هشام القيسي : نزار السلامي.. ملامح الخطاب النقدي

الشاعر هشام القيسيإذا كان شأن الدراسات النقدية ، هذا النمو والنسخ في المفاهيم والنظريات ، فإن الحقائق الموضوعية المستخلصة باتت اليوم محكومة بهذا التطور الذي يشكل مغايرة للمسارات الإستاتيكية مع كشف وتشخيص للحلقات الضائعة من الرؤية المطلوبة .
ورغم توالد عدة إتجاهات ، وما زالت ، لم تتبلور في أذهان المنشغلين بالخطاب النقدي على صعيد المشهد الأدبي الكركوكي تحديداً ، رؤية شاملة تحقق الغاية وتعمق الأفق ، كما تبلورت لدى كتابات الناقد نزار السلامي ، فكتاباته مؤثرة في السياق العام نتيجة ترشح أسبابها من أسباب تأملاتنا وتقديراتنا ، فهو يكاد يكون جذرياً في اشتغالاته بعد أن يستخلص أفق الأثر ، وهذا لاشك إتجاه لم يخرج منه إلا بجهد جهيد وحيوية وفهم جديد ، وعليه فان الإلمام  والتعاطي الشامل الذي يمنح فرصا جادة لإملاء وإقرار المسوغات الرصينة يعد من سمات مساحات إشتغالاته النقدية .
إن مشاركاته الفعالة في التعبير المباشر عن هموم الأدب الكركوكي ينطلق من رؤية موضوعية وأحكام ملؤها الأحاسيس الصادقة كإنعكاس لحركات النفس الداخلية ، ولهذا فإننا نجد منهجه يتسم بالحسية وما تقع عليه حواسه في التعاطي مع كتابات يروم من خلالها تحقيق قفزة صادقة لها .
ورغم مدار مستويات المناهج التي يلم بها ، فإنه ينصرف الى بناء يجسد القضايا والظواهر الأدبية وفق رؤية فنية وواقعية ، فهو يريد للكتابة النقدية أن تكون جادة عميقة لا تخيليية تخفي ورائها زيفاً ، وبما ينمي المدارك ويجعل التعاطي مع فضاءات المواد أكثر حرارة وجوهرية .
كذلك في توليفة المسالك النقدية يخلق علاقات جديدة بما يجعل إشتغالاته تتدفق وتتفجر ، في ذات الوقت تفتح أبواباً جديدة يدخل منها المتلقي بشكل محسوس لتعميق الرؤى عبر فهم إبداعي متجاوز .
وتبقى إشتغالات الناقد نزار السلامي مستوحية من صيرورة تضمن احداث طفرة في المشغل النقدي لما تنطوي عليها من تصورات غنية في التعاطي مع النص من جهة والوقوف عند مستويات مفتوحة تطل بإدراك ووعي على ترشحات التطور .
ومن خصائص منهجه النقدي ، حيوية الإطلالة الدائمة على مستقبلات الجدة ، فهو لا يكتفي بالتضمين فحسب بل يضيف إليها مسحة من الفهم الصائب عبر حدود وقواعد منظمة متحررة من الأحادية والرتابة والجمود .
إن تفاعله في إطار ودلاليات المسارات النقدية ، تساهم بلا شك في بناء كتابات عضوية منسجمة ومتناغمة تخدم الرؤية والإشتغال الصميم ، ولهذا تغدو كتاباته حية ومنفتحة تعزز من مساره ومفهومه .
وتأسيساًً على ما تقدم فإن سياقات مشغل السلامي تفضي بحكم الضرورة إلى التأويل عند المتلقي دون تكلف أو صعوبة ، وترتبط بهذه السياقات جملة من الإنسيابيات الفكرية والنظرية التي تعين فهم المواقف ، وتقترن بحس كثيف الأعماق له القابلية على تأشير مدلولات تعبيرية من أنماط رصية وبممكنات تنويعية .
وإذا كان أختيار الموضوع له علاقة إنعكاسية ، فالأمر يتطلب معاينة أصيلة وتأملا يبدو موازيا للواقع ، وهذا ما يجعلنا أن نتمكن من متابعة فضاءات كتاباته التي تنضج في مخرجاتها قابليات توليدية على المستويات الفكرية تتمتع بوظائف فاعلة شديدة القرب من جوهر السياق المدروس .
وعليه لا نغالي إن قلنا إن الكتابة عند الناقد نزار السلامي هي في مجملها إبداعية ثرية نقية خالية من الإبهام والتزاويق ، كما يصح القول فيه ، إنه فاحص كاشف لما هو خبيء ، ومؤشر موضوعي لآليات وملامح الجدة والتأمل المستحضر للعمق المعرفي والغنى الثقافي .

تعليقات الفيسبوك

شاهد أيضاً

| د. صادق المخزومي  : قصيدة الرصيف للشاعر صباح أمين – قراءة أنثروبولوجية.

مقدمة من مضمار مشروعنا ” انثروبولوجيا الأدب الشعبي في النجف: وجوه وأصوات في عوالم التراجيديا” …

| خالد جواد شبيل  : وقفة من داخل “إرسي” سلام إبراهيم.

منذ أن أسقط الدكتاتور وتنفس الشعب العراقي الصعداء، حدث أن اكتسح سيل من الروايات المكتبات …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *