(1)
بدويُّ طبعُها وحاجِبها سيفُ
أراها ولا أُصدِّقُ فأحسَبُ أنَّها طيفُ
السَّيفُ عند غيرِها ضَعْفٌ
والضَّعْفُ عندها سيفُ
الحبُّ هَوَسٌ وانتظارٌ
وخوفٌ وتَوَجُّعٌ
وخريفٌ وشتاءٌ وربيعٌ وصَيْفُ
للكرامِ في الحبِّ يدٌ كريمةٌ
ليس فيها كَذِبٌ ولا تحريفٌ ولا زيفُ
حينَ جِئتُ إلي الحياةِ
علمتُ أنَّني ضيفٌ عليها
فتصرَّفتُ كأنَّني ضيفُ
(2)
طبعُها بدويٌّ
وعينُها نهرٌ وحاجبُها جُرْفُ
يستعصي الشِّعرُ في حضورِها
فلا قصيدةٌ ولا بيتٌ ولا حرفُ
أيكونُ ذلكَ لأنَّها هي القصيدةُ
وهي البيتُ وهي الحرفُ ؟
أطلبُ منها العفوَ فتسكتُ
ويطولُ سكوتُها فأخافُ
ثم تعفو
حبّي لها عنيفٌ وهل
يستوي الحبُّ والعنفُ
الفراديسُ تغفو ما بين عينيها
وأنا ما بين الفراديسِ أغفو
مَلِكَةٌ هيَ علي جوارِحي
وقلبي قارِبٌ فوق لُجَّةِ حبِّها يطفو
إنْ نسيَتْني
مثلَ الأرضِ التي نسيَها الماءُ أجُفُّ
خابِطٌ ماءُ الحياةِ بلا عشقٍ
وماءُ الحياةِ مع العشقِ يصفو
الدُّنيا بيتٌ سقفُهُ الحبُّ
وأيُّ معنيً لبيتٍ ما لهُ سقفُ
أنا ضدَّ الأحلافِ حيثُ كانتْ
ولكنَّني مع الحبِّ حلفُ
حياتي نصفانِ:
نِصْفٌ وأنا أميرٌ علي نفسي
وأنا خادمٌ للحبِّ نِصْفُ
هذه القصيدةٌ خارجةٌ علي العروضِ
ولكنَّها داخلةٌ علي المحبِّينَ
والحبُّ علي وزنِها وقْفُ
(3)
منذُ ثلاثينَ وأنا منهمكٌ بوصفِ حبّي
صِفْ أيُّها الشِّعرُ ما ليس لهُ وَصْفُ
يُستَحْسنُ بالمحبِّينَ أنْ يكونوا أعمدةَ أمنٍ
لكي لا يظلَّ علي ظَهْرِ الحياةِ خوفُ
ولكي لا تظلَّ شرفةٌ دون وردٍ
ولكي لا يظلَّ طائرٌ دونَ عشٍّ
ولكي لا يُهانَ أنفُ
الحياةُ ليست للعنفِ فتراجعْ
تراجعْ بعيداً أيُّها العُنْفُ
كلَّما وضعتُ سقفاً فوق نفسي
ضقتُ ذرعاً بِهِ
فيتهدَّمُ ذلك السَّقْفُ
كلَّما قلتُ أنا وحدي في هذا الطريقِ
سارَ معي فجأةً ألفٌ
وألفٌ وألفُ
علَّمتُ نفسي أن تكونَ فوق النَّخيلِ
فوق الجذورِ والجذوعِ
وحولها العذوقُ والسَّعْفُ
(4)
أيُّها الحلاجُ: وطني (بدءُ عِلَّتي)
أنا نازفٌ نازفٌ معهُ
حتي يتوقَّفَ النَّزفُ
أنا معهُ أتنفَّسُ
معهُ وهو يصيحُ أو يهمسُ
معهُ أبداً أصطفُّ
ترفُّ الحمائمُ فوق قبابهِ ومآذنِهِ حبَّاً
فهذا رفٌّ وذلكَ رفُّ
وأنا معها أرِفُّ
لَعِبَ المرابونَ كثيراً بهذه البلادِ
فقلتُ للمرابينَ:
عن اللَّعِبِ بهذه البلادِ كُفّوا
يقولونَ: لتكنْ سيفاً بسيفٍ
وأقولُ: لتكنْ حبَّاً بحبٍّ
فلا تدوروا ولا تَلُفّوا
هاربٌ أنا من الطّائفيَّةِ إليكم
وهلِ الهروبُ من الطّائفيَّةِ ضَعْفُ
الملفّاتُ الكريهةُ كثيرةٌ عندنا
أنْ أحرقناها ملفَّاً ملفَّاً
قامَ مِنْ بينِها مثلَ العنقاءِ ملفُّ
وإنِ استلَّ الشُّرفاءُ حكمتَهُمْ
قالَ السُّفهاءُ لأمثالِهِمْ:
أجِّلوا سفاهاتِكُمْ واليومَ تَخَفّوا
كان في تاريخِ العراقِ كلِّهِ طفٌّ واحدٌ
واليومَ كلَّما استيقظنا صاحَ صائحٌ:
طفُّ
كنتُ أسمعُ صاحبي
الذي يضعُ صليباً علي صدرِهِ يقولُ:
(ربَّنا اعطِنا كفافَ يومِنا)
وأقولُ أنا اليومَ:
ربَّنا اعطِنا كفافَ أمنِنا
واعطفْ علينا
فمنكِ العطفُ
سنواتٌ سنواتٌ مرَّتْ
والعصفُ هو العصفُ
سأنزعُ عقالي
ولن أُعيدَهُ إلي رأسي
حتي يتوقَّفَ ذلك العصفُ
وأنتَ أيُّها الفراتُ متي تصفو
أيُّها الفراتُ متي تصفو
أيُّها الفراتُ ألا تصفو ؟.
ملاحظة: القصيدة غير ملتزمة بالعروض الخليلي.
غزّاي درع الطائي: وطني بدء علّتي
تعليقات الفيسبوك