من الصعب على النسيان ، أن يطوي تجربة شعرية ونضالية وانسانية مثل التي كانت عليه تجربة الشاعر الراحل ” علي الشباني ” ، ذلك انهـا تجربة مضيئة ، حافلة بالعطاء والتضحيات والألم ، فمع تباشيرفجر الشباب وعنفوانه ، وجد الشباني نفسه مبهورا بألق الشعر واشراقة الوعي الوطني اليساري الذي تبلور عنده ، وهذا ما دفعه مبكراً للانتماء بصدق لهذا المشهد الحياتي الشامل :
بچة ابدمي العراق وترس بّي الليل
سكت بّيه الضمير ودنڰت وحشه..
وهظيمة الخيل
ورغم الكتابات التي قيلت في تجربة هذا الشاعر ، الا انها تجربة تبقى تحتمل وتستحق المزيد من الدراسة والاهتمام ، لما فيها من خصوصية فنية وفكرية اشتملت على مقومات ابداعية تمكنت ان تفرض حضورها المميز في الساحة الشعرية في الوقت الذي كانت التجارب الشعرية الكبيرة تقف عائقاً في طريق انتشار العديد من المحاولات الشابة . ولكن قصيدة الشباني استطاعت ان تتخطى هذا التابو وان تنفرد بهويتها الخاصة وتقف بثبات وثقة الى جانب الكبار ، حيث جاءت تجربة حقيقية لاهثة بالصدق والضوء ومجد الوطن ، فقد كتب للانسان وحريته وكان مخلصا لقناعاته فلم يخضع للاغراءات المذلة ولم ينحن يوما الاّ سلطة القلب :
أموتن من تصل بيه المذلة …
وما أصيحن لا
يقول في أحد الحوارات ( حكموا عليّ بالموت رمياً بالرصاص الأسود ، مازلت أذكر ذلك في قفص المجلس العرفي العراقي الأول عام 1964 ثم أجلوا الحكم لصغر السن .. يالرحمتهم )
فأمام هذا الرعب ، الذي فرضته السلطات الفاشية على الوطنيين التقدميين ، الاعتقال ، التهديد بالموت ، مصادرة الحرية ، في محاولة للنيل من ارادة الشاعر ، الاّ انه واجه هذا بكل عزيمة و صلابة وايمان :
يمه والعباس ماينزع ولد عندڇ الغيره
يوگف الطاري المراجل بيرغ ابيض
روحه ديره
سنة مرتّ على رحيل صاحب ملحمة الريادة والابداع (خسارة)
ثامر الحاج أمين : في الذكرى السنوية الأولى لرحيل الشاعر “علي الشباني”
كسوف القصيدة (ملف/6)
تعليقات الفيسبوك