قبل أكثر من ستة اشهر أنجزتُ رواية سميتها ( أكره مدينتي ) ولأننا لا نمتلك في العراق مؤسسة نشر حقيقية تأخذ على عاتقها مسؤولية طباعة كتب العراقيين وتضمن لهم توزيعاً عراقياً وعربياً –لا أقول عالمياً – لأن هذا يدخل في خانة المستحيل!
أقول سارعتُ وبلهفة أم تنتظر وليدها بإرسالها الى عدة دور نشر عربية ، والحقيقة أسعدتني استجابتهم السريعة للموضوع من جهة وأحزنتني عروض أسعارهم من جهة أخرى، العروض التي تراوحتْ ما بين ( 1000-2000) دولار أمريكي في طباعة رواية لا تتجاوز (80) صفحة لا غير،
لذا عدلتُ عن فكرة الطبع تلك وقلتُ أفكر في نشرها وتوزيعها الكترونياً كي أضمن لي متلقين (نتيين) – في الأقل – ولذا أرسلتها الى أكثر من دار نشر وتوزيع الكترونية غير إن جلًهم اعتذر عن طبع الرواية وتوزيعها كونهم قد تعاقدوا مع مؤلفين غالبيتهم من العراقيين في نشر وتوزيع إعمال أدبية وصلتْ إليهم قبل روايتي،
وتفضل بعض الناشرين الالكترونيين وأعطاني تسلسلاً يصل الى عام (2014) الأمر الذي جعلني أفكر وبجدية بالعودة الى فكرة الاستنساخ التي انتشرتْ بين الأدباء والمبدعين العراقيين في الثمانينات حيث كنّا نعمد الى استنساخ كتبنا وتوزيعها بين من يودُّ معرفة آخر ما كتبنا آخذين بنظر الاعتبار- حينها- أن يكون ذلك الشخص فوق مستوى الشبهات خوفاً من أن تؤول كتاباتنا وتدخل في منحى آخر لن نستطيع منه مخرجاً ، غير إني عدلتُ عن الفكرة تلك لأنني وببساطة أعيش مع غير بني لغتي الآن !
ولذا وفي غمرة متاهتي البحثية عن دور طبع و نشر وتوزيع ، وانشغال تفكيري في وسائل إيصال جديدة مستعينة بمحرك البحث (غوغل) اهتديتُ الى لقاء أجراه الأستاذ ( عبد الجبار العتابي) مع مبدع جليل هو الأستاذ (كمال خليل صبري ) ،
مبدع قضى جلّ حياته في التأليف مستعيناً بخطّ يده وحدها في ذلك، ومنذ ستين عاماً ولم يتوقف عند حدّ كتابة مؤلفاته التي كونتْ مكتبة صغيرة حين تجاوزتْ (150) كتاباً وخطّها في الدفاتر المدرسية فقط، بل نراه يصنع كتبه كاملة فيضع لها أغلفة مناسبة أيضاً كونه رساماً وخطاطاً أولا،
ولأنه لا يمتلك المال الكافي للطبع في دور مناسبة ثانياً والاهم من ذلك على حدّ قوله (في العراق لا يوجد تشجيع للأدب) ،
ويبدو إننا جميعاً – وأعني الكتّاب الذين يحلمون بوصول حرفهم الى الآخر – سنتبنى أمنية الأستاذ كمال التي همس بها في نهاية لقائه جواباً على سؤال ملتقيه (أن تطبع هذه الكتب وتنشر، إي أن أجد دور النشر تتبناها) ونجلس صامتين !
فليحة حسن : كلنّا كمال خليل صبري!
تعليقات الفيسبوك
المسالة تكمن ياست فليحه، بين خط يقسمنا نصفين على الضفة اليمنى الجهل والتخلف، والجهة الثانية التحضر، ولا اريد ان ادخل في تفاصيل من جعلنا متخلفين، ولكنني ساناقش الذين يدعون انهم مثقفين واستلموا مراكز في السلطة، لا يستحضرني شخص دخل عالم السلطة من باب المثقفين ولم يشتغل لنفسه، ونسى انه عندما كان يجلس في المقاهي الادبية والجلسات الخاصة، كيف كان نقده لاذعا لما يصيب المؤلفين والمبدعين، ولكنه حال مايستلم سلطة مهما تكن يبدا في تبرير اخطاء المستلمين للسلطة الثقافية، ويحاول ان يجد لهم التبريرات ، وهذا للاسف ما اثر على جملة الحركة الثقافية، فليس لدينا دار نشر نحلم بها، كما كانت دار الشؤون الثقافية التي كنا نتصور انها ستتطور لمرحلة ان تضاهي دور النشر العربية والعالمية، ولا شركة توزيع مثل الدار الوطنية التي سرقها موظفوها، وما زالت حكومة المحاصصة تعجز عن اعادتها الى سابق عهدها، لهذا ما دمنا نعيش في الزمن الاغبر الذي فرض علينا سيادة الجهلة واللصوص والنشالة، فلا رجاء بان نحلم بغير حلم ةصاحبك كمال خليل صبري.