد ، في الوقت الذي تحدده أنت .
مانو : ” فرحاً ” بعد غد ، قبيل الغروب
، سيكون افتتاح المعبد .
دادو : في هذا الموعد ، ستراني أمام
المعبد ، ومعي الملكة والأميرة شمّه.
مانو : ” فرحاً جداً ” شكراً ، شكراً يا
مولاي ، وقبل أن أذهب ، اسمح لي
، يا مولاي ، أن أنقل إليك رأي
الأغلبية الساحقة من سكان المدينة ،
في لقائك مع التجار والأغنياء .
دادو : هذا الأمر يهمني جداً أن أعرفه ،
تفضل ، تكلم .
مانو : إنهم فرحون جداً بما طرحته ، يا
مولاي ، فأنت أنصفت الناس جميعاً
، وخاصة الفقراء والمعوزين ، وفي
نفس الوقت لم تظلم التجار
والأغنياء .
دادو : هذا واجبي ، وسأبذل قصارى
جهدي ، لكي أحقق العدل والمساواة
والسلام بين الناس .
مانو : دمتَ للناس ، يا مولاي ، ولتوفقك
الإله العظيم كنكو ” ينحني ” عن
إذنك ، يا مولاي .
دادو : رافقتك السلامة ” يبتسم ” المجد
للإله كنكو .
مانو : ” يتراجع فرحاً ” أشكرك ، يا
مولاي ، أشكرك ، أشكرك ” يخرج
” .
دادو : ها داكان ؟
داكان : أنت على طريق تحبها أغلبية
الناس ، يا مولاي .
دادو : وهذا هو المهم .
داكان : لكن القوة ليست في أيدي الأغلبية ،
يا مولاي ، وإنما في أيدي القلة ،
التجار والأغنياء والكهنة .
دادو : أنا لا أظلمهم ، هؤلاء الذين تسميهم
..القوة .
داكان : لكنك ، في رأيهم ، تنتزع منهم
حقوقهم ، التي كانوا يتمتعون بها ،
طوال العهود السابقة .
دادو : هذا عهد جديد ، يا داكان ” يتجه
نحو النافذة ” ولن أسمح لأحد فيه ،
أن يظلم أحداً ، أو يستغل أحداً ، أو
.. ” ينظر عبر النافذة مبتسماً ” أو
يفرق طائر عن طائر آخر ، مهما
كانت الظروف ، آه إنهما مازالا
يجلسان في مكانهما .. زوجا الحمام
المطوق .
دادو يبقى في مكانه ،
ينظر بحنان عبر النافذة
إظلام
المشهد الثاني
الكاهن مانو يقف قلقاً ،
أمام معبد الإله كنكو
مانو : هذا يوم حاسم ، أن يكون الإله
كنكو ، أو لا يكون ” ينظر إلى
المعبد ” أيها الإله العظيم الثائر
كنكو ، هذا معبدك ، أقمناه رغم كلّ
الظروف ، بعرقنا وإصرارنا و
معاناتنا ، فأحفظه أيها الإله ،
وانتصر لأنصارك الثوار .
يدخل الكاهن الشاب بونو ،
ويقترب من الكاهن مانو
بونو : أيها الكاهن ..
مانو : أرجو أن تكون الأمور على ما
يرام ، يا بونو ..
بونو : سيدي ، هناك تحركات مريبة حول
محيط المعبد .
مانو : هذا أمر متوقع ، اذهب إلى الداخل
، وراقب ما يجري ، سيأتي الملك
عند المغيب ، ونريد أن يمرّ هذا
اليوم على خير .
بونو : أمرك أيها الكاهن .
مانو : باركك الإله كنكو ، اذهب ، اذهب
بسرعة .
بونو : ” يدخل المعبد ” ….
يدخل الكاهن عبدو
، ويقترب من مانو
عبدو : طاب مساؤك ، مانو .
مانو : ” متوجساً ” طاب مساؤك .
عبدو : ” يتأمل المعبد ” أكملتم المعبد
الصغير أخيراً .
مانو : نعم ، أكملناه ، أكملنا بناء معبد
الإله كنكو .
عبدو : ” يهز رأسه ” ….
مانو : أكملنا بناءه ، يا عبدو ، رغم
المصاعب التي تعرفها .
عبدو : أيها الكاهن مانو ..
مانو : نعم ، أيها الكاهن عبدو .
عبدو : إنني لا أحدثك ككاهن من معبد
الإله الحق أنكي ، بل كصديق .
مانو : أيها الكاهن عبدو ، كنا يوماً
صديقين ، قبل أن ..
عبدو : مازلت أكنّ لك المحبة والاحترام ،
فنحن نشأنا معاً ، ودخلنا المعبد معا .
مانو : لكن الأيام فرقتنا .
عبدو : أنت اخترت الطريق الشاق ..
مانو : الطريق الحق .
عبدو : وأنا اخترتُ الطريق المستقيم .
مانو : الطريق السهل .
عبدو : اسمعني ، يا صديقي ..
مانو : تريدني أن أسير معك على الطريق
السهل .
عبدو : بل تسير على الطريق المستقيم .
مانو : طريق الإله كنكو عندي ، هو
الطريق المستقيم .
عبدو : إنه طريق منحرف عن طريق
الآلهة ، وهو طريق القلة .
مانو : ستكثر هذه القلة ، كما تكثر أية قلة
جديدة ثائرة ، وستملأ الأرض .
عبدو : هذا وهم ، يا مانو .
مانو : أنا ورفاقي نراه .. حقيقة .
عبدو : ” يلمح دخاناً ينبعث من داخل
المعبد ” مهما يكن ” يتراجع ”
أرجو أن يهديك الإله أنكي سواء
السبيل ” يتجه إلى الخارج ” وداعاً.
بونو : ” من الداخل ” أيها الكاهن مانو ..
مانو : يا للإله كنكو ، ماذا يجري ؟
يقبل الكاهن بونو
مضطرباً من الداخل
بونو : أيها الكاهن ..
مانو : أرى دخاناً ينبعث من الداخل ، ماذا
يجري ؟
بونو : اشتعلت النار ، قرب المذبح ، لا
ندري كيف ، لكننا استطعنا محاصرة
النار ، وإطفائها .
مانو : تعال ” يتجه مسرعاً إلى داخل
المعبد ” يجب أن ننظف المكان
جيداً ، فجلالة الملك سيأتي بعد قليل.
بونو : ” يتبعه مسرعاً ” ….
الكاهنان يدخلان المعبد ،
تدخل شمّه ومعها هيدو
شمّه : ” تتوقف أمام المعبد ” هيدو ،
تعال أنظر .
هيدو : ” يتوقف قربها ” يا له من معبد
صغير .
شمّه : نعم ، صحيح أنه صغير لكنه جميل
، يا هيدو .
هيدو : لو قارناه بمعبد الإلهة أنكي ..
شمّه : ” تقاطعه ” هيدو ، إنه معبد الإله
كنكو ، وأنت تعرف الإله كنكو .
هيدو : المسكين ، لقد ذبحوه ، ذبحه الإله
أنكي نفسه .
شمّه : لكنه لم يمت .
هيدو : ” ينظر إليها ” ….
شمّه : إنه يعيش فينا .
هيدو : هذا ما يقوله الكاهن مانو .
شمّه : وهذه هي الحقيقة .
هيدو : يبدو لي ، يا شمّه ، أنك ستكونين
من أتباع الإله كنكو .
شمّه : الملك يحب الإله كنكو ..
هيدو : ” ينظر إليها ” ….
شمّه : وأنا أيضاً أحبه .
هيدو : وكذلك أحبه أنا ” يحاول معانقتها
” وأحب كلّ من يحبه .
شمّه : ” تبتعد ضاحكة ” هيدو ، أيها
المجنون ، ليس هنا .
هيدو : ” يقترب منها ” شمّه ..
شمّه : ” تتوقف ” انتبه ، أحدهم قادم .
هيدو : ” يتوقف ” شمّه ، أنا أعرفك ، لا
تقولي ، إنه الإله كنكو .
شمّه : بل كاهنه مانو، وها هو قادم .
يدخل مانو ، ويسرع
إلى شمّه ودادو مرحباً
مانو : ” ينحني لشمّه ” طاب مساؤك ،
يا مولاتي .
شمّه : طاب مساؤك ، أيها الكاهن .
مانو : ” لمانو ” طاب مساؤك .
هيدو : طاب مساؤك ، يا سيدي .
مانو : أرجو أن يكون منظر المعبد من
الخارج قد أعجبكما .
هيدو : إنه صغير ..
شمّه : ” تلكزه ” جميل جداً .
مانو : سيعجبك من الداخل أكثر ، يا
مولاتي ، وخاصة تمثال الإله كنكو .
هيدو : إنني أحب الإله كنكو ، و ..
شمّه : ” تقاطعه ” جئنا قبل الملك
والملكة ، لنتجول في المعبد ،
ونتفرج عليه جيداً ، قبل أن تبدأ
الاحتفالات .
مانو : هذا شرف لي ، يا مولاتي .
هيدو : يبدو أننا جئنا مبكرين ” يتلفت ”
لا أجد أحداً من الزوار .
مانو : سيأتون ، الوقت مازال مبكراً ”
لشمّه ” تفضلي ، يا مولاتي ،
سأريكما المعبد من الداخل ، ريثما
يأتي جلالة الملك وجلالة الملكة .
شمّه : ” تتبعه ” أظن أن الملك والملكة
لن يتأخرا .
هيدو : ” يسير وراءهما صامتاً ” ….
مانو : سأدخل معكما ، وأطوف بكما
المعبد لحظات ، ثم أعود لاستقبال
جلالة الملك وجلالة الملكة ” يدخل
المعبد ” .
شمّه : هذا أفضل ” تدخل وراءه ” .
دادو : ” يدخل وراءهما صامتاً ” ….
يدخل الملك والملكة ،
ويتقدمان من المعبد
دادو : ” يتوقف متأملاً المعبد ” معبد
الإله كنكو .
شبتو : ” تتأمل المعبد ” معبد صغير .
دادو : لإله كبير .
شبتو : علمنا الكهنة ، ونحن صغار ، أن
لا نحب الإله كنكو .
دادو : لأنه إله ثائر ، رفض الظلم ، وأراد
إنصاف الآلهة الصغار ، وهذا ما
حققه بثورته الشجاعة .
شبتو : لكن الثمن كان باهظاً .
دادو : الإله الماكر أنكي ، كان وراء هذه
المؤامرة .
شبتو : ” تبتسم ” لا ترفع صوتك ، يا
دادو ، أنت الملك ، والكهنة يجب أن
يكونوا حلفاءك .
دادو : الإله أنكي أراد أن يريح الآلهة من
عناء العمل ، فخلق الإنسان من
التراب ، ممتزجاً بدم إله ، وقد اختار
عمداً الإله .. كنكو .
شبتو : أرجو أن لا يكون لزيارتنا لهذا
المعبد أثره على كهان المعابد
الأخرى .
دادو : أنظري يا عزيزتي ، ها هو مانو ،
كاهن معبد الإله كنكو قادم .
شبتو : هذا يومه .
دادو : ” مازحاً ” أنا من أنصار الإله
كنكو .
شبتو : ” محتجة برقة ” مولاي .
دادو : ” مبتسماً ” يحيا كونكو .
يُقبل الكاهن من الداخل
ويرحب بالملك والملكة
مانو : ” ينحني ” أهلاً ومرحباً بجلالة
الملك وجلالة الملكة .
شبتو : أهلاً بك ، أيها الكاهن الجليل .
دادو : مبارك لك هذا المعبد ، أيها الكاهن
مانو ، وأرجو أن أراه يكبر ويكبر ،
فهذا ما يستحقه الإله الثائر كنكو .
مانو : أشكرك ، يا مولاي ، المعبد كبر
بزيارتك ، وزيارة جلالة الملكة ”
ينحني قليلاً ” تفضلا إلى الداخل .
شبتو : لقد سبقتنا الأميرة شمّه ، وخطيبها
هيدو ، لكني لا أراهما .
مانو : ” يتقدمهما قليلاً ” إنهما في
الداخل ، يا مولاتي .
دادو : ” يبتسم ” الحمام المطوق لا
يفارق إلفه أبداً .
شبتو : ” تهمس مبتسمة ” وأنا أيضاً لا
أفارقك ، يا مولاي .
دادو : ” يميل عليها هامساً ” نحن أيضاً
من الحمام المطوق .
مانو : ” يتوقف عند الباب ” تفضلا .
دادو : ” لشبتو ” تفضلي ” هامساً ” يا
حمامتي المطوقة .
شبتو : ” تدخل مبتسمة ” ….
دادو : ” يدخل في أثرها ” ….
مانو : ” يتلفت حوله ثم يدخل ” ….
يدخل الكاهن عبدو
متلفتاً ، ومعه كاهن بونو
عبدو : ” يتوقف ” يبدو أن الجميع في
داخل المعبد القزم .
بونو : لقد راقبناهم جيداً ، كما أمرت ، يا
سيدي ، ولم يدخل المعبد سوى عدد
قليل من الناس .
عبدو : لقد حذرهم الكهنة من ارتياد معبد
هذا الإله المتمرد ، ولأنهم أناس
مؤمنون بالإله العظيم أنكي ، أطاعوا
الكهنة ، ورفضوا حضور افتتاح هذا
المعبد .
بونو : رغم أن الملك والملكة والأميرة
وخطيبها قد حضروا .
عبدو : الإله أنكي فوق الملك .
بونو : صدقت ، يا مولاي .
عبدو : أرجو أن يكون الجميع متخفين في
أماكنهم .
بونو : ينتظرون الإشارة ، يا مولاي .
عبدو : لا تتحركوا ، حتى يغادر الملك
ومن معه المعبد ، ولا يبقى في معبد
الضالين هذا غير الكاهن مانو ، ومن
معه .
بونو : أمرك مولاي .
عبدو : ” يتلفت ” لنذهب الآن ” يتجه
إلى الخارج ” .
بونو : ” يتبعه مسرعاً ” ….
الكاهن عبدو يخرج ،
يتبعه بونو مسرعاً
إظلام
المشهد الثالث
الملك دادو وحده ،
يذرع القاعة منزعجاً
دادو : يا للآلهة العظام ، ماذا يجري ؟
إنني أقيم العدل والمساواة والسلام ،
في هذه المملكة ، لم ألحق أذى بأحد
، ولم أظلم أحداً ، ولم .. فماذا يجري
؟ ” يصيح ” أيها الحاجب .
الحاجب : ” يدخل مسرعاً ” مولاي .
دادو : قلت لك مراراً ، أريد داكان ، أريد
داكان ..
الحاجب : مولاي ..
دادو : أريده في الحال .
الحاجي : أرسلت للبحث عنه أكثر من واحد
، يا مولاي ، ولم ..
دادو : ” يقاطعه ” اذهب حالاً ، وابحث
عنه بنفسك .
الحاجب : أمر مولاي ” يتجه إلى الخارج ”
..
دادو : ” يصيح ” أسرع .
الحاجب : ” يخرج مسرعاً ” ….
دادو : لا أدري ماذا يجري اليوم ” عند
النافذة ” حتى الحمام المطوق
اختفى ، شمّه ، حبيبتي شمّه ، أي
شيء إلا الحمام المطوق ، إنها ابنتي
، ولا أريد إلا سعادتها .
الحاجب : ” يدخل لاهثاً ” مولاي ..
دادو : داكان ؟
الحاجب : جاء ، يا مولاي .
دادو : دعه يأتي في الحال ، أسرع .
الحاجب : أمر مولاي ” يسرع في الخروج
” ….
يدخل داكان مسرعاً ،
ويقترب من الملك دادو
داكان : مولاي ..
دادو : لقد اختفيت فجأة ، فقلقت عليك ،
الأوضاع مضطربة في كلّ مكان ،
ماذا يجري ؟
داكان : ما يجري ، يا مولاي ، أمر متوقع
، فقد تحالف التجار والكهنة وبعض
ضباط الجيش ، وحتى بعض العامة
..
دادو : لكن ما أردته ، وحاولت إقامته ،
هو مملكة العدل والمساواة والسلام .
داكان : وهذا بالضبط ما جعلهم يتمردون
عليك ، ويؤلبون الجميع ، وفي
مقدمتهم العامة ، للهجوم على القصر
، و ..
دادو : يا للعجب ..
داكان : إن العدل والمساواة والسلام ، الذي
تدعو إليها ، يرى التجار أنها تسلب
منهم ثرواتهم ..
دادو : لكن الآخرين ، وخاصة الفقراء ،
من حقهم أن لا يجوعوا ، وأن
يعيشوا بكرامة ، ولا كرامة مع
الفقر .
داكان : والكهنة استغلوا زيارتك لمعبد الإله
كنكو ، فحرضوا العامة ضد الإله
كنكو ، وضد كاهن المعبد وأنصاره
، وضدك أيضاً ، يا مولاي .
دادو : بلغني أن بعض الرعاع قد أحرقوا
معبد الإله كنكو .
داكان : بل وقتلوا كاهن المعبد نفسه .
دادو : يا للمسكين ..
داكان : وهدموا المعبد بكامله .
دادو : سأقتص من هؤلاء الهدامين القتلة ،
ولن أدع هذه الجريمة البشعة تمرّ ،
دون قصاص .
داكان : مولاي ، إنهم يتجمعون للزحف
على القصر .
دادو : لا عليك ، معظم الجند المخلصين
معي ، فقد كنت دائماً معهم ، اذهب
إلى القائد ، وادعه في الحال .
داكان : مولاي ..
دادو : أسرع ، فالوقت يمرّ ..
داكان : قائد الجند ، يا مولاي ، التحق مع
كبار الضباط بالمتمردين .
دادو : سحقاً لهم ” يتجه إلى الخارج ”
سأذهب ، وأقود جندي المخلصين
بنفسي ، وسأسحق المتمردين ،
وأحقق مملكة العدل والمساواة
والسلام .
داكان : ” يلحق به ” مولاي .
دادو : يجب أن نتحرك بسرعة ، يا داكان
وإلا .. ” يخرج ” .
داكان : مولاي .. مولاي .. ” يخرج
وراءه ” .
تدخل شمّه وهيدو ،
من باب الحديقة
شمّه : يا لحظي السيئ ، صار زواجنا
قاب قوسين أو أدنى ، وإذا ..
هيدو : شمّه ..
شمّه : وإذا هذه الأحداث اللعينة تتفجر
الواحدة بعد الأخرى ..
هيدو : حبيبتي ..
شمّه : ” تغالب بكاءها ” كاهن معبد الإله
كنكو المسكين ، لا يكفي أنهم ذبحوا
الإله كنكو ، فهاهم يذبحون كاهنه
أيضاً .
هيدو : شمّه .. شمّه ..
شمّه : ” وكأنها تؤنبه ” هيدو ،
الأوضاع ليست ملائمة للزواج الآن
في اريدو ، وقد يتأخر زواجنا فترة
طويلة ، هذا إذا تزوجنا في يوم من
الأيام .
هيدو : شمّه ..
شمّه : لا تقل لي أن نذهب إلى اور ،
ونتزوج هناك ،ونبقى فيها إلى أن
تتحسن الأوضاع في اريدو .
هيدو : ” ينظر إليها مذهولاً ” ….
شمّه : صحيح إنني أريد أن نتزوج ، وفي
الحال إن أمكن ، ونعيش في هناء
وسعادة ، فأنا أحبك ، وأنت تحبني ”
تحدق فيه ” هيدو ، ألا تحبني ؟
هيدو : ” يهز رأسه ” طبعاً .. طبعاً يا ..
شمّه : لكني لن أذهب معك إلى اور ،
ونتزوج فيها ، ونعيش .. ، كلا ، لا
يمكن أن أترك ماما والملك و ..
وأذهب إلى اور ، مهما كان السبب .
هيدو : شمّه ، عزيزتي ، اهدئي ..
شمّه : ” تحاول التملص منه ” هيدو ..
هيدو .. لا تقل لي ..
هيدو : شمّه ، حبيبتي شمّ ، حبيبتي ، إنني
لم أقل شيئاً .
شمّه : ” تستسلم لذراعيه باكية ” هيدو
..
هيدو : ” يربت على ظهرها ” ….
شمّه : ستضيع أحلامنا ، يا هيدو .
هيدو : لا يا عزيزتي ، لن تضيع أحلامنا
مادمنا معاً ، وسنبقى دوماً معاً ،
مهما كانت الظروف .
شمّه : ” تنظر إليه دامعة العينين ” هيدو
..
هيدو : ” يبتسم لها ” وسنتزوج .
شمّه : ” تحضنه بقوة ” هيدو .. هيدو .
هيدو : شمّه ” ينقر على كتفها ” جاءت
جلالة الملكة .. أمك .
شمّه : سأجن إذا لم أتزوجك .
هيدو : ” يحاول إبعادها ” لن أدعك
تجني .
شمّه : ” تنظر إليه ” ….
هيدو : سنتزوج .
شبتو : ” من الخارج ” شمّه .
شمّه : ” تبتعد عن هيدو ” ماما .
تدخل شبتو مسرعة ،
وتقترب من شمّه وهيدو
شبتو : ” تكاد تنهار ” شمّه .. شمّه .
شمّه : ” تسرع إليها ” ماما .. ماما ..
ماما .
هيدو : ” يقترب منها ” مولاتي .
شبتو : أين الملك ؟
شمّه : تمالكي نفسك ، يا ماما .
هيدو : مولاتي ، الملك مع جنده .
شبتو : بحثت عنه في كلّ مكان من القصر
، فلم أعثر له على أثر .
هيدو : اطمئني ، يا مولاتي ، إنه بخير .
شبتو : أعداؤه ومبغضوه كثيرون .
هيدو : لكنهم جميعهم يخافونه ، فهو قوي
، وشجاع ، و ..
شبتو : إنهم غادرون ، سيقتلونه كما قتلوا
كاهن معبد الإله كنكو ” تهم
بالخروج ” سأبحث عنه ، ولن يقرّ
لي قرار ، حتى أجده .
شمّه : ماما ” تحضنها ” ابقي هنا ،
اطمئني ، سيأتي جلالة الملك بعد
قليل .
شبتو : سأطمئن إذا رأيته .
هيدو : مولاتي ، سأذهب بنفسي ، وأبحث
عنه ، وسآتي به إلى هنا .
شبتو : هيدو ..
شمّه : اذهب ، يا هيدو ، وابحث عن
جلالة الملك .
هيدو : في الحال ” يتجه إلى الخارج ” .
شبتو : أسرع ، يا هيدو ، أسرع .
هيدو : ” يخرج ” ….
شبتو : سأضيع ، يا شمّه ، إذا أصابه
مكروه ” بصوت متشنج ” سأضيع
.. سأضيع .
شمّه : ” تمسك يديها ” ماما ، اهدئي ،
سيأتي هيدو بعد قليل ، ومعه جلالة
الملك ” تغالب دموعها ” إنه أبي يا
ماما ، سأضيع أنا الأخرى إذا ..
شبتو : ” تعانق شمّه ” عزيزتي شمّه ..
شمّه : لا أطيب ، ولا أروع منه ..
شبتو : نصحته أن يساير الكهنة ..
شمّه : إنه لم يُؤذهم .
شبتو : ما لنا نحن والإله كنكو ..
شمّه : إنه إله كبقية الآلهة .
شبتو : والتجار والأغنياء ، الذين لا تهمهم
سوى ثرواتهم ، التي يحركون بها
كلّ شيء ، اتركهم وشأنهم ، كما
كانوا في السابق .
شمّه : ماما ، إنه يحب الجميع ، وأراد
فقط أن يعيش الفقراء والمعوزون ،
بكفاف وكرامة .
شبتو : ها قد حركوا ضده مجموعات من
الجند ، بل إن الكثير من الفقراء ،
الذين دافع عنهم ، وحفظ لهم
كرامتهم ، دفعهم الكهان للانقلاب
عليه .
شمّه : ماما ” بنبرة عدم إيمان ” إن هي
إلا عاصفة وستمر ” تغالب دموعها
” يجب أن تمر هذه العاصفة ”
تجهش بالبكاء ” ماما ، أريد أن
أتزوج هيدو .
شبتو : اهدئي ، يا بنيتي ، ستتزوجيه ،
ستتزوجي هيدو ، وتعيشان بثبات
ونبات ، وتخلفان صبيان وبنات ، و
” تشهق ” شمّه .. الملك .
شمّه : ” تتلفت ” ….
شبتو : جاء الملك ، ها هو قادم .
يدخل دادو مرهقاً ،
فتسرع شبتو إليه
شبتو : دادو ..
دادو : ” بصوت متعب ضعيف ” شبتو .
شبتو : قلقت عليك .
دادو : اطمئني ، ها أنا أمامك .
شبتو : ” تغالب بكاءها ” دادو .. دادو .
دادو : تمالكي نفسك ، أنت الملكة .
شمّه : ” تزاحم أمها للاقتراب من دادو
“ماما..ماما ..
شبتو : الأعداء يتكالبون عليك ..
دادو : لا عليك ، يا عزيزتي ، إنهم جبناء
، وسننتصر عليهم .
شبتو : القائد اللعين التحق …
شمّه : ” تقترب منه ” هيدو ..
دادو : ليذهب إلى العالم الأسفل .
شمّه : ” تشهق ” هيدو !
شبتو : لا ، لا يا عزيزتي ..
دادو : القائد الخائن ، يا شمّه ، أعني القائد
الخائن .
شمّه : سأذهب ، لأكون إلى جوار هيدو ،
حتى لو كان في العالم الأسفل ”
تتجه إلى الخارج ” .
دادو : ” يهم باللحاق بها ” شمّه .. شمّه.
شبتو : دعها ، لن يستطيع أحد الوقوف في
وجهها ، حين يتعلق الأمر بهيدو .
ادو : آه ، إنني متعب .
شبتو : طمئني أولاً ، قبل أن نذهب لنرتاح
ولو قليلاً .
دادو : اطمئني ، لقد جمعت قواتي
وأنصاري ، ووزعتهم في محيط
القصر ، وسيأتي المتمردون بقواتهم
الجبانة ، وسنواجههم بقوة وصلابة ،
ولن أرحم أحداً منهم هذه المرة .
شبتو : تعال ، يا عزيزي ، نذهب إلى
جناحنا ، ولتكن الآلهة معنا .
دادو : لا يا عزيزتي ، لا مجال الآن للاستسلام للراحة فهذه لحظة حاسمة ، إنني أبني مملكة المستقبل ، مملكة العدل والمساواة والسلام .
شبتو : لكي تبني هذه المملكة ، لابد لك من
الراحة بعض الوقت ” تمسك يده ”
تعال إلى جناحنا ، وارتح قليلاً .
دادو : من الأفضل أن أكون بين جندي
وأنصاري .
شبتو : تعال ” تسحبه برفق ” تعال ارتح
أولاً ، حتى تكون مستعداً للمعركة .
دادو : ” ينقاد لها ” أنت محقة ، سأرتاح
إلى جانبك قليلاً ، فالمعركة الحاسمة
على الأبواب .
شبتو : ” تقوده إلى الخارج ” تعال ، يا
عزيزي ، تعال ، تعال ، يجب أن
ترتاح قليلاً ” يخرجان ” .
إعتام تدريجي ، ترتفع
بالتدريج أصوات غاضبة
إظلام
المشهد الرابع
القاعة خالية تماماً ، صوت
دادو وداكان من الخارج
دادو : ” من الخارج ” دعني ، يا دامكال
، دعني ، دعني .
داكان : ” من الخارج ” مولاي ، أرجوك
، يا مولاي .
دادو : ” يدخل مرهقاً جداً ” دعني ـ
دعني .
داكان : ” يدخل معه ” مولاي ..
دادو : لابد أن أقاتل ، مهما كان الأمر ،
حتى النهاية .
داكان : لقد حلت النهاية ، يا مولاي ، ولا
جدوى من القتال .
دادو : هؤلاء الجبناء ..
داكان : معظم الضباط والجنود انضموا
إليهم مكرهين ، والقلة الباقية
انسحبت داخل القصر .
دادو : ” يطرق رأسه مغموماً ” ….
داكان : لقد أغلقنا أبواب القصر المنيعة ،
وتوزع المقاتلون الباقون في أرجائه
، وليس أمامنا إلا أن ننتظر .
دادو : ” ينظر إليه ” ننتظر ؟ ننتظر ماذا
، يا داكان ؟
داكان : لعلهم ، لسبب ما ، يغيرون رأيهم ،
ويتوقفون ، يا مولاي .
دادو : لن يتوقفوا حتى النهاية ، يا داكان ،
هذه فرصتهم .
داكان : مهما يكن ، يا مولاي ، فلا خيار
أمامنا ، القتال انتحار .
دادو : بل موت بشرف .
داكان : لا تنسَ ، يا مولاي ، من حولك ،
الملكة ، الأميرة ، ولي العهد ، و ..
دادو : هذا ما يشلني ، ويمنعني عن
مواصلة القتال حتى الموت .
شبتو : ” من الخارج ” دادو .
دادو : ” ينظر إلى مصدر الصوت متأثراً
“….
داكان : مولاي ، إنها مولاتي .
شبتو : دادو .. دادو .
دادو : ” يهم بالخروج ” شبتو .
داكان : مولاي ، ها هي مولاتي قادمة .
دادو : ” يتوقف ” ….
تدخل شبتو منهارة ،
وتقترب من دادو
شبتو : ” تعانقه ” دادو ، لم أصدق أنني
سأراك ثانية هذه المرة .
دادو : ” محرجاً ” أيتها الملكة ..
داكان : مولاي ” يتراجع ” سأتفقد
المقاتلين .
دادو : عد بسرعة ، وأعلمني .
داكان : ” يتجه إلى الخارج ” أمر مولاي.
شبتو : دادو ، ماذا يجري ؟
دادو : لقد انتهى القتال تقريباً .
شبتو : ماذا تعني ؟
دادو : المقاومة انتهت .
شبتو : آه .
دادو : إنهم الآن يحاصرون القصر .
شبتو : هؤلاء الجبناء ، الخونة ، ناكروا
الجميل ، ال .. ” ترتفع أصوات
ضربات على أبواب القصر ” ما
هذا ؟
دادو : إنهم يحاولون اقتحام أبواب القصر.
شبتو : ” مرعوبة ” يقتحمون القصر! ”
تبكي ” يا ويلنا ، يا ويلنا .
دادو : تمالكي نفسك ، أرجوك لا تبكي ،
أنت ملكة .
شبتو : ” تحاول كفكفة دموعها ” لست
أبكي نفسي ، إنني أبكيكم أنتم .
دادو : شبتو ” يحاول إبعادها ” انتبهي ،
شمّه قادمة .
شبتو : ” تتراجع قليلاً ” ….
دادو : امسحي دموعك ، شمّه نفسها تبدو
منهارة .
شبتو : مسكينة شمّه ، لن تهنأ بهيدو .
دادو : ها هي قادمة .
شبتو : ” تصمت ” ….
تدخل شمّه راكضة ،
وخلفها يدخل هيدو
شمّه : ماما .
شبتو : ” تأخذها بين ذراعيها ” شمّو ،
بنيتي الحبيبة .
شمّه : أنظري حظي ، يا ماما .
شبتو : الآلهة موجودة ، يا بنيتي ، ولن
تتخلى عنا .
شمّه : ” تنظر إلى دادو مستنجدة ” بابا
..
دادو : ” يأخذها بين ذراعيه ” شمّه ،
ابنتي الحبيبة شمّه .
شمّه : ” بصوت دامع ” كنتُ أنتظر
فرحي .. وفرح هيدو ..
هيدو : ” يربت على رأسها ” ….
دادو : ” بعاطفية غير طبيعية ”
ستفرحين ، يا بنيتي ، ستفرحين ،
ذوسيفرح معك هيدو ” يدور حول
نفسه وكأنه يهذي ” ستفرحين ،
أنت شابة وجميلة ، ومن حقك أن
تعيشي حياتك ، وتفرحي ، وسأفعل
أي شيء ، نعم أي شيء ، لأوقف
هؤلاء القتلة عند حدهم ، وأدعك
تفرحين أنت والفك هيدو .
شمّه : إنهم يحتلون حدائق القصر ،
ويحاولون اقتحام الأبواب ، و
سينتهي كلّ شيء ، يا بابا .
دادو : لا ، هناك حلّ ، لابد أن يكون هناك
حل ، وسأجده .
يظهر الساحر فجأة ،
لا يراه سوى دادو
الساحر : أنت محق .
دادو : الساحر !
الجميع : ” ينظرون مذهولين ” ….
الساحر : أنا الحل .
دادو : ” يتلفت حوله ” ….
الساحر : جئتُ في الوقت المناسب ، وها قد
مرت سنة ، منذ أن التقينا أول مرة .
دادو : ما أسرع ما مرت هذه السنة ، يا
للإله كنكو ، لم أكد أشعر بالأيام
وهي تمرّ.
الساحر : كان لك حلم ، وأي حلم ، وأوشكت
أن تحققه .
دادو : نعم ، كادت هذه المملكة ، التي كان
يسودها الظلم والتمييز ، تغدو مملكة
العدل والمساواة والسلام ، لولا ..
الساحر : حلمك هذا مازال بإمكانك أن تحققه
، هنا في هذه المملكة ، وفي الحال .
دادو : لكن الكهنة والتجار وأنصرهم من
الضباط والجنود والرعاع ، يحيطون
بالقصر ، ويوشكون على اقتحام
أبوابه ، و ..
الساحر : كلّ هذا سينتهي في غمضة عين ،
وستكون الأمور كما تريدها ،
وستعود إلى بناء حلمك ..
دادو : أيها الساحر ..
الساحر : بل سيعود حتى معبد الإله كنكو
كما كان ، ويعود إليه كاهنه مانو ،
وكأن كلّ ما جرى حتى الآن مجرد
كابوس مزعج مرّ عليك في منامك .
دادو : صحيح !
الساحر : الكهنة سيكونون رجال دين
معتدلين متسامحين ، يدعون في
معابدهم إلى المحبة والتعايش بين
أتباع جميع الآلهة ، بما فيهم الإله
كنكو .
دادو : ” مبهوراً ” آه .
الساحر : والتجار يبيعون ما يتاجرون به
بأسعار متهاودة ، ترضي جميع
الأطراف ، ولن يكون هناك فقر أو
جوع أو تمييز في مملكتك .
دادو : ” ينظر إليه ممتناً ” ….
الساحر : وحتى الجند ، الذين سيحمون
المملكة من الأعداء الخارجيين ،
سيعملون معظم الوقت ، في أعمار
المملكة ، والزراعة في الحدائق
والبساتين .
دادو : أشكرك ، يا صديقي ، عرفت أن
حلمي هذا لن ينهار ، وأنك أنت
بالذات ، من سيأتي في اللحظة
الأخيرة ، وينقذني من محنتي .
الساحر : يا صديقي ، سأخلصك ..
دادو : ” يدور فرحاً متطلعاً إلى الجميع
” أنظروا ، جاء المخلص .
الجميع : ” يتابعونه مذهولين ” ….
دادو : هيا يا صديقي ، خلصني ، خلص
مملكتي ، خلص حلمي ، هيا .
الساحر : سأخلصك ..
دادو : ” ينظر إليه حابساً أنفاسه ” ….
الساحر : لكن بشرط .
دادو : شرط !
الساحر : تذكر لقاءنا الأول ..
دادو : ” يهز رأسه “لم يغب عني لحظة
..
الساحر : كنت تنتظر قطاتك المشوية ، تحت
تلك النخلة ، في الصحراء ..
دادو : فجئت أنت ، يا صديقي ، وجعلت
مني ملكاً ، وكانت فرصتي لتحقيق
حلمي ، في إقامة مملكة العدل
والمساواة والسلام على الأرض .
الساحر : على أن آتيك بعد سنة ، ووعدتني
أن تحقق لي طلباً واحداً .
دادو : مازلت عند وعدي ، يا صديقي ،
إنني لن أنكث بوعدي ، أطلب ما
تشاء .
الساحر : ” ينظر حوله ” ما أشاء ؟
دادو : نعم ، ما تشاء ، مهما كان ثمينا ،
فأمام هذا الحلم يرخص أي شيء .
السحر : ” يطوف بعينيه ما حوله ” هذا ما
توقعته منك ” تتوقف عيناه عند
شمّه ” ما أشاء ..
دادو : نعم ، أطلب ما تشاء ، حتى لو
كانت حياتي نفسها .
الساحر : لا يا دادو ، إنني لا أريد حياتك ،
فأنا أحب أن تحيا ، وتحقق حلمك
الرائع في العدالة والمساواة والسلام.
دادو : ماذا تريد إذن ؟
الساحر : ” يشير إلى شمّه ” أريد هذه ..
دادو : ” يشهق ” ماذا!
الساحر : أريد شمّه .
دادو : ” يصيح ” كلا .
الساحر : ” تبقى عيناه مثبتتين على شمّه
” ….
دادو : اطلب أي شيء إلا شمّه .
الساحر : شمًه ، لا غيرها .
دادو : مستحيل .
الساحر : ستحيا في مملكتك ، التي طالما
حلمت أن تحققها .
دادو : مستحيل .. مستحيل
الساحر : وستحقق ما أردته ، ستحقق العدالة
والمساواة والسلام .
دادو : مستحيل .. مستحيل .. مستحيل .
الساحر : مقابل كلّ هذا ، يا دادو ، أريد فقط
.. شمّه .
دادو : شمّه ليست لي لأعطيها لك ..
الساحر : أنت الملك .
دادو : إنها ملك لهيدو ، وهيدو ملك لها ،
وهما زوج من الحمام المطوق ،
ومن المحال أن أفرق بينهما .
الساحر : ” يحدق فيه صامتاً ” ….
دادو : فليقتلني الكهنة ، كما قتلوا كاهن
معبد الإله كنكو ، وليقتلني معهم
التجار والجند ، وحتى الفقراء ،
الذين عملت لهم ، لكن شمّه ” يهز
رأسه ” لا .. لا .. لا .
الساحر : دادو ..
دادو : شمّه لا ..
الساحر : تذكر القطاة المشوية ، يا دادو .. ..
دادو : أطلب أي شيء .
الساحر : شمّه .
دادو : أريد أن يعيش الناس في عالم
تسوده العدالة والمساواة والسلام ..
الساحر : شمّه .
دادو : والحمام المطوق ، زوجا الحمام
المطوق ، أريدهما أن يعيشا معاً ، لا
يفرق بينهما صقر جارح أو حدأة
ظالمة أو بومة مشؤومة ، أو ..
الساحر : شمّه .
دادو : ” يمسك يد شبتو ” أريد أن أحيا ،
يا شبتو ، أريد أن أحيا ..
شبتو : ” تربت على يده متعاطفة “… .
دادو : ” ينفلت منها ويدور ” ولكن ليس
شمّه..
شبتو : ” تغالب بكاءها ” ….
الساحر : شمّه .
دادو : كلا ، ليس شمّه ، ليس شمّه ، ليس
شمّه ، ليس ..
الساحر : لقد أخليت بالشرط .
دادو : ” يصيح بصوت هستيري ” ليس
شمّه .. ليس شمّه .. ليس شمّه ”
يرفع يديه ويمسك بعنق الساحر ”
سأخنقك .. سأخنقك .
الساحر : ” يحاول إبعاد يديه ” عد إلى
حيث كنت ، يا دادو ، عد .. عد ،
وقطاتك المشوية نفسها لم تعد
تنتظرك .
دادو مازال ممسكاً بخناق
السحر ، وهو يصيح
إظلام
النهاية
أصوات مختلطة توحي بما
يشبه التدافع بين دادو وداكان
دادو : سأخنقك ، سأخنقك .
داكان : ” بصوت مختنق ” مولاي ..
دادو : أيها الساحر اللعين ، سأخنقك .
داكان : مولاي ، أنا لستُ الساحر بل
مرافقك .. داكان .
دادو : ” بصوت لاهث ” سأخنقك ..
سأخنقك .. سأخنقك .
داكان : ” بصوت متحشرج ” أرجوك ،
يا مولاي ، أنت تخنقني .
يضاء مشهد البداية ،دادو
يمسك بخناق مرافقه داكان
دادو : ” لاهثاً متعباً ” سأخنقك ..
داكان : ” يتملص منه ” مولاي ..
دادو : لن أعطيك شمّه ..
داكان : شمّه !
دادو : ” ينقض عليه من جديد ”
سأخنقك قبل أن تفرق زوج الحمام
المطوق ..
داكان : شمّه .. حمام مطوق .. مولاي ..
يبدو أنك مازلت نائماً .. وتعاني من
كابوس غريب .. أفق .. يا مولاي ..
أفق .
دادو : ” ينقض عليه من جديد ” لن
تخدعني أيها الساحر اللعين ،
سأخنقك ، وأبقي شمّه لخطيبها هيدو.
داكان : ” يصده بشيء من العنف ”
مولاي ، أرجوك ، أفق .. أفق .
دادو : ” يتهاوى على الأرض ” ….
داكان : ” ينظر إليه مذهولاً ” ….
دادو : ” يبقى مرتمياً على الأرض ” ….
داكان : ” يميل عليه متوجساً ” مولاي ..
دادو : ” يبقى بدون حراك ” ….
داكان : ” يلمسه برفق ” مولاي ..
دادو : ” يتحرك ويرفع رأسه ” ….
داكان : ” يتراجع قليلاً ” مولاي ..
مولاي .
دادو : ” يحدق فيه ” داكان !
داكان : ” بشيء من الفرح ” نعم ، يا
مولاي ، مرافقك داكان .
دادو : ماذا يجري ، يا داكان ؟
داكان : مولاي ، لا أدري ما عليّ أن أقول
، إنني ..
دادو : أين الملكة شبتو ؟
داكان : ” ينظر إليه مذهولاً ” ….
دادو : وشمّه ، أين هي ؟
داكان : شمّه !
دادو : وهيدو .. والساحر .. والكهنة ..
والمتمردون الجبناء .. ” يتلفت
حوله ” والقصر .. نعم .. القصار
الملكي .. كل هؤلاء .. أين هم ؟
داكان : مولاي دادو ..
دادو : ” يحدق فيه ” ….
داكان : غفوت قبل منتصف النهار ، ويبدو
أنك نمت فترة ليست قصيرة ، فنحن
الآن قريباً من العصر ..
دادو : ” يتلفت حوله ” داكان ..
داكان : مولاي .
دادو : أين أنا ؟
داكان : أنت ، يا مولاي ، حيث كنت ، قبل
أن تنام ، قبيل منتصف النهار .
دادو : وما رأيته ، وما عشته ، على مدى
سنة كاملة ، ماذا كان ؟
داكان : أنا لا أعرف ماذا رأيت ، وما الذي
عشته ، لكن ما تحدثت عنه ، يا
مولاي ، لا علاقة له بما عشناه
ونعيشه هنا .. في الواقع .
دادو : لا يمكن ، يا داكان ” يحدق فيه ”
والساحر ؟
داكان : أي ساحر ، يا مولاي ؟
دادو : الساحر اللعين ، الساحر الذي التقى
بي هنا ، و ..
داكان : مولاي ، إنني معك طول الوقت ،
ولم أرَ أي شخص يقترب من محيط
هذه المنطقة القفر المنعزلة .
دادو : تعني أن كلّ ما رأيته ..
داكان : مجرد كابوس ومرّ ، وأرجو أن لا
يعاودك ثانية .
دادو : إنني عطشان ، يا داكان ، وأريد
قليلاً من الماء .
داكان : في الحال ، يا مولاي ” يخرج ” .
دادو : ” يقف متلفتاً ” أهذا أمر معقول ؟
كلّ الجهود التي بذلتها ، من أجل
بناء مملكة يسودها العدل والمساواة
والسلام ، مجرد كابوس ؟ ” يصمت
” وشبتو ، الزوجة الحنونة
المخلصة ، وشمّه الابنة الجميلة
الرقيقة المحبة ، وكاهن معبد كنكن
مانو ، كابوس ؟ آه يا له من كابوس
رائع ، ليته حقيقة ، إنه كابوس
يستحق أن يفديه المرء بحياته .
داكان : ” يدخل حاملاً إبريق ماء ” تفضل
الماء ، يا مولاي .
دادو : ” يشرب الماء من الإبريق ” ….
داكان : ” يتابعه بارتياح ” ….
دادو : ” يكتفي ” ماء بارد عذب ” يعيد
له الإبريق ” شكراً ، يا داكان .
داكان : ” يبتسم بارتياح ” مولاي .
دادو : اطمئن ، لقد أفقت ” ينظر إليه ”
إنني جائع .
داكان : ” تتسع ابتسامته ” ….
دادو : داكان ، هات القطاة .
داكان : لم تعد هناك قطاة .
دادو : ” ينظر إليه مستفسراً ” ….
داكان : طار المرافقان ، وأطارا معهما
القطاة ، لتعينهما على الوصول إلى
قاطع الطريق ، الذي يفضل العمل
معه جميع قطاع الطرق ، لأنه لا
يفرق بين تاجر وتاجر لأي سبب
كان .
دادو : داكان ..
داكان : نعم ، يا مولاي .
دادو : أنا دادو ..
داكان : أعرف ، يا مولاي .
دادو : وسأبقى دادو .
داكان : أعرف ، يا مولاي .
دادو : لن ألومك لو تركتني ، والتحقت
بقاطع الطريق ، الذي لا يفرق بين
التجار .
داكان : إنني مرافقك منذ الصغر ، يا
مولاي ، وسأبقى مرافقك حتى
النهاية ، إلا إذا أردت أنت أن تبعدني
عنك .
دادو : هات حصانينا ، ولننطلق ، قبل
غروب الشمس .
داكان : ” متردداً ” مولاي .
دودو : ” يغالب ابتسامته ” لا تقل لي ،
إن اللصين اللذين أخذا القطاة ..
داكان : نعم ، يا مولاي ، لقد أخذا معها حصانينا الأعجفين .
دودو : لا عليك ” يتجه بعزم إلى الخارج
” اتبعنا ، فالحلم ينادينا ، وسنحققه .
داكان : ” يتبعه بعزم ” ….
دادو يخرج بخطوت
ثابتة ، يتبعه مرافقه داكان
إظلام
ستار
26 / 6 / 2012
الهوامش
ـــــــــــــــــــ
1 ـ اريدو : أقدم مدينة في التاريخ ، وهي مركز أقدم حضارة
معروفة في جنوب بلاد الرافدين ، بنيت فيها معابد
عديدة لأله البحار ” أنكي ” ، في الألف الخامس قبل
الميلاد ، وهي من أهم مدن العراق القديم ما قبل
الطوفان ، وتقع هذه المدينة في أقصى الجنوب ، على
نحو ” 40 ” كيلومتراً من مدينة الناصرية .
2 ـ أنكي : إله البحار ، وله معابد عديدة في مدينة اريدو .