

ان وظيفة السار دائما خلق التباين الاجتماعي ورصد ما هو فيه سمة اغتراب عبر تعبير موضوعي ، كي يبقى واقع النص الادبي فيه نوع من التلازم ، ولا تسوده معالم غرابة وغير مالوفة ، الا اذا ضمنت لها وضوعية السرد ذلك ، والقصة القصيرة تسعى بدقة متناهية لرسم ملامح واقع النص خارجيا وداخليا ، فاما واقع النص الخارج فالسرد يهتم بشكل الواقع باطار موضوعي ، ليجعل حركة الشخوص والنص اجمالا متوازنة ، واما في الجانب الداخلي للنص القصصي ، فهناك السعي الرمزي والبث الدلالي يتأهلان اليا عبر الواقع الموضوعي ، لانهما مضمونه ، وان كانت القصة القصيرة تتميز بالبث الدلالي ، والي بيلغ احيانا التوغل الى اعمق نقطة في كيان النص القصصي ، والادب القصصي السبعيني ، مثل احد اهم وجوهه ، هو تمييز البعد الدلالي داخل كيان النص القصصي ، لكن كان السرد الموضوعي اهم مميزات تلك المرحلة ، وقد تباينت التجارب في المنظور القصصي داخل السمة الموضوعية ، وان تجربة خضير عبد الامير واحدة من التجارب الرصينة في السرد الموضوعي ، وفي مجموعته ( خيمة العم حسن) ، قدم تجربة حيوية في اطار موضوعية السرد ، برغم تنوع القصص ، والذي يعكس تاكيد على وجود وحدة اشتغال سردي قد شملت جميع القصص المتنوعة الثيمة، والايقاع ايضا الذي يبدا مالوفا ومن ثم يتصاعد في مواقف حساسة .
ان القصة السبعينية حافظت الى حد ما على الاظار الموضوعي ، واندر من الندرجة ان تجد تجريب تطرف او لاسم ملامح قصية جدا عن ذلك الاطار ، ويحضرني اسم مهم في التطرف الايجابي في تلك المرحلة وهو خالد حبيب الراوي ، لكن خضير عبد الامير كان متوازنا ودقيقا ومقتصدا ايضا ، فاغلب قصص ( خيمة العم حسن ) خالية تماما من اي نسبة من الاسهاب وان كان مجديا ، وقد اتسمت لغة القص في المجموعة بمقطع للوصف استثمر فيه القاص مفردات شعرية ذات معنى جاد كي يبقى السرد في مستوى حدود الموضوعية ، وطبعا نلاحظ هنا ان السرد الانكليزي تحديدا عمل بجدية واضحة على تاكيد السرد الموضوعي ، وطبعا مهمة اللغة ووظيفتها هنا يجب ان تكون دقيقة وواضحة وفي حدود مضمون الفكرة ، وما من قصة في مجموعة خضير عبد الامير ( خيمة العم حسن ) الا كانت نموذج كتابي تميز بذلك الاطار وتمثل له ، طبعا هذا لايعني ان يحدد القاص حدود قصته بذلك الاطار ، وانما يكون مضمونها متمثلا به ، وان القصة الاولى ( خيمة العم حسن ) والتي كانت بذات عنوان المجموعة ، نجدها مع كون القصة شخصية ، تمكن السرد من اغناء المتن الحكائي ، حيث تدرجت الحكاية من افق تقليدي الى افق يسعى الى تاكيد موضوعي الاطار ، حيث الشخصية الاساس ، والتي كان تدرج البناء فيها متميزا ، لم تعد تقبل بموضوعية المجتمع وتؤكد انها شخص لا وجود مشترك معهم ،حيث ان ( حسن ) الذي كان له وجهان ، الاول مالوف والثاني لايبتعد كثيرا ، قد فقد صلته بالمجتمع ولابد له من خيار صعب ، وحسنا فعل القاص ، حيث ابرز عبر المنحى الفكر للقصة التمايز الطبقي ولكن ليس عبر مباشرة استهلاكية ، والقصة الاولى تقريبا هي اطول القصص ، وسعى القاص فيمها الى نهاية دراما تيكية لتاكيد المعطى الفكري في ذلك الظرف الزمني ، واكد موضوعيته معطى فكريا وتعبيرا كتابيا .
ان الية البناء القصصي في قصص( خيمة العم حسن ) هي اغلبها تقريبا من نمط بناء واحد اعتده القاص ليكرس ثيمته القصصية ضمن بعد الاقناع العام ، والذي يهمله البعض ويتوغل فنيا دون جدوى، وخضير عبد الامير نصه القصصي واضح وقليل الدلالات ، كونه يركز على سمة الموضوعية لتبرير واقع قصصه دون السعي الدلالي المجهد ، الذي قد يضع القصة في مازق ، وهذا ماجعل خضير عبد الامير يتجه نحو القص الموضوعي ، الذي يتسم بوضح عام ، يبدا من عنصر اللغة السردية ، والوصف ايضا يؤدي ذات الدور، والحوار كذلك يمكن توصيفه بأنه ارسطي ليؤدي وظيفة تدعم البعد الموضوعي الاساس ، وبرغم ان هناك قصص مثلت منذ الاستهلال ان تتجه اتجاها اخر ، ولكن عبر تدرج حركة القصة ، سرعان ما تجد انها لم تغادر الميزة الاساس ، مثل قصة ( الولادة ) التي كان تكنيكها متميزا ، حيث المراة التي تزور المقبرة هي اقرب الى الراوي العليم ، ولكن القاص اعطى فرصة لحوار مفترض تقوم به المراة بالحديث مع نفسها ، لقطع دور الراوي العليم ومن ثم اعادته بعد ذلك الحوار ، والقصة فيها شجن جغرافي ، واقصد ان الاستهلال اكد على ان المقبرة كانت بعيد وزحفت اليها البيوت وطوقتها ، اي ان المعطى الفكري للقصة اشر خللا تمدنيا في بداية القصة واكتفى ، وهذه طبعا هو وظيفة القصة في انها غير مسوؤلة عن الحلول ، وربما تكفي بتبرير تلميحي في ذلك الشان ،وقصة ( الولادة ) طبعا شخصية وتندرج في خانة القصص احادية الحدث ،وان القصة التي تندرج في تلك الخانة ، لابد لروحية الكاتب من وجود ، وقد كان في قصة ( الولادة ) وكذلك قصة (الاشياء والانسان)، هو الراوي العليم، وهذا ما يجعل فطرة القاص حاضرة دون تموضع او بيان او وضوح .
ليس اساسا موهبة قصصية تحكم القصة من كل الابعاد اذا استثنينا المعطى الفكري للكاتب ، بل ان فطرة القاص او روحية الكاتب كما اسماها نقاد غرب ، تتيح للقاص استحضار غير مرتب للذاكرة الجمعية ، واكثر المواقع تاثيرا يستجاب لها القاص ، ولكن تبقى فكرة غير مبلورة ولا ينهم بها مباشرة الا في حالات استثنائية ، وقصص ( خيمة العم حسن ) ، وهي من ايقونة النص العامة ، والتي هي صفة ايحاء تؤكد لنا وجود فطرة نبيلة وعامل انساني يفعل تلك الفطرة على الدوام ، وما من قصة الا ترى احساسا ادبيا وحساسية عالية، ولكن دون انفراط ، فمثلا في قصة ( لعبة الاقنعة ) ،والتي هي قصة شخصية وفيها حوار مفترض ، نجد هناك قناع يشعربه الشخصية وهناك وجهه الحقيقي ، وكلاهما يحمل فكرا اجتماعيا ، وايضا كل واحد منهما يطلب من الشخصية , ان يتبع اسلوبه الاجدى في التعرف على المراة التي احس بها وهما يركبان الباص ، ويحتكم شخصية القصة الاحادية في النهاية الى معطى القناع الفكري ، حيث يؤكد ضرورة الاهتمام بالمثل الاجتماعية والقيم ،وكانت ذلك التواجه هو نوع من الاغتراب المركب ، فمن جهة هو اغتراب داخل الكيان العام ، ومن جهة اخرى اغتراب داخل كيان الذات ،وهنا القاص محى الفكرة التقليدية عن القناع ، وتبنى فكرة معاكسة لها ،وقد اتسمت القصة مع غيرها بالمتعة القصصية ، وذائقة جمالية وعلى الاخص في الحوار المفترض الذي تبنته الشخصية الاحادية ببعد موضوعي، وصراحة اهمية القص في اطار مفترقات التلقي، لابد لها من الاتسام بالارسطية ، اي يكون بعدها الموضوعي من جهة التلقي الثقافي جدليا ، واما جهة التلقي العام لابد من الوضوح دون بلوغ المباشرة، وكذلك ايضا تصف بالبساطة الجمالية .
اتسمت قصة ( كوميدايا صغيرة ) بسمة دراماتيكية ، وقد اشير الى الحيز الاساس لها عبر عنوان القصة ، وبما ان العنوان هو ايقونة النص فلابد ان يقدنا ضمن طريق الصواب ونستدل على المقصد ، وتتميز القصة بقلب الحدث راسا على عقب ، وببعد كوميديا سوداء ، حيث يشعر شخصية القصة الاساس والذي ترتكز عليها الاحداث ، بانه ليس بخيون وانما هو رضية ، وطبعا هنالك مستويان للقصة ، الاول المستوى الظاهري او الذي يرتبط بسطح كيان القصة ، وهو يتمثل برد الفعل ازاء انقلاب الحدث ، وطبعا ابرز القاص خضير عبد الامير الوجه الواقعي للمجتمع، كرد فعل ازاء انقلاب هرمية الحدث ، وطبعا لايتوافق رد الفعل ابدا وباي صورة مع انقلاب الحدث وعلى الاخص بصورة مفاجاة، بل يرفض ويسخر ايضا منه ، وطبعا يتمثل هنا الجانب الموض وعي الواقعي للقصة، وطبعا هو اطار كوميدي اعتيادي ، والمستوى الثاني يتمثل بالاصرار على قلب هرمية الحدث ، وبلوغ اقصى نقطة في ذلك ، حيث يؤمن تماما خيون بانه رضية ، وهنا اطار موضوعي انتقادي ، ويتمثل هنا يعد السوداوية المرير ، وطبعا يتقابل تكنيكا هنا المستويان ، وهذا ما يجعل القصة ذات اهمية ، وذات قيمة في الرؤية القصصية ، وبعد امتاع برصانة وقوة الثيمة القصصية ، واعتقد انها اهم القصص في مجموعة ( خيمة العم حسن ) ، ومن القصص العراقية الفاخرة ، اي كما ان روحها كما روح النكهة البغداية ، وذلك يعطي خضير عبد الامير اهمية استثنائية ، وكما يؤكد انه قامة قصصية متماسكة وعالية البنيان ، وان اسلوبه القصصي حتى وان كان شخصيا واحادي الشخصية ، لا ينفرط ولا يتداخل ولا تتعدد تاويلاته ، بل ينبثق من المعطى الاجتماعي دون ان يتقيد بشكله وملامحه كليا، وحتى عامل الاغتراب داخل الكيان العام ، واحيانا داخل كيان ذات ، هي لم تتجاوز البعد الموضوعي ، وكانت تتمحور داخله .