أخـبِّـئُ فـي دمي شـغـفـا ً
فـتـفـضَـحُ سِـرَّهُ الـمُـقـلُ !
صَــبــوحٌ … إنـمـا ثَـمِــلُ
بـكـأس ٍ خـمـرُهـا الـمَــلـلُ
نـديـمـاهُ: الـغــدُ الـمـذبـوحُ
مـن دَهــرَيْـن ِ .. والـعِـلـلُ
صَـبـورٌ … إنــمــا الأيــامُ
يـزحَـمُ خـطـوَهـا الـعَـجَـلُ
يـدبُّ إلـى رُبا الخـمـسـين
فـــي عُـــكّـــازِهِ مَــيَــلُ
سَـجَـتْ أحداقُـهُ الخضراءُ
لـم تـنـبـضْ بـهــا شُــعَـلُ
ويُـشْـرِكُـهُ سـريرَ الـلـيـلِ
سُـــهْــدٌ لـيـس يــرتـحِـلُ
ويـصْـحَــبُــهُ إذا مـاقـامَ
تِــيــهٌ مـوحِـشٌ هَــطِــلُ
يُـسـامِـرُ ـ واهِـمـا ًـ غـدَهُ
وحـاضـرُ يـومِـهِ طــلــلُ
يُـوَتِّـدُهُ بـكـهـفِ الـعـشـقِ
وعْــدٌ صِـدقُـهُ : الـخَـذَلُ
بـأنّ غـدا ً ” ســمـاوتَـهُ ”
بـعـرس ِالوصـلِ تحـتـفِـلُ
وأيُّ غـدٍ وقـد ألــقــى
عــلــيــهِ رداءَهُ الأجَــلُ ؟
مـنـازِلُ صـحْـوهِ حُـفَـرٌ
ودارةُ حُـلــمِــهِ زُحَــلُ !
يغـذُّ إلى العراقِ الـسّـيْـرَ
مـن دهــر ٍ ولا يَـصِــلُ !
ولـيس لـهُ إلى الأحـبـابِ
غـيـرُ دمـوعِــهِ رُسُـــلُ !
وأشـرعـة ٍ مـن الكلـماتِ
تـرثي بـوحَـهـا الـجُـمَــلُ !
كفـيـفُ الخطـوِ أنّى سـارَ
زمّـتْ جـفـنَـهـا الـسُّـــبُـلُ (1)
أمَـخـبـولٌ ؟ أم الأشــواقُ
فـي نـامـوسِــهــا خَــبَــلُ ؟
تُـقـوِّسُ ظـهـرَهُ الأحـزانُ
لا الـسَّـــنـواتُ والــكـلــلُ
بحادي العـيسِ لا بالعـيسِ
كـان الـعَــيـبُ والــزَّلــلُ
وبـالـمـاشـيـن لا بـالـدَّرْبِ
أو بـشــمـوسِــهِ الـخـلـلُ
وربَّ مـسَـــرَّة ٍ : تـرَحٌ
وربَّ مَــودَّة ٍ : دَجَــلُ
وربَّ تـكـاسُــل ٍ: هِـمَـمٌ
وربَّ عَـجـالـة ٍ كــسَــلُ !
وغارسِ مِـديَـة ٍ: خَـسِـرٌ
ومـقـتـول ٍ بـهـا : بَـطـلُ
أيـقـربُـني الشـبابُ الـبضُّ
حـيـن الـدَّهــرُ يـكـتـهِــلُ ؟
أقـومُ ونـاقــتـي ضَـجَـرٌ
وأجـلـسُ والأسـى جَـمَـلُ
ظـمـيءٌ تـهـربُ الأنـهـارُ
مـن عُــشــبـي وتـقـتـتِـلُ !
يُـشـيِّـعـني قُـبـيـلَ الموتِ
مـن صخر الضّنى جَـبَـلُ
صـريعُ صـبـابـتي فالعمرُ
مــن أيّــامِــهِ خَــجِـــلُ !
أمـاطِـلُ أدمـعـي جَـلَــداً
وعــذري : أنـنـي رَجِـلُ
وأسْــتـجـدي تـصَـبُّـرَهـا
عـلى توديعِ مَـنْ وصـلـوا
أخـبِّـئُ فـي دمي شـغـفـا ً
فـتـفـضَـحُ سِـرَّهُ الـمُـقـلُ !
أنا “الكُـسَـعيُّ” ما عذري
وقد ضاقـتْ بيَ الـحِـيَـلُ ؟ (2)
سـأطوي خـيـمةَ الـنُّعـمى
لـعـلَّ الـعـمـرَ يُـخْـتـزَلُ !
وما عـيـشـي وليْ وطـن ٌ
بكهـفِ الـقـهـر مُـعـتـقـلُ ؟
أطـاحَ بـحـقـلِـهِ سَــغَـبٌ
وأدمـى نـُسْـكـهُ ” هُـبـلُ ” !
وداعا ً أيـهـا الأحـبـابُ
يـا مَـنْ طـهـرُهُـمْ مَـثَـلُ
أعـاهِـدكم ونـور ِ الـلـهِ
ما طـالـتْ بيَ الـطِّـيَـلُ :
أخـيـطُ عـليـكم الأجفان َ
حـيـن الهـدبُ يـنـسـدِلُ
ويا وطـنـا ً تقيَّ الـرّملِ
بالـصَـلـوات ِ يـغـتـسِـلُ
ألا لا غـادرتْ واديـكَ
أمـطـارٌ هـيَ الـجَّــذَلُ
ولا مرّتْ عـلى أهـلـيـكَ
ريحُ الحـزن ِ والـوَجَـلُ
دُجـاكَ بـمـقـلـتي ألــق ٌ
وصـابُـكَ مُـرُّهُ عَـسُــلُ
فليتَ قُـبَـيْلَ نقل ِ الخطوِ
عـنكَ أصـابـني الـشّـلـلُ !
27/2/1998 أديلايد
…………………
(1) زمّت : جمعتْ وضيّقتْ
(2) الكُسَعيّ : رجل من كسع اسمه غامد بن الحارث ، وكان قد صنع قوسا وخمسة سهام وكمن في طريق قطيع حُمر ٍ وحشية ؛ فرمى واحدا من القطيع ، فنفذ فيه السهم وصدم الجبل ، فرأى شررا فظن أنه أخطأ ، فرمى ثانيا وثالثا إلى آخرها وهو يظن أن سهامه قد أخطأت ، فعمد إلى قوسه فكسره ، ثم بات ، فلما أصبح نظر فإذا الحمر مصروعة ، وأسهمه بالدم مضرجة ، فندم وقطع إبهامه ، وأنشد:
ندمت ندامة ً لو أن نفسي
تطاوعني إذا لقطعت خمسي
تبيّن لي سفاه الرأي مني
لعمرُأبيك حين كسرتُ قوسي
وقد أصبح مثلا ً سائرا في الندامة .. وهذا ما كان يقصده الفرزدق حين طلّق زوجته ” نوار ” في قوله :
ندمت ندامة الـــكـُسَعيِّ لمَّــا
غدت مني مطلقـةً نوارُ
أخي وصديقي الأعز الشاعر الكبير يحيى السماوي .. تحية وعناق في حضرة القصيدة التي تلون الحياة بقبلات كونية .. بأنين الإنسان العاشق .. بشوق المتيم والغريب .. قصيدتك تذهلني وأنني أحسدك كثيراً على كرستال بلاغتك .. وذهب قريحتك .. وبخجل ٍ ياقوتي أسمعك .. وأقرأك .. ربما كلماتي لاتبلغ أنين قريحتك الضروري .. تحياتي – عذاب الركابي
صديق العمر الشاعر والناقد القدير عذاب الركابي : أهديك من حديقة قلبي باقة من نبضه ، آملا أن تكون والعائلة على ما أتمناه لكم من رغد وحبور …
عسى أن تكون الجهات العراقية المعنية قد استجابت لنداءات محبيكم فقامت بواجبها الوطني والأخلاقي في إحل معضلتكم وقد تقطعت بكم السبل في ليبيا فعملت على إعادتكم إلى العراق بعد عقود الغربة الطويلة والتي كنتَ خلالها سفيرا للإبداع العراقي .
أحييك بالمحبة كلها أيها الحبيب … فتقبل مني محبة صحراء السماوة للمطر .
, الشاعر يحيى السماوي الحقيقة أني مولعة باللغة الراقية والتعبير الصادق والبلاغة المدهشة .. قصيدة مشمسة بالحنين والعشق ….
احترامي وتقديري
الفاضلة الأديبة نورا ابراهيم : تقبلي من قلب أخيك باقة من نبضه مع نهر شكر لاينضب ، امتنانا لأريج حسن ظنك .
.. أسعدك الله وتعهّدك بلطفه .