((يلحظ المرءُ في قصائد كافافي المتأخرة ( شواهد أسلوبيته المتأخرة ) ، تلك القدرة المذهلة على إثارة الخيبة والبهجة معاً ، بدون حل التناقض البيِّــن بينهما ))
الشاعر سعدي يوسف
1
خببٌ يمشي في أجسادنا كما رعشة ضوء نجمة تحت أضلاع وسادة ، وهكذا هو الثمل الشاب ، يبحث عن رغبة أخرى وينسى رغبته .
كم هي الساعة …؟
هناك ثمة فحل إغريقي ينتظركم مع سيفه عند بوابات بغداد ..
هناك ..إبريق الشاي ، ولفافة الحشيش ، وثياب قيصر ستصنع له المتخيل الجميل أن يكون هو في العاصفة ..
تداعب الرياح شعره الأسود الطويل ..
وتحت ظل سدرة أدم الجنوبية ..
بط ذكوري يلحسُ أصابعه في نومته الهادئة…
2
عاد من عمله . لم تكن هناك امرأة فارعة وبجسدها المذهب ،ستفتش في عينيه عن ليلة طويلة ..
انه في نشوة أخرى تخشاها حتى الدبابات وهي تكرع أمام عينيه خمرة دجلة الطازجة ..
لاهياً في تخيل شهوته ..
أن يكون هو بفتنته الطافحة على خدود المساء…
غنجهُ مثل كبرياء اله بابلي .
لا يحب السياسة
ولكنه حتما مفتونا بتقبيل الورد..
الورد الذي حدائقه شفاه القبلة ..
ومساءه صعلكة المنافي ..
هناك كانت لنا طروادة ، ومجلس شيوخ بنظرة ساحرة ، وخجل أحمر مثل راية سوفيتية..
عاد من عمله ..
خلع كل ما عليه ..
ولبس حسية الشعر الصوفي ..
وكمن يغيب عن الوعي
أطلق نحيب أسطورته ..للرجولة التي تحب خنجرها …
3
البرابرة لا يشتهون النساء ..
انهم يشتهون الخيول ..
كانوا هؤلاء برابرة الأمس ..
برابرة اليوم يشتهون دوران القفى اتجاه عارضات الأزياء وبنات الملاهي وعاقدات العزم على كتابة أنشودة المرأة التي سرقت لبَ يوسف…
يتذكر في عسكريته القديمة كم سمع في ساحة العرض قبل النفير أية يوسف ..
وعن ظهر قلب حفظ قصته كلها ..
لكنه الآن في شهيته الغامضة من يسمع خلجاته ..
فقط النعناع البري ..
وأحمر الشفاه الغامق ….
4
غنج مستعار من المكتبة العامة ..
تريد أن تشتريه الرئاسة ..
من صورته العلنية أرادوا أن يحققوا التوازن في المجتمع ..
فلقد اجتاحت عولمة الجسد الخشن المجتمعات البدائية ..
واليوم تزحف علينا ، من خلف الحدود ..
كما البرابرة الذين سيأتون
وفي انتظارهم ستكون خواتمنا المائعة وخدودنا الباردة ..وحميمة الفراش الستن …
5
في ظلمة الغرف الدافئة ..
تعلق الذكريات صورها المؤطرة بموديل التسريحة الإيطالية ..
كان لمصوري الفوتغراف في بلدنا عيدا وطنيا يشبه عيد تحرير باريس..
الآن أعيادنا هو خوف الأولاد الصغار من لبس التنورات..
انهم يتجاهلون ما كانت ترينا الأفلام إياه ..
المحاربون بملابسهم فوق الفخذ ..
هناك ..
في ظلمة السينما ..
الأناث يدغدن خواطر الشباب ..
والشباب يبحثون عن مجد روما في أزقة أور ..
6
أنا كافافيس ..
ولدت في نينوى بعد عام من مغادرة يونس بطن الحوت ..
اشتهي النعناع بجسده الأخضر ..
والفلفل في حرارة قبلاته
والسيف في وجعه ..
دائما أفكر في عزلة المدينة وما انتهت أليه ..
ودائما ارتعش من نهاية القصائد التي تلج في جسدي وتصنع ذكورة لجسد نال مدائح أفلاطون كلها ..
7
ولد رامسفيلد بآلف ذنب كما ابن أوى في مؤخرته ريش دجاج ونوط من حرب فيتنام ..
أنا اليوناني الحالم بالعوم في نهر الحلة ..
نوطي من حرب عبادان ..
هناك في الجبهات الصاعدة إلى دموع الأمهات بسلالم من صفصاف بيوت المندائيين ..
سنقيم لكم ضريحاً شاهقاً ..
انتم المترفون من حرارة العناق ..والنوم على الرمل ، وتحاشي شظية المدفع ..
انتم بأجسادكم البرونزية وحواسكم المذهلة ..
وحدكم من تجيدون العراك على السرير وساحة الحرب ..
وهذا ابن أوى ..ليس له سوى مواخير قرى الهنود الحمر …
1ــ 1 ـــ 2006