دونكيشوت:أنا مرهق ،وتكاد عظامي تتحطم مثل القصب.
سانشو:وهل ضربت سيدي الدون عاصفة هشاشة العظام مثلاً،وبهذا الشكل المفاجئ؟
دونكيشوت:أجل يا سانشو.باتت العواصف تتآكلني من كل حدب وصوب.
سانشو:والحل.هل تريدني أن أنقلك إلى مستشفى يا سيدي الدون؟
دونكيشوت:لا يا سانشو.أريدكَ أن تستبدل رمحي برشاش من طراز كلاشنكوف.
سانشو:وهل ثمة حرب ستكون بانتظارنا؟
دونكيشوت:لقد كنا في قلب المعركة دون أن نعرف أين ولماذا ؟!!
سانشو:ولكننا لسنا بعسكر أو بمسلحين؟
دونكيشوت:لم تعد الحرب تفرق ما بين أن تكون عسكرياً من الجيش ،أو مدنياً يكتب الشعر في كافتيريا أو على مقربة من بحر.
سانشو:ولكنك لم تتدرب على الأسلحة يا سيدي الدون؟!!
دونكيشوت:لا حاجة للتدريب بعد اليوم.فكل الأسلحة تعرف كيف تقتل.
سانشو:ولكن القتل خط أحمر.
دونكيشوت:لقد بات مصطلح ((خط أحمر)) مهزلة وجزء من اللغة الكوميدانية من كثرة الاستهلاك.
سانشو:أراك مغرماً بالقتال هذه المرة يا سيدي الدون؟!!
دونكيشوت:أجل.فنحن لا نقاتل الطواحين هذه المرة .
سانشو:ومن أين سنأتي بالأسلحة،لنستمر بالمعارك يا سيدي الدون؟
دونكيشوت:من الأم الأوروبية الحنون.فمثلما كانت والدة لمجمل مصائبنا،ستكون هي المشرحة لكل الأجساد التي ستتساقط فوق التراب.
سانشو:أود لو أنام على الصدر الأوروبي وأرتاح بعض الوقت من كل النزاعات.
دونكيشوت:لا تفكر بأن أوروبا التي تمتصك نفطاً ،ستكون لك راضعة حليب يا سانشو.
سانشو:تكبير!!
آبار النصوص
لساعات مقفرة قادمة،
ستشيخ الآلامُ.
ولن تتبعنا ثيابُنا إلى حقول الخمارة وجبالها المكسوة
بالمجوهرات.
نحن وحدة الوحدة في النص في النهد في الكمنجة.
الآن لا نعرف أي من الأرواح نحن:
الأرواح الشبيهه بالسفن أم بالمناطيد.
بالدفاتر أم بالمفرقعات.
هي في نهاية المطاف جوارب
يخفي فيها الآلهةُ الأكاديميون الكدمات الافتراضية
عن وجوههم.
الآن لا أحد من حراس أمتعتنا في محطة هولاكو.
فراغ.
الوقت قنينة فارغة في نهاية قبر.
وثمة مفتي لوطي،
يتلو على الموتى جرائمهم.
يا للهول:
صاح الناظرُ الحشاشُ للمدفن،
وهو يعلب الجثث
ويعيدها إلى أسرة النوم.
فيما الكرسيّ الهزاز يعملُ.
في غرفة الغرائز
بعض زراع الوهم ،ما زالوا يعتقدون بأن الشعر بشكله العام،ليس إلا ذلك الفن الذي تحدده الضوابط الكلاسيكية وتقاليد الأجداد ممن يرقدون في مدافنهم بكل راحة ضمير سرور ،مثلما هو نتاج تلك الفكرة التي تجعل الشعر نصاً أسيراً لأخلاقيات ما ،ولتقاليد محددة،هي في جوهرها ،لا تعني سوى ذلك التدخل الوضيع والقسري في نشوء القصيدة.
فالذين يحاولون جعل الشعر تابعاً لجاهلية ما أو انعكاساً لطاقم شعراء المعلقات،أو لمن أتوا بعدهم من رفاق جيل الخمسينات أو الستينات،وبخاصة أولئك الذين لا يعرفون الشعر إلا ذلك الإيقاع ،باعتباره دم القصيدة.
كل مختل شعرياً ،وكل متخلف عن الحداثة ،ولا تستطيع مخيلته بناء النصوص بناءً مفتوحاً ،سيساوره الشعور بالخوف ،لأن قصيدة النثر وما جاء بعدها من حركة النانو الآخذة بالتوسع والتطور المنافسة المرتفعة الحماس بين جيل الحداثة ،أخرج الشعر من الإيقاع وملحقاته البائدة.ليثبت بأن الشعر ليس قانوناً يحتاج إلى فيتو يقرر دوامهُ،أو يتم بموجبه إلغاء مشروعيته في الحياة.
بنك الخيال
وكأنني الحبر فقط.
وكأنكِ الكتابة في مصاحفي كلها .