هكذا قرأنا الخبر على صفحات الصحافة العراقية والعربية والعالمية :
( فوز صورة من الربيع العربي بأكبر جائزة للتصوير الصحفي:
فازت صورة من الربيع العربي لامرأة محجبة في اليمن تحتضن أحد أقاربها الجرحى التقطها المصور الفوتوغرافي الاسباني سامويل اراندا لصحيفة نيويورك تايمز بأكبر جائزة للتصوير الصحفي في العالم يوم الجمعة.
ولخّصت الصورة لحظة من الصراع الذي دار في اليمن حين أقام المتظاهرون ضد الرئيس اليمني علي عبد الله صالح المنتهية ولايته مستشفى ميدانيا في أحد مساجد صنعاء لعلاج الجرحى. وقال محكمو الجائزة انها تتحدث عن الربيع العربي كله.
وقال ايدان سوليفان رئيس لجنة التحكيم عن الصورة التي التقطها اراندا وحصلت على الجائزة العالمية للتصوير الصحفي لعام 2011 “الصورة الفائزة تبرز لحظة مثيرة للمشاعر مشحونة بالانفعالات.. العواقب الانسانية لحدث جلل.. حدث مازال دائرا.” “قد لا نعرف أبدا من تكون تلك المرأة التي تحتضن قريبها المصاب لكنهما معا أصبحا صورة حية للناس العاديين الذين سطروا بشجاعتهم فصلا هاما في تاريخ الشرق الاوسط.”
وفاز مصور رويترز دامير ساجولي بالجائزة الاولى لصور من الحياة اليومية وكانت لكيم ايل سونج مؤسس كوريا الشمالية على حائط )
سأقف سريعا على الصورة الفائزة الأخيرة التي لا علاقة لها بالربيع العربي الذي هو “خريف حقيقي” محمل بالموت والقتل والخراب والتدمير وتمزيق البلدان، وسأخبركم أنها صورة تخدم الأهداف الغربية – الأميركية تحديدا – والتي صارت “تلعّب” الأنفس وتغثي لأنها شوهّت كل شيء جميل في حياتنا من جائزة نوبل إلى الأوسكار إلى البوكر إلخ . حيث مسخت هذه الجوائز وصارت جزءا من المخطط السياسي الأميركي، فقد سيّستها لخدمة أهدافها التي تصب في النهاية في المصب الصهيوني اللقيط. صورة للزعيم الكوري مؤسس كوريا الشمالية (كيم آيل سونغ) في صورة مضيئة في إحدى بنايات العاصمة بيونغ يانغ وسط ظلام دامس يخيّم على المنطقة. والرجل مات ولكن الولايات المتحدة تلاحقه لأن أهدافها مازالت مبيتة ضد بلده. والصورة ركيكة فنيّا من ناحية فن التصوير الفوتوغرافي والحكم لديكم عند مشاهدتها وسأتحداكم أن تلتقطوا ملامحها. أما الثانية فهي أكثر ركاكة ولكنها فازت لأنها تتحدث عن “ثوّار” يطلقون قذيفة من مدفع ضد مواقع القذافي – والهدف معروف طبعا- ومرتبكة فنيّا كما سأكشف ذلك. لكن الهدف القائم الآن هو تأجيج الروح الانتحارية لدى الشباب العربي ليس كموت وفناء ولكن كرجوع إلى الرحم الأمومي، خصوصا الوضع المعلّق في اليمن ولذلك جاءت الجائزة الأولى إلى صورة من “ربيع” اليمن الدامي. أنظروا إلى الصورة وستجدون الغرابة .ففي التبرير الذي طرحته اللجنة لمنحها هو أنها تلخص لحظة الصراع الدائر في اليمن . لاحظوا أن المصاب عاري الجسم تحتضنه الإمرأة المنقبة وهو في وضع مسترخ لا توجد فيه اي علامة على الألم أو المعاناة .. لا دماء ولا جراح .. ولا أي أثر لإصابة تدل على أنه من ضحايا هذا الربيع الذين نتوقع تمزيق أجسادهم. ووضعية اتكاء راسه والتصاق فمه بنحر المرأة المنقبة يبدو وكأنه التحام حسّي أكثر منه استعانة موجعة بحضن مسعف أو منقذ. أما المرأة المنقّبة فلا نرى منها أي شيء سوى قفازين بلون أبيض حليبي يجهض مأساوية المضمون. وطريقة الإحتضان تشي بمعالجة أمومية تطمينية لولد باك ومتذمر. وبالمناسبة أوروبا بأكملها تدين النقاب على هذه الطريقة التي تجعل المرأة غرابا أسود لا يبين منه أي شيء. لكنه الآن مطلوب لأنه الشكل الذي يناسب تحقيق الأهداف الغربية من خلال الحركات الدينية. وعندما تربط هذه الوضعية الاحتضانية المترفة والوضع العاري للشاب الذي بلا إصابة .. بالنصف الأيمن للشاب العاري الذي يظهر في زاوية الصورة اليسرى والذي لا يوجد أي دليل على إصابته أو انجراحه أيضا فهو عار مسترخ ومتكيء على الجدار بهدوء. بطبيعة ولون الجدار المشرقة والخشبية والتي تبدو كخلفية تصويرية في استوديو، فستشعر أن الأمر هو حالة عودة للحضن الأنثوي الأمومي وليست حالة موت ودمار للجسد الذكوري. وهذا هو المطلوب الآن في تمرير الدلالات النفسية التحليلية؛ المطلوب هو النكوص وهو ما تمثله أيضا صورة “ثوار” ليبيا التي هي صورة “كاريكاتيرية” لحركة فوضوية لمجموعة لا نعرف سرّ رعبها وذعرها خصوصا وأن المصور لم يلتفت بسبب احترافيته الواطئة وفبركته إلى الشخص الذي يسير هادئا في مقدمة الصورة !!
إن “النكوص – regression” يعني ارتداد الفرد الراشد والبالغ إلى سلوكيات طفلية تميّز مراحل مبكرة من تطوره النفسجنسي، لتحكم أفعاله أولا مشاعر بـ “القدرة الكلية – omnipotence” الخارقة على استطاعة تغيير الكون من وجهة نظر النرجسية الطفلية، وهذه توصل ثانيا إلى التغيير لوجه التغيير بالصورة التي تذكرنا بها سيكولوجية اللعب الطفلي عندما يشيد الأطفال بناء ضخما من المكعبات ثم يهدونه مع صرخة جذلى : هيهههههههههههه .. ثم .. دُبْ على رؤوس الكل .. ويكون الشفيع الذي يغفر ويبارك هو الرحم الأمومي الحامي المنعم.
إصحوا ..وعلى الرغم من أن الموقف شائك وليس بهذه السهولة ويتطلب المزيد من العلم والمعرفة .. ولكن هذا مفتاح فهمه .