ثمة رابط ومربوط، يدور هذه الأيام على برائد الناس الألكترونية، وقد وصلني غير مرة ومرة، وزبدته تريد من كل من يتسلمه، أن يترك توقيعه وبصمته، دلالة موافقة ومطالبة من أجل تعويض العراقيين، خساراتهم الضخمة، بالدم والمال والأرض والكرامة، على يد وحوش أمريكا وشواذّها ومنغلتها، وكانت صحبة الرابط والرجاء، تفاصيل جديدة، توجع القلب، وتشيب الرأس، وتمرد الكبد، عن مصيبة العراقية الطاهرة عبير قاسم الجنابي، أُم الخمس عشرة سنة، والجندي الأمريكي النغل، سليل النغولة، ستيفن غرين. غرين كان كمنَ هو وثلاثة أنذال من صحبه، في بستان نخل بمدينة المحمودية الصغيرة، جنوبي بغداد، وبعد أن شربوا الويسكي، سمّاً وزقنبوتاً، وناراً في معدهم الجائفة، تضخّمَ وتورّمَ عندهم، كل تاريخ الوحشية والهمجية الأمريكية، فانقضّوا – وهم جبناء أباً عن جد – على دار البنت عبير، فتناوب الأوغاد الثلاثة على اغتصابها، وكان الجندي غرين ساعتها، مزروعاً بباب غرفة دم الطهارة، أميناً لدور القواد، فلما انتهى الساقطون من فعلتهم، قام الدوني غرين، بربط بقية أفراد العائلة، وهم الأب والأم والأخت الصغرى هديل، أم الخمس سنوات، ورشّ العائلة بطلقات الغدر، فماتوا أجمعين، ثم سحلهم الى حوش الدار وسكب البانزين فوق جثامينهم، وأشعل فيها نيران الكراهية واللذة، ووصف الأمر بعد ذلك، بأنه كان محاولة مشروعة وهامة لبث الرعب في نفوس الآخرين، وأنه كان يعتبر العراقيين، ليسوا من صنف البشر.
هذه واحدة مستلة من تأريخ وكتاب العار الأمريكي الحديث، وهو كتاب ضخم دسم، من علاماته، هيروشيما وناغازاكي، وفيتنام، وأفغانستان وأمكنة أخرى، كانت خاتمتها المروعة، قد نزلت فوق أرض الرافدين، فرشّتها باليورانيوم وكل أصناف أسلحة الدمار الكامل، ثم غزتها وفككتها وحطمتها وأمرضتها، ونشرت فيها الطائفية والأمية والتخلف، وسرقت نفطها وآثارها وأرشيفها وكرامتها، وبنت فوق قلبها، بغداد العباسية البديعة، أعظم سفارة أمريكية فوق الكرة الأرضية، يشتغل فيها ومقترباتها وملحقاتها، المعلنة منها، والمدفونة، نحو ستة عشر ألفاً، من موظفين ومرتزقة وقتلة وجواسيس، وواحد أو واحدة، وظيفتها، شراء الذمم والضمائر والكرامة، من أدباء وكتّاب وصحفيين وفنانين ومقاولين وسماسرة دكاكين، شغلتها الشاغلة، تنظيف وجه العم سام الوصخ، بقوة الدولار، من دون نغزة ضمير، أوصحوة وجدان، أولفحة حياء، أو وشالة عيب. من وجوه اللذة المريضة التي عليها جند وجنديات أمريكا الوغدة، أن كثرة منهم، كانوا يلتقطون صور ذكرى مع جثامين ضحاياهم، أو يراهن واحد منهم صاحبه، على من سينجح باصطياد طفل لاهٍ فوق سياج دار، أو فلاح محني على كمشة شعير، والقاتل الفائز، سيقبض من صاحبه، عشرة دولارات، هي ثمن جثة عراقية، حظها رديء. ألحكومة القائمة الآن ببغداد العباسية، ما زالت تشتغل في هذا الكتاب الخطير، أقصد ملف التعويضات، تحت شعار ” كأنك لا تدري ولا تسمع ولا ترى ولا تكترث ” والجندي الملعون ستيف، يبحث اليوم مع محامي العائلة، عن تخريجة ممكنة لتخفيف الحكم، وتأويل الجرم، وأُم الجندي ستيفن، ما زالت مرتبكة في مسألة اخبار ولدها السجين، بالإسم الحقيقي لوالده المجهول، وأنا باقٍ على معتقدي الراسخ القوي ” إنّ الأمريكان إذا دخلوا قرية أفسدوها ” وسأظل هكذا، حتى يتبدل أبناء العم سام، أو يغير الرب ما بأنفسهم، فيعتذروا، ويعوضوا، ويعودوا الى صنف الأوادم العادلين الطيبين المخلصين الصادقين المسالمين، لحظتها، سأحبهم وأصفح عنهم، ومثلي ملايين مملينة.
سيدفع الأمريكان الثمن لكن بعدة طرق
مثلا أحد المغتصبين إنتحر في السجن
و آخرون أصبحوا معوقين
و النار تنتظرهم و يوما ما من يدري ممكن أن ندخل أمريكا !