في تأبين زهرة الزيراوي
رحيل مبدعة استثنائية
الدكتور علي القاسمي
لِمَن تركتِ فنونَ الشعرِ والأدبِ
ألم تخافي عليها من يدِ العطبِ؟؟
(عن الرصافي)
رحلتْ عنا إلى دار البقاء المبدعة الرائدة الاستثنائية الأستاذة زهرة الزيراوي: الشاعرة، القاصة، الروائية، كاتبة المقالة، الرسّامة، الناقدة الفنية؛ وقبل ذلك كلّه وفوق ذلك كلّه، المغربية. فهي مغربية بوطنيتها، وكرمها، ونخوتها، ومحبتها للآخرين، وشجاعتها الأدبية، وإبائها، وشممها، وما ورثته من أبيها المجاهد سيدي محمد الزيراوي وأعمامها الذين انخرطوا في المقاومة من أجل استقلال المغرب وكرامته، وجادوا بأرواحهم، ” والجودُ بالنفسِ أسمى غايةِ الجودِ”.
عندما سعدتُ وتشرفتُ بالإقامة في المغرب، أخذتْ تصلني دعواتٌ بين آونة وأخرى لحضور لقاءات أدبية وتناول العشاء في منزل زهرة الزيراوي بالدار البيضاء. وبسبب طبيعتي الانعزالية، لم أكُن ألبي تلك الدعوات.وذات يوم كنتُ أتحدَّث مع سيدة عراقية تقيم وأهلها في المغرب، فأخبرتني أن السيدة زهرة الزيراوي تساعد اللاجئين الفلسطينيين والعراقيين مادياً وأدبياً بانتظام. وكان معظم اللاجئين العراقيين آنذاك من الأدباء والفنانين الذين يفرّون من الأجواء الشمولية الخانقة في العراق ويلجؤون إلى المغرب الذي لم يكُن آنذاك يستلزم تأشيرة دخول من المواطنين العرب. أثار الخبر إعجابي وامتناني، وعزمت على تلبية الدعوة في المرة القادمة.

اكتشفتُ أن الأستاذة زهرة الزيراوي تجمع في صالونها الأدبي مزيجاً من كبارِ الأدباء وعددٍ من شباب الأدباء والصحفيين والرسّامين والموسيقيين والمغنين والمنشدين الذين تنعتهم بـ ” أولادها”. فقد كان هدفها الأساسي من تلك اللقاءات تشجيع أولئك الشباب وتيسير مسيرتهم الإبداعية، وتكريم كبار المبدعين والاعتراف بعطاءاتهم، وتبادل الرأي في مختلف القضايا الأدبية والاجتماعية. وهذا أسلوب تربوي فعّال في تنمية الثقافة؛ ولا عجب في ذلك، فقد عملت زهرة الزيراوي أستاذة في مركز تكوين المعلمين بالدار البيضاء. وكان صالونها حافلاً بلوحاتها الفنية البديعة، وطعامها مغربياً متنوعاً لذيذاً، إذ كانت زهرة وجميع أولادها يعدّون معظم

الأطباق ويخدمون الضيوف بأنفسهم، وفي مقدمتهم ابنها الطبيب محمد، وابنتها السيدة سميرة، وابنتها الطبيبة عطيات.
كان كرم الأستاذة زهرة حاتمياً مطبوعاً بلا تكلف. فعندما ينعقد المعرض الدولي للنشر والكتاب في الدار البيضاء كل عام، يتذوّق كثير من الناشرين العرب الأطباق المغربية اللذيذة ممزوجة بالكرمَ المغربي الأصيل، من خلال دعوات زهرة الزيراوي لهم جماعات جماعات، ليلتقوا بالأدباء المغاربة في صالونها، وهكذا تيسَّرَ نشر كثير من كتب المغاربة في مصر وسوريا ولبنان وغيرها من البلدان العربية المشرقية. ولا يخرج ضيف من الضيوف مودِّعاً إلا وتقدِّم له الأستاذة هديةً صغيرة. وقد فاز كثيرٌ من الضيوف بلوحة من لوحاتها الفنية المتحفية الرائعة. أذكر عندما صدرت الطبعة الأولى من روايتي ” مرافئُ الحبِّ السبعة”، قرأتْها الأستاذة زهرة، فألهمتها لوحة ” المرافئ”، ثم عقدت لقاء أدبياً لتكريم أربعة من الكتاب، كنتُ أحدهم، لمناقشة كتبهم الأخيرة، وفي نهاية اللقاء قدّمت لكل واحد منهم لوحة رسمتها خصيصاً له. ولم تحتفظ زهرة بتلك اللوحات الرائعة لعرضها في المعارض الجماعية التي تشارك فيها داخل المغرب وخارجه. ورأيتُ أن أضع لوحتها على غلاف الطبعة المغربية من الرواية. وكانت لوحة فائقة الجمال والصنعة، فنفدت الطبعة خلال أسابيع بفضل روعة الغلاف.
كنا نتحدَّث يوماً عن أسباب انحسار الإقبال على القراءة في بلداننا؛ وكان رأيي أن ذلك يعود إلى سياسات التجهيل المتّبعة في بلداننا العربية عن طريق إهمال التعليم وتركه للمدارس الأجنبية والمدارس التجارية، وانتشار الأمية بحيث تبلغ نسبتها أكثر من 30%، واعتماد لغة المستعمِر القديم، الإنكليزية في البلدان المشرقية والفرنسية في المغاربية، لغةَ عملٍ ومستقبل، وإشاعة اللهجات العامية في الإعلام المرئي والمسموع، وعدم اشتمال كثير من مدارسنا الابتدائية والثانوية على مكتبة. واستشهدتُ بما سمعته عن أحد ناشري كتبي، صاحب منشورات الزمن الأستاذ عبد الكبير العلوي الإسماعيلي، الذي أهدى آلاف النسخ من منشوراته إلى المدارس في الأقاليم المغربية، ولكن بعض المدارس لم تكن تمتلك مكتبة لحفظ تلك الكتب والاستفادة منها. وهنا أبدت الأستاذة زهرة إعجابها بمشروع الزمن الذي يتبنّى طبعات الجيب الصغيرة ويوفِّر الكتبَ بأثمان رخيصة أو معقولة. وقررتْ تكريم السيد الإسماعيلي. وفعلاً عقدتْ لقاءً ضمَّ عدداً من الأدباء مثل المفكِّر محمد سبيلا، والمفكِّر سعيد يقطين، والناقد الحسن الغشتول، وغيرهم، وناقشوا كيفية تطوير هذاالمشروع نوعياً وفكرياً. وفي آخر اللقاء أهدت الأستاذة زهرة لوحةً رائعة من لوحاتها الفنية إلى السيد الإسماعيلي، مشاركة منها في تكريمه. ولكن سيّارته لم تتسّع لها، فحملتها الأستاذة زهرة بسيارة ابنتها السيدة سميرة إلى منزله في الرباط.
ما كان يثير إعجابي بالإستاذة زهرة واستغرابي في الوقت نفسه، عزة النفس المركَّزة فيها التي تبلغ حد الإباء. فمثلاً، اقترحتُ عليها أن تعطي لمنشورات الزمن روايتها الرائعة ” الفردوس البعيد” التي نشرتها دار نشر معروفة في القاهرة، ولكن الرواية ليست متوافرة في الأسواق المغربية، خاصة أن منشورات الزمن تواظب على نشر روايات سبق أن نُشِرت في المشرق. ولكن الأستاذة زهرة رفضت اقتراحي رفضاً قاطعاً بكل إباء وشمم، ربما لأنها سبق أن كرّمت صاحب الزمن في صالونها الأدبي.
ولِدت الراحلة زهرة مبدعةً موهوبة، فهي كفرخ العندليب الذي وجد ريشاً ينمو على جناحيه فطار وغنى. فمنذ أن كانت في الرابعة عشرة من العمر، أخذت تكتب مقالات وتنشرها في أمهات الصحف المغربية باسم أخيها ” عبد القادر الزيراوي.” وظلت مواظبة على الإبداع والنشر، خاصة في القصة القصيرة التي أصدرت منها مجموعات عديدة مثل :” الذي كان” ، و ” نصف يوم يكفي”، و” مجرد حكاية”، و “نساء على خط منكسر”، و ” حنين”. ويعدها مؤرِّخو الأدب المغربي من رواد هذا الفن في المغرب. يقول الدكتور جميل الحمداني: ” إن ترهيص القصة القصيرة وتثبيت مرتكزاتها بدأ مع بداية الثمانينيات من القرن العشرين مع إبراهيم بوعلو وأحمد زيادي وأحمد بوزفور وزهرة زيراوي.”. ويمتاز شعرها بالكثافة والإيقاع والرمزية والإيحاء، خاصة في مجموعتها الشعرية ” ليس إلا” ومجموعتها ” ولأني” . أما كتابها الشهير في النقد الفني الذي صدر في مجلدين بعنوان ” الفن التشكيلي في الوطن العربي”، فيشتمل على سلسلة لقاءات مع فنانين عرب حول مدارسهم الفنية ومنهجياتهم في الفن التشكيلي. ولها في النقد الأدبي كتاب ” تميمة ضد الحزن” ويضم مراسلاتها مع أدباء عرب حول قضايا الكتابة. وكذلك كتاب ” الأرض برتقالة زرقاء: ما الكتابة وأي خصوصية للإبداع؟”

وزهرة الزيراوي كاتبة متأنّية مدقِّقة، تُذكِّرنا بالشاعر الجاهلي زهير بن أبي سُلمى (520 ـ 609م) الذي كان يبدع القصيدة في شهر، ويهذِّبها في سنة؛ ولهذا توصف قصائده بالحوليات. تقول زهرة: ” عندما أكتب لا أسارع بنشر ما كتبته، بل أتركه عاماً أو أكثر، فإن قرأته بعد العام ووجدته لم يفقد قيمته عندي، فإني أسعى إلى نشره. أنا لستُ هاوية كثرة نصوص. أنا أهوى عملاً يعيش.” . وتعهدت الراحلة زهرة تطوير موهبتها الطبيعية بمواصلة القراءة والدرس والتعلّم. وقد قلتُ عنها في حفلِ تكريم أقامته لها كلّية علوم التربية بالرباط قبل سنوات:

” سافرت زهرة في اقانيم الفكر القصية تاريخاً وفلسفةً وعلماً، وتجوّلت في تخوم الإبداع الدنية شعراً وقصة ورواية وتشكيلاً. فرشاتها امتدادٌ لذراعها، وقلمها متجذِّرٌ في فكرها، وحروفها تجري في عروقها وملامسها.”
رحم الله الفقيدة وأسكنها فسيح جنانه، وألهم أهلها ومحبيها الصبر والسلوان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.
الصديق العزيز والأستاذ الفاضل دكتور علي القاسمي المحترم
قرأت تأبينك المؤثر لفقيدة الأدب المغربي المشمولة برحمة الله زهرة الزيراوي…أحسست بأنك تنوب عن كل من يعيش في زمن سبق أن وصفه نجيب محفوظ في إحدى رواياته حينما يقول على لسان أحد أبطاله:” إن آفة حارتنا النسيان” بالفعل صديقي العزيز، فقد كانت التفاتك الرمزية هذه تعبيرا عن مدى صدق علاقتك بالمرحومة قولا وفعلا، وهنا أخجل من العديد ممن دخلوا دار الفقيدة مكرمين معززين ولم يصدر عنهم أي كلمة طيبة في حق المرحومة…
أشكرك مرة أخرى وأحييك صديقي علي على مبادرتك الرمزية التي تنم عن طبع أصيل في الاعتراف بقيمة الآخر ، سواء كان حاضرا معنا أو غاب عنا…
وأعزيك مرة أخرى رغم أن عزاءنا واحد صديقي..
محبتي وتقديري
أخي الحبيب الناقد الأديب الدكتور عبد المالك أشهبون المكرَّم
تحياتي الحارة ومتمنياتي الطيبة لك بموفور الصحة والهناء وموصول الإبداع والعطاء.
أشكرك من حنايا الروح على دعمك المتواصل لي في كتاباتي، وأنا لا أكتب حتى أشعر بالحريق الملتهب في الأعماق، ودخان الحرائق يعمي عينيّ، فأكتب دون أن أرى ما أخط من حروف. ولهذا فأنا في حاجة لناقد مثلك يخبرني إذا كان ما دوّنته يستحق ما ذرفته من دمع أو لا.
فشكراً لك على مجاملاتك الكريمة.
محبكم: علي القاسمي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أستاذنا الكبير العلامة علي القاسمي المحترم …
لقد أحسنتم وأجدتم في رثاء المبدعة زهرة الزيراوي التي تجلت في شخصيتها معاني الإنسانية بأبهى صورها وعبر مقالكم القيم في رثائها وقفنا على أمور كثيرة لم نكن نعلم بها , تغمدها الله برحمته الواسعة وجعل مثواها الجنة . خالص مودتي وتقديري .بتول الربيعي .
صديقي العلامة الأستاذ الدكتور علي القاسمي،
مساؤك خير وصحة
دائماً تمطرنا بجميل أخلاقك وعظيم علمك؛واليوم في هذه المقالة أكدّت على جمال خصلة الوفاء التي تملكها؛فقليل من البشر من يملكون هذه الخصلة الشريفة النادرة؛فالمعظم يطبلون للأحياء،أمّا الموتى فلا يذكرهم إلاّ الاوفياء مثلك.تقديري لقلمك الوفي المخلص.أدامك الله وأسعدك.
عزيزتي الباحثة المتألقة الأستاذة بتول الربيعي المحترمة
أشكرك على إطلالتك البهية على مقالي الذي كتبته في ساعة حزن عارمة على فقيدة الإبداع العربي الأستاذة زهرة الزيراوي. وما كتبته مجرد كلمات لا تقاس بأفعالها الكريمة ونضالها الوطني والأدبي والفني الطويل.
أرجو أن تتقبلي خالص تمنياتي لك بمستقبل زاهر.
عزيزتي شمس القصة العربية الأستاذة الأكاديمية الدكتورة سناء شعلان المحترمة
تتمثل مقولة ” تكامل الأخلاق” فيك شخصياً، فمذ تشرفتُ بمعرفتك عن قرب، بعد أن سحرني أبداعك أدبياً، ألفيتُ فيك الوفاء والكرم والعطاء بلا حدود، وهذا ما يثير الحسد في نفوس بعضهم، ويعرضك للطعن بلا رحمة، فالشجرة السامقة المحملة بالثمار هي التي تُرمى بالحجر. أسأل الله أن يحفظك ويرعاك في مسيرتك الإبداعية التي نفتخر بها جميعاً.
أكرر شكري لتكرمك بالتعليق الجميل الذي يستمد روعته من شخصيتك الفذة.
الأستاذ الدكتور علي القاسمي
ما كتبته عن الأستاذة زهرة زيراوي كلام عميق جدا، فقد عبرت عن حقيقة الزهرة الخالدة. تجاوبت معها في حياتها ورحيلها أيضا، وملكت من السمو والكرم ما يجعلك قادرا بروحك النقية أن تعرف المعدن الحر الذي تنتسب إليه زهرة رحمها الله.
إنها امرأة من نبع الصفاء والنور.
أعزيك وأعزي نفسي وأهلي وكل من أحبها في هذا الوطن.
كانت تكن لك الكثير من الود والاحترام وتذكرك في جميع المناسبات بكل اعتزاز.
أخي العزيز، زهرة زيراوي لا تنسى أبدا، فهي جزء لا يتجزأ من كياننا.
كانت مثقفة استثنائية عظيمة بكل ما تحمل الكلمة من معنى.
أسأل الله تعالى أن يتغمدها بواسع رحمته، ويرزق أسرتها الصبر والسلوان.
إنه سميع مجيب.
الحسن الغشتول
أخي الحبيب الناقد الأديب الدكتور الحسن الغشتول المحترم
أشكرك بحرارة على كلماتك السامية بحق فقيدة الإبداع العربي الزهرة. ولعلك كنتَ أكثر الناس احتفاء بها وقرباً إلى روحها النبيلة وفكرها السامق.
أكرر شكري ومودتي واحترامي ودمتَ مفكراً متألقاً.
محبكم: علي القاسمي
مساء الورد والياسمين يا صديقي العزيز الدكتور علي القاسمي
الفضل لكم ولله على محبتكم الصادقة لفنانتنا المبدعة ، والتي كانت رحمها الله تثني عليكم الثناء الحسن كلما ذكر إسمكم من بين الحضور ، وأنت غائب عن مجلس الصالون الأدبي لأسباب قاهرة . وقد لمسنا فيها التقدير والإعجاب والمحبة لكل المبدعين والكتاب بلا تمييز ، كانت تترجم في العمق سر عبقريتها وهوسها بالفن والثقافة وغيرتها على نبلها وقدسيتها من بين الثقافات الموازية لها في ربوع العالم مشرقا ومغربا .. وفي آخر تكريم لها بحضور زميلنا الدكتور محمد الوادي أطلقنا عليها لقب سفيرة الثقافة العربية …. لقد فقدنا زميلة لنا وأختا وأما رحيمة بكل الأدباء والفنانين … عزاؤنا واحد وسلمتم لنا وللثقافة العربية .. ونبقى متواصلين فيما بيننا ، وفاء لذكراها ولمجدها الذي لن تمحوه الأزمان مهما بعدت عنا . لقد تركت من ورائها بصمات لامعة في الفن والثقافة والإبداع التي ستظل صدقة جارية ينتفع بها الجميع جيلا بعد جيل . تغمد الله الفقيدة برحمته الواسعة وأسكنها فسيح جنانه وألهم ذويها ومحبيها الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون .
مع فائق تقديري ومودتي الدائمة
أحوكم ومحبكم يوسف سونة
وحرر في يوم الأحد 5 نونبر 2017 من إسطنبول – تركيا
صديقي العزيز الإعلامي الأديب الدكتور يوسف سونة المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،
فقد تأثرتُ غاية التأثر بكلماتك العميقة الدالة التي وردت في تعليقك الكريم، وهي ـ بالنسبة إلي ـ أروع وأسمى من التأبين الذي كتبته أنا، بفضل إخلاصك الأصيل، وتعاملك اليومي مع الكلمات، فأنت من فرسان الكلمة ومن الأدباء البارزين الذين أشعر براحة نفسية عندما أقرأ لهم.
الآن أدرك مدى العلاقة الروحية التي كانت تربطك بفقيدة الإبداع العربي الراحلة، الزهرة الفواحة باريج الأدب والفن. ولكن جميع الزهور تذبل يوماً ما وتذوي وتندثر ولا يبقى منها إلا ذكرى لحظات الرضا والسرور التي منحتنا بمنظرها الجميل ورائحتها الزكية، قبل رحيلنا نحن.
أتمنى لك موفور الصحة والهناء وموصول الإبداع والعطاء.
عزيزي الدكتور السيد علي القاسمي
لقد كان مقالا عميقا حيث تطرقتم فيه لكثير من جوانب حياة والدتنا، احسست وأنا
أقرأ ما كتبتم أنكم الأهل والأخ والصديق المصدوم من فاجعة الفراق وكأنك تكتب
بلساننا افتخر بأخ لأمي لم تلده لها أمها.دمت شامخا وأخا نفتخر بوجوده بيننا
اشكر كل الأصدقاء اللذين يقاسموننا ألمنا
عزيزتي الأستاذة سميرة
أشكرك على كلماتك الرقيقة، وفي الحقيقة لا يستطيع مقال ٌ واحد أن يحيط بكل مواهب الفقيدة العزيزة، وإبداعاتها الرائعة، وأخلاقها السامية. أعلم أن عدداً من محبّيها يعدّون كتباً عنها، وهذا شيء محمود مقدَّر مشكور، بيد أن جميع المقالات الكتب لن تمنحك الإحساس الذي يختلج به قلبك وروحك وأنت تستمع إلى الأستاذة زهرة، وترى ملامح النبل والمحبة والكرم والأخلاص، تنبض بها قسمات وجهها وتفيض من كيانها كله. محظوظ من أتيحت له الفرصة بلقاء الزهرة، وأنا من المحظوظين، وأنا محظوظ كذلك لأن لي أصدقاء وإخوة بمثابة الأهل مثلكم. والزهرة لم تمت ولها أولاد مثلكم، وإبداعات متفردة خالدة.
تحية طيبة مشفوعة بالاحترام والتقدير ،
نعم يا صديقنا الوفي الدكتور علي القاسمي ، نشاطركم الرأي في كل حرف أو كلمة حق ووفاء التي وردت في كل مداخلاتكم القيمة ، والتي تترجم في العمق سر عبقريتها المتميزة عبر تاريخها الثقافي ، لقد فتحتم لنا ولكل محبيها في الوطن العربي ، نافذة من نوافذ مبدعتنا الراحلة للا زهرة الزيراوي من مواهب شتى تجمع بين علوم الآداب العربي وفروعه ، وبين أسرار الفنون التشكيلية التي كانت رحمها الله تتميز بها عن غيرها كإضافة لهذا الفن الذي يرمز في عمقه إلى ترجمة واقع الخيال بريشتها الساحرة إلى واقع ملموس .. تحكي فيها اللوحة عن روايتها التي تعبر عن ما بداخل للا زهرة زيراوي من آثار هوسها بالفن والإبداع ، ويقرؤها المتفحص من أوجه كثيرة لألوان اللوحة بأساليب متعددة في خيال المعجب .
لقد صدقتم يا دكتور علي القاسمي حين ترجمتم شخصية زهرة زيراوي الحقيقية في مقالكم المتميز بهذه الجمل الدالة والتي تغني كل باحث أو أديب عناء البحث في مناقبها المتعددة الزوايا … : في تأبين زهرة زيراوي – رحيل مبدعة استثنائية” : سافرت زهرة في اقانيم الفكر القصية تاريخاً وفلسفةً وعلماً، وتجوّلت في تخوم الإبداع الدنية شعراً وقصة ورواية وتشكيلاً. فرشاتها امتدادٌ لذراعها، وقلمها متجذِّرٌ في فكرها، وحروفها تجري في عروقها وملامسها.”
لا تزال الكلمات تتصارع وتتزاحم في أفكارنا عن سمو وأخلاق فنانتنا المبدعة للا زهرة زيراوي رحمها الله ، لم نجد وصفا غير الذي وصفته في تدخلكم هذا ، الذي هو جامع وشامل لكل معاني الحب والوفاء لهذه السيدة الفاضلة ، وعملتم يا صديقي المحترم الدكتور علي القاسمي بوحي من عبقريتكم الفذة ، على ترجمة عن ما بداخل كل محبيها ومعجبيها من كتاب ونقاد وفنانين على مختلف مشاربهم ، وكأنما تكشفت لكم الحجب واستطلعتم صفحة المستقبل ، يقرأ كل منا ومن الإخوة الزملاء ممن سبقوني في التعقيب ما بين سطور مقالكم المتميز بعين الغيب – على التهيء لهذا التأبين الروحي .. فكان ما كان مما هو معروف في خصال الفقيدة للا زهرة زيراوي قدس الله روحها . وبعد أن قضى الله أمرا كان مفعولا .
تعجز الحروف والكلمات أن تسطر ما يحمله فؤادي من حسرة وألم على فراق للا زهرة زيراوي على غرار زملائي الأعزاء وانت أحدهم ، لما نحمله في قلوبنا جميعا من حب ومودة وتقدير واحترام لهذه السيدة الفاضلة للا زهرة زيراوي رحمها الله ..فما أجمل أن يكون الإنسان شمعة منيرة تضيء دروب الحائرين قبل الموت وبعده .
مع فائق تقديري ومودتي الدائمة لكم ولكل الزملاء المتدخلين .
محبكم : يوسف سونة
الدارالبيضاء – المملكة المغربية .
أخي العزيز الإعلامي الأديب الدكتور يوسف سونة المحترم
الحمد لله على سلامة عودتك ،
شكراً لك على هذه البكائية المنبغثة من أعماق الروح ، والتي تستفز اللوعة في القلب، والدمع في العين.
وأشكرك على تكرمك باختيار باب التعليقات على تأبيني لفقيدتنا الزهرة لنشر بكائيتك الرائعة ، ما يعطي ألقاً وقيمة لمقالي.
لك محبتي ، أيها الغالي، وعظيم احترامي.
محبكم: علي القاسمي
حضرة الأستاذ، الدكتور علي القاسمي، اطلعت على مقالتكم مرات، وفي كل مرة أعجز عن الكتابة، لعل الوجع كان غضا. أبصم معكم بأصابعي العشر على ما جاء في كلمتكم التأبينية. واحب ان اطرزها-بعد إذنكم- بسطر شعري من ديوانها ولأني : أنا التي تغيب وكأنها لا تغيب. ص. 33
وتقول في عمل لها، إن لم تخني الذاكرة، نصف يوم يكفي: “إن في عنابة مقبرة تثير في الأحياء لذة اشتهاء الموت” وعلى غرارها أقول:” إن في البيضاء قبرا يثير في الأحياء لذة اشتهاء الموت”.
رحم الله السيدة الفذة، زهرة زيراوي، إنسانة وأستاذة وأديبة… كانت تسارع لاحتضان الشباب أمثالي، وبفضلها جالستكم دكتور علي وآخرين، وهناك توطدت العلاقة… هل من زهرة مثلها؟ هيهات
دام وفاؤكم دكتور. محبتي