في قاعة المركز الثقافي البغدادي الكائنة في شارع المتنبي وفي الاسبوع الماضي من أيار الجاري احتفت مؤسسة السياب للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة-لندن (فرع العراق) بعميد المسرح العراقي الفنان الأستاذ الدكتور سامي عبد الحميد بمناسبة إصدار المؤسسة لكتابه (العرب في مسرح شكسبير) وافتتح الجلسة الصحفي جمال المظفر بنبذة عن أعمال المبدع سامي عبد الحميد وقال المظفر في مجمل حديثه: (حديثنا عن سامي عبد الحميد…. يذكرنا بأول من لوّن السينما العراقية… في فلم (نبوخذ نصر)… نقف أمام (المنعطف)… لنجتاز (الأسوار)… في رحلة (الفارس والجبل)… مروراً بــ(النخلـة والجيران) في سعي لـ(المسألة الكبرى). إنه ذلك (الإنسان الطيب) سامي عبد الحميد) ، بعد ذلك تحدث الدكتور سامي عبد الحميد عن تجربته المسرحية وعن تجربته مع الأدب الشكسبيري فقال:
ما من كاتب مسرحي تحظى مسرحياته باهتمام المسرحيين في شتى أنحاء العالم مثل شكسبير، وما من مسرح في هذا البلد أو ذاك إلا وتعامل مع إحدى مسرحيات ذلك الشاعر المسرحي الكبير. وعندما يتساءل المرء عن سبب ذلك الاهتمام نجد الجواب في نقاط عدة منها (الموضوعات الإنسانية التي عالجها شكسبير في مسرحياته والتي تجد لها صدى في كل زمان ومكان. والبناء الدرامي المحكم لمسرحياته بشخوصها وأحداثها وأفكارها وبوضوح الفعل والصراع – وهو جوهر الدراما – في ذلك البناء. والبلاغة العالية في اللغة التي كتب بها شكسبير مسرحياته حيث ترسم تلك اللغة صوراً متنوعة يستطيع المخرج المسرحي تجسيدها على وفق مقاربته الإخراجية) وأضاف عبد الحميد قائلاً: ( من الملاحظ أيضاً أن بعض المخرجين العراقيين لم يعط بلاغة شكسبير ما تستحقها من الاهتمام والتجسيد، ولو لم يكن كذلك لما حذف من النص الشكسبيري مقاطع كثيرة مهمة وبصورة عشوائية أحياناً، لا يدعي الباحث أن الحذف من النص الشكسبيري محرم فقد تقتضيه عوامل كثيرة منها الإطناب وتكرار الأفكار، ومنها عدم تقبل المتفرج لبعض الجمل والمقاطع، ومنها ما يؤثر في الإمساك بإيقاع العرض، وتصاعده ولكن كل ذلك مشروع إلى الحد الذي لا يسيء إلى النص الشكسبيري ويشوهه، وما كتب في قرون ماضية ولجمهور معين قد لا يصلح لجمهور بلدنا وفي هذا القرن).
بعد ذلك القى السيد جواد المظفر مدير عام مؤسسة السياب للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة – لندن كلمة تحدث بها عن دور المؤسسة في الإسهام بانتشار الكتاب العربي فقال: (لإيماننا بضرورة نشر ثقافة حِرفية لصناعة الكتاب في الوطن العربي لم تكن قراراتنا في قبول هذه المخطوطة أو رفض تلك، قرارات شخصية بل كانت مبنية على أسس علمية معرفية من خلال الاستشارة والتروي، فكان لنا منذ البدء هيئات استشارية في جميع الحقول. كما فتحنا جسور التعاون مع دور نشر عربية وأجنبية بما يخدم انتشار الكتاب ويضمن سهولة وصوله إلى القارئ.
تنشر مؤسستنا باللغتين العربية والإنكليزية، وقد أخذنا على عاتقنا ترجمة الأدب العربي بجميع أجناسه: القصة، والرواية، والشعر وغيرها من الأجناس الأدبية التي بقيت تعاني من الغموض بين يدي القارئ الأوربي. وقد أفادنا القرب من دور النشر البريطانية خبرة في ضرورة الصبر واحتمال معاناة مراحل مخاض طويلة تدوم أكثـر من خمس سنوات كي تصدر الدار كتابا جيدا يليق بالقارئ).
ثم تطرق مدير عام المؤسسة إلى أهمية موضوعة التبادل الثقافي بين الحضارات المتباينة والأمم المختلفة وتياراتها الفكرية والثقافية والتاريخية في العالم لنفهم الأثر الثقافي العربي الذي وُجد مجسداً في مسرح شكسبير
وبعد ذلك تحدث د. حسين علي هارف المخرج العراقي الذي واكب جملة من الأعمال المسرحية، إذ أفصح عن ديناميكية الشخصية في مسرح شكسبير وسبل معالجتها، ثم جاء الحديث عن تقنيات العمل المسرحي وما يتطلبه من عمل متسق يفصح عن تلك الشخصيات وما يصاحبها من تحولات حسب الثيمة الإنسانية التي عُولجت في نص شكسبير، ثم كشف عن اثر المتلقي في اثراء النص المسرحي من خلال الترجمات التي تفقده بعض ملامحه الواقعية فالمتلقي يسهم في لملمة بعضها.
اما الناقد بشير حاجم فقد ذهب مذهبا مغايرا ،إذ اتى على دراسة منجز الدكتور سامي عبد الحميد من وجهة نقدية صرف وجعل من موضوعة المنهج منطلقا لتلك المداخلات، وقد أثرى تلك الجلسة بطروحاته وملاحظاته .
اما الروائية و الشاعرة نضال القاضي فقد ذهبت الى المقاربة والمقارنة بين المسرح العربي ولاسيما العراقي والمسرح الغربي المتمثل بالمسرح البرازيلي صاحبة دراية بما هو كائن في ذلك البلد.
وفي ختام الاحتفالية.. كرم مدير عام المؤسسة السيد جواد المظفر (الدكتور سامي عبد الحميد) بدرع الإبداع للمؤسسة.
وعلى هامش الاحتفالية كان هناك معرض شامل للكتاب أقامته المؤسسة ضم المعرض (6000) عنواناً فضلاً عن إصدارات المؤسسة باللغتين العربية و الإنكليزية، وهو نتاج لتخطيط سليم متمسك بدوره بالرؤيوي التنويري، كون المؤسسة نافذة جديدة تطل على الأفق المعرفي العربي والعالمي، والمعرض في هذه الحال ذو حالة ثقافية استثنائية، لأنه لم يكن مساحة لعرض الكتب فحسب بل كان مجالا لتنوع اصدارات المؤسسة في موضوعاتها التي مثلته. ومن زار المعرض لا يمكن له ان يتجاهل البعد الفكري الذي سعى الى تأسيس ثقافة التنوع والحوار، ولاسيما انه قد جعل من شارع المتنبي في بغداد موقعاً له، ذلك المكان الأدبي والفكري العريق الذي ظل ينبض بالحياة بالرغم من ظروف المحنة التي مرت بالوطن عموما ، وظل يستقي منه الناهل الذي يرد الى حياضه مآربه الفكرية والمعرفية، وكان هذا المعرض مضمارا للتعارف وتبادل الآراء النقدية والعلمية والفلسفية.
وقد حضر الاحتفالية الدكتور علي المناع رئيس مجلس إدارة مؤسسة السياب وعدد كبير من الكتاب والأكاديميين والمثقفين والفنانين.
بعميد المسرح العراقي (د.سامي عبد الحميد) تحتفي مؤسسة السياب للطباعة والنشر والتوزيع والترجمة – لندن
تعليقات الفيسبوك