حميد حسن جعفر : للدرس فقط * والبحث عن البنية الشعرية المختلفة (القسم الأول)

1

الشاعر عمر السراي

لم تعد الثقافة تعني الأدب ((القصة / الرواية/ المسرحية / الشعر )) ولا تعني الفنون (السينما ، التشكيل ، الغناء والموسيقى )) وما عاد المثقف هو الذي يوصف بالشاعر أو الأديب أو الروائي .
بل أن الكثير من القرّاء ، وبعد أن تعددت منابع الثقافة وتعددت اهتمامات المثقفين – سوف يقرأ الكثير من القرّاء شعراً لأطباء ، وروايات لمهندسين وسوف يتابعون معارض تشكيلية لروائيين ، أو أفلاماً تسجيلية لشعراء ودراسات في التاريخ والأنثربولوجيا لقصاصين.
ورغم تعدد الاهتمامات فسوف لن يختلط الحابل بالنابل أمام هذا القارئ. فالقارئ اليوم لم يعد ذلك الذي استهواه الشعر لينشغل به فقط ولم تعد تلك الشريحة التي تهتم بالسياسة أو الفلك أو الشطرنج أو الرياضة لتدير ظهرها للسينما أو الرواية أو المسرح ، بل بات القارئ ملماً بالكثير من فضاءات الثقافة بل إن الحياة نفسها لم تعد تتشكل من نسيج لوني واحد بعد أن تكاثرت الرغبات والاهتمامات والميول ، وبات هذا القارئ يقرأ في أكثر من كتاب في اليوم الواحد. وبات يقرأ رواية ، ويشاهد مسرحية ويحضر معرضاً تشكيلاًً ويتابع ((الفيس بوك)) ويقرأ بأكثر من لغة ويكتب متابعات ، ويترجم ويحرر صفحة في جريدة ، أو عموداً في مجلة أو يعد برنامجاً رياضياً للتلفزيون حتى بات هذا القارئ ممتلئاً بالقلق على محاورة لم يحضرها . أو على مناقشة لم يشارك بها. وما عادت ساعات اليوم الأربعة والعشرين بكافية لاحتواء الأنشطة الثقافية التي يروم صناعتها .
*
– عمر السرّاي – قد يكون أحد المهتمين بالثقافة ، أحد هؤلاء الممتلئين بالخوف من انقضاء ساعات اليوم الواحد من غير الايفاء بالوعود، وعود القراءة والكتابة والمتابعة والحياة.
هذا الرجل الذي كان ممتهناً لهندسةِ الأشياء / الوجود المادي ليجد نفسه غارقاً بهندسة الروح / الوجود الشعري .
هذا الرجل الممتلئ بالطفولة يحاول ان يتلمس جميع الأشياء التي حوله . تشبثه بالحياة هو الذي دفعه إلى التمسك بالبقاء الروحي / حيث يتشكل الشعر.
القارئ المتابع لـ – عمر السرّاي – لا بد له من أن يكون لا على دراية بما يقرأ فحسب ، بل عليه أن لا يكون قنوعاً بما يقدم إليه. هذه الخصيصة أوجبت عليه أن يبحث عن أكثر من وسيلة للوصول إلى دواخل الشاعر.
وعمر السراي – لا أدري إن كان على بينة من هذا –
يعمل على توفير أكثر من فرصة تواصل . فكان له :
عدُّ قادم         ص جـ
و    شيء عني         ص65
وثمانية عشر قصيدة ما بين ص1 و ص59 .
وصورة شخصية ((البوزنك)) حيث الصفحة ألخيرة للغلاف.
سيجد القارئ في ((عدُّ قادم)) محاولة لتفسير الحياة / لتبرير اقتراف الحياة نفسها وكتابة الشعر. حيث يكتب – عمر السرّاي – عن ((الأنا وعن ((الآخر)) عن جيله وعمن سبق ، مجموعة آراء ومقترحات ومناقشات ، قد تتجاوز الهموم الشخصانية، تخترق هموم المجموع.
في (( شيء عني)) هناك تفاصيل خاصة جداً قد لا توفر حالة ثقافية .
معلومات عامة بقدر ما توفر مجموعة ملامح الشاعر. حيث تتوضح الصورة حيث تتقاطع الاهتمامات ، لا من أجل صناعة الهدم، بل من أجل إنتاج الوضوح في ((الصورة)) محاولة لاقتناص اللحظة . حالة تحنيط للجمال / للحياة .

2
قد يتذكر القارئ طلبة المدارس الإعدادية أو الثانوية من أن هناك العديد من الملاحظات التي يضعها الكثير من الطلاب وبتوجيه من المدرس عند عناوين الدروس عامة – ودروس الأدب خاصة – ومن هذه الملاحظات
للحفظ فقط .
للحفظ والشرح .
للدرس فقط .
للحفظ والدرس .
وليتساءل هنا القارئ ، هل هناك فضاء من الاستفادة التي استطاع الحصول عليها من أجل إثارة انتباه القارئ .
إذ أن الثريا – ثريا الكتاب / العنوان كثيراً ما يشكل أكثر من وسيلة لوضع اليد على القارئ . أو ضمن محاولة لسحب القارئ نحو معبر شعري يحاول الشاعر وضعه بين يدي القارئ ( لغرض في نفس يعقوب )) .
إذاً هناك أكثر من وسيلة / دعوة يحاول الشاعر أن يحولها إلى شيء من الغواية وبالتالي هذا حق مشروع فالبحث عن القارئ ما عاد أمراً معيباً . بل أن الوصول إلى القارئ بات مهمة ذات شأن. ومن الضروري أن يمتلك الكاتب مبررات الكتابة. ومبررات صناعة القراءة. من أجل أن يؤدي المنتوج الثقافي فعله.
في ((للدرس فقط)) لم يكن – عمر السرّاي – باحثاً عن الموضوع لكي يكتب فبعد أن استطاعت القصيدة أن تصل إلى المهمل والمطموس وأن الشعرية من الممكن أن يجدها الشاعر في جميع مفاصل الحياة.
الكتابة لدى – عمر السرّاي – هي ممارسة للحياة. بغثها وسمينها – لذلك فإن صناعة الجمال / الحياة تكاد تتحول إلى مجموعة مناهج وطرق تتم عبرها هندسة المادة من جانب ، وهندسة الروح من جانب آخر. وكثيراً ما يتحايل الشاعر على الواقع . ان يدفع بالواقع إلى أن يتخلى عن سكونيته، ليتحول إلى منتج للحراك وللمغايرة.
*
قد يكون ملمح تعدد الأصوات / الشخصيات الواقفة خارج الشاعر ، من أكثر المفاصل شيوعاً ، في كتابات الشاعر ، بل ومن أكثرها حيازة على اهتمام الشاعر نفسه. وإلاّ ما الذي يدفع بالشاعر إلى أن يسمي كتابه الشعري هذا باسم واحد من قصائد المجموعة. ليتمكن الجزء / القصيدة من أن تضم تحت جناحيها ما تبقى من كتابات الشاعر.
إن اقتراب هكذا طراز كتابي من الشاعر إلى أن يكون هذا النص نفسه خاتمة الرحلة الشعرية / المدونة . التي ارتكبها وبشجاعة .
إن كتابة نص شعري يقترب من النص المسرحي بقدر ما يمتلك من غرابة الكتابة، يمتلك من صعوبة تحريك الشخصيات ، وصناعة الدراما أو إدارة الحوار ، الكثير، الكثير.
إنه لا يكتب نصاً فحسب ، بل يعمل على صناعة شيء من الاخراج المسرحي . فهو يعلق ، ويوجه ، ويرشد. ويمنح القارئ حركة الاشخاص وملامحهم أثناء الحوار.
قد لا تمثل قصيدة ((الدرس الأول)) نصاً شعرياً سهل التناول أو القراءة أو المتابعة إلا أنه يشكل في الوقت ذاته محاولة لتدمير سكونية النص الشعري عبر توفير الحبكة والهدف ، والتصاعد الدرامي، بل أن الحوارات تكاد تكون من أكثر السبل في الوصول إلى دواخل الشخصيات .
إن الشكل المسرحي / أكاديمية الكتابة وقدرتها على تحجيم الكاتب والكتابة لم يستطع أن يمنع النص الشعري / القصيدة من محاولات الخروج على النص المتشكل في ذهنية الكاتب.
القارئ سوف لن يجد نصاً مسرحياً خالصاً بل  سيجد إلى جنبه مفروزات شعرية لا تنتمي إلاّ للفنطازيات / إلى اللاواقع. حيث تأخذ اللغة (( الجميلة المليئة بالخيال)) بيد الشاعر.
قد تتشكل الشاعرية في هذا النص وفق طموح الشاعر من جهة والكاتب المسرحي من جهة أخرى فتتم عملية الائتلاف من جانب والاختلاف من جانب آخر وليجد القارئ نفسه محمولاً على خشبة المسرح ، ولكن مبحراً في فضاء مخيال شديد الابتعاد عن حجر الواقع القاسي .
إن التناقضات التي تستند عليها قصيدة ((للدرس فقط)) هي التي عملت على احتفاظ كل من الشخصيات الثلاثة بالكثير من الملامح الخاصة . إنه الحوار الذي كثيراً ما يعمل على اختزال الأزمنة . وتصعيد الأحداث ، من أجل صناعة الحياة ورغم استقلالية الأصوات إلاّ أن الشاعر ((وضمن حالة من التداخل)) دفع بهذه الأصوات إلى أن تتحاذى أو إلى أن تتصاعد المخيلة ، أو اللاواقع على الواقع ، وقد لا يجد هذا القارئ أو ذاك أي ملامح لواقع تتحرك فوقه الشخصيات.
3
في (( عدّ قادم )) ص جـ
يحاول – عمر السرّاي – أن يأخذ دور الشاعر مرةً والناقد مرة ثانية، والمؤرخ مرة ثالثة ، والمتابع المثقف رابعة. وربما هناك أدوار أخرى قد تبرز واضحةً مرةً أو متخيلة مرة أخرى لهذا القارئ أو ذاك من المتابعين في محاولة لمتابعة / تسجيل للحياة الثقافية عامة. ولجيل شعري استطاع أن يلوح ببيارقه في حراك شديد قد تكون نقطة البداية مع متغيرات الحياة والتاريخ . مع انهيار الجمهورية الخامسة وصعود جمهورية سادسة قد تكون مبررات الكتابة التي يقوم بها البعض من الشعراء ، والقصاصين والروائيين بالكتابة عن قصائد ، أو مجاميع شعرية أو سردية، تعود لهم أو لسواهم ما هي إلاّ محاولة لصناعة الإضاءة . أو لعدم وجود المهتمين بهذا الشأن. أو لضعف هذا المفصل ، أو لتراجع مبدأ القراءة ، أو لانغماس القصيدة بحقول جديدة قادرة على تشكيل نوع من الغواية أو التغريب.
ولتتشكل مجموعة قد لا تحصى من أسباب قيام شاعر ما بكتابة مقدمة أو توضيح بل قد تكون لثقافة الشاعر. أو لثقافة المثقف أكثر من دور في صناعة الكتابة النقدية، أو المتابعات الثقافية.
إذ أن الشاعر ما عاد مهتماً بالشعر ومفاصله فحسب بل إن بروز النظريات النقدية. والمدارس الشعرية وتعدد الثقافات واتساع الترجمة . وإحساس المنتج للثقافة بضرورة التزود بالمفروزات الثقافية المتعددة الحقول والفضاءات. والتي باتت تشكل عدة الكثير من القرّاء إضافة إلى الكتاب أنفسهم.
كل هذا، عمل على أن يغادر الشاعر حقله الأثير،وليدس أصابعه ومسابيره وسط حقول رغم اختلافها معه. إلاّ أنها تبدو قريبة جداً من اهتمامات الشاعر نفسه.
إن المدارس النقدية والنظريات الثقافية استطاعت أن تشكل فضاءً فسيحاً من الممكن أن يجذب إليه الكثير من المهتمين بشؤون الثقافة وبالتالي استطاع الشاعر والقارئ والمبدع والمثقف أن يفتحوا عيونهم وحواسهم ومخيلاتهم على عوالم جديدة. عوالم تنتمي إلى الاختلاف والمعاصرة.
هذه العوالم التي عملت على الدخول إلى الماضي ، حيث التراث ، وعلوم الأسلاف . وعلى أن تحول العالم إلى أزرار ونوابض ، استطاع الإنسان أن يستحضر الأزمنة الغابرة وثقافاتها ووقائعها ، وأن يضع الإنسانُ المعاصرُ يده على تاريخ يمتد عميقاً في دواخل الإنسان. وأن يستحضر انثربولوجيات لشعوب وأقوام وقبائل ، قد تشكل أصولاً مشتركة للكثير من بني البشر المقيمين على هذه الأرض . والذين يتنفسون هواء الأزمنة الحديثة.
**
ورغم أن إشكالية المواطن / المعَ .
والوطن / الضد
أو الوطن / الحلم
الوطن / الكابوس
أو الوطن / الجنة
والوطن / الجحيم
هي إشكالية شائعة لدى وبين معظم الشعراء، إلاّ أن تناول هذه الإشكاليات ورصدها وتحويلها من إشكالية الأنا / الفرد إلى إشكالية الجماعة وتحويل العلاقة ما بين الإنسان / المسحوق والإنسان / السلطة إلى علامة ألغاء ، أو علامة إنشاء.
¬– عمر السرّاي – كثيراً وفي العديد من القصائد ، يبدأ بهكذا إشكالية
عبر قصيدة (CV) ص1 ولينهي كتابه الشعري بحوارية / قصيدة (للدرس فقط) ص60. فبقدر ، ما هو – أي الوطن – قريب من الإنسان / الشاعر هو بعيد كذلك.
لقد استطاع الشاعر أن يصنع المواطن / الإنسان بمواجهة الوطن، من اجل صناعة رابط قد يؤدي بالكائن البشري إلى الجحيم. أو قد يؤدي به إلى الجنة. إنها الوسيلة – وسيلة الشاعر وربما الوحيدة – من أجل إدخال كل من المواطن والمواطن وسط فضاء المطهر ، حيث يكون الاغتسال والتخلص من ادران الذات المتضخمة التي لا ترى أي منهما خارجها .
القارئ سوف يرى أن بناء قصيدة (CV) الهندسي / أي البنية المعمارية استندت على الفعل ((عرفتك)) الذي استخدمه الشاعر ((ستة عشرة)) مرة ليزيد من التصاقه بالكائن الأبدي الذي اسمه الوطن.
*
إن بنية القصيدة التراكمية ((الوحدات المتفردة)) والتي تبدأ بـ ((عرفتك)) هي محاولة لصناعة الضغط على الآخر/ الوطن من أجل صناعة حالة إقرار أو اعتراف بالقوة والضعف.
((عرفتكَ
تتشبت .. متكلئاً .. بأثنتينِ ..
جنةٌ .. وجهنم ..
احدهما .. تقتلك حباً ..
والثانية تقتلك ميتاً)) ص3
تراكمية الوحدات ((التعريفية)) تلك كثيراً ما اعتمدت على تنوع القول ، وعلى فتح مسارب عديدة أمام الشاعر. إذ راح يتحرك ضمن زاوية مقدارها ((360)) ْ لأن هكذا انفتاح قد يدفع بالشاعر غير المتمرس إلى حالة من النزف. إلاّ أن الشاعر استطاع أن يوقف هكذا انفتاح ، عبر التشديد على العلاقة المبرمة / غير المعلنة ، العلاقة السرية ما بين الاثنين – الوطن / المواطن – فكل منهما يتعامل مع الصفة، المواطن / لا الكاتب السائب. والوطن / لا الجغرافية الهلامية .
*
في ((غريب .. بلا خليج )) ص6
يتحول مواطن (CV) إلى كائن من غير ملامح ((وإذا ما تذكر المواطن هذا والسباب )) في (CV) وقصيدته المعروفة ((غريب على الخليج)) فعليه أن يعلم أن ((عمر السرّاي)) يتحدث عن كائن آخر، غريب أيضاً . ولكن ((بلا خليج)) هذا الغريب الذي يصرخ ((أزيلو ، أزيلو ، أزيلو)) إنها محاولة لسحب الذاكرة ، لتدمير الماضي.
الشاعر يعتمد على صناعة الوحدات المكونة لبنية القصيدة ، فهو يكرر كلمة ((أزيلو)) ((10)) مرات ضمن محاولات لرفض القيم المرضية .
الجغرافيات في هذا النص ، جغرافيات ضالة / مريضة . إذ أن حالة الضياع تشكل كل الواقع الذي يتحرك وسط الشاعر، ومعه الكائن الرئيس للنص الشعري. هل تشكل هذه المدن حالة سلبية بالنسبة للشاعر وللغريب ؟ أم أنها محاولة لاستذكار الجميل من الأفعال والوقائع !
الشاعر لا يتوانى في صناعة المتضادات / المتناقضات ، من أجل صناعة بضاعة الكتابة / القصيدة .
إن لحظات ألأسى التي تملأ النص دفعت بظهور جلي للقافية داخل قصيدة التفعيلة، ففي
((غريب بلا خليج )) ص6 سيجد القارئ أن القافية المتنوعة استطاعت أن تفرض سلطتها على الشاعر والقصيدة .
(الغناء / النساء / بكاء )
((أخرى / مرّا / النهر / البشر / الصور / الذاكرة / عابرة / غادرة / خافرة))
((ألم / عدم يلم / الظلال / القيام / كلام / السلام
السؤال / المحال / قتال / الغزال / رجال ،
في قصيدة ((كان)) ص25
(( دخان / أمان / ارجوان / أوان / الجمان / العنان.
احتضان / الكمان / دنان /
او غاب / السراب / ضباب / عذاب
((قبلي / تخلي / من لي / كحلي
في قصيدة ((فيروز بين يديه)) ص31
((غمام / ظلام / لا تنام / الكلام / يا تيسام / سلام / حرام ))
في قصيدة ((وصايا العائد)9 ص13
((الراعشة / الطائشة / الراشة
((قلبه / هدية / الاحبة / شعبه
في قصيدة ((اوبرا مدينة)) ص21
(( اشباح / ناحوا / ساحوا/ فاحوا / الاقداح / ترتاح / سنزاحُ / صاحوا / افراحُ / اطاحوا / مصباحُ / تفاحُ ، مرحُ / فلاحُ ))
وفي قصيدة ((أرصفة الحقيقة)) ص38
((بابل / قنابل / يحاول / البلابل / المناجل / المنازل / عاقل / الايائل / مقاتل))
إضافة إلى انسحاب النص الشعري لدى ((عمر السرّاي)) إلى فضاء القافية الداخلية .. فإن العديد من القصائد كانت تقف تحت معيار بنائي متشابه. يعتمد تعدد الوحدات المستقلة أي أن التراكم الكمي هو المسيطر املاً في الوصول إلى فضاء النوع قد لا يشعر القارئ بهكذا هندسة بناء وذلك بسبب حصول حالة تعشيق ما بين أنا القارئ والقصيدة إلاّ أن محاولة تعتمد الفطنة سوف توفر لهذا القارئ أو سواه حالة معرفية قد تنتمي لصناعة الخارطة . هذا القارئ سوف يجد أن العديد من القصائد تعتمد صناعة ((الكتل)) وصناعة ((التجميع)).
ففي قصيدة (CV)  ص1 سيجد أن
كلمة ((أعرفك)) تتكرر ((16)) مرة
وفي قصيدة ((غريب .. بلا خليج)) سيجد
كلمة ((أزيلوا )) تتكرر ((10)) مرات
وفي قصيدة ((عتيق للبيع)) ص9 سيجد
كلمة ((أرى)) تتكرر ((9)) مرات
وفي قصيدة ((آدم)) ص17 سيجد
كلمة ((أراك)) تتكرر ((8)) مرات
وفي قصيدة ((أوبرا المدينة)) ص21 سيجد
كلمة ((مدينة)) تتكرر ((7)) مرات
وفي قصيدة (( صورة العائلة)) ص51 سيجد
أن ((كاف التشبيه)) تتكرر ((19)) مرة
وفي قصيدة ((كمان)) ص25 سيجد
كلمة ((ما زالت)) تتكرر ((5)) مرات
هذه المتوالية قد تعدد زوايا النظر .
إن اعتماد هكذا بنية هندسية في صناعة القصيدة كثيراً ما يؤدي إلى غياب بؤرة الصراع وبالتالي فإن تركيب القصيدة سيكون غير ذات نفع بل قد يؤدي إلى حالة من التشتت الذي يذهب بالقصيدة وقدرتها على صناعة الفعل الآخر، الفعل المتناقض لسكونية الواقع المعيش .

تعليقات الفيسبوك

شاهد أيضاً

| د. صادق المخزومي  : قصيدة الرصيف للشاعر صباح أمين – قراءة أنثروبولوجية.

مقدمة من مضمار مشروعنا ” انثروبولوجيا الأدب الشعبي في النجف: وجوه وأصوات في عوالم التراجيديا” …

| خالد جواد شبيل  : وقفة من داخل “إرسي” سلام إبراهيم.

منذ أن أسقط الدكتاتور وتنفس الشعب العراقي الصعداء، حدث أن اكتسح سيل من الروايات المكتبات …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *