عن دار أمل الجديدة في دمشق ، صدر مؤخرا كتاب جديد للناقد الأستاذ الدكتور فليح كريم الركابي عنوانه : “الزهر والندى .. دراسات في النقد الأدبي الحديث” .
وفي عنوان الكتاب ، شبّه المؤلف الإبداع بالأزهار ، والأحكام النقدية بالندى ، كما يقول .
وقد تكوّن الكتاب (168 صفحة من القطع المتوسط) من ثلاثة فصول ، حمل الأول منها عنوان “جواهريّات” وضم ثلاثة مباحث :
الإمام الحسين وحقيقة الإيمان عند الجواهري
رؤية مشتركة بين شاعرين : المعري كما رآه الجواهري
فتى الفتيان : الفروسية والرفض
أما الفصل الثاني ، فقد تناول فيه المؤلف موضوعة الإيقاع في القصيدة العربية ، واشتمل على ثلاثة مباحث أيضا :
البنية الإيقاعية في القصيدة العربية المعاصرة ترنيمة الاسى وسلطة التفعيلة – فاعلاتن في القصيدة العربية
الشعرية في القصيدة العربية المعاصرة
أما الفصل الثالث فقد ضم مقالات نقدية متنوعة كتبها الناقد في أوقات مختلفة منها :
غياب الجسد وحضور الذات – قراءة في قصيدة “بلقيس” لنزار قباني
توظيف الرمز الاسطوري في القصيدة العربية المعاصرة
لغز الموت وحكمة الشبيبي
المفارقة والمفاجأة في شعر أحمد مطر
ملاحظات نقديّة :
——————
-أشار المؤلف في مقدمته إلى أنه اعتمد (على المنهج التكميلي في الدراسة والتحليل – ص 8) . وأنا شخصيا لم اسمع بالمنهج التكميلي في النقد الأدبي ، وقد أكون مخطئا . ما أعرفه هو “النقد التكاملي” بتاريخه المعروف ، ويسمّى أحياناً النقد المتعدد أو المتكثر والنقد الكلي والنقد الحواري. وأعتقد أن هناك فرقاً كبيراً من الناحية اللغوية بين المفردتين : التكميلي والتكاملي .
-غلبت على بعض المباحث الصيغة الإنشائية والوصفية التي لم تثر بالغوص في أعماق النص ومنشئه .
-تكرار حقائق صارت يومية ومبتذلة مثل : اليد جزء من الجسد .. والإصبع جسد من اليد .. العقل مصدر الإدراك .. الجواهري شاعر عراقي المولد ..
-وأهم الماحظات السلبية التي سوف نعالجها في مقالة منفردة مستقبلا هي “الإقتباسات” التي يستعين بها الباحث ، أيّ باحث ، من حيث قيمتها ودورها ووظيفتها . خذ هذا الإقتباس : (عن اختلال المقياس حتى صار العالي سافلا والساقل عالياً) .. ثم يضع الباحث هامشا يشير إلى أنه اقتبسه من المصدر الفلاني !! أو اللغة (كنز الشاعر وجنيته الملهمة) أو (يكون الحدث الأسطوري أو التاريخي هو مركز النبض والحيوية داخل النص الجديد) وغيرها الكثير من الإقتباسات البسيطة التي يستطيع الدكتور فليح بالتأكيد – من خلال متابعتي لنتاجه – صياغة ما هو أفضل منها .
-في مبحث “المفارقة والمفاجأة في شعر أحمد مطر” عالج الباحث موضوعة المفارقة فقط ، ولم يتناول المفاجأة كما ورد في العنوان .
-لعل أكثر المباحث إمتاعاً هو المبحث المتعلق بـ “ترنيمة الأسى .. وسلطة التفعيلة – “فاعلاتن” في القصيدة العربية” . لقد كان مبحثا رائعا تنظيرا وتطبيقا . وأعتقد أن قوة جذبه وروعة عرضه تعود إلى اصالة أفكاره ، وكون أغلبها من تأمل الباحث العميق في النصوص ، وحسّه الموسيقي العالي . لقد كشف الباحث بمهارة عن العلاقة الحميمة بين (فاعلاتن) ومضمون الغربة .. (لأن هذه التفعيلة تبدأ بسبب خفيف ثانيه ألف ممدودة هو (فا) يساوي (آ) التي يلهج بها الإنسان المتألم والشاعر المغترب معا للتخفيف من معاناته ، ولعله يتمكن من أن يبث شكواه أو نجواه من خلال تلك الـ (آ) فكان لهذه التفعيلة سلطة على النفوس المتأسّية ، لا سيما المغتربة ، وسلطة على التفعيلات المجاورة في البيت ذات الجرس الراقص مثل “فاعلن” و “مستفعلن” ، وإن فاعلاتن إذا جاءت مخبونة انبسطت بفاصلة صغرى تكون آهة حرّى طويلة .. – ص 63) .
حسين سرمك حسن : الزهر والندى .. كتاب جديد للناقد فليح الركابي (عرض ونقد)
تعليقات الفيسبوك