ضمن منهاجه الاسبوعي في ظهيرة كل يوم سبت ، اقام نادي السرد في الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق جلسة للقاص والاعلامي المبدع محمد خضير سلطان ، قدم فيها دراسة نقدية عن دور الرقيب في الرواية العراقية، قراءة خارج ظلال الديكتاتورية ، ادار الجلسة القاص والروائي محمد علوان جبر ، الذي قال في كلمة موجزة عن المحاضر والمحاضرة ، انه عرف محمد خضير قاصا بدءا من مجموعته ( مايتبقى من الاثر ) التي اثارت الكثير من الجدل وكتب عنها اكثر من عشرين دراسة نقدية رغم صغر حجم المجموعة وسوء طباعتها ، واشار مدير الجلسة الى عنوان المحاضرة والعلاقة الجدلية بين الرقيب والمبدع ، حيث ساهم الرقيب في صناعة شكل معين من اشكال الكتابة التي تعتمد التشفير ، وصناعة الرمز والاسطورة في محاولة للتخلص من سلطة الرقيب الذي كان بدوره يمرر
مرغما مايكتبه المبدع وبالتالي صنع هذا التداخل شكلا فنيا عده البعض كبصمة .. بعدها رحب بالمحتفى به الذي بدء دراسته عبر عناوين غياب عنصر الحرية واختفائه كهامش في المجتمع العراقي اسقط اشكال الكتابات الواقعية الناشئة منذ الاربعينات والخمسينات واستعاض عنه بالمدى التعبيري الحر الذي تختزنه القصة القصيرة .. وتناول رواية ( حكايات دومة الجندل ) للقاص والروائي جهاد مجيد نموذجا في تجليات هذا الوضع ، فالرواية التي تنشر وتقرأ في عهد الاستبداد على انها متوالية قصص قصيرة وفي عهد الحرية كونها رواية ، فهي مشروع روائي كبير لم يقل كل ماسعى اليه ، لانه مخطوف من قبل الرقيب ومؤسسته العامة سواء كان حقيقيا كالرقيب الناشر او ضمنيا بما يتصل بالبناء الفني والاسلوبي والانتقائي للكاتب نفسه ، وبالرغم من ذلك فقد قالت الرواية شيئا ضد تدجينها في ظل هذا الوضع في الوقت الذي كسب الرقيب مااخفته الرواية من الفضاء الواقعي الشديد وعبرت عنه بالرمز والتشفير او المواراة والتعتيم مااسدل على الواقائع الروائية بستار الجملة القصصية الشديدة التكثيف والمشهد الاختزالي لبيئة السرد . واشار الى ان الرقيب الناشر يسلك مسلكا تدجينيا دقيقا سواء كان يعلم او لايعلم بانه يواري مخاوف كثيرة ويتجنب مطبات عديدة من خلال استناده الى الوحدات السردية المنفصلة باعتبارها قصصا قصيرة تقوم على وحدة الايهام داخل المقطع الواحد . اذن كان التحايل الفني غاية في الدقة اذ سمي في احيان كثيرة ( القناع ) باعتباره عنصرا فنيا وجماليا ولكنه في الواقع احد نتائج مترتبات التضييق على حريات التعبير وافتقاد الحرية في الخطاب الروائي ، ومن المؤكد ان عنصر التخفي من الرقيب عبر تقنيات سردية وجمالية لم يذهب هباءا فقد استفاد منه السرد القصصي العراقي في تلك الحقبة ، وقدم عبره اعمالا عديده مهمه ومنها رواية ( حكايات دومة الجندل) وخلص الباحث الى ان الواقعية العراقية قد اجهضت في الادوار الاولى لنموها وصيرورتها ماادى الى ان تأتي دعوات التجديد في الحقبة الستينية في غير مسارها الموضوعي الذي يقوم على التراكم واستنفاد الواقع ، وهي نتيجة محتومة لكتم حريات التعبير ، ولاتعد الاساليب الستينية غير مقبولة او مرفوضة كما يعتقد البعض ، انما هي محاولات في التقدم الى الاعلى بدلا من التوقف والتراجع والصمت ، وقد اثبتت التجارب الكثيرة للادب القصصي الستيني غناه وعمقه الاسلوبي غير انه جاء نشدانا للحرية في لغة سجينة واستعارة لتطلع خارج اسوار الاستبداد .. ثم بعدها فتح باب المناقشات التي بدأها القاص حسين الجاف ، الذي اشار الى قصة يعقوب ومافيها من مفارقات بين المؤلف والرقيب وخلص الى اهمية الحرية في العملية الابداعية واعقبه الاستاذ ماجد شاكر الذي اشار الى اهمية الهوية الوطنية واعقبه الدكتور كاظم القريشي مشيرا الى النص القرآني والبنية التاريخية واعقبه الدكتور سعد مطر الذي اشار الى خارطة الدوال والرقيب المزدوج وفك الشفرة وقصرية الكاتب والتشويش على الدوال وبعدها تداخل الاستاذ خضير ميري الذي اشار الى فكرة الرقيب الدقيق مشيرا الى اهمية فحص الرواية العراقية والتصاقها بالواقع واعقبه الروائي حميد الربيعي مشيرا الى المحرمات في الرواية ومن ثم تداخل الناقد محمد يونس مشيرا الى الرقيب الذاتي والرسمي وختم المداخلات الامين العام للاتحاد الشاعر الفريد سمعان الذي اشار الى التخطيط في الرواية وخلق مايجعل العمل ينفذ عبر كل ممنوعات الرقيب .. وفي الختام قدم القاص حسين الجاف ساعة الجواهري بالمحتفى به .
محمد علوان جبر : في نادي السرد؛ نزاع الرواية العراقية مع الرقيب
تعليقات الفيسبوك