هشام القيسي : في المنافي صاح لقمان : دلشاستان

ولهان
هذا العاشق المفتون
يشهر كلماته  ،
الريح وعد
والأسفار
وما يبصرون
لاشيء إذن
سوى التحديق في منتصف النهار
والتكبير في العلن .

مرافعة غير صامتة
——————–  

ملاحظة :

الفراشات تنزف في عذاب السنين
(3 )
ولهذا تكون  عامودا
منشورات لا تتدثر بالصمت
( 4 )
وقامشلو
غير سعيدة في سجنها
وكل المدن تقوم من غفوتها
كي لا تبكي .

هل يكون اليوم في غير منتصف الليل ؟
وهل يسأل أحد عن معنى المدن المحاصرة ؟
لعل مجلس الأمن وحده اليوم يغدو غابة
والحطاب يستحيل مدية
لتقطيع الخاصرة .

النحيب يعلو ،
أغنيات تفتش عن معنى
وتفتش عن أجوبة في الطرقات ،
أغنيات خلف الباب
وأغنيات بعد الباب
وعند الأرق
تعرف صراخ الشمس
وتعرف جوع الأشجار
وتعرف بلا جدوى
أن ينظر الجلاد من ثقب الباب .

قالت دلشا في حلم الوطن المسروق
  ——————————–

(( أيها الوطن الأول
والأخير
ما زلت أكتب
بصبر الحرية
أجراس اللقاء )) .

نعم . تهتز الأيام ، تكرر لعبتها ، فمن يباس يحاصر أماني الفقراء إلى رغبة لن تدخل غيبوبة ،
ومن موت يكتفي في أزمنة بطيئة إلى أنين دماء تعجن الليل والنهار .
كم من سنة تمر ولا يفهمها غير أبناء درعا ؟ وكم من سنة لم يسلم منها أي عذاب ؟ وأية شمعة .

عليك اللعنة بشارون (5 )
الآن كل شيء غدا مقبره
ولا يلزمك كي ترتاح
سوى شهوة عمياء
من الشر إلى أكبره  .

ما أعجب الذي لا يرى نفسه
ولا يرى انه مسافة مسمومة عاهره ،
فهذا الذي يأكل فاكهة الوهم منذ الولادة
وهذا الأعمى القابع في الأحشاء
ما هو إلا وصية تتسلق الخراب ،
هكذا مثلما كان ، ومثلما كان أبوه
لا يحصي سوى الموت
كي تستعيد العائلة بعض البقاء .

  مشاهد مؤرخة من  يوميات الرصاص
 ————————————-  
1-  بشارون أكثر انشطارا من قنابل الشر العنقودية ، يطهو البشر لأجل شهوة يتوق لها دائما .
2- النبيذ والفاكهة والشبيحة (6 ) والروح الجائعة لليباب قبور موحشة ترتقي بخفة على أعواد المشانق .
3- عشرات من الأعوام مضت ، عشرات من الأعوام زحفت ، والجزار في خطواته يمشي بلا
دموع .
4- الليالي الموحشات متعة يومية في ضباب الروح .
5- معتقلات البوليس لا تعاني الوحدة أبدا .

                    ويا لقمان :
                   رسالة أولى  
                  ————–

أنت تقف في ذاكرة الأشياء ، وأنت تنهض ليعم الحب . أعرف ان الأيام مملوءة بالصمت ، وان
هولاكو يكتب ظلمات العصور .
وأعرف ان المنافي تنام معك وفي أروقة الحزن بأكثر من الحزن نفسه ، لكني أعرف أنك تغني
، وإن الوطن المزدحم بالأهوال سيهتف عالياً عند قهر السلطان ، والحرية ستجيء من الأبواب
كلها لتحرر الأحلام والأوطان المحتلة .

  رسالة ثانية  
     ———–
أخي : لقمان

نزهاتك تدخل من ممرات الريح المضيئة
لتنفخ في أصوات الثورة
و تنفخ في هموم الفقراء
والأشجار
والأيام المعجونة بالآمال .

يقيناً ان الحرية نافذة لا تقايض الوجود ، وان دلشا تخبيء لك أحلاماً جديدة تختزل أصل
الأشعار ، ألست أنت القائل :

(( عودي
كي تقولي – رغم هذه الحرب – أنا جميلة
لأقول : لأنني أحبك
ع
و
د
ي
كي أقبل الوطن في قدميك )) .

   رسالة ثالثة  
  ————- 

الكل يطلق صيحاته
فهذا زمن شهادة
يتوزع على فجر الكلمات
وهذا زمن لا يتمزق
ورغبات لا تخفي ضحكاتها .

في المنافي يا لقمان تصيح : دلشاستان
ويرجع الصوت :
(( فقط هناك دول قوية ،
دول مريضة
ودول ميتة .

وتقول

(( كم أنا بحاجة إلى أن أضع رأسي على صدرك
لترفرف أعلام فرحي في وطني دلشاستان )) .

أغنية  
 ——   
ماذا أفعل كي لا أبكي ؟
ماذا أفعل كي لا يكون القفر وشما ؟
ماذا أفعل كي لا يكون الزمان صخرة حمقاء ؟ .

ها أنني أهبط إليك
وهذا وطني يسكن الليل
ولا يقيم موائده للفقراء ،
ما أعمق الألم
وما أبشع الغزوات الليلية .

  وأخيرا هذه نشرة أخبار منتصف الليل :
————————————–  

سيداتي – سادتي
في الظلام تخرج بيجين من دفاتر عتيقة
ومن حفلات ماجنات صاخبات.
وفي الظلام تجر روسيا عربات منهكة خيولها .
المتفرجون يقفون
والمهرجون يعودون ثانية إلى مدارات الأيام المقتولة .

من جانب آخر تقول الشواهد
—————————  

كلهم يعوون
وكلهم يتسابقون في دهاليز النفاق .

 عاجـــــــــل
———–

جاءنا ما يلي  : –

عبر هموم عابرة للقارات
تستضيف منشآت العتمة بقية الكآبة
فلكم الآن أن تتفرجوا على الجريمه.

هوامش
————

( 1 ) لقمان محمود، جواب المنافي ، شاعر ثمانيني ، كردي سوري يقيم الآن
في حلمه المنتظر .
( 2 ) دلشا يوسف ، جوابة المنافي ، شاعرة كردية سورية .
( 3 ) ، ( 4) عامودا ، قامشلو مدينتان تسهمان في الثورة .
( 5 ) بشارون : نيرون سوريا .
( 6 ) الشبيحة : قتلة من مملكة قمعستان .

تعليقات الفيسبوك

شاهد أيضاً

| عدنان عبد النبي البلداوي : “ذكراك نور” مهداة الى روح الشريف الرضي في ذكراه الخالدة .

ذِكراكَ  نورٌ، تسامَتْ فيه دُنـيانا                             يا رائـداً  قــد مَلَكْـتَ القـلبَ أزمانا فكنتَ أصْدَقَ مَــن يَهوَى بناظِـره                           حتى …

حــصــــرياً بـمـوقـعــنــــا
| عبدالقادر رالة : الزعفرانة.

    لمحتها في المحطة تنتظر القطار …    الفتاة الوحيدة  التي تقرأ كاتباَ ؛ كتاب في  …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *